١٤| السؤال التاسع عشر: لا عدالة لليوم.

104 19 108
                                    


ركض السارق، تاركًا خلفه هواءٌ مرتعشٌ يصفع وجوه الناس الباهتة.

لقد سرق قطعتي حلوى سنيكرز، ركض وركض. ولم ترضى ساقي فوربس أن تتبعه أكثر من ذلك، ليس لأنه تعب سريعًا، بل لأنه ليس صوابًا. جرم السارق لم يكن بهذا الأمر الجلل. لم يستحق أن يزج به بالسجن أو حتى يُضرب. ولم يبدو على صاحب المحل أنه شخصٌ متسامح تجاه الشحاذين أبدًا، لذا تركه فوربس، رغم شكيمته المهنية، إلا أنه جرم صغير. بكل الأحوال، صاحب المحل اتسم بسمة الحقارة. تبسم فوربس بشماتة. أجل، لقد كان صاحب المحل حقيرًا ويستحق أن يتعرض للسرقة.

توقف فوربس بوسط الشارع يلتقط أنفاسه، كلتا يديه على خصره، لا يدري أين ذهب ذلك السارق. لم يكن سوى ولدًا صغيرًا، لعله بعمر العاشرة.

ظهر الولد من إحدى الأزقة الجانبية، وأسرع فوربس إليه، عندما رآه الفتى بانت أمارات الهلع على سيمائه وحاول الاختباء خلف إحدى أكياس القمامة.

«ظننتني فقدت أثرك، هاه؟» وقف أمامه، وانتقل بصره إلى الحلوى بيده. «جائع؟ أعلم مخبز ظريف قريب من هنا.»

استقام الفتى، بحذر اقترب منه وأومأ بصمت، وكانت تلك شرارة ابتسامة فوربس.

امتدت طريقهم لذلك المخبز حوالي خمسة عشر دقيقة، في لحظة غريبة، سأله الفتى. «ما اسمك؟»

«أنا؟ فوربس، أعمل للشرطة أيضًا.»

شهق الفتى، وأطلق الآخر ضحكاته. «كلا، لن أقبض عليك يا شقي. أريدك فقط أن تعلم، أن ما فعلته غير مقبول. لكني لا أخفيك سرًا.» ثم استكمل بهمس. «استمتعت برؤية صاحب المحل يشتعل خلفك.»

لأول مرة يشاهد ابتسامة الفتى الصغيرة، واصطفت معها أسنانه، وبادله فوربس الابتسامة بسرور وهو يُدلك شعر الفتى بهدوء.

«أنا نواه، وأنا أعمل لصالح نفسي.» قالها بغرابة. لم يتمكن فوربس من مقاومة ظرافة الفتى.

«أستطيع القول أن هذا العمل لا يدر مالًا جديرًا.» داعبه.

«اقتصاد هذا البلد متدهور لا محالة.» وهز رأسه بقلة حيلة.

بلغوا المخبز أخيرًا، إنه كما كان، منذ أول مرة رآه عندما كان بالسادسة. مخبز والدته. محل عتيق، قد يبدو صغيرًا للرائي لأول وهلة، مع ذلك فقد اتسع لجميع الأفئدة. تلمع أنوار الشتاء منيرةً الشارع. تتسارع روائح المخبوزات المختلفة إلى الانتشار والانبساط. كما لو كانت أمه مازالت حية تخبز بالداخل مع صديقاتها.

لكنها ليست هنا ولن تكون. تنهد بأسى.

«هل هذا هو؟» سأل نواه، وأصدرت معدته قرقرة مسموعة.

قبض فوربس على يد الصغير، وارتفعوا تدق أقدامهم الدرجات. ورن الجرس عندما فتح الباب. قابلتهم امرأة شابة في عقدها الثاني، شعرها الأحمر المصبوغ مبعثر على كتفيها، وابتسامة متحمسة اتسعت أكثر عندما لمحته. «أنت هنا!» ثم انخفضت على ركبتيها إلى الفتى. «ومن يكون السيد الصغير؟»

أنصافُ نِصف | Halves Of Halfحيث تعيش القصص. اكتشف الآن