#الفصل_الثاني_والثلاثون.
#مملكة_الشياطين."سبحان اللّٰه والحمد للّٰه ولا إله إلا اللّٰه واللّٰه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّٰه العلي العظيم."💛
لفحت أنفاسه الملتهبة بعشقها صفحة وجهها البيضاء التي غزتها بعض الحمرة من الخجل ودنا من شفتيها، وأخيرًا بعد جفاء دام طويلًا يقترب منها لهذه الدرجة وهذا يثبت أن الحاجز الذي يضعه بينهما هدم وقد سامحها، ولكن لم يكتمل مرادهما حيث إزدادت طرقات الباب وصوت رضوى يهتف باسمهما خارجًا..
تأفف جاسر أما سيلا فتحاشت النظر له حتى لا يفضح أمرها لتوقها له.
إبتعد عنها ضاممًا شفتيه وخلل شعره بأصابعه ونظر لها قائلًا بعبث:
_ بعد العشا أبقى فكريني نكمل باقي اللي بنعمله.
رفعت نظريها فجأة من وقاحته، فغمز لها مبتعدًا يضحك بمرح على خجلها فهي وللمرة الأولى تخجل هكذا..
________
_ واللّٰه يا نور متعرفيش كمية فرحتي بيكِ، أنتِ بجد هتقعدي عندنا؟
ضحكت نور وقالت بمرح:
_ يخرب عقلك يا هند دي خامس مرة تقولي نفس الجملة، أيوة يا ستي هفضل معاكم هنا شوية.
علقت هند بحزن:
_ وبعد كدا هترجعي تاني.
ربتت نور على كفها وقالت:
_ مش عارفة يا هند أيه اللي هيحصل.
نهضت نور من كرسيها ووقفت فى الشرفة تنظر لحديقة السرايا أمامها والنخل الذي يزينها وتلك الأراضي الخضراء فى الأمد البعيد، تنفست بعمق تحتفظ بأكبر قدر ممكن من الهواء الليلي النسيم لتسري رعشة خفيفة بجسدها ونبض قلبها بقوة محدثًا ألمًا طفيف يشبه ذلك الألم الذي غزاها عندما كانت بأحضان ياسين، وتلقائية إسبلت نظراتها لأسفل لتجد ياسين يقف يتحدث بإندماج مع منتصر.
رفع نظره لأعلى ولا يعرف لما، أو ما السبب لتتسع إبتسامته عشقًا عندما رأها تقف بالشرفة وضوء القمر ينعكس على وجهها لينير قلبه العاشق لها، تنهد بعشق ولوعة، يترفرف طرف حجابها الذي تضعه بعشوائية مع الهواء ليخفي وجهها عنه مرة ومرة أخرى يرحم توقه وتعطشه لمرأها ويظهره بسخاء، غرق فى دوامة سحرها وكبل قلبه ووثق بميثاق عشقها اللاذع الذي عذبه لسنوات طوال.
ابتسم منتصر عندما أدرك نظرات أخيه الهائمة فهتف فجأة:
_ ليه يا أخوي متصارحهاش بحبك ليها وتريح جلبك؟
تنهد ياسين بضيق:
_ يا ريت يا منتصر، بس أني معايزش أجبرها واصل ع حاجة كيف إكدة.
رفع نظره ثانية لتلتقي نظراتهما، فكانت نظرته تعانق مقلتيها وشفتيه تتسع إبتسامًا، تعلقت عيناهما لبرهة من الوقت حتى قطعه صوت هند المرح:
_ وه عتتمعشقوا وأني واقفة إكدة!
اسبلت نور عينيها خجلًا وهتفت معاتبة متهربة من هذا الوضع:
_ أيه اللي بتقوليه دا يا هند؟ روحي ذاكري يلا.
ضحكت هند بمرح وقالت:
_ خلاص يا أختي عهملك تحبي ع راحتك وعروح أذاكر فـ المندرة.
جلست على الكرسي الموجود بالشرفة تستمتع بالطقس البارد، أما ياسين فكاد أن يصعد ويقتلع رقبة شقيقته التي قطعت عليه أهم لحظات حياته سعادة.
___________
نثر الليل سواده عليها وعلى قلبها العليل المتعطش لمسامحته، أيام مرت عجاف عليها تتودد مسامحته، يتجاهلها دائمًا لتتقد النار بقلبها، عزمت أمرها وإرتدت حجابها وتسحبت على أطراف أصابعها تتسلل لغرفته، طرقت الباب بعدما وصلت وهي تكتم أنفاسها حتى لا يستقيظ أحد ويراها.
فتح لها متعجبًا من وجودها بهذا الوقت، أما هي ففغرت فاها وسرعان ما اسبلت نظراتها أرضًا بخجل.
فعقد آسر حاجبيه وسألها مندهشًا:
_ بتعملي أيه هنا فـ الوقت دا يا نادين؟ وبعدين ارفعي رأسك كدا.
هزت رأسها نافية عدة مرات وأشارت لجذعه العلوي العاري بخجل أكبر واستطردت بخفوت ورجاء:
_ عايزة اتكلم معاك شوية يا آسر، ممكن؟
استمعا لصوت حفيف أقدام مقتربة فدخل آسر سريعًا الغرفة وأدخلها معه وقال بغضب وعيناه تحتد نظراتها:
_ أنتِ مجنونة يا نادين جاية فـ نص الليل نتكلم، أفرض حد شافك قدام أوضتي تقدري تقوليلي هنقول لهم أيه؟
هتفت بتذمر:
_ ع أساس أنك هترضى تسمعني فـ الصبح؟ وبعدين أنت واقف من غير ما تلبس ليه.
أجابها بعناد وهو يكتف ذراعيه:
_ واللّٰه دي أوضتي أقعد زي ما أنا عايز.
_ طب ممكن تلبس حاجة خليني أعرف أتكلم معاك.
قالتها بتوسل ونظرات تلتمع بالدموع، رحم خجلها وارتدى قميصه وجلس على طرف الفراش ناظرًا لنقطة بعيدة وهمية:
_ عايزة تقولي أيه بسرعة عشان عندي ملفات عايز اراجـ...
لم يكمل حديثه رافعًا نظره بصعقة أصابته لم تكن مجرد صدمة عندما جثت نادين عند قدميه وعبراتها تتوالى على وجنتيها تحرق قلبه تردد:
_ هتفضل لأمتى يا آسر بعيد عني هااا؟ أنا غلطت واعتذرت منك كتير، واللّٰه يا آسر أنا مكنتش فـ وعيي خالص، كنت وحيدة وبعيدة عن الكل، أمي وكانت مهتمة بنفسها وحياتها وسيف كان طايش ومستهتر ومليش حد غير صحابي دول، واللّٰه كنت ديمًا ببعد عن حازم بس اللي حصل كان غصب عني يا آسر.
تتضارب النبضات بقلبه وتحترق روحه على حالتها وتوسلها له، نهض رافعًا إياها من ذراعيها لتقف أمامه وامتد كفه ليزيل بإبهامه دموعها محدقًا بقسمات وجهها الغارق بدموعها وشفتيها الحمراء التي ترتعش من كثرة بكائها، توقفت نظراته عندها مبتلعًا رمقه بصعوبة وبدأ عقله يأخذ منحنى أخر، منحنى أكثر إنحرافًا ولكنه إستعاد ذاته سريعًا ليتنحنح قائلًا بصوت مبحوح خافت:
_ شششش، بطلي عياط يا نادين، وروحي لأوضتك دلوقتي.
كادت أن تتحدث ولكنه دفعها برفق وأخرجها من الغرفة قائلًا:
_ بكرة الصبح هنتكلم، أوك.
أغلق الباب خلفها متنهدًا بحرارة يهدىء نبضات قلبه التي أعلنت حربها عليه، استغفر اللّٰه ساندًا بظهره على باب غرفته هامسًا:
_ اللّٰه يسامحك يا نادين، عملتي فيا أيه!
_______&
تسلل لغرفة هند التي تقتسمها مع نور الآن، ومعه لحاف ثقيل لتلتحف به نورسين، فالطقس اليوم قارس البرودة، وهي لم تعتد على جوها قط.
طرق الباب وما من مجيب فأدرك أن هند تركتها وذهبت غرفة أخرى لتستذكر دروسها، فتح الباب ودخل يبحث عنها فوجدها تنام على كرسي بداخل الشرفة وتتكأ على المنضدة أمامها غارقة فى ثبات عميق، وجسدها يرتجف من البرد، طرفت مقلتيه بشفقة على حالها، تقدم منها ببطء ودثرها باللحاف جيدًا مطوقًا كتفيها من الخلف مستنشقًا عبيرها الآخاذ، ثم جلس أمامها متحققًا من كل إنش بها، عيناها السوداء اللامعة كالبرق التي تغلقها الآن مخفية عنه جمالها، ووجنتيها دائمتي الحمرة، وأنفها الصغير مرورًا بثغرها الوردي الصغير، تحسس وجنتيها ولملم شعرها المبعثر على وجهها كحالته بحضرتها، وهمست شفتاه بعشق جارف حارب ليحلق فى أفاق السماء:
_ كل اللغات عقيمة قصاد حبك، حروفها متكفيش وصفك ولا وصف حبي ليكِ يا نوارة جلبي وضيه، نورسين بتمنى لو تسمعي عيوني اللي بتحكيلك حبي، وتحني ع جلبي اللي كيف الغريق فـ تفاصيلك.
تململت فى نومتها ففاق من حديثه الصارخ بحبه لها، وتقدم منها حاملًا إياها برفق وسار بها للفراش وعيناه لا تحيد عن قسمات وجهها، وضعها كـقارورة لا يملك سواها، مال عليها يتنعم بوضاءة وجهها وبرائتها، مال أكثر لينهل من ما هو حقه حيث ثغرها ولكن لمع رفضها لزواجهما بعقله فأحاد بنظره عنها مستغفرًا اللّٰه كثيرًا، دثرها جيدًا متحكمًا من أعصابه التي إنسابت مع عاطفته تجاهها.
_ نوم العوافي يا نوري
________________
مع لفحات الصباح الباردة وإكتساح الغيوم للسماء لتحجب الشمس وضوئها قليلًا، استيقظ آسر وأدى فرضه بعدما أخذ دوشًا ساخنًا يزيل إرهاق أمس من التفكير ووقف يهندم رابطة عنقه وعزم بداخله على إتمام هذا الأمر بسرعة وفى أقرب وقت.
وجد الجميع ملتفون حول مائدة الطعام فهتفت والدته ليلى بلهفة:
_ صباح الخير يا حبيبي، يعني منزلتش تفطر معانا؟
_ معلش يا ماما هبقى أكل بعدين..
قالها وهو يلثم جبينها وسرعان ما نظر لوالده محمود قائلًا بعزم:
_ ممكن يا بابا لو كنت خلصت أكل عايز اتكلم معاك فـ موضوع مهم.
هتف والده مستغربًا:
_ أوك استناني فـ المكتب.
_____
تعجب محمود من جدية ابنه وإصراره المميت وقال:
_ أنت متأكد يا آسر؟
_ أيوة يا بابا متأكد، أنا بحبها وعايز اتجوزها وبأسرع وقت ممكن.
ابتسم محمود وربت على كتف آسر قائلًا بفخر:
_ أنا كنت عارف أنك هتعمل دا، كنت منتظر منك أنك تيجي وتفاتحني فـ الموضوع دا.
هتف آسر مندهشًا:
_ يعني أيه يا بابا؟
_ أنا كنت عارف أنك بتحب نادين لكن مكنتش عايز أدخل فـ قراراتك قلت اسبلك مطلق الحرية وأنا متأكد أنك مش هتسبها، كان سهل أقولك اتجوز نادين وأنت مكنتش هترفض، لكن صبرت لحد ما تظبط أمورك وتحل مشاكلك معاها، وكمان هي تبعد عن الحياة الزفت اللي كانت عايشة فيها وتحبك، لأن كدا أحسن.
فغر آسر فاه مصدومًا وقال:
_ يعني حضرتك ..
بتر محمود باقي كلماته بمرح:
_ أنا بابا يلا..
بعدها استطرد بجدية:
_ كنت عارف بكل حاجة بتحصل حتى خناقتك مع حازم بس مرضتش أحاسبك عليها عشان حاسس بكل وجعك وغيرتك عليها.
_ يعني حضرتك موافق يا بابا ع جوازنا؟
أصدر محمود إماءة خفيفة فقال آسر مندفعًا بحماس ولهفة:
_ حيث كدا بقا هكلم المأذون.
هتف محمود:
_ بالسرعة دي؟!
_ خير البر عاجله يا بابا ولا أيه.
عانقه محمود يقول بسعادة:
_ ألف مبروك يا آسر، عقبال تسنيم ورضوى وسيف، أما يوسف فدا اللي فاجئني الصراحة.
أنهى حديثه ضاحكًا ليشاركه آسر الضحك بسعادة فيبدو أن كل رجال العائلة أصبحوا متيمين بالعشق..
_______
تسير على عجلة من أمرها فإصتدمت به لتشهق قائلةً بضيق:
_ مش تفتح يا أعمى، ماشي تخبط فـ خلق اللّٰه!
رفع حاجبه وقال بنظرة متسلية مغيظة:
_ أنا برضو اللي ماشي أخبط وأعمى؟ مش أنتِ اللي مستعجلة كأنك هتروحي تستقبلي السفير!
إغتاظت من حديثه فقالت بعصبية:
_ أبعد من وشي يا سيف.
عاد خطوتين للخلف ورمقها بنظرات معجبة، كادت أن تتخطاه حتى أصدر صفيرًا عاليًا قائلًا بمرح:
_ أيه الحلاوة دي بس يا سيموو هانم!
إستدارت له تقابله وجهًا لوجه ورفعت حاجبها الأيسر وتخصرت مردفة بلوم مبطن:
_ مش حضرتك قلت إنك تبت وبطلت تعاكس بنات؟
برقت عيناه بوميض حب إحتل أرجائه من قريب وغلف حروفه بمرح مجيبًا:
_ وعهد اللّٰه بطلت أعاكس كل البنات إلا أنتِ يا قمر.
خجلت كأي فتاة طبيعية تسمع غزل خاص بها، ولكنها لن تخضع للحب كباقي الفتيات التي تصفهن بالحماقة، إستجمعت حروفها ليفرج عنها لسانها السليط هاتفة:
_ ولا يا سيف الكلام دا مبيمشيش معايا، لو عاكستني تاني أو وقفت قدامي هقلع الشبشب وأنزل بيه ع دماغك.
تشدق سيف بإزدراء:
_ بس يا بيئة، أنا مش عارف كنتِ فـ إيطاليا ولا حي شعبي!
صمت قليلًا شاردًا فى عينيها المتوهجة بلمعة غريبة لا يعلم ماهيتها، فتنهد هاتفًا بجدية:
_ تسنيم أنا أيوة كنت بتاع بنات وهزار وهلس، لكن واللّٰه أتغيرت، وعايز أبدأ من جديد، أبدأ معاكِ أنتِ يا تسنيم.
لا رد منها تقف أمامه بجمود أشعره بالإستياء فابتلع ريقه مضيفًا:
_ تسنيم أنا هكلم عمتي سمحية...
قاطعته بقوة زائفة وخوف لا قرار له:
_ بلاش يا سيف، وأبعد عني أكيد في بنات تانية أحسن مني.
غادرت قبل أن تسمع رده ولم تعطه الفرصة ليفهم منها لمَ هي لا؟!
تنهد بضيق وعهد ذاته أنها ستصبح له مهما فعلت...أنا عايزة حد يقولي نوم العوافي يا مُنى.. هو أنا يعني قلقاسة!
آسفة ع كل التأخير دا... سامحوني.
يلا بقا اسيبكم مع الفصل...رأيكم وتوقعاتكم.
قراءة ممتعة للجميع.
دمتم بخير سُكراتي. ♥️#مملكة_الشياطين.
#قلوب_مكبلة_بوثاق_الحب.
#مُنى_عيد.
#يتبع...
أنت تقرأ
مملكة الشياطين. "قلوب مكبلة بوثاق الحب" _ منى عيد محمد
Romanceالمقدمة: هم مملكة عريقة مترابطة يجمع بينهم الدم والحب والأخوة، تتكاتف قلوبهم، معروفون بسيماهم الحسنة، وبأخلاقهم، ولكن ما يخبئونه من شر خلف أقنعتهم؛ تجعلك تتقن أنهم ليس إلا مملكة عريقة من الشياطين، شياطينهم التي تستوطن أجسادهم عندما يعشقون ويقعون فري...