تحقيق العدالة بحق المرأة

18 10 0
                                    

بقلمــي: وجــدان العــامـري

تحتاج اليوم العدالة إلى تحركٍ على أرض الواقع، يبدو أن الرحلة ما زالت في بدايتها، وما زال أمامنا طريق طويل من النضال في وجه ذكوريين وذكوريات لا يريدون الاعتراف حتى بوجود جرائم قتل النساء. جميعنا تحت تهديد القتل
لم أكن في يوم مع العنف لمواجهة العنف لكن للحظة قلت لنفسي، ما عاد الكلام والاحتجاج ولا المطالبة السلمية تنفع، يجب التظاهر والصراخ وإبعاد كل ذكوري من طريقنا، ليس لأننا نريد سلطة أو قوة أو نسعى إلى هضم حقوق الرجال، سنقوم بكل هذا فقط لأننا نريد الحياة، بعيداً من تهديدنا بالذبح في كل يوم لأن أحدهم “وقع في حبنا” وقرر قتلنا بعد رفضه. تملك كلّ منا قصة من هذا النوع، عن رجل مهووس، لاحقها على رغم الرفض، ليست المشكلة في هوس الملاحقة، والذي قد يتعلق بالرجل تماماً كما المرأة، لكن أيعقل الآن أن ننظر إلى كل مهووس على أنه قاتلنا المستقبلي؟إذا أسسنا جيشاً من النساء لحماية النساء، هل سنكون متطرفات؟ وإذا سلّحنا النساء لحماية أنفسهن والأخريات هل سنُعَدّ مجنونات؟ وما الحل اليوم لمواجهة هذا العنف كله ضد النساء؟ هل ما أُخِذ منّا بالقوة يجب أن يسترجع بالقوة؟ وهل يجب أن يخافنا الذكوريون كما نخاف منهم لنصبح في مأمن؟ نحن خائفات والذكوريون يقولون إننا متطرفات، نحن نخشى على حيواتنا، والذكوريون يتهموننا بالعهر بحجة الدعوة إلى الفساد الأخلاقي، إننا ببساطة قلقات على بناتنا وصديقاتنا، والذكوريون يقولون: الرجال يُقتَلون أيضاً، وحين ندافع عن أنفسنا نُتهم باستغلال جرائم قتل النساء. هل المطالبة بقانون يجرم قتل النساء ويحميهن فساد أخلاقي؟ إذا كان كذلك فما الميزان الأخلاقي في كل ما يحصل إذاً؟ الحديث عن قصة واحدة ظهرت على العلن هو فرصة للتحدث عن ملايين النساء حول العالم وليس بهدف التسلق على آلام الآخرين، هي فرصة للدفاع عن الجميع ضد العنف، حين نكون جميعاً تحت تهديد الموت لن تكون الشهرة ذات أهمية، كما يدعي البعض، وسيكون اتهامنا بالتسلق فارغاً، إذ إننا بالفعل مشاريع ضحايا تُعرّف الأمم المتحدة مصطلح جرائم قتل النساء، على أنه “الظاهرة الأكثر تطرفاً ووحشية من أشكال العنف التي تتعرض له النساء”، وهو ظاهرة منتشرة في جميع أنحاء العالم، بدرجات مختلفة، على سبيل المثال قالت منظمة “مسح الأسلحة الصغيرة” غير الحكومية في جنيف، أن سويسرا كانت واحدة من بين الدول المتقدمة النادرة التي لديها معدل كبير من جرائم قتل النساء أعلى من معدل ّجرائم قتل الرجال ولا يزال هذا الكلام صحيحاً حتى يومنا. يبدو أن هنالك استنكاراً لتحركات النسوية في العالم العربي، تحت مسميات عدة منها التطرف، أو تحويل جرائم قتل عادية قد تحدث للنساء والرجال على حدٍ سواء إلى ما يسمى بحسب زعمهم “جرائم قتل النساء”، أو تجاهل قتل النساء شركاءهم الذي يحدث أيضاً، كل هذا قد يبدو للحظة صحيحاً، إلا أن التمعن والبحث الدقيق في هذه الادعاءات يكشف أنها تحمل تشويشاً متعمداً، هدفه تحويل جرائم قتل النساء إلى جرائم عادية شبيهة بتلك التي تحدث عند السرقة على سبيل المثال، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فجريمة قتل تحدث عند سرقة متجر بين طرفين لا تربطهما أي علاقة، لا يمكن أن تتساوى مع جريمة قتل يرتكبها شريك عاطفي أو أخ أو أب.في فرنسا وحدها سجلت القوات الأمنية عام 2021 حوالى 159 ألفاً و400 حالة عنف بين الشركاء أي أنه وبحسب مناهضي النسوية، فالرجال يتعرضون للعنف كما النساء، لكن للمصادفة أن عدد الضحايا من النساء هو 139 ألفاً و200، أما عدد الضحايا من الرجال هو 20 ألفاً، أي أن النساء أكثر عرضة للقتل على يد الشركاء بفارق شاسع في بلد متحضرٍ إلى حدٍ كبير كفرنسا، وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن النسب الحقيقية للعنف ضد النساء في البلاد العربية مثلاً، حيث قد يندرج قتلهن تحت مسميات أخرى كالانتحار والحوادث العرضية والأمراض المستعصية.وبحسب UN Women واحدة من كل ثلاث نساء تعرضت للعنف الجنسي أو العاطفي من قبل الشريك وعام 2020 قتلت 81000 امرأة وفتاة، قُتِل 58 في المئة منهن على يد شريك أو أحد أفراد الأسرة، وهو ما يعادل مقتل امرأة أو فتاة كل 11 دقيقة.

قصة قتل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن