الفصل الرابع

153 53 65
                                    

قابلته في الممر وهو يغادر غرفة يوورا بعدما تأكد من نومها
تجاهل وجودها رغم نظراته التي اقتنصت ابتسامتها الواسعة وملامحها المشرقة وهي تتعلق فيه على أمل

اراد ان يتخطاها متابعاً طريقه لكنها اوقفته بجسدها الذي حال بينه وبين التقدم اكثر ليقطب حاجبيه ببرود لم يكن صقيعه ليجمد حروفها وهي تتكلم باصرار : لقد اصبح الكعك جاهزاً لتأخذه يوورا معها في الغد ....

تلوت خطوط جبينه وتطاير الغضب من عينيه لعصيانها الواضح لأوامره وبدأ عقله يسول له ان يفترسها بأنياب كلماته الحادة انتقاماً لتخطيها الحدود ....
وما كاد يطلق رياح غضبه عليها حتى استبقته في الحديث لعلها تطفئ لهيب نظراته المستعرة : انا افهم ما تحاول فعله تماماً واتفق معك لحماية يوورا ، لكنني اريد ان اكون صديقتها فقط ..

بدا التساؤل جلياً في نظراته رغم تحجرها فأضافت : حتى لو كنت سأغادر بعد انقضاء هذه المدة فلن اتوقف عن التواصل معها ابداً ، يمكننا ان نكون صديقتين الى الأبد حتى لو باعدت بيننا المسافات واختلفت اماكن اقامتنا
ذلك سيكون أفضل بكثير من التخلي وتركها تتجرع الشعور بالحرمان او النقص ، اذا بالغنا في حمايتها فنحن نؤذيها بشكل ما .

كتف ذراعيه الى صدره متزمتاً وتكلم بتهكم : هذه الصداقة لا تعني شيئاً ؛ انتِ تكبرينها بكثير مما سيفرق بينكما عاجلاً ام اجلاً لنعود الى نقطة الصفر !

قلبت عينيها ساخرة : كفاك يا رجل ؛ انت تحاول تعقيد الأمور فحسب !

اضافت بنبرة مسالمة غشاها طيف شعور بالحزن التقطه بفراسة : انا افهم شعورها جيداً بحكم انني نشأت في ظروف مشابهة لذلك ، اكره فكرة التخلي عنها او تجنبها لحمايتها .
في اوقات كهذه هي تحتاج من يقف بجوارها ويتفهم مشاعرها ويراعي رغباتها لا شخصاً يدير ظهره له لحمايتها
لازالت صغيرة لتفكر بالمستقبل وتخشى عثراته ، لكنها تحتاج عيش كل لحظة تمر بها كما يجب لذلك اسمح لي ان افعل ذلك من اجلها ..

شيء من الدفئ تسلل الى قلبه مع صوتها الهادئ ذاك كأنها نسيم بحر هادئ يحمل شيئاً من رطوبته وعذوبته
جزء منه يود الاستسلام لها والسماح لها بتقديم ما يعجز عن تقديمه من اجل ابنته ، وجزء اخر ينهاه خشية ان تتسرب عبر شقوق قلبه وتصبح شخصاً لا يمكنهم الاستغناء عنه في حياتهم ..!

وما بين ذلك التناقض الرهيب الذي كان يشده من كلا الطرفين حتى كاد يقطعه لأشلاء كانت الكلمة الأخيرة لها عندما همست بلطف عقب ابتسامة دافئة رقيقة : لنفعل ذلك من اجل يوورا ...

في اليوم التالي ؛ كان مغيب الشمس مبهراً مغرياً للتأمل من أعلى شرفة غرفتها في الطابق الثاني
وقفت عند الحافة الحجرية تتأمل السماء التي تلونت بألوان الغروب ؛ بحب تراقب تدرج ألوانها وهي تودع مشفقة شمسها التي قررت التنازل عن عرشها والتلحف باولى ظلال المساء ..

" وَهَج " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن