وجع الحنين

28 15 14
                                    

من فرط العذاب، يشعر المرء أحيانا وكأن الرب تخلى عنه في مرحلة ما، فلا يمكن لشخص يحبه الله أن يذوق هذه المرارة.

هو يعلم جيدا أنها مجرد هلاوس، لكنّ لحظات الضعف تدفعنا للتفكير بمثل هذه الأمور.

ما أقساه من شعور، أن يدفعك الألم للظن بأن الله لم يعد إلى جانبك، وأنك بت تحارب وحدك في وجه الحياة.

ما الذي سيحدث لي إن مضت الجلسة القادمة واتضح أن أليزه وهم، هل سأصبح مجنونا وأمضي عمري في المصح، ما الذي فعلته لاستحق هذا، لكن الأسوأ إن كانت جزء من هذه الذكريات، أشعر أن ما سأذكره سيعيث بخرابي فسادا أكثر مما أنا فيه.

الألم الذي كان يرافقني، والذي ازداد مؤخرا لاينبئ بخير، إنه نذير شؤم على أن ماعشته حتى الآن لم يكن سوى البداية.

ألا يكفي ما مررت به حتى الآن، ألا تكفي وحدتي وخسارتي، أشعر وكأنه تم التخلي عني من قبل الجميع، رغم كثرة من حولي إلا أنني لا أستطيع رؤية لحد، كيف تحولت حياتي لمضمار تتسابق فيه الخيبات على لقب الأوجع.

بينما أجلس على كرسي المعتاد في زاوية بعيدة عن الأنظار، طلت فراشة صغيرة، تشع براءة ونقاء، وينبعث منها شعورا مريحا، قدمت لي زهرة جميلة مثلها وابتسمت.

_تاي: ما اسمك ياجميلة.

_ الطفلة: نوستالجيا.

_تاي: اسمك غريب وفريد من نوعه، مامعناه.

_نوستالجيا: إنه الحنين، حين تشتاق لشيء من الماضي، شيء لايمكنك الوصول إليه، هذا يدعى الحنين.

_تاي: ومن الذي أعطاك هذا الاسم الجميل.

_نوستالجيا: والدي.

_تاي: هل أنت وحدك أم برفقة عائلتك؟.

_نوستالجيا: جئت إلى هنا برفقة أمي وأبي.

_تاي: هات يدك ولنذهب للبحث عنهما.

سار برفقتها حتى المبنى، حيث ظن أن الهلاوس عادت مجددا بشكل أقوى، فها هو يرى أولاڤ متمثل أمامه، ليتصنم مكانه من الصدمة.

_نوستالجيا: شكرا لك سيدي، ها هو أبي، أنظر ابي، هذا العم اللطيف ساعدني في العودة بعد أن أضعت طريقي إليكما.

أفلتت يده، وأسرعت نحو أبيها، لتظهر توڤا من وراءه.
تجمد كل من أولاڤ وتاي مكانهما، ولم يعلم أي منهما ما الذي سيقوله، فحاولت توڤا التدخل.

_توڤا: أرى أن نوستالجيا وجدته قبلنا، هذا هو العم تاي صغيرتي، رحبي به.

_نوستالجيا: حقا!، هل هو العم تاي، كنت أتحرق شوقا لرؤيتك، أخبرني والدي الكثير من القصص عنك.

بعد أن استوعب أولاڤ الأمر، أسرع نحو صديقه وقام باحتضانه، وانسحبت توڤا برفقة ابنتها من المكان، لتدع الصديقين وحدهما، فهما بحاجة لمساحة خاصة.

لحن شوق لا يقتله الفراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن