#إنّي_اقترفتُكِ
" الفصل التاسع والثلاثون " .. ما قبل الأخيرة.
_ تصادمٌ _-------------------------------------------------------------
مُفارقة الأرواح أمر محتم، نسيانها مع الوقت نعمة من نِعم الله علينا، ولكن ثمة أرواح تأبى الرحيل بأوزارها، تود أن يتذكرها العابرون بكلمة تُعينها في الحياة الآخرة، ترغب بشراهة أنه كلما يتذكرها أحدهم يقول:
-" روحٌ جميلةٌ مرّت من هنا "
وعلى النقيض، ثمة أرواح لو وضع الله أمام أعينهم ألف فرصة للاستقامة لنبذوا الرسالة وضلوا الطريق، لا يخشون بغرورهم أن يقصدهم الموت وفي لحظة ألم تمرُّ على أحدهم وهو يضع قبضته على قلبه ويتذكرهم فيقول:
-" روحٌ ظالمة أدمت هنا ".
إنما نُبعثُ على ما مُتنا عليه، ثم نُسألُ عن قلوب سقيناها ودًا أو بغضًا، فأيهما ترغبُ أن تكون في مماتك؟! لقد كان بلسمًا رحمة الله أو علقمًا لا سامحهُ الله قط، رفقًا بالقلوب.
-------------------------------------------------------------
-" كُنت لازم أحسبها قبل ما أتصرف بغباء!! .. ماركو خلاص إتجنن .. أنا مُتأكدة إنه مش هيبقى على إياس دقيقة واحدة ولا حتى الأطفال دول! ".أردفت "آيات" بتلك الكلمات في هذيان وقلق، ضغطت بأناملها على جبهتها محاولةً التفكير في كيفية الخروج من تلك الكارثة بأقل الخسائر، كانت تجلس وسط الرمال بالأرض بينما ينشغل هو بعمله الذي بين يديه! .. تنهدت تنهيدًا ممدودًا بعُمقٍ ثم تابعت وهي ترفع بصرها إليه:
-" تفتكر أنا فوقت متأخر!! .. بس أنا ما قدرتش أساعده بحاجة!، أيوة أنا كُنت أنانية فيه، بس فعلا ما أعرفش عن الناس دي غير إنهم غير إنهم بيطلقوا على نفسهم دواعش! أنا عرفت دا متأخر! ".توقف عن استئناف عمله ثم انتصب أمامها بثبات وبنبرة هادئة قال:
-" وطاهر بيه؟! بردو ماكنش يعرف حقيقته؟! ".نكست آيات ذقنها بألم وغِصّة مريرة ملأت حلقها الجاف، أومأت برأسها إيجابًا ثم تابعت بحُزن:
-" بابا كان عارف كُل حاجة ودا اللي إكتشفته متأخر بردو .. زيّ ما إكتشفت كُل حاجة متأخر .. إكتشفت إن سليمان اسمه ماركو وبابا بسبب النفوذ والسلطة بقى آله بيحركها التاني على هواه والغريب إن بابا ضحى بيّا وجوزني لإرهابي وجوا المُستنقع دا له اسم تاني "يعقوب الحسيني" .. أنا كُنت بنفذ من خوفي .. كُنت عايزة إياس وبس! .. بس ما قدرتش أكمل في اللي أنا فيه بعد ما قتلوا صاحبتي .. أنا كُنت عايزة طوق نجاة وحد يفوقني ويقويني ولقيتك! ".اِفتر ثغرهُ عن ابتسامة هادئة ثم قال بنبرة وقعها خفيفًا:
-" تقصدي بتول زاهي حافظ؟! البنت اللي حرقوها يوم الحادثة علشان يوهموا إياس إن مراته ماتت فيخاف ويسلم دماغه ليهم؟! ".آيات وقد ترقرقت عيناها بالدموع وهي تقول بنبرة مُتحشرجة:
-" بتول كانت الجزء الخيّر فيا، ماكانتش تستحق الموت ".عاود يوسف عمله من جديد دون أن يُعقب على حديثها، تماسكت قليلًا قبل أن تنظُر إلى تصميم هذه القبور الأربعة، زوت ما بين عينيها باستغراب ثم قالت تسأله:
أنت تقرأ
إنّي اقترفتُكِ
Actionكان دائمًا يُخبرني بأنني قضيتهُ وسيعافر مليًا كي يفوز بها .. والآن أنا أعظم خسائرهُ .. حُكم بالغياب المؤبد .. لم يكُن ببارعٍ في المعافرة؛ هو فقط يأتي بأدلة غير مُسندة على حُب وبأنفاس تميل إلى الاختناق أكثر منها إلى القسوة يهتف: _ إنّي اقترفتُكِ !! ي...