الفصل الثالث

171 59 50
                                    

نهار يوم ربيعي دافئ ؛ الأشجار تتمايل بنعومة على مقطوعة نسمات الهواء العليلة ، والعشب الأخضر الذي يزين ارض حديقة المنزل كان يراقص أشعة الشمس الدافئة بحب خالقاً قصة حب أشبه بالخيال .
وفي تلك الحديقة الغناء التي تعطرت اجواؤها بأريج الزهور المزروعة في كل جوانبها ؛ جلست مينا على مقعد خشبي وامامها لوحة بيضاء لطختها ببعض الألوان ترسم شيئاً من المشاعر التي راودتها بحضور مسرح الطبيعة الجميلة حولها .

وبينما كانت منشغلة بالرسم شعرت بحركة قريبة منها جعلتها تبعد ناظريها عن لوحتها متتبعة ذلك الصوت فوقع بصرها على الصغيرة يوورا وهي تختبئ خلف شجرة قريبة تراقبها بصمت
تبسمت بحب واشارت لها بالاقتراب ففعلت بتردد ، ولتبعد عنها ذاك الخجل الذي يسيطر عليها نهضت من مكانها وتقربت منها اولاً

انحنت اليها لتسألها برفق : هل تجيدين الرسم ؟

حركت رأسها الصغير موافقة : قليلاً

مدت راحة يدها لها تدعوها لتتمسك فيها متكلمة : اذاً هل تودين مشاركتي في رسم لوحة جميلة ؟

وضعت كفها الصغيرة بيدها وتقدمت معها بحذر لتنظر الى اللوحة بعينين سرعان ما اتسعتا ذهولاً
قدمت لها الريشة والألوان فأخذت ترسم بعض الخربشات مستمتعة بتلك الألوان التي ملأت بياض اللوحة
وحالما انتهت نظرت الى مينا متسائلة عما يجب ان تفعله بعد فلم يبقى مكان لرسم المزيد من الألوان

قلبت مينا نظرها بين الصغيرة وبين اللوحة قبل ان تتكلم بعنفوان : لست راضية عنها تماماً ؛ ماذا لو اضفنا لها بعض الحياة ؟

تساءلت يوورا بعدم فهم : كيف ؟

لطخت يدها باللون الأزرق ثم طبعت راحتها على اللوحة واشارت ليوورا ان تفعل المثل : هكذا ربما !

اعجبت يوورا بالفكرة وطبقتها على عجل ؛ غرست كلا يديها بالألوان واخذت تترك اثار يديها الصغيرتين في كل مكان بسعادة ..
لم تشعرا بالوقت وهما تقضيانه معاً تمرحان وتعبثان بالألوان مشكلتين لوحة طفولية بريئة سكنتها ضحكات الطفولة وعنفوان السلام ..

في تلك الأثناء ؛ كان دونغهي قد وصل المنزل لتوه بعد يوم العمل الطويل ، وقف في الصالة متعجباً غياب طفلته التي اعتادت ان تستقبله امام المدخل كل يوم !
نظر حوله باحثاً عنها في المكان قبل ان تستقر نظراته على والدته التي كانت تشغل نفسها بالحياكة ليسألها : اين هي يوورا ؛ لماذا لم تستقبلني كالعادة ؟!

تكلمت مبتسمة بسعادة لم يفهم مغزاها : انها في الحديقة .

رفع كلا حاجبيه متعجباً وتساءل بينما يتجه بخطواته العجلة الى الحديقة : ما الذي تفعله في الحديقة بمفردها !!

" وَهَج " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن