إلي دِيجَا،
لقد صادفني اليوم سؤالٌ مهمٌ: لو كان لديك يوم واحدٌ لتحياه، هل ستخبر أحدًا؟ أسئلة كهذه مخيفة؛ فهي تحبسك وحيدًا في غرفة مظلمة مع ذاتك. كانت إجابتي أن لا؛ لن أخبر أحدًا. قد يقول البعض كذلك أنهم سيقضون اليوم كله في التعبد والصلاة ولكنني حين فكرت مليًا في الأمر قررت أنني لن أفعل، لا يمكن ليوم واحدٍ أن يمحو خطايا عمر، ولا يقبل الله التوبة في اللحظات الأخيرة. لذا سأخرج، سأعطي الفقراء وأستمع لدعواتهم الخالصة من القلب. سأذهب إلي مقهي وأخبر الغرباء برأيي فيهم دون خجل، أحب شعرك، أحب عينيك، يعجبني قميصك، جميلةٌ ضحكتك. سأري ابتساماتهم وأعرف أن هذه الذكري قد حفرت للأبد في أذهانهم. سأذهب إلي مدينة الملاهي وأشتري الحلوي للصغار، سأداعبهم وأسمع ضحكاتهم البريئة. سأذهب لمدرسة ما وأدخل إحدي الفصول لأخبر المراهقين بأنها حياتهم... بأنه لا داعي للندم وبأنها مزهرة للغاية، بأن عليهم فقط النظر بعمق قليلًا وأنه لن يوجد ما هو أثمن منهم لأنفسهم قط. سأدقق النظر في عيونهم، لأري الأمل يرتسم فيها من جديد. سأتوجه لدار العجزة، سألعب معهم الشطرنج وأدعهم يغلبونني، سأضحك علي نكاتهم القديمة، سأحيك معهم السترات لأحفادهم وأستمع لقصص الصبا والمغامرات. وحين ينتهي اليوم سأذهب للحقول. سأشاهد غروب الشمس وأحدق بالنجوم، سأخذ أنفاسًا نقية من عبق الطبيعة. وحينها... وحينها فحسب سأدعو أن يظل هذا الشعور بالامتنان والزخور منقوشًا في قلبي كما تنقش الحروف علي الحجر، وأن أكون شخصًا حسنًا لا يُنسي في نفسٍ ما.
لكِ وحدك،
مَجهُول.(٢٦/٨/٢٠٢٣)
أنت تقرأ
Letters From Unknown | رسَائلٌ مِنْ مَجهُول
Spiritualولأنَ رسائلِي وصَلت إليهِ.. ولعلها لامسَت في نفسهِ شيئًا.. أتت منهُ ردودٌ تواسِيني.. رسائلٌ مِنهُ.. مِن مجهُول.