الأغتـصاب

23 9 0
                                    

بقلمــي: وجــدان العــامـري

لم يعد الاغتصاب اغتصاباً داخلياً، فحسب، بل ثمة تقارير نقلت لي جانباً منها سيدة عراقية تعمل في مركز رصد الاحتلال ببغداد، عن إن العديد من السجينات لأسباب أمنية في المعتقلات التي تديرها القوات الأمريكية في العراق قد تعرضن لعمليات اغتصاب، وإن ما ظهر من هذه الحالات لا يشكل إلا نسبة ضئيلة من واقع الأمر ذلك إن التكتم على مثل هذه  الوقائع هو الراجح لأن مجرد إعلانها يعني إعلان وفاة الضحية دون سواها، وثمة تقارير أخرى عن أن إحدى السيدات التي جرى اعتقالها في سجن أبي غريب، قد هربت رسائل سرية إلى عشيرتها تدعوهم إلى قصف سجن أبي غريب بالذي فيه لقتلها خلاصاً من عار الاغتصاب!

هذا النوع من الاغتصاب لا يعلن الكثير منه، فثمة سجينات قتلن بعد فترة قصيرة مكن إطلاقهن لأنهن حملن من مغتصبيهن في السجون، سواء من الشرطة العسكرية الأمريكية أو حتى من المحققين العراقيين أو الذين يتكلمون العربية.

ربما ستصبح رواية الفرنسي يان غيفليك ( العرس الوحشي ) مرجعية أدبية وتأويلية لدى العراقيين في هذه المرحلة، وسيعاد اكتشافها من جديد، فهذه الرواية التي صدرت ترجمتها العربية عن دار المأمون بغداد أواسط الثمانينات تتحدث عن جندي أمريكي في إحدى الوحدات التي كانت تخدم في فرنسا، وقبل أن تغادر وحدته عائدة إلى الوطن بيوم بواحد، اصطحب صديقته الصغيرة في رحلة توديعية، لكنه مال بعربته العسكرية نحو مكان منعزل ينتظره فيه إثنان من زملائه في الوحدة، ليجري اغتصاب الصبية من الجنود الثلاثة الذين يغادرون فرنسا مباشرة، تاركين بذرة ملعونة وغريبة وملتبسة في أحشاء الصبية الشقراء، لكن محاولات التخلص من الجنين لم تفلح حتى يأتي المولود دون أن تعرف حتى الأم من هو أبوه من بين المغتصبين الثلاثة! حيث تتأمل الأم صورته فلا تفلح في نسبته! وتحاول قتله مرات عدة دون أن تنجح فتعامله بقسوة مفرطة ليعيش فصامياً معزولا ومشرداً، لتنتهي الرواية بان يقوم الابن بقتل والدته خنقاً في البحر كطريقة وحيدة لمعاتقها للمرة الأولى والأخيرة!

وربما سيخلف الاحتلال الأمريكي أدباً روائياً مماثلاً قد ينطوي على بنى حكائية أكثر إثارة من العرس الوحشي لغيفليك.

عشرات النساء قتلن خلال عام واحد من الاحتلال، اختلطت مبررات قتلهن وتداخلت فيها دوافع الشرف الوطني، بحمية الثأر للشرف الشخصي، و( غسل العار ) الذي لحق بالأسرة، عاملات في التنظيف وطباخات في الثكنات العسكرية ومترجمات، نساء مسنات وشابات متعلمات قتلن في حمى الالتباس هذه.
وعندما داعبت المجندة الامريكية ليندي إينغلاند، أعضاء الرجال العراقيين في سجن أبي غريب، وأجبرتهم على الاستمناء أمامها، كان الأمر يتعلق، بأداء واجب بالنسبة لها، وبسوء معاملة من السجان ضد سجينه بالنسبة للأخلاق الأمريكية، لكن عدداً من السجينات العراقيات، اللواتي أطلق سراحهن ذهبن فوراً إلى المسلخة بإرادتهن  أحياناً، ليستجبن لقانون ( العار )، ويغتسلن في حمامه الدموي.

ثمة قراءات متعددة الطبقات لظهور مثل هذه الجرائم على السطح فالقوانين اليوم شبه معطلة في  العراق، والاحتلال أوجد مساحة واسعة للتنفيس عن طبقات العنف المتلاطمة الموج في أعماق المقهورين، مثلما أوجد غياب الدكتاتورية مسافة لم تنضج بعد لحرية شخصية تتلخص اليوم في صورها الأبشع: الفوضى!

لن يكون توفر السلاح إلا نوعاً من نوافل التعليل فيما يتعلق بتفسير ظاهرة ازدياد جرائم الشرف و ( غسل العار ) في عراق اليوم، فالذبح والقطع هي العقيدة الفلولكورية الملازمة لمثل هذه الجرائم، والسيف والسكين والطبر، هي الأسلحة التقليدية لتأصيل تلك العقيدة، لكن يمكننا فقط أن نضيف إن جرائم الشرف وقد استفادت من توفر الأسلحة النارية بكثافة، فأنها جعلت من الأمر يبدو وكأنه جزء من الحرب الملتبسة والمتعددة الوجوه في العراق، بعد أن كانت مجرد نزوع شخصي يسعى إلى التخفي، والممارسة السرية، ربما جعلت الحرب من ضحايا هذه الجرائم جزءاً من طبيعتها الدموية، فالحروب لا تقف عند دوافع بعينها، ولا تتجه نحو هدف محدد وواحد، لكنها مناسبة دموية لشتى الغرائز، تريد الحرب أن تتخلص من فحولتها الطاغية والمتوحشة، إلى توحش من نوع آخر تتدخل فيه الأنثى عنصراً في المحرقة، ويأتي مفهوم ( الشرف ) ليصبح موسماً نموذجياً لتلك المحرقة.

وما بين راديكالية الشرف الوطني وحمية الشرف العائلي، تتزايد أعداد النساء المقتولات بجريرة مركبة هذه المرة، فالعشائرية والأصولية وحتى الثورية، تتسابق لتبرير الجريمة، مرة بالزنا والخطيئة، وأخرى بممارسة الدعارة، وثالثة بتهمة التعاون مع المحتل، أو لتاريخها كوكيلة أمنية لدى أجهزة النظام السابق، وتبقى الكف المقطوعة من الرسغ، أو السبابة المبتورة علامة ملتبسة وناقصة على جريمة عنوانها الشرف. 

الاغتصاب هو أحد أنواع الاعتداء الجنسي والذي غالبًا ما يتضمن إيلاج جنسي أو أي أشكال أخرى من الاختراق الجنسي التي ترتكب تجاه شخص ما دون موافقته. وقد يرتكب هذا الفعل إما بالقوة الجسدية، الإكراه، سوء استخدام للسلطة أو تجاه شخص غير قادر على إبداء موافقة صحيحة مثل شخص فاقد للوعي، عاجز، لديه إعاقة فكرية أو تحت السن القانوني لإبداء الموافقة.[1][2][3] فيستخدم أحيانًا مصطلح الاغتصاب بالتبادل مع مصطلح الاعتداء الجنسي.[4]ويختلف معدل الإبلاغ عن الاغتصاب، الملاحقة القضائية والإدانة بين السلطات القضائية. عالميًا، في عام 2008 سجلت الشرطة حوادث الاغتصاب والتي تراوحت بين 0.2 في أذربيجان إلى 92.9 في بوتسوانا و6.3 في ليتوانيا لكل مائة ألف شخص في المتوسط.[5] في جميع أنحاء العالم، يرتكب بصورة أساسية الذكور الاغتصاب.[6] ويعد أحيانًا الاغتصاب من قبل الغرباء شائعًا بصورة أقل من الاغتصاب الذي يقوم به أشخاص تعرفهم الضحية. كما أن حالات الاغتصاب في السجون بين الذكور وبعضهم والإناث وبعضهن شائعة أيضًا ولكن تعتبر من أقل أنواع الاغتصاب التي يتم الإبلاغ عنها.[7][8][9]

ويمكن أن يحدث الاغتصاب (على سبيل المثال الاغتصاب أثناء الحرب) والاستعباد الجنسي بصورة واسعة ومنظمة أثناء النزاع الدولي. فهذه الممارسات جرائم بحق الإنسانية والحروب. ويعترف بالاغتصاب كأحد عناصر جريمة الإبادة الجماعية عندما يُرتكب بغرض وتعمد التدمير لكامل جماعة إثنية محددة أو جزء منها.

ويمكن لهؤلاء الأشخاص الذين تعرضوا للاغتصاب أن يصابوا بصدمة نفسية أو يتطور لديهم اضطراب ما بعد الصدمة.[10] وقد ينتج عنه أيضًا إصابات خطيرة بالإضافة إلى خطر الحمل والأمراض المنقولة جنسيًا. وقد يواجه الشخص عنفًا أو تهديدات من المُغتصِب، وفي بعض الثقافات من عائلة الضحية والأقارب.[11][12][13

قصة قتل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن