لم تتجاوز الساعة السادسة و النصف و ها انا مجدد في نفس المقهى اتمتع بصوت المطر و الجاز الهادء مع رائحة القهوة المعتقة
نفس العجوز في مكانه بنفس الملابس و بنفس الكتاب..... لكن هذه المرة تجلس قرب طاولته انثى ذات اطلالة حزينة
ابتسمت فلطالم لمحتها هنا في اوقات سابقة
كانت قبل سنوات تأتي مع رجل ذا رجولة صارخة و ذا عقل راشد..... لكنه اختفى منذ زمن
و لعلها تحي ذكره بحضورها هنا تتمتع بمراقبة خياله الراحل في نفس الطاولة دائما
ربما مرت ثلاث سنوات على الرجل...... لقد كنت استمتع بتأمله.... كان ذا عقل و ذا قلب
بملامح هادئة لم تختلف منذ ان شاهدته.... مع نفس الانثى منذ ان لقيته
لم تكن الفتاة تختلف عنه فقد كانت هادية صامتة لا تتكلم الى اذا كلمت
زائر جديد دخل و تحليل قادم رحبا......
انثى بابسمة خفيفت دخلت و على رأسها قبعة من الصوف بني اللون بوشاح يتناسب مع تنسيق ملابسها لبستجلست تأخذ كوبا كبير من القهوة تشربه.... كل من يدخل هذا للمقهى مهموم...... و لست مستثنى..... فما يفعله رجل بالغ مثلي في هذه الساعة هنا غير تخفيف حزنه
طالعت المرأة بنوع من الهدوء المحبب.... تمسك كتاب عرفته لقرأتي السابقة له
العواصف..... اسم الكتاب لكاتب سودوي كجبران خليل جبراني....... كتاب يتناسب مع هذه الاجواء المعتمة الحزينة.......
كانت يدها اليمنى تمسك القهوة ترتشف منها و الاخرى تمسك الكتاب و تقرأه.......
يديها خالية من اي زينة و هذا يأكد كونها وحيدة في حياتها...... ثيابها ذات اللون البني يبرهن احساسها المرهف و سهولة جرحها.............
امساكها لكتاب من كاتب غريب اطوار.... يبرهن عمق تفكيرها.......... و ارتشافها الهادء للقهوة يشرح هدوئها في الحياة....
شعرها منسدل اسود كعتمة الليل عيونها بنية كالقهوة التي تشربها..... اصابعها طويلة بيضاء ناعمة كبشرة وجهها......
ادرت وجهي للعجوز مجدد اجده يطالع الفتاة الحزينة التي فقدت حبيبها ربما بابتسامة هادئة حزينة.............
لعله هو الاخر عرف انها تحتضر بعيد عن ذلك الرجل.............
زوار هذا المقهى معرفون....... فمني الذي لم يمر يوم و لم اكون اراقب فيه زجاج المقهى لشارع البارد.... للعجوز صاحب الكتاب التالف......... للفتاة فاقدة رجلها
لانسة جنبي مرتدية القبعة........ و قد اجتمعنا في حب هذا المقهى.....
و لعل هموم الحياة من جمعتنا..... لم يتحدث بعضنا الى بعض يوما... تحية برأس ما تكفينا لنفهم بعضنا..........
حب الكتب و القهوة جعلنا نزور هذا المقهى الذي يجمع غرباء الاطوار
مقهى السيدة السوداء.................
اسم غريب كزائريه..... اتساءل من هو مدير هذا المقهى فلم يصادف ان رأيناه يوما هنا..........
رفعت صاحبة القبعة وجهها تطالعني بعيونها الاخاذة بصمت....... و قد تكون هذه عادتها ربما..... تطالعني خلسة ظنن منها اني لا اشعر بها
ابتسمت بهدوء للكتاب امامي..... قد تكون صاحبة القبعة لا تزور هذا المكان الى لتتأملني.......
و رجل مثلي لا يحب ان يتعلق احد به.... اعجبني كيف انها تطالعني بصمت دون شيء من احلم الصبى تلك.......
رفعت مقلتي اطالعها لتخفض حدقتيها بسرعة تطالع احرف الكتاب المرسوم بنوع من الربكة التي بثرت بها......
ارتسم الاحمر على خدها و لمعة حدقتيها بنوع من الخجل الشديد.........
يالها من انثى خجولة.... ابتسمت لها اقف من مكاني لعل الايام ستحدد مسارها.......
Ň. Ϻ
YOU ARE READING
شتاء هادء| hiver calme ✔
Acakلم تكن مجرد حياة كانت اتعس من كابوس دنيء نــبــذة: «يقال ان الكتابة نوع من الفضفضة،لكني ارها نوع من التعري،فنحن سيدي نتجرد من كل خصوصية فكارنا و نكتبها بقلم اسود على ورقة جرداء حملت همومنا لوقت طويل جدا و لا ادري انحن المشكلة ام العالم هو مشكلتنا؟...