قال شاعر العروبة وكروم الزيتون، شاعر فلسطين، "الدرويش" يوما: "عندما يأتي الشتاء، يصيبني شغف بشيء غائب، أضفي عليه الاسم، أي اسم وأنسى".
يمثل الشتاء نقطة فارقة في حياة الأفراد، فبعضهم يراه فصل الحزن والاكتئاب، وبعضهم يراه فصل الوحدة والانعزال، منهم من يرى فيه الراحة، ومنهم من يراه فصل الحنين.
تتأجج المشاعر فتصل لذروتها، بفعل ليل الشتاء الطويل، غيوم الشوق حاملة بكاء السماء، رياح الحنين الصارخة محملة بالذكريات.
لم يجد ما يخفف عنه وطأة اليومين الماضيين، بعد الجلسة، سوى نوستالجيا، خصوصا كوابيس ليله، حيث بدأت تترائى له ملامح مشوهة من ماضيه، فيستيقظ فزعا، ليجد ملاكه بقربه بهيئته الطفولية الباعثة للراحة، ليحتضنها ويعود للنوم.
ويستيقظ صباحا على أصوات الضحكات المتتالية العالية التي تخصها، بعد أن تعيث فسادا برأسه، بوضعها ربطات الشعر ورسم الأشكال على وجهه.
ايقظته وهي تضحك متصنعة الصدمة.
_نوستالجيا: عم تاي، هيا عمي استيقظ، أظن أن شخصا دخل الغرفة ونحن نائمان، ليفسد وجهك الجميل.
_تاي: رمقها بنظرة شك وهو يبتسم، شخص ما ها، لا تعلمين من فعلها أليس كذلك.
_نوستالجيا: أجابت ضاحكة، لا، لا أعلم، لكنك لازلت العم تاي صاحب الوجه الوسيم.
_تاي: تعالي إلى هنا، سأريك ما الذي سيفعله بك صاحب الوجه الوسيم.
خرجت تركض في الأرجاء ضاحكة وهو يلحق بها.
_تاي: إلى أين تهربين، تعالي إلى هنا، يجب أن تأخذي عقابك، هيا، سأفسد وجهك الجميل فقط بهذه الألوان التي لاتزول.
_نوستالجيا: أجابت من بين ضحكاتها، لن تستطيع اللحاق بي، لن أدعك تمسكني.
ظهر أولاڤ أمامها فجأة، فاختبأت وراءه.
_نوستالجيا: أبي، دعني أختبئ جيدا كي لا يمسك بي.
_تاي: تعالي إلى هنا، إنها بضعة خطوط هيا.
_أولاڤ: واه، ياله من أمر غريب، ها أنا وبعد هذه السنين، أتعرف على تاي آخر، يارجل، لاتنفك تبهرني، ماهذا بحق الله، هل أنت طفل يا هذا.
_تاي: مابك ياكئيب، ياعدو الفرحة.
_أولاڤ: ماذا؟!، أنا الكئيب، وعدو الفرحة، جرحت قلبي الصغير.
_تاي: تعالي لنذهب لمكان آخر جميلتي، أفسد والدك الشرير المتعة.
_نوستالجيا: أجل أتفق، إنه لا يعرف كيف يلعب، يجب أن تعلمه المرح، قبل أن يصل لوضع ميؤس منه.
_أولاڤ: نعم، أنا أتعلم المرح منك، من هذا الكئيب الذي لم يعرف وجهه الابتسام يوما، واه أنا مصدوم، صغيرتي إنك مخدوعة بهذا الرجل، عمك هذا أكبر مفسد للمتعة بيننا.
أنت تقرأ
لحن شوق لا يقتله الفراق
Spiritualنعيش حياتنا يوما بعد يوم وعاما بعد عام، دون أن نرى خيط أمل يقودنا للراحة، يعاني كل منا في سبيل مختلف، وكل سبيل يؤدي لسبيل آخر يستهلك منه ما اختزن من طاقة، حتى يستنفذ نفسه في المحاولات. يخضع لاختبار وراء اختبار دون رحمة من الحياة، وكأنها تظنك تحولت ل...