المقدمة:
هم مملكة عريقة مترابطة يجمع بينهم الدم والحب والأخوة، تتكاتف قلوبهم، معروفون بسيماهم الحسنة، وبأخلاقهم، ولكن ما يخبئونه من شر خلف أقنعتهم؛ تجعلك تتقن أنهم ليس إلا مملكة عريقة من الشياطين، شياطينهم التي تستوطن أجسادهم عندما يعشقون ويقعون فري...
أن تقتل دفاعًا عن حقك.. ربما، لكن أن تقتل نفسك دفاعًا عن غيرك.. مخزٍ، وخاصة وأنت تدافع عن من أخطأ، وهو يعرف أنه أخطأ وهم يعرفون. عندهم هم، بقانونهم لا مجال للخطأ والغفران، بل من أخطأ يُقتل وخاصة إن كانت فتاة. الأنفاس متهدجة بقلب جاف النبضات وروح ميتة، واليد يبرز بها الارتعاش جليًا، حتى إنها قبضت على طرف وشاحها بقوة حتى لا تقع يدها منها. وقف بها عند سكة القطار الحديدية بأنفاس لاهثة خرجت تنهيدة جافة من جوفه ناحرة صدره وهو يلتفت حوله يبحث عن اللاشيء، ربما يبحث عن المخرج من هذا الكابوس المؤلم لكليهما. انتبه لها عندما أصدرت أنينًا خافتًا ووجهها مسطبغًا بالدموع، فسلط نظره عليها للحظات ولم يستطع مواجهتها وهو يقدم على قتلها. _ مش قادر أعمل كدا يا "رؤيا"، مش قادر، حملوني مسئولية قتلك. صمت لثوان، وعيناه لا تقوى على النظر لها. هل من الرحمة أن يريها وجهه وهو يقتلها! كُتب عليه قتلها وفقًا لقوانين بالية، هم فقط من يستعملونها. قوانين لا تخدم إلا مصلحتهم وما يرونه بقلوبهم الضيقة البشعة، دائمًا ما كان وصف أمه لهم.. قلوب كثقب إبرة صدأ. _ قالولي أغسل عارك بأيدي، طلبوا مني مرجعش غير ودمك على قميصي. في قتلها خراب قلبه.. وموته. أيموت الميت! حكموا عليه بقتل قلبه قبل قتلها. دارت حدقيته مرة أخرى، فرفع عينه لها، يتوسل الحل من المعضلة. فأومأت برأسها أي أفعل ما تؤمر. وأُمر بقتلها، وإن كان فهي راضية لأنه من يديه الحنونتين. _ أنا مستعدة يا "بلال". تنهد بوجع وهو يشير على سكة القطار قائلًا بثقل والحروف انفلت من على شفتيه فاستجمعها بصعوبة: _ بصي أنتِ هتنامي هنا بالعرض ماشي، أنا مش هقدر أقتلك بأيدي، فدا أحسن حل. أمروه أعيان قريته بقتلها وإلا رجموها في منتصف القرية حتى الموت أمام العيان. وكان قتله لها بنفسه قتلًا رحيمًا. أفي القتل رحمة؟ سألته بتقطع وسط دموعها الحارقة لوجنتيها: _ وأنت هتروح فين؟ _ مش هقدر أشوفك بتموتي قدامي.. أو حتى قبلي، أنا هقعد قدام شوية. شهقت بعنف وغطت فاها بكفيها تهز رأسها رفضًا، حكم على نفسه الموت قبلها. ولذلك تفرقت شفتاها المرتعشتان من الخوف بكلمات تلوم بها نفسها: _ وأنت أي ذنبك؟ تزاحمت ضحكاتها وشقاوتها تلافيف عقله، براءتها في طفولتها، فبلغ حنينه لأيام صباهما مبلغه، طفولته مرتبطة بها، ومراهقته وشبابه، والآن موته. تأوه وهو يخبرها بوجع العالم المكوم بقلبه: _ مليش مكان فـ الحياة من غيرك. لم الخطأ يستلزم دائمًا العقاب؟ لم لا يغفروا لها ذلتها؟ آلا يوجد غفران وعفو بقلوبهم.. الحياة نضبت من أرواحهم، فصاروا آلات تحكم وتقتل. فعلت ما أمرها به وتسطحت على القضبان الحديدية، وهو تقدم عنها بقليل وفعل المثل، ينتظرا حتفهما الوشيك، فها هو القطار يسحق المسافة بلا روية ولا رؤية، ناهيًا حياة شخصين عصفت بهما الحياة من صغريهما، عانا القسوة ومرارة اليتم، شخصين كانا كحصنين لبعضهما. حياة انتزعت منهما انتزاعًا بسكين الظلم المقيت، ولم يعلموا أن الظلم ظلمات يوم القيامة.
#كمائم_الورد. #مُنى_عيد. هتلاقوها هنا على الواتباد نازل منها ٣ فصول.
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
