لأنه محتار.
ما بين الإختيار بين الشكولا والڤانيلا، لم يتمكن الصبي تقرير أمره، اعتبر هذان الخياران مصيريان، يحددان أي النكهتين تستحقان شرف الذوبان بفمه.
رمق رالف الطفل بانزعاج مزيف، لكون الأطفال يحبون المثلجات، على عكسه، لم يحظى بفرصة التمتع بهذه الأشياء قط.
اليوم؟ لا يدري، لا يأبه.
مازال يتذوق زفاف شقيقته بلسانه، نكهة مريرة تقع في ذهنه. إلا أنه مسرور رغم كل شيء، مسرور.
يرتشف عصير الفراولة الطازج، بينما يحتسي فوربس شايه الأخضر ببطء، يلاحظان العالم من حولهما، من منظوران مختلفان تمامًا، والسيارة يسندان عليها، بانتظار كيث.
يلفظ رالف العالم من حوله، بينما يتماهى الآخر مع سرب العالم. لم يكن يتذوق شايه فحسب، بل يتذوق زقزقة الطيور. يحمل النقاء المَشوب بالهواء بكفه الأيسر، كأنه يخزن العالم الذي يرفضه رالف بذاكرته، حين ينقطع و لا يبقَ.
«لا أصدق أنك فعلت هذا رالف!» أعلن كيث المار من أمامهما، الذي استقل السيارة، يكاد يكسر الباب.
ظل يرتشف رالف من عصيره، مُصدرًا أصوات، أقل ما يُقال عنها، صارخة بالإزعاج.
لم ينطق فوربس، أبقى وجهه الجدّي ليستقل السيارة هو الآخر، كل هذا المزاح الصباحي أمام العالم مازال ينفخ فيه الروح التي لم تعد إليه، بعد.
إلا أنه احتفظ بابتسامة رضا.
«مهلك يا صديقي، أنا لم أقل أني سجلت لها رقمي، أنا قلت حرفيًا ‹سجلت رقم أحدنا› وقد وقع الإختيار عليك، استرخِ.»
عندما استقل رالف أخيرًا السيارة؛ ليشقا طريقهما لمنزل طليقة آڤيس فورِست، آدالين سين، التي اتصلت بالرقم الذي سجله رالف في ورقة واضعًا إياها على مكتبها بالمَدرسة منذ أيام، والذي اتضح فيما بعد، أنه رقم هاتف كيث المسكين.
طلبتهم، لأنها استعدت، بالطبع لم يكن الأمر غريبًا، كل الغرابة كانت تتمحور حول توقيت اتصالها، الساعة الثانية بعد منتصف الليل.
«لا أصدقك حقًا! حسنًا، اتفقنا على حقارتك، لكنك تماديت هذه المرة. وصدقني عندما أقول أني. سأقضي. عليك.»
«فقط. جرب. وسأفعل. المثل. لك.» بنفس اللهجة أعاد رالف لكيث الذي بالمقعد الخلفي في السيارة على غير العادة.
مازال فوربس محتفظًا بابتسامته الراضية.
أرجع كيث رأسه للملمس الجلدي لمقعد السيارة، وأسقط نظارته، يكوبها بين يديه.
«مظهرك مختلف اليوم، كيث.» أردف فوربس، الذي يقود، مزيلًا عراقيل الإريحية بالأجواء.
قبض على النظارة أكثر، وأعلن عن ابتسامة متأملًا إياها.
أنت تقرأ
أنصافُ نِصف | Halves Of Half
Mystery / Thriller"«الخير بالأمام، والشر بالخلف. ماذا يجثم خلف الخلف؟ أليست الأصالة في معناها لا أصالة حتمية؟» كان ليسأل، منيرًا بذلك حدقتيه. تراه هي، لأنها لا ترى غيره. تراه بضوء حديث. لأن من أمامها، لم يكن من ولج لمنزلها منذ عدة أسابيع. مقاس قدميه مختلف." -عينة من...