دقائق ثقيلة مرت عليه وهو يدور بعينيه بجنون في المكان حوله باحثًا عمن أذهب هدوءه وأثار روع خافقه.. أنفاسه تسارعت بشدة ومجرد التفكير في احتمال غرقه أو ضياعه يثير هلعه...أخذ يتفحص المكان من حوله ونظرات الناس المتسائله تلاحقه..
تنفس بعمق محاولًا السيطرة على مخاوفه ولكن دقات قلبه الصاخبة والقوية أخذت تتسارع مسببة الضيق له.. أغمض عينيه بقوة وحدة يحاول أن يجبر ذاته على الهدوء والتفكير بعقلانية.. هو بالفعل ليس طفلًا صغيرًا ليخاف عليه هكذا!...ماذا سيقول؟!.. شاب بالسابعة عشر من عمره غاب عن ناظريه ولمدة لا تتجاوز الساعتين!
"لا بد أنه بخير " تمتم في ثقة لا تعكس مخاوفه الهائجة داخله...سار بخطوات راكضة في أحد الاتجاهين مقررًا البحث عنه لمسافة ليست بطويلة.. إن لم يجده سيبحث في الجانب الآخر... إن لم يجده فلن يبقى سوى البحر أمامه...وهذا الاحتمال الأخير أكثر ما أقلقه فهو لا يستطيع رؤيته وسط تلك الحشود الكبيرة من الناس ..
أمواج البحر التي تدفع مياهه لتصتدم كل حين بقدمه مبللة بنطاله الأسود.. أصوات الباعة العالية وهم يتهافتون لبيع تلك التسالي للجالسين على الشاطيء...ركض الأطفال من وإلى البحر في فوضوية ومحاولته العديدة ألا يرتطم بأحدهم..رذاذ المياه الذي اصابه وذلك الشاب يعتذر ضاحكًا فقد كان قصده فتاته التي تبادله في مرح... أصوات ضحكات لأطفال يلعبون وأخرى لبكاء طفل يخاف المياه وأمه تحمله ضاحكه محاولةً تشجيعه...كل شيء من حوله زاد من ضيقه وضجره وداخله أمنية بإيقاف الزمن من حوله تماماً...حتى يهدأ ويعثر على أنس..
ظل حاجبيه مقطوبين في ضيق وهو يسير بخطوات تائهة وقبضه باردة تعتصر قلبه بقسوة كلما تقدم اكثر ولا يجده أمامه.. اتسعت عينيه وهو يتراجع خطوتين للخلف بعد لمحه لمحياه جالسًا وسط خمسة أو ستة أطفال مشكلين حلقة تتوسطها تلك القلعة الرملية المشيدة بعناية...
رمش بأهدابه لحظات في بطئ لا يستطيع استيعاب ما يراه وأنس أمامه يصفق في مرح قائلًا "ها قد انتهينا"
صفق الأطفال في سعادة وأعينهم معلقة بانبهار شديد بأنس الذي ابتسم في فخر وزهو شديد رافعًا رأسه للأعلى كالطاووس..
"ما بها يدك؟!" نطقت بها ذات الضفيرتين وهي تشير على يد أنس المضمدة في فضول...لتختفى ابتسامة أنس لثانية.. كاد وسام يتقدم وينتشله مما هو به ولكن ابتسامته عادت متسعة قائلًا في حماس "هذه لها قصة طويلة"
عادت الفتاة تسأله في حماس أكبر شاركها فيه أقرانها الجالسون حوله وهم يقولون في صوت واحد
" أخبرنا"تبدلت ملامحه لعبوس أقلق وسام ولكن قلقه تلاشى تمامًا وحل محله التعجب والذهول وأنس يمد يديهم أمامه قائلًا " عضتني سمكة قرش "
اتسعت عيونهم في خوف وفرغ معظمهم فاه وكأنهم يرون شيئًا عجيبًا.. مالوا ناحية يده التي يبسطها أمامهم وكأنه يعرض قطعة أثرية مسروقة من أحد المتاحف...
أنت تقرأ
لأجل أنس
Misterio / Suspenso«كل ما فُعِل لأجل أنس.. لم يكن حقًا لأجله..!» "القصة فكرتي ولا أحلل السرقة أو الإقتباس " بدأت: ٢٠٢٣/٢/٣ ❤✨ انتهت: ٢٠٢٣/٥/٨ ❤✨