الفصل الخامس : الدار الجديدة

564 29 21
                                    

دخل الجميع الى المنزل ، ضلت فاطمة تنظر الى الجدران المهترئة، و بعدها دخلت الى المطبخ مباشرة ، انه احسن من مطبخها ، يوجد صنبور ماء وسط الصيهور (سطح عمل المطبخ)، و هذا الشئ الوحيد الذي ميز المكان في عينها أكثر ، فهي لن تستيقظ صباحا و توقظ اطفالها كي يذهبوا الى البئر الاقرب من اجل جلب الماء ، و لن تخاف ان يسقط احد ابنائها داخل الجُب، و لن تصرخ من اجل الحفاظ على الماء ، المطبخ كان صغيرا نوعا ما ، به نافذة تطل على بهو المنزل ، فيه خزانات ملتصقة بالحائط صغيرة ، بنية اللون تآكلت اطراف ابوابها ، و تحت الصيهور توجد فراغات متفاوتة الحجم ، و قنينة غاز كبيرة خضراء اللون يربطها بفرن صغير انبوب أزرق ، كان عبد الهادي ينظر إليها و هي تتفحص المكان منتظرا منها جملة تفتح باب الحوار ، كان يضن أنها مثل نساء الحي الثرثارات، لكن حروفها لم تجد لفمها مخرجا، خرجت من المطبخ و لم يتبعها ، بل اشعل سيجارة و ضل ينظر إليها من بعيد و قد انتقلت إلى البهو ، بينما أطفالها كانوا يلعبون و يركضون داخله فرحين بالمكان ، المنزل كان به ثلاث غرف ، دخلت الاولى و قد كانت مؤثثة بالقليل من الفرش ، و يظهر انه باليا و قد تم استعماله كثيرا ، و أسرعت الى الغرفة الثانية و كانت أوسع قليلا من الاولى و بها الفرش هي الأخرى و لكن أكثر مما رأته ، بدأت الابتسامة تزور فمها الصغير و ابتسم عبد الهادي هو الآخر و كأنه اطمأن لرضاها، و بعدها حطت قدماها الغليظتان في الغرفة الثالثة و الأخيرة و كانت اصغر من الغرفتين السابقتين ، و فارغة تماما ، تغيرت ملامح وجهها قليلا و كأنه خاب أملها فيما رأت ، لكن بعدها تمتمت بسرعة " الحمد لله" ، و أجابها عبد الهادي " الحمد لله"، نظر اليه محمد و اقترب من امه و هو يلامس يدها  و طلب منها ان تعطيه سكينة كي يسهل عليها التنقل اكثر ، لم تعارضه و اسرعت بذالك و بعدها حاورت ولدها و هي تمشط على شعره :

-الحمد لله يا محمد ، المنزل يكفينا أليس كذالك؟

ابتسم و هو ينظر الى عبد الهادي و بعدها اجابها بتحفظ و كأنه يحاول اخفاء جانبه الطفولي :

- اي نعم امي ، انه كاف .

و بعدها جرها من يدها و هو يبتسم ،ثم اكمل حديثه:

- انظري هنا امي ، مكان جيد لنشر الملابس .

كان المكان مهيأ سلفا لذالك ، حيث علق حبلان ، وافقته الرأي و هي تمسح على كتفه . اقترب عبد الهادي منهما و قد تعثر بالاطفال و هم يقفزون و قال و هو يتأهب للرحيل ،مقدما المفاتيح لمحمد و قد كانت قديمة و مصدأة و بعدها وجه حواره لفاطمة :

-سيدتي انا جاركم كما قلت لك سلفا، زوجتي سوف تزوركم و تقدم لك واجب الضيافة، الحاج رضوان له فضل علي في الوظيفة الجديدة .

ابتسم و بعدها مسح على رأس محمد بسخرية و أكمل حديثه:

- ليست وظيفة عمومية ، و لكن انا من سيرعى احصنته . الحاج رضوان يملك حضيرة حيوانات صغيرة في نواحي الدار البيضاء.

بأي ذنب عُذبت؟Où les histoires vivent. Découvrez maintenant