لحن شوق لا يقتله الفراق

جرح لم يتماثل للشفاء

تضرب الصدمات دفاعات العقل والقلب بأسلحة مدججة، تسقط لها دروع العاطفيين أسرع من غيرهم، ليس لأنهم الأضعف، لكنهم الأشد تأثرا، ولبعض الصدمات آثار مبالغ بها، تسبب أضرار جسيمة للنفس تؤثر على حياة الفرد محولة إياه لمريض يحتاج رعاية ليعود لسابق عهده.

وهذا ماحدث لتاي، بعد مامر به في الفترة الماضية، أيقن والده أنّ خطبا ما أصابه، وعليه تدارك الأمر قبل أن يصبح أكثر خطورة، دون أن يعي أنّ ابنه وصل أقصى مراحل الخطر فعلا.

في عيادة الألب، قرب مونترو، جلس تاي على السرير وبرفقته والده، في غرفته التي سيمكث فيها خلال إقامته، التي ستمتد حتى يتماثل للشفاء ويعود لحياته الطبيعية.

دلفت الغرفة شابّة ترتدي مئزرا أبيض، علم أنها طبيبته.

_ماوية: مرحبا سيد سميث، أنا ماوية جون، سأكون المسؤولة عن حالة ابنك، سأجري الآن فحصا أوليا وحسب ماعلمت من ملفه الطبي، فأنا سأحتاجك، لذا عليك البقاء معنا.

_لوي: كما تشائين آنستي.

_ماوية: حسب ماسمعت من السيدة هاري وألبرت، فإن مايمر به الآن حسب التشخيص الأولي أعراض "اضطراب الكرب التالي للصدمة"، أو مايعرف "باضطراب مابعد الصدمة"، يبدو أنه مر بحادثة مريعة، سببت له هذا الاضطراب النفسي، هل لديك فكرة عن ماهية تلك الحادثة تاي؟.

_تاي: لا، لا أعتقد أنني مررت بأي حادثة قد تسبب لي اضطرابا نفسيا.

_ماوية: هل تذكر متى، وكيف؟ بدأت هذه الأعراض بالظهور.

_تاي: إنها ترافقني منذ زمن، مرت عدّة سنوات، لكنّها ازدادت سوءا أثناء رحلتي إلى النرويج منذ خمس سنوات تقريبا، حين زرت برفقة أصدقائي أرخبيل سڤالبارد.

_ماوية: ماقولك سيد سميث، أعتقد أنّ لك رأي آخر.

_لوي: في الحقيقة، تعّرض لحادثة مرعبة في عامه الجامعي الأخير، كنت مختلف كليا عمّا أصبحت عليه بعد الحادثة، وأعتقد أنني السبب فيما يحدث لك، لكنني أردت حمايتك ليس إلا.

_تاي: عن ماذا تتحدث أبي، ما الذي حدث ذاك العام وأنا لا أذكره؟.

_لوي: سأقص عليكم ماحدث من البداية، علّ هذا يساعد دكتور جون في علاجك.

_ماوية: ابدأ من فضلك سيد سميث، ولا تهمل أي تفصيل.

_لوي: كنت مرحا، مبتهجا، مقبل على الحياة بروح مغامرة، فلم تكن تخشى شيء، لذا امتلكت هواية بشعة كرهتها جدا.
عشقت تسلق الجبال، فبت دائم الترحال والسفر، وعشت وهاري قلقا دائما بسبب هذه الرياضة المجنونة التي سرقت عقلك وقلبك.

في ذاك العام، وبعد حفل تخرجك بعشرة أيام قررت الذهاب برحلة لتسلق جبال الألب في سويسرا، بعد أن ذُهلت لجمالها في النمسا وفرنسا.