"خُد كل حاجة.. بس ماتمشيش"
- عند نفس المشهد كل مرة وتفضلي تنوحي! ارحميني.
رميتها بالمخدة- غوري من هنا، معدومة الدم والأحسيس.
- أحسيس؟!
- نور مسمعش صوتك.
- خلاص سكت.
مش هتفهم، ولا حد هيفهم، كونك تكون حاسس إن الشخص اللي اتعلقت بيه وحبيته هيمشي وتعمل كل حاجة لكونه ميمشيش وتكون مستعد إنه ياخد كل حاجة عشان ميمشيش دي كبيرة أوي، زي ما تحضن نفسك وانت في عز حزنك عشان تحس إن في إيد بتطبطب عليك ومتحزنش أكتر لكون إنك مش لاقي حد يحضنك، فيلم كرتون آه لكنه واللهِ بيشع أحاسيس كتير.- عمو جميل، مساءك جميل يا جميل.
- ست البنات، إتفضلي.
- يزيد فضلك يا راجل يا طيب.
قعدت على الكورنيش وأخدت حمص الشام وفضلت أتفرج على عمو جميل وهو بيبيع للناس بكل حب.
- مش هتكملي بقي حكايتك مع قمرك.
ابتسم وعيونه لمعت- انتِ ما بتزهقيش يا بنتي؟ كل يوم أحكيلك نفس الحكايه لدرجة إنك قربتي تحفظيها.
- صراحه ميتشبعش منها.
- عقبال ما تجيلي في يوم وتحكيلي إنتِ.
اتخضيت- لا لا تف من بوقك بعد الشر.
- وهو الغرام شر؟ دا كل الخير.
- مفيش زي ست قمر ولا عمو جميل تاني.
- ومفيش زيك ولا زي بختك الجميل تاني.
ابتسمت- مفيش جميل زيك يا جميل.
- بكاشه طول عمرك، بصي يا ست البنات.
انتبهتله وربعت إيدي زي التلميذ الشاطر بالظبط، خد الكرسي بتاعه وبص للبحر وهو بيبتسم أكتر.
- كانت زي القمر وهي قمر، إسم على مسمى، كل ما تضحك تنور زي البدر في تمامه، أول مرة شوفتها في المكان ده، كانت بتيجي تاخد حمص الشام وتقعد مكانك كده، كنت وقتها لسه طالب في الكلية وبقف مع ابويا على العربية دي، خطفتني، كانت بتبقي سرحانه دايمًا، شغلتني عن الدنيا كلها، مكنتش أعرف سحرتني ولا سحرتلي؟ كنت باجي كل يوم قبل ما هي تيجي عشان اقعد بعيد واراقبها، لحد ما ابويا أخد باله، فـمرة سألها عن إسمها وعنوانها وخدني وروحنا لأهلها واتقدمتلها، كانوا ناس طيبين زينا ونفس الطينه، وافقت واتخطبنا وبدل ما كانت تيجي هي لواحدها تاخد حمص الشام بقيت باجي أنا وهي، كنت بنحت في الصخر عشانها وعشان اقدملها كل اللي تحتاجه مع إنها عمرها ما طلبت حاجة، كنت بحس بيها باخد بالي من تفاصيلها اشوف عينها رايحه فين واجبلها اللي عينيها تلمع ناحيته فأعرف انه عاجبها، اتخرجت واشتغلت واتجوزنا، ابويا اتوفى بعدها مردتش ابيع عربيته وبيقت اطلع بيها في نفس المكان بالليل، كانت بتطلع معايا وتقعد مكانك كنت أفضل باصصلها، أملي عيني منها مع إني مكنتش بشبع من كوني باصصلها أبدًا، كانت تموت في الأطفال، كل طفل يجي هنا تديله وردة وكراميل، كانت بتحبهم وهي من نوع اللي بتحب تهادي من اللي بتحبه، كانت الأطفال تيجي دايمًا عشانها، هي أجمل ما رأت عيني وأطيب قلب علق قلبي بيه، هي في مكاننا الحقيقي دلوقتي وأنا راضي، هي سبقتني وأنا هحصلها عشان نفضل للأبد مع بعض، اللي مصبرني إنها سيبالي في كل مكان ذكرى بينا، الكورنيش وكل ركن في بيتنا والشوارع اللي كانت بتلففهالي والسوق اللي مكنتش بتنزله من غيري وكل مكان حتى الرصيف اللي كانت لما تتعب تقعد عليه واجيبلها مايه، الغرام مش شر يا وتين الغرام هو الخير بعينه بس للشخص اللي يستاهل واللي تأمنيله.
عيوني دمعت للمره اللي معرفش عددها- إنتوا حلوين أوي يا عمو جميل، بتخليني أمشي من عندك ابغي الجواز وأنا ما أبغاه والله.
ضحك- بكره تبغيه قومي كده خدي الورد والكراميل ده وزعيهم على الاطفال.
خدتهم منه وروحت للأطفال اللي بتعلب حوالينا واللي قاعدين كمان واديهم ورد وكراميل واقولهم يقولوا الله يرحمك يا قمر، كنت بحس ببهجه كل يوم بالليل، بخرج كل القرف والزهق والخوف طول اليوم في القاعده دي، كل الحب للكرنيش وعمو جميل وست قمر وحمص الشام بجد.