سأنهي الرواية اليوم.إنها كذبة بيضاء، تحقن الأمل في أوردة شخصياتها. لعلهم يكفّون عن ضجيجهم. عن همهماتهم المرتفعة.
كم شخصًا يتحدث أصلًا؟ يزفرون الكلمات، يرشقونها رشقًا. الصوت أعلى من المعتاد، لابد أن السكتة التي حبستهم فيها آدالين تزعجهم، يشّق عليهم وجودهم المحضّ الثابت في كيان منقطع.
ماذا تفعل الشخصيات حينما يمر مؤلِفهم بقفلة كاتب؟ لا أحد يعرف، لا تعرف آدالين، ولا صوفيا، ولا أندريا، ولا أليكسندريا ولا واحدة من هاته الفتيات التي تلبست اسمائهن بلا جدوى.
‹كم اسمًا تملكين؟› استرجعت صوت كيث الهشّ، ونظرته آنذاك. كم اسمًا تملك هي حقًا؟
آدالين ارتفعت عن الأرض، تجلس على السحب، قطنية الملمس، ناعمةً كانت بمواجهة جسدها المقشور. تخلت آدالين عن صوتها، وأضمرته خفيةً في الأوراق، ولكنه ضاع بين غياهب وبطون الحبر.
من أضاعه يا ترى؟
إنه السؤال الملحمي، إن اعترفت آدالين أنها الأخرى شخصيةً بروايةٍ. أنها شخصية مورقة، إن جرحت معصمها، سوف تنزف مِدادًا داكنًا.
«ما اسمك يا صغيرة؟» كان أول سؤال يُطرح عليها في حياتها. كانت أول مرةً يخاطبها شخصًا ما. لم تذكر هذه الصغيرة ما اسمها، ما هي الاسماء أساسًا؟ لم تدري لمّ من المهم أن تسمى، ولكنه في عالم البالغين هام.
انحنت الراهبة، تعيد خصلة ذهبية فارة من فروة رأسها إلى ما خلف أذنها، رسمت الراهبة ابتسامة لذيذة، ودقت نواقيس الغرابة بخافِق الصغيرة.
«سوف أسميك صوفيا، أنتِ جميلة مثل صوفيا.»
لم تدري الصغيرة ذات الاسم الجديد من هي صوفيا، ولكنها أحبت الاسم، ألقت بتلابيب ردائها الرث، وعانقت الاسم عناقًا شغوفًا. عناق محبٍ لخليله.
آمنت الصغيرة صاحبة الاسم الجديد، أن الملائكة استدعت الاسم من أجنحتها، ومدته لها من خلال حناجر الراهبات.
غدت صوفيا، صوفيا فقط. لم يكن لها اسمٌ أخير، إنه اسمها الأول، ولكنها كانت سعيدة. سعيدة فحسب.
قبلما تُمنح صوفيا اسمها، كانت عبارة عن شبح، لا تلمس قدماها الأرض، لا تمشي، ولا ذاكرة لها.
ولكن حينما تحسست اسمها لأول مرة، علمت أن لها وزن ثقيل الآن. الآن قد ينظر الناس إليها، ويفكرون باسمها، يفكرون بوجودها. يفكرون أن ما ينظرون إليه إنسانًا مثلهم. كم ودّت أن تكون إنسية، أن تكون مثلهم.
من هؤلاء؟
أعلنت المسرحية عن فصلها البدائي وانكشفت الستائر، وقفت صوفيا، متصلبة الظهر، ترى الباب الأحمر، تنبلج منه رؤوس لا يمكن إحصائها، كل رأس يدّعي أنه صاحب منزلة ما في قلبها.
أنت تقرأ
أنصافُ نِصف | Halves Of Half
Misterio / Suspenso"«الخير بالأمام، والشر بالخلف. ماذا يجثم خلف الخلف؟ أليست الأصالة في معناها لا أصالة حتمية؟» كان ليسأل، منيرًا بذلك حدقتيه. تراه هي، لأنها لا ترى غيره. تراه بضوء حديث. لأن من أمامها، لم يكن من ولج لمنزلها منذ عدة أسابيع. مقاس قدميه مختلف." -عينة من...