الفصل الحادي عشر "إني اقترفتك".

1.7K 84 0
                                    

#إنّي_اقترفتُكِ
[[ الفصل الحادي عشر ]]
_ تحت الأرض  _
----------------------------------------------------------

كالذي حصد من صمتهِ .. عظمته.
يصمتُ وقتما يفرح .. يتألم .. يتأفف .. ولا سيما وقتما يتجبرُ
يصمتُ ظنًا منه بأن الصمتَ يُعلي قدره ويُبقيه غامضًا لا يُقرأ
مُتناسيًا غير ناسٍ أن جبروته الهش وصمته الموحش؛ هما الضعفٌ الحقيقي، فلا ينفعه صمته عندما يختفي ما رغب دائمًا في بقائه دون فصح منه أو صفح عنه.

ازدردت ريقها بريبة مُطلقة وهي ترى ذلك الرجل الذي أتى إلى بيتهما صبيحة أحد الأيام الماضية وهو يحمل سلاحًا معه محاولًا بكُل ما أوتي من قوة أن يُسكت أنفاسها وطفلتها، لم تستطع نسيان أسارير وجهه الغاضبة والنارية وعلى النقيض وقت أن وقع تحت براثن زوجها وظل يترجاهُ ألا يمس أبنائه بسوء، كانت سجيته وقتئذٍ مُبهمة للغاية أو ربما مشوشة حتى صرح بأسبابه وما دفعه إلى قتل سيدة لم تمسه بضُرٍ من قبل ..

رمقتهُ " آسيا " بنظرة فارغة لا تشي بشيء مُطلقًا، وكأن حالتهُ المُزرية أجبرتها أن تلتمس له عُذرًا يُبقيه في مكانة ثابتة أمام زوجته وأطفاله، بينما نظر إليها بعينين واسعتين وبدأ العرق يتصبب على جبينه بوفرة عندما نحت "كلثوم" ببصرها إلى آسيا وبنبرة مُهتمة قالت:
_" إنتِ تعرفي جوزي يا ست هانم؟! ".

رفعت "آسيا" بصرها إليه، كان يرتدي قميصًا باهتًا قد إختفى لونه تمامًا كما حياته، وكذلك بنطالًا باليًا عند منطقة الركبتين من الشقاء، كانت ملامحهُ مريضة ومُجهدة للغاية، لمعت العَبرات في عينيه وهو ينظُر إليها بخوف بالغٍ يستجديها ألا تفعل، شعرت آسيا بالخجل من نظراته النادمة حتى أنها رأفت بحالتهم وعيشتهم الضنك هذه .. تنحنحت آسيا في خفة وهي تبتسم ابتسامة قلقة لم تصل إلى عينيها وبنبرة ثابتة قالت:

_" لأ، إتلغبطت بينه وبين شخص أعرفه ".

تنفس "حامد" الصعداء أخيرًا، مرّت هذه اللحظات عليه دهرًا، فإن أفصحت آسيا عما فعلهُ معها، لأكلت زوجته لحمه المُرّ، فهي لا تقبل الحرام وأن تدهور أطفالها جوعًا .. تُعاني الشقاء منذ أن وُلدت ولكن اليقين لا يبرح محله بقلبها، فدائمًا ما تثق بأن الله لا يحرمنا شيئًا إلا منحنا العوض عنهُ قبل أخذه، وعوضٌ الله لها أنها خُلقت ذات كبرياء وعزة .. فالكبرياءُ غير مُتاحٍ في هذا الزمان إلا نُدرة.

_" اتشرفت بحضرتك … "

أيقظهُ صوتها الهاديء من بئر تفكيره العميق بردة فعل زوجته، أومأ حامد برأسه إيجابًا في خفة يبادلها التحية في صمت رهيييب بينما تابعت آسيا بنبرة هادئة على نقيض القلق الذي استبد بقلبها:
_" أستأذنكم !! .. فرصة سعيدة يا كلثوم .. والبقاء لله "

كلثوم وهي تبتسم بهدوء:
_" البقاء والدوام لله، شرفتيني حتى لو الظروف رمتك علينا بالصدفة وكان نفسي أقدم لك حاجة تليق بيكِ بس الظروف حكمت ".

إنّي اقترفتُكِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن