مشهد من رواية كوكب.

264 8 0
                                    

أصعب مشهد كتبته حرفيًا. 💔

فاقت من ذلك الموقف كانت قد وصلت أسفل بيت صديقتها ميادة وقد تفاجأت بالضجة العارمة في الأعلى وصراخ، صراخ عرفته جيدًا، صراخ صديقتها ميادة، تستغيث وتتوسل أن يلحقها أحدهم ولكن لا حياة بأجساد ذلك الجمع السافر أسفل البناية، الجميع يترقب ما يحدث، بخوف وتخبط، بفضول وحقد، مشاعر كثيرة وربما متداخلة، ولكن ما يتفقون عليه أنهم لن يتحركوا انشًا واحدًا تجاه البناية خوفًا من بطش رجب وطغيانه.
ولكنها هي كانت أجشع منهم لتخوض ذلك الجمع وتفرقهم لتصعد لنجدة صديقتها وكل ما يدفعها أكثر ويزاحم الغضب في جسدها كون صديقتها تحمل جنينًا ببطنها.
أمسكتها إحدى السيدات بجبن وخوف يضم زواياها:
_ لا يا بنتي، بلاش يا فرح تتطلعي، هيموتك ويموتها، بلاش يا بنتي.
لم تستمع لها فرح، فكل ما تسمعه صراخ صديقتها وتوسلها، دفعت تلك المرأة عنها بكل قوة حتى أرتدت المرأة للخلف متعثرة وكادت الوقوع لولا أن سندتها من خلفها.
ركضت للبناية وكانت قد توقف صراخ صديقتها بعد صوت اصتدام عنيف هز قلبها ارتجافًا والخوف يعانق ثناياها.
شيء ما جعلها تدرك أنها النهاية، نهاية صديقتها.
كتمت صرخة قهر ووجع، كتمت تأوه هستيري.
وما يتردد في عقلها قول صديقتها بألم جم، وتوسل للخلاص.
_ أنا بقيت عايشة فـ خوف يا فرح، بخاف أصحى الصبح على عقابه ليا من غير مبرر، بخاف ييجي فـ نص الليل ويقرب مني وأنا تعبانة ويضربني، عايشة فـ خوف، بخاف منه أوي، بخاف لو قدري متغيرش وفضل هو كابوسي لآخر عمري.
كان الباب مواربًا وصوت أنين متوجع خافت يصدر منها، لم تعلم للآن أين هي، ولا حدث بها، دفعت الباب بقلب يخفق، قلب يتوقع الأسوء والأفجع، لا، قلبها لا يطمأن.
أين هي صديقتها؟
دخلت تبحث عنها بأعينها الدامعة المترقبة، غصة تستحكم حلقها جعلتها تفقد صوتها، ببطء تتحرك قدميها، كأنها تخشى الفاجعة، تخشى ما تخافه.
ولكن ما خافت منه حدث.
صدمت وشهقت شهقة خرجت من روحها المدماة على صديقتها، فوجدتها غارقة بدمائها بين مقعد صغير ومنضدة كبيرة حديدية مسننة الزوايا.
رأسها ينزف وجسدها مغمس بالدماء، أيقنت أن تلك الدماء المنسالة على ساقيها دماء جنينها.
تفحصت وجهها المليء بالكدمات والغارق بدمائها، بجسد مرتجف خائف تلمست تحت أنفها، لا نفس لها، حتى نبضها توقف.. ماتت.
_ من كتر الخوف يا فرح بتمنى الموت، الحاجة الوحيدة اللي هتمنع الخوف عني، وكمان بخاف أموت قبل ما أحس بالأمان، مش طالبة كتير، طالبة أعيش من غير خوف.
ماتت، ماتت بخوفها، لم يسكنها الآمان لحظة، بل تمكن منها الخوف.
كان طلبها مستحيلًا!
طلبت العيش بدون خوف، ولكنها لم يكتب لها العيش ولا الآمان.
هنا صرخة قهر طفقت على لسانها، صرخة مستغيثة، صرخة ندم وتأنيب لأنها لم تنقذها.
ماتت قبل أن تنقذ حبيبتها.
هنا كان قد خرج رجب من المطبخ على صوت صرختها العالية ممسكًا بمحرمة بيضاء يمسح بها دم تلك المسكينة الطاهر.
قتلها، قتلها بوحشية وقد أدركت ما فعله بها بعد طرحها ضربًا مبرحًا، دفعها لترتطم بتلك الطاولة، وما زاد عليه أن عادت لتصدم بالمقعد في رأسها من الخلف وكانت أنفاسها الأخيرة هنا.
ماتت بخوفها، وربما ماتت من الخوف.
احمرت عيناه غضبًا وتحفز جسده لقتل آخر، لا تفرق معه، فتجبره أعماه عن كل شيء.
ارتج جسدها خوفًا وانصهرت قدماها حتى باتت لا تحملها، الارتجاف يتسربل لأعماقها، الخوف يأكلها قطعة قطعة، مقبلة على وحش جائع، وبدلًا من التراجع والركض، برق الإنتقام بعينيها وفارت دماء الغضب بعروقها، لتنقض عليه بقوة تضربه وتلكمه، كلما تتذكر دمعة من دموع صديقتها تزيد من ضربه، أما هو فكان مندهشًا مصدومًا من تلك الصغيرة التي يسميها بـ "صغيرة حمزة" انقضت عليه بشراسة وتوحش، تفاجئ بها بأنها الوحيدة التي اندفعت لتلحق بصديقتها، يعلم جنونها وقوتها، ولكنها فاجئته حقًا اليوم.
بعد استدراكه لأمر وجودها واقعًا دفعها عنه لتقع أرضًا فهي كانت متعلقة بعنقه تخرشمه بأظافرها.
تقدم منها ببطء مخيف والشر يرسم معالمه ببراعة، تلبسه شيطان رجيم.
_ جيتِ لقدرك وقضاكِ يا بت محمد، جيتِ عشان أخلص الجديد والقديم فيكِ.
زحفت للخلف وهي تراه يتقدم منها وعيناه صارت بؤرتين من الجحيم.
صرخت وصرخت ولكنها كانت في عداد الموتى الآن.
مال عليها بجسده الضخم المخيف، حتى غطى الرؤية عنها، وسحبها من حجابها يمزقه بقوة، رفعها فكانت كنملة بيد فيل كبير، تتأرجح من قبضته العنيفة المطبقة على رأسها حتى تقطعت خصلاتها بحجابها في يده، ألقى بها على طول ذراعه لتصتدم بالحائط الصلب مما جعل رأسها تنزف.
صرخت وبكت متوسلة أن يتركها، ولكنه لم يسمعها من الأساس، كان في أوج جنونه وغضبه، لا يرى غير مرضه اللعين، أمسكها مرة أخرى وصفعها عدة صفعات تركت علامات لن تشفى.
#ساكنة_القلب_والروح.
#مُنى_عيد.

#مُنى_عيد

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
مملكة الشياطين.   "قلوب مكبلة بوثاق الحب"   _ منى عيد محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن