إني لأجد ريح يوسف

24 11 13
                                    

وإني انغمست في ظلامي حتى ماعاد القلب يلتمس النور في الحياة، وغُلقت الأبواب ولم أعد أدري إن كان في لجة بحر قلبي من الضياء شعاع ألتمس منه قبسا، يعيدني لبر الأمان.

وتعالى الدعاء من أعماق لجة بحره القاتمة، يا من أعلم أنك موجود هنا وأنا لا أراك، يا من أشعر بوجودك في كل حين، يا رجائي، اسكب ضيائك إني جفت أنوار قلبي، وانقطع الرجا، إلا منك، يا من دللتني إليك بعد إذ ظللت، يا رجائي.

لم يعد لجلسات ماوية أي فائدة كعقاقيرها، فقطعت كلاهما، ما فائدة المداومة على ما لا فائدة منه.

غرقت في دوامة من اليأس، ولم أعد أتفاعل مع واقعي ومحيطي، وامتنعت عن كل شيء، وناجيت ليتم إرشادي إلى السكينة والراحة، ناجيت لأصل إلى النور، ناجيت لأرى النور قبل أن أعلم أن الظلام أسمى، وأن فيه السكينة والسلام، أن فيه مطلبي.

في غمرة ابتعادي وانقطاعي عن الحياة للاختلاء بنفسي، كنت أقترب أكثر منه، من سبيل نجاتي.

تركت حياتي، وواضبت على لقاء عبدالله، كيف ولماذا لا أعلم؟!،  في غمرة ابتعادي عن الحياة اقتربت منه أكثر، وجرأة خطواتي في الاقتراب فاجأته وفاجأتني.

منذ متى وأنا مهتم بالتدين، أنا حتى لا أذكر آخر مرة زرت فيها الكنيسة يوم الأحد، حضرت قداسا، أو التمست حاجة في دعائي من الرب، وها أنا ذا اليوم أطلب من عبدالله تعليمي الصلاة، بعد أن حصلت على نسخة مترجمة من القرآن، إلى جانب كتب لتفسيره، وآخرى تخص الدين ككل، ما هذا الحال الذي وصلت إليه، ألم يكن من المفترض أنني في قمة البؤس، وعلى حافة الجنون، الاكتئاب تخطى مؤشرات الخطر، ومن حولي تأهبوا للخطوات الأسوء.

أين ذهب كل هذا، أنّ لي هذا السلام الداخلي وهذا الهدوء، أمر كبير هذا الذي أخوض فيه، وخطورته واضحة لا ستار يحجبها، ومع هذا أسير الدرب واثقا، وكيف لا أكون واثقا وبقربه أستشعر حقيقة نفسي، بسكينة الوجود.

برفقة عبدالله تفتح ذهني على الحقائق التي أغمضت عيني عنها، ما عرفته انتشلني من جهلي وضياعي.

مرت الأيام بغياب أولاڤ وأنا أقترب أكثر من رجائي، لا أعلم بعد رد فعله إن علم ما أنوي الإقدام عليه، أو رد فعل والدي وأميمتي، أنا حتى لم أستوعب الأمر فكيف لهم أن يفعلوا، بفترة قصيرة جدا قلب حالي وتغيرت، ربما قاع اليأس الذي وصلت إليه جعلني أمد يدي لشعاع النور الذي مد نحوي، وأتمسك به بالنواجذ، الطريق الوحيد الذي وجدت به نفسي بعد أن ظننت أن النهاية قريبة، ليتضح أنها ليست سوى بدايتي وولادتي من جديد، أشعر بأنني شخص آخر وكأنني طفل صغير لا يملك هما ولا إثما يثقل كاهلي، هذا ما يدعى بالرضا، يا الله، أين كنت أنا بعيدا عن هذه الراحة، كيف عشت بعيدا عنك، كيف صمدت وأنا لم أستظل بظلك يا الله.

مافات من حياتي هباءا، عمرا كاملا لا يحتسب، أنا لم أولد سوى اليوم عمري يبدا من هذه اللحظة.

لحن شوق لا يقتله الفراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن