#الفصل_الثلاثون.
#مملكة_الشياطين."سبحان اللّٰه وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.، سبحان اللّٰه وبحمده سبحان اللّٰه العظيم."🧡
تقدم منها بمشيته الواثقة وكلما اقترب تألم لوجهها العابس والشحوب الذي لطخ بشرتها البيضاء الناصعة، يتمزق قلبه ويوجم لأجلها وهو من سبب لها هذا التشتت الذي يطلي حاضرها... جلس أمامها فرفعت عينيها التي يلمع بها الحزن، ألقت نظرة عابسة فارغة من الحيوية وقالت بصوت مجهد:
_ عايز أيه مني؟ ممكن تسبني فـ حالي.
ازدرد غصة فى قلبه وجاهد ليخرج صوته ثابتًا رغم نظراتها التي تجعله يشفق عليها ويريد لو يسجنها داخل ذراعيه يمتص حزنها ويلون عينيها لتشع جذل وبشاشة كما كان يضوي دائمًا:
_ أنا جيت اطمن عليكِ...
بترت حديثه وهي تتحاشا الأسر بعينيه التي طالما رأت بها شيء خاص يلتمع لها فقط:
_ شكرًا لحضرتك..
_ رضوى.
قالها بنبرة متوسلة كأنه يتوسل أن تسمعه، فأضاف عندما صمتت تعود بالنظر له:
_ كان في إختبار النهاردة وجبتلك ورقتك عشان تمتحني، وقبل ما تعترضي، أنتِ مش بتحضري محاضراتي عشان كدا جبته ليكِ.
_ أنا كنت هحضر، بس بس...
تذكرت ما أخرها اليوم وهو خطف نور الذي أقلق الجميع وأودع الخوف فى قلوبهم، أصر عليها بالإسترسال بالحديث:
_ أيه اللي حصل يا رضوى؟
أجابته باكية ترتعش شفتاها واحمر خديها:
_ نور اتخطفت.
عقد حاجبيه وحرك رأسه فقال:
_ نور دي يعني مين؟
_ بنت عمي أحمد.
_ هي اسمها نور كدا عطول؟
انتبهت لإهتمامه فردت:
_ اسمها نورسين أحمد.
تردد الاسم بأذنيها وتذكر عندما اقتحم مكتب والده كامل الأسيوطي سمعه يتحدث عن شيء ما يخص هذا الاسم.. خرج من تذكره على صوت رضوى المتساءل:
_ حضرتك بتسأل ليه؟
تحدث بنبرة غامضة:
_ أنا عارف مين اللي خطفها.
______&
_ وليد ما هو مفيش غيره، حاول يعتدي عليها قبل كدا.
قالها سيف لينقذ ذاته من براثن الوحوش الواثبة أمامه، ضحك ياسين بلا مرح وقال بشراسة قاتلة:
_ وليد الكلب بعد اللي حصله مستحيل يفكر بس يقرب منها.
شق حديثهما المحتد صوت جاسر:
_ كامل، كامل بيه الأسيوطي مفيش غيره اللي عايز يأذينا.
دخلت سيلا فى تلك اللحظة وقالت بعنف:
_ أيه اللي مخليك متأكد أوي كدا يا جاسر بيه، هي أي مشكلة هدخل فيها بابا!
رمقها بنظرات نارية غاضبة وكاد أن يعنفها إلا صدوع صوت غريب خشن يقول:
_ كلامك صح يا جاسر بيه.
إلتف الجميع لأثر الصوت فما كان غير "مالك"، أضاف قائلًا:
_ أيوة، بابـ..، قصدي كامل بيه الأسيوطي هو الوحيد اللي ورا خطف نورسين، وتقريبًا في ست اسمها صافي، صفية حاجة زي كدا بتساعده.
هتف سيف سريعًا:
_ واللّٰه معرف حاجة.
سأله ياسين بلهفة:
_ طب تعرف ممكن يكون خطفها فين؟
_ لا معرفش.
قالها بإقتضاب، نظروا لبعضهم البعض فهم امسكوا ببداية الخيط.
تقدم ياسين من سيف بشر وغضبه يتطاير، فتراجع سيف للخلف صارخًا:
_ وغلاوة نور عندك يا شيخ ما تضربني، مفيش فـ جسمي حتة سليمة.
توقف ياسين عند ذكر غاليته نورسين، فهي أغلى ما لديه، عيناه ظللها الألم على محبوبته وعقله يسحقه بالأفكار البشعة التي من الممكن أنها تعرضت لها، هدر به بقوة:
_ أمك فين؟
هتف سيف بخوف وهو يتحسس موضع آلامه:
_ استنوا هكلمها واللّٰه وأحاول أعرف هي فين.
هاتفها وسرعان ما أجابت، فقال:
_ أيه يا ماما فينك؟
جاءه صوتها ضاحكًا تقول بزهو:
_ وأخيرًا يا سيف، كل اللي بتمناه هيتحقق، نور بقت فـ إيدينا.
ضغط ياسين على فكه بقوة، وجاسر يقسم بأنه لن يرحم أي أحد له علاقة بخطفها.
_ برافو عليكِ يا صافي هانم، هو دا الكلام.
قالها سيف مقررًا مجارتها فى الحديث، إزدادت ضحكات صافي وعيناها تلتمع بالشجع والشر، سألها سيف بحذر:
_ أمال أنتِ فين يا ماما؟
_ فـ مصنع قديم كدا، هو اللي خاطفين فيه نور.
فرحتها بإقتراب مرادها أنساها توصية كامل ألا تخبر أحد بهذا المكان ولكن غبائها طوقها لتقع فى شر أعمالها.
_ طب فين المكان دا؟
_ مش عارفة يا سيف، كامل جابني هنا، بس تقريبًا اسمه مصنع"......" قديم كدا مش شغال للحديد.
فى ذات الوقت كانت تسنيم تهاتف حنين فاخبرتها تسنيم بما توصلوا له، وعن ذلك المصنع الذين لم يعرفوا مكانه للآن...
رددت حنين اسمع المصنع خلف تسنيم، ولحسن الحظ انتبه مصطفى للحديث الذي كان يرتشف من كوب الشاي بلبن الذي يفضله، وجذبه اسم المصنع فسأل حنين:
_ ماله يا حنين المصنع دا؟
أبعدت الهاتف عن أذنها تجيبه:
_ صحبتي نور مخطوفة فـ المصنع دا.
تذكر مصطفى سريعًا يقول بإستدراك بعد أن أخبرته باسمه:
_ المصنع دا كنا أنا وأبويا اللّٰه يرحمه زمان بنتعامل معاه.
هتفت حنين بلهفة وشرارت الأمل تحلق حولها:
_ يعني أنت عارف مطرحه يسطاا مصطفى، تسلملي يا رب.
أومأ لها بنعم فقالت لـتسنيم بفرحة:
_ بت يا سيموو، أسطا مصطفى طلع عارف المصنع.
فرحت تسنيم وأعطت الهاتف لـجاسر بلهفة قائلةً:
_ صحبت نور واحد قريبها يعرف مكان المصنع دا.
مدت تسنيم الهاتف لـجاسر ولكن إلتقطه ياسين سريعًا بلهفة وهاتف مصطفى وأكد له أنه يعرف الطريق جيدًا ووعدهم بمساعدته لهم.
هتف جاسر:
_ يلا نروح بسرعة، مصطفى هيستنانا.
بينما صاح منتصر الذي وصل توًا:
_ وأني عتحددت مع الرجالة يحصلونا.
وجه آسر حديثه لـيوسف:
_ خليك يا يوسف وأبقى بلغ البوليس.
اعترض يوسف قائلًا بعزم:
_ لا هاجي معاكم، وهرن على عمر يبلغ البوليس.
لحق بهم سيف وقال بحرج وعيناه تدوي ندمًا:
_ أنا أنا كمان هاجي معاكم.
_______
الخوف أخذ يفتك بها وجسدها بدأ بالإرتجاف، وعيناها تدور فى المكان بخوف وخاصة الظلام الذي يقبع على قلبها ويشتت فكرها، همست بتضرع ورجاء:
_ يا رب، إنقذني يا رب.
أحست كأن الظلام يبتلعها والخوف يأكل أوصالها لتستغيث بنشيج حار وعبراتها تهبط بجزع:
_ يـا سـيـن....
تشنج جسدها عندما استمعت لصدى كلمتها، كل ما تريده الآن الإختباء بحضنه والتمتع بدفء جسده وهو يسحق جسدها كتلك المرة التي توجعت بها من شدة تطويقه لقلبها المرتجف الذي ضمه بعدما كسره العالم من حولها.
أخذت تتململ فى جلستها على الكرسي المقيدة به، تحاول أن تخلص نفسها فى رغبة منها للبقاء وعدم الإستسلام.
______
قهقه كامل بتشفي وعيناه تغوص بشره وهو يلتفت ناحية صافي:
_ خطف نور دا كنزنا يا صافي، وبكدا يا روحي نبقى كسبنا كل شيء، أولهم هخلي جاسر يطلق بنتي اللي خدوها غصب وخاصة الزفت الصعيدي دا هددني بالسلاح، ووحدة وحدة هاخد كل أملاكهم منهم.
هتفت صافي بغنج تتمايل بفرحة وزهو:
_ أه يا حبيبي، خلينا بقا نعيش شوية بجد وانتقم لشبابي اللي ضاع معاهم، ونتجوز أنا وأنت ونعيش أجمل أيام عمرنا ولا أيه؟
صدعت ضحكة سوداء على وجهه وقال مؤكدًا بزيف:
_ أكيد يا روحي وأنا ليا غيرك.
_______
وصل الجميع بالقرب من ذلك المصنع النائي عن المساكن، وكان هذا إقتراح منتصر الحذق فبالتأكيد رجال كامل يحرسون المكان جيدًا، تسلل الواحد تلو الأخر بخفة وسرعة بذات الوقت.
إلتف كل شخص منهم على حرس وضربه على حين غفلة، كان أكثرهم جبروت وطيغان ياسين الذي ينتقم لوجيعة قلبه المحموم والملتاع لحبيبته، لم يهتم لشيء قط، فكان يتحرك كأنه الوحيد فى الساحة وكان بطلها الأوحد، تولى منتصر حمايته فى الخلف فهو يدرك تمامًا شراسة أخيه التي تعميه عن أي شيء ولا يهتم بالضربات الموجهة له، أما مصطفى هو ورجاله تمكنوا من الدخول للمصنع ومن يعترض طريقه يلقى حتفه على أيدي تلك الجدران البشرية حيث تتميز حارتهم بأن رجالها فارعي الطول ضخمي الجثة يمتلكون جسد عضلي قوي رياضي.
امسك منتصر بياسين الذي كاد أحد الحراس يموت تحت يده وابعده عنه ودخلوا مع رجالهم المصنع، أما يوسف فأبدى قوته بجدارة، رغم شخصيته المرحة الساخرة إلا أنه أحد شيطان تلك المملكة ودخولهم بهذه القوة يثبت حقيقتهم الشيطانية، فالحراس بالخارج لم تجد بهم عظمة سليمة تشد أختها، وقفوا ككتلة واحدة من الجحيم الغاضب ليتخلصوا من باقي الحراس بالداخل.
تركهم ياسين وأخذ يبحث عن حبيبته، يتمنى لو أن يستنشق رائحتها فقط، يحطم كل باب يجده يبحث خلفه عن من حرقت قلبه شوقًا وحبًا، حطم أخر باب ليجد كنزه الغالي على وشك الإغماء، وقف يستدرك الأمر يشبع عيناه من رحيق رؤيتها، أفاق على صوت آسر ويوسف خلفه، دخل لها بأقدام لهيفة تركض حنينًا للوقوف أمامها، فك وثاقها ورفعها بين ذراعيه، وهي تشبثت به كغريق ولقى قارب النجاة، لا تصدق وقوفها بين كفيه، بينما دخل يوسف وآسر وبعدها دخل الباقي، أخفى ياسين رأس نورسين بصدره يغطيه كاملًا، فحجابها انزلق عن رأسها وهي تحاول الفكاك، تنحنح منتصر وخرج ليخرج الجميع بعده، فتمتمت نورسين:
_ شعري.
همس بصوت مبحوح متنهدًا بقوة يستنشق رائحتها التي أدمنها من مرة واحدة فقط، أي إدمان قوي هذا!
_ متخافيش.
اعتصر جسدها له يطوقها بذراعيه سندت رأسها على صدره، رأسها التي تحتاج للسكينة.
همست بوهن وإنهاك:
_ بردانة.
كان صامتًا، أحضانه فقط التي تحكي وتفعل، شدد على جسدها يبرد ناره ويدفء جسدها المرتجف تحت ذراعيه.
أدركت وضعها أخيرًا فابتعدت تقول وهي تتحاشا النظر له:
_ عفكرة يا عمدة دي عصابة معندهاش دم، يحبسوني من غير حتى ما يرموا ليا صنية مكرونة بشاميل وحتة لحمة، دي مش أخلاق عصابات خالص دي.
ضحك ياسين على مرحها الذي تخفي خلفه ألمها وخوفها الذي كاد أن يبتلعها، جاهد ألا يضمها له مرة أخرى، ولكن لا سلطان على قلب قاسى الشوق والألم دفعة واحدة، كانت تثرثر كأنها كانت نازلة بفندق خمس نجوم ولم يحسنوا ضيافتها ناسية تمامًا أنها كانت مخطوفة وخطفت قلبه معها.
شهقت تضع كفها على فمها عندما اصتدمت بصدره العضلي الذي تلقفها بحرارة، ليردد مبررًا:
_ خليكِ كدا أحسن شكلك بردانة قوي.
جذب غطاء رأسها وألبسه إياها وشهقت للمرة الثانية عندما حملها بين ذراعيها، فانتفض جسدها تلك المرة مسربًا ألمًا من نوع خاص بالقلب، فبعض الحب يأتي بألم فى القلوب!
_____
أخذها ياسين للقصر بعدما وصلت الشرطة وقبضت على كامل ورجاله ومن حسن حظ صفاء إنكار كامل أنها كانت شريكته، ولم يعلم أحد السبب، ربما كامل نفسه لا يعرف لما برأها من كل شيء، أيعقل أنه يكن لها بعض المشاعر الصادقة رغم كل الزيف بحياته!
شكر منتصر وجاسر مصطفى ورجاله الذي قال بإحترام:
_ على أيه يا جاسر باشا، دا الواجب اللي نعرفوا، منقدرش نسيب حد فـ ضيقة أبدًا، يلا يا حمودة، سلام عليكوا.
______
عادوا للقصر، وصفاء تحتمي بأحضان ابنها لا تقوى على رفع نظرها المحرجة منهم، وصلت نور لتأخذها ليلى بأحضانها تبكي فرحة لرجوعها، أبعدتها تتفحص جسدها:
_ أنتِ كويسة يا نور؟ حصلك حاجة يا بنتي؟ شكلك هفتانة يا قلبي.
ضمت ذراعيها لصدرها تزم شفتيها كطفلة تشكو أمها تقول:
_ شوفتي يا ماما ليلى جسمي خس أزاي، دول مأكلونيش خالص.
_ لا لا أخص عليهم عصابة نوتي خالص.
تشدق بها يوسف مشاكسًا، واستأنف حديثه بعدما وقف أمامها:
_ هو كله يوم اللي اتخطفتي فيه، هو أي دلع وخلاص.
هتفت تسنيم ضاحكة:
_ لا يا يوسف متزعلش ست نور، أنتِ تطلبي يا برنسيسة وأحنا ننفذ.
أنهت جملتها وهي تحتضنها ببكاء حار تقول بصوت مبحوح:
_ خفت عليكِ أوي يا نور.
ضحكت نور بمرح:
_ اجمد يا وحش فيه أيه؟ مكنش حتة خطف اللي شحتفتكم عليا كدا.
دخلت أميرة تركض تجاه ابنتها لتأخذها بأحضانها:
_ نور بنتي أنتِ بخير.
هزت نور رأسها تتمسح بأحضانها ولأول مرة تشعر بالأمان بأحضان والدتها.
يقف هو بعيدًا يترقب أي حركة أو لمسة أو حتى همسة منها، يعلم أنها تتمسك بقوة واهية ومعرضة للوقوع بأي لحظة، ويبدو أن وقوعها قريبًا حتميًا!..
وصل والدها توًا من سفره ودخل صارخًا متسائلًا:
_ فين بنتي؟ نور فين؟
اتجه إلى إلى محمود يمسكه من تلابيبه:
_ قلي نور. فين؟
_ أنا هنا يا بابا.
ركض إليها يعانقها ولكنها بادلته بفتور، كور وجهها بكفيه قائلًا:
_ يلا يا بنتي، جهزي شنطك هتسافري معايا....كان صعب عليا جدًا موضوع الخطف وخاصة أني مليش فالاكشن خالص مالص يعني، فحاولت بكل جهدي.
وبكدا أقدر أقول أننا فـ بداية النهايات.
يلا رأيكم وتوقعاتكم.
قراءة ممتعة.
دمتم بخير سُكراتي.#مملكة_الشياطين.
#قلوب_مكبلة_بوثاق_الحب.
#مُنى_عيد..
#يتبع...
أنت تقرأ
مملكة الشياطين. "قلوب مكبلة بوثاق الحب" _ منى عيد محمد
Romanceالمقدمة: هم مملكة عريقة مترابطة يجمع بينهم الدم والحب والأخوة، تتكاتف قلوبهم، معروفون بسيماهم الحسنة، وبأخلاقهم، ولكن ما يخبئونه من شر خلف أقنعتهم؛ تجعلك تتقن أنهم ليس إلا مملكة عريقة من الشياطين، شياطينهم التي تستوطن أجسادهم عندما يعشقون ويقعون فري...