رهن الثواني

940 101 330
                                    

"أنس صابر.. أنت رهن الإعتقال "

تردد صدى عبارة ذلك الشرطي عدة مرات في عقله وعيناه قد نفذ دمعها فظلت تتسع في رعب وجزع وذلك الشرطي يحكم إقفال الأصفاد على يديه الممتدة أمامه...

تسمرت قدميه رافضًا الحركة ليمسك ذلك الرجل ذراعه جاذبًا إياه في غلظة قائلًا " تحرك! "

قبضة الشرطي آلمته ولكن ما جعل قلبه يتفتت هي نظرات زوجة أبيه الشامتة وهي تقف أمامه في تشفي...لم يظن أن كرهها له وصل إلى تلك الدرجة؟!.. هو أعدها بمثابة أمه لفترة طويلة من حياته فكيف تفرح به هكذا؟!..لماذا تكرهه بهذا الشكل؟!

سار مع ذلك الشرطي يقدم خطوة و يؤخر عشرة...لما فقط يقبض الشرطي على ذراعه هكذا؟!.. لن يستطيع بأي حال فعل شيء بتلك الأصفاد التي تشل حركته!

وكأن الممر أخذ يضيق كل ما تقدم وأخذت الظلمة تبتلع كل ما خلفه.... روحه أخذت تُسحب شيئا فشيئًا وهما يتجاوزان بابًا مفتوحًا بالفعل على مصرعيه.. شعر بأن قلبه سيتوقف عن العمل وهو يرى ذلك الحارس يفتح أمامه تلك الزنزانة...

هزَّ رأسه نافيًا ورفضت قدماه مطاوعته أكثر...
نظر للشرطي بتوسل وهو يقول بصوت مهتز متوسل
" أرجوك..أنا حقًا لم أفعل شيئًا..هو كان سيقتل أبي!"

فك قيده ولم يجبه وملامحه الباردة نقلت له الإجابة وهو يدفعه بعنف إلى داخل ذلك المكان الموحش... أغلق عليه الباب بالمفتاح و سار بخطوات رتيبة إلى البعيد...قبضت يداه على قضبان الزنزانة وهو يصرخ في هلع بالحارس القابع على بعد خطوات قليلة منه " أرجوك أخرجني!.. لا أستطيع البقاء هنا أكثر! "

تجاهله الحارس وكأن هذا المشهد أصبح مألوفًا له لدرجة ألا يرف له جفن حتى...لم يلتفت له ولم يبدي أي مبالاة لأنس الذي يكبت نفسه بصعوبة لكي لا ينفجر باكيًا..

صوت ضحكات قبيحة صدرت من خلفه لينتفض في فزع وهو لم ينتبه حتى لوجود أحد غيره لشدة هول ما يمر به.. التفت في قلق لتظهر أسنان ذلك الأصلع مفتول العضلات وعلى وجهه آثار جروح قديمة أضفت عليه مزيجًا مُرعبًا..

ازداد التصاق أنس بقضبان الزنزانة وذلك الرجل ينهض من مجلسه مُتجهًا نحوه وهو يقول بسخرية "ما الذي أحضرك أيها الصغير إلي هنا؟!..هل جريمة قتل مثلي؟!"

ابتلع أنس ريقه في رعب وعينيه عكستا هلعًا كبيرًا...لم يجبه وقد عجز لسانه عن الحديث أمام ذلك المتوحش ليمسكه من ياقة ملابسه جاذبًا إياه إلى الأعلى لترتفع قدميه من على الأرض بضع سنتمترات ويكتسي وجهه بالحمرة وهو يشعر بالإختناق إثر قبضته.. صرخ به في غضب قائلًا " هل أنت أخرس يا هذا؟!..عندما أكلمك أجب فورًا! "

ضرب الحارس بعصاته على قضبان الزنزانة وهو يأمره بالتوقف وعدم افتعال المشاكل جعله يفلت قبضته ليسقط أنس أرضًا ويرتطم جسده بقوه..أخذ يسعل ودموعه غدرت به وانسابت على صفحه وجهه وهو يتراجع في خوف زاحفًا بعيدًا عن ذلك الضخم...

لأجل أنسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن