الفصل الحادي عشر

43 3 0
                                    

عنوان الفصل: «هل فقد كل شيء؟»

ورائي تكمن عائلتي التي شائت الأقدار أن أبتعد عنهم لخمسة وعشرين عامًا، فهل من المعقول أن أعود للعيش معهم ثانية؟ لا أظن ذلك.

صلوا على الحبيب المصطفى ﷺ ♥️
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بين حوائط بنية اللون، حيث تتدلى من منتصف السقف تلك الثريا الكبيرة، والتي تتفرع منها شرائط مزينة بالكريستال الموزع عليها بطريقة تخطف الأبصار، تتألق مع انعكاس ضوء الغرفة عليها، مما يضفي على المكان رونقًا خاصًا.

أسفل ذلك الجمال يقبع مكتب كبير بلون بني يتناغم مع الحوائط، خلفه يجلس رجل بملامح غاضبة، يهز رأسه بين الحين والآخر مستمعًا لمن يحدثه... لكن، ما سبب غضبه؟

يُقال: «الانضباط ليس خوفًا من العقاب، بل هو قناعة بأن في الالتزام بالقوانين الإسلامية حماية للأخلاق ونقاء للروح»، بمعنى آخر، القوانين ليست مجرد أوامر، بل هي سبيل للعيش بسلام وأمان واستقرار، يدرك الجميع حينها أن تلك القوانين الإسلامية هي خير الدنيا والآخرة، لكن... رغم تفاني الأغلبية في الالتزام، هناك فئة مغفلة، ولا أقصد بذلك إهانة، بل وصفًا لحالهم.

المغفل هو من يترك وسائل راحته في سبيل شهوة عابرة تأثيرها لحظي، من يتخلى عن سيفه ودرعه ليحارب بدونها، ويقول بسذاجة: «أنا قوي لأحارب ذلك»، ينطلق في طريق يهدد سلامه وسلام المجتمع، وينتهي به المطاف في صحراء جرداء، حيث تقتلع الطيور عيناه، وتنهش الحيوانات لحمه.

كانت تلك الكلمات تتردد في عقل الملك صهيب، بينما يستعيد نصيحة أخيه الأكبر التي تبدو كتحذير مؤلم، تنهد بهدوء وهمس بها:

- قد تكون معادلة صعبة، لكنها تحمل رسالة عميقة، لذا، لا تكن مغفلًا! فما هي إلا أيام وستغادر.

رغم همسه إلا أن الجالس أمامه سمعه، وقال:

- لو الكل يفهم إن دي دنيا فانية، مكنش حد هيغلط!

ابتسم الملك برفق وقال:

- قال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجاء بقومٍ يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم». لا ضرر من الذنب ما دام العبد يتوب، لكن، إن لم تتب، فأنت غافل، يجب أن تستيقظ من سباتك وتعود للطريق الصحيح، فهما طريقان: الطريق الأول: «فاذڪروني أذڪرڪم»، الطريق الثاني: «نسوا الله فنسيهم».

هز الرجل الآخر رأسه موافقًا وقال:

- المهم التوبة، عشان نضمن إننا نموت على التوبة والعمل الصالح فعلا.

أومأ الملك وقال بعد أن هدأ من غضبه:

- هبعت معاك اتنين من الحراس يعتقلوه، وجزاك الله خيرا إنك مروحتش عملت مشكلة معاه أو ضربته، وسيبهولي أنا بقا هحاسبه على فعله ده، المهم أخت حضرتك بخير دلوقتي ومحصلهاش حاجة؟

من هذا الكتاب؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن