١٥| السؤال العشرون: معنى المعنى.

115 20 94
                                    


لم يعد هناك وقتٌ ليحيا. العالم يدفعه للموت كل ثانية.

كل ثانية، كل دقيقة، كل ساعة ونصفها، كل الأوقات، بدا الموت قريبًا، رغم أنه كان أبعد ما يكون عنه بالآن نفسه.

لم يرد الصعود بالمصعد، الطابق الثالث لم يكن متعبًا لقدميه إلى هذه الدرجة. فضّل صعود الدرجات واحدة، واحدة.. واحدة. وكم يحب صوت طقطقة حذائه الأسود اللامع على أرضية السلالم. حسنًا، لم يكن لامعًا كفايةً اليوم، لكن لا بأس.

الهواء رحّب بوجهه عند وصوله للطابق الأول. ألقى بصره إلى أبواب الشقق بالطابق، التي لم تكن بالكثيرة، ثلاث شقق ربما؟ أجل، ثلاث. وما أقبح هذا العدد.

انتهز رالف الفرصة وأشعل شاشة هاتفه والتي كانت كالمعتاد منخفضة متفقدًا الوقت. إنها التاسعة مساءً. همهم لنفسه بفهم. أكمل حذائه الطقطقة البطيئة المتأنية على الدرجات، كأنه يستلذ بالصوت. يتناوله حثيثًا.

وصل للطابق الثاني، وأخذ وقتًا طويلًا نسبيًا للنظر إلى الأبواب. عينيه وقعت على باب محدد، لمّ؟ من الممكن لأن الباب كان مختلفًا. لم يكن أسودًا كباقي الأبواب، كان هذا الباب بالذات متشقق وبدا قديمًا.

«إنها حادثة قديمة.» كان من المفترض أن يقفز رالف مع كلمات القائل خلفه، وقد فعل بشكلٍ غير ملحوظ. التفت إلى القائل، وكان شابًا رشيقًا، مراهقًا بالأحرى، مما قد يفسر عدم سماع خطواته والذي كان خلفه مباشرةً.

ربما بالغَ في التمتع بخطواته الخاصة.

أومأ له رالف إشارة ليكمل الشاب، تنهد. «حريق فظيع، راح ضحيته الساكنة هنا، لحسن الحظ أن ابنتيها نجتا. أمي أخبرتني القصة.»

«أتسكن هنا؟» سأله رالف، وأشار حوله. «لا تبدو كبناية يستطيع دفع ثمن شققها الطلاب.»

تبسم الشاب ابتسامة طفيفة. «أعيش مع والدتي، هل تزور أحدهم أنت؟»

استنتج أن هذا طابق الشاب.

«أوه، في الواقع، أنا من مركز الشرطة.» واندست يده لجيبه ليخرج بشارة الشرطة، تلمع بعيون الآخر، ثم وضعها مستكملًا بعشوائية. «أتيت لأتفقد شقة مشتبه به في الطابق الأعلى، أعلى هذه الشقة بالتحديد، أتعرفها؟ آليش—»

«أجل! آليشا مِكاي. إنها جليسة شقيقي الأصغر.» تحمس الشاب. ثم هبط ذراعيه بحسرة متنهدًا. «مؤسف ما جرى لها.»

ضيّق رالف عينيه عليه. «أخبرني، لماذا تظنها قد فعلت هذا؟»

أخذ وقتًا لا بأس به في التفكير، حتى أجاب بغرابة. «صراحةً لم أكن على علاقة وثيقة بها. كانت شخصٌا لطيفًا، ومحبةً لأخي. لذا لم أفهم سبب فعلتها أبدًا.»

همهم رالف، يستند بظهره إلى الحائط، تعانقت ذراعيه. راقب الشاب بينما كان في حالة غريبة، أخفض بصره للأرض، تصنع قدمه دوائر وهمية. تعابير وجهه تتغير تدريجيًا.

أنصافُ نِصف | Halves Of Halfحيث تعيش القصص. اكتشف الآن