دقة.
دقتين.
تتبعها ثلاث، لا تتوقف، وتنمو عليه.
أحدٌ ما يدق عظامه، بطريقة كاد يتسطح معها كيث الأرض. ولم تكن الدقات خفيفة أو رقيقة، إنها عنيفة وغليظة، قوية. آثر كيث التفكير أن أي شيء بهذا العالم مهما كان حجمه ومقدار قوته، فهو من المرجح أقوى من الريشة التي يدعوها جسده.
كيث اليوم كان بقمة أناقته، بقميص مقلّم أسود بالبيچ، ويستقر فوقه معطف ثقيل بني باهت، يجعل كتفيه أكثر عرضًا، وظهره أكثر استقامة. تمامًا غرضه من ارتدائه.
مع ذلك، ما فتئ يحس بثقلٍ رهيب يجثم أعلى كتفيه. مثلما تفعل الصخرة العملاقة. أكبر الظن أن كيث الوحيد التي يحسها. فلم يظهر على رالف أي أمارات تثاقل في الخطو، ولا حتى فوربس.
فوربس، الذي ظنه كيث أكثرهم قلقًا، أطل وكأن هموم العالم لا تعرقله.
أزيز يصدر من ساقه، ساقه اليمنى بالخصوص. اليوم، ساقه تئن بشكلٍ لم يعهده. لقد نسي كيف الشعور.
نسي كيف يعترف بوجود ساقه. في بعض الأحيان، يتسائل إن كان باستطاعته الوقوف مثل الناس العاديين دون الالتفات إلى ساقه، ليرى متى موعد انكسارها الختامي. حيث تصدر أنينها الأخير، وتسبقه إلى النعيم السماوي. تنتظره بالأعلى بعدما يأخذ جولته الأخيرة هو أيضًا.
إنه في مسرحية، وبطلها الساق. والمتفرجين هم بقية أجزاء جسده. تبسم بتضائل، لعله فكر أنه حشد صغير، فماذا تبقى من هيكله على أي حال؟
وفي بعض الأحايين، كان ليتصور ماهية الحياة بدون قدمه من الأساس. كانت لتكون قدمًا اصتناعية معدنية أقل وطأةً مما هو فيه الآن. كان ليمشي مستقيمًا، مثل رالف، ذو الكتفين القويمين.
نظر إلى رالف، الذي يمسك هاتفه، حاجبيه معقوفين بحيرة، وكأنه يبحث عن شيء ما بهاتفه. رفع عينيه، وكانت غلطةً كبيرة؛ لأن من حرارة اتصال البصر المفاجئ، أسقط رالف هاتفه.
فقط حينما حاول كيث تصحيح الموقف، لينحني آخذًا الهاتف من الأرض، بنفس اللحظة، انحنى رالف هو الآخر.
واندلعت ضحكة كبرى من فوربس الذي كان مراقبًا للمشهد بشغف. تخبط رأس كليهما متلاحمين.
«هذا كان ممتعًا.» تمتم فوربس، تتبعها تأوهات رالف الدرامية.
«بربك يا صاح! هل تعلم كم يكلف لأحظى بجمجمةٍ قوية ومميزة كهذه؟» حكّ رالف جبهته بتألم. «أوتعلم كم سيموت من أجلها تجار الأعضاء البشرية؟ الملايين! الملايين يا عزيزي!»
لم يتأوه كيث، حبس ألمه بين أسنانه جازًا عليها. «لا أظن أن أحدًا في كامل عقله سيقدم على شراء جمجمة خاوية مثل جمجمتك، يا عزيزي.»
قاطع تحديقة رالف الحقودة، هتاف السيدة عند آلة دفع النقود. «الرقم ستة وثلاثون.»
«إنه رقم سعدي، آتِ لنا بإفطارنا أيها الوالد.» خاطب رالف فوربس وهو يعطيه الورقة التي تحددهم بأصحاب طلب الفطور بالمطعم.
أنت تقرأ
أنصافُ نِصف | Halves Of Half
Mystery / Thriller"«الخير بالأمام، والشر بالخلف. ماذا يجثم خلف الخلف؟ أليست الأصالة في معناها لا أصالة حتمية؟» كان ليسأل، منيرًا بذلك حدقتيه. تراه هي، لأنها لا ترى غيره. تراه بضوء حديث. لأن من أمامها، لم يكن من ولج لمنزلها منذ عدة أسابيع. مقاس قدميه مختلف." -عينة من...