كمالي

34 5 28
                                    

يا كونا لا أكون كيانا إلا به، وعالما أعيش به وله، يا بدايتي ونهايتي وكل الاتجاهات، أزلي وأبدي وشعوري السرمدي، يا اختلافا جسيما يكمل نقصي، تتمتي وتكاملي رغم اشتقاقي، يا كمالي.

بعد فترة من ذاك اللقاء المضطرب الذي جمع بينه وبين أليزه، وزلزل كيانه، رمى بقراره في الثبات على البرود والقسوة عرض الحائط.

أعلن تاي إسلامه في بث مباشر على الإنترنت أوضح فيه أسبابه في اعتناق الإسلام وإطلاق اسم يوسف على نفسه، تحدث فيه عن معاناته وعذابه في السنوات الأخيرة بصراحة، وعن الراحة والأمان اللذين وجدهما بقرب الإسلام وبفضل يوسف، كما وأنه أعلن عن مجموعة من الأعمال التي ستصدر قريبا له،ط تحت إطار الإنشاد، حيث أن يا كمالي ستكون بدايتها، وكما هو بحسب قول أولاڤ أنها ستشكل ضربة قوية وستجعل اسمه يلمع أكثر، فهو بالنهاية يملك صوتا منزلا من الفردوس.

إن الخوف الأكبر كان من رد فعل أبيه وأميمته، شكلت له تلك الفكرة هاجسا، لم يريد أن يكون الإسلام سببا في جعلهم يغضبون منه أو ينبذونه فهو يعي جيدا فكرة المجتمع الغربي عن الإسلام، لذا لم يمتلك الجرأة لمصارحتهم قبل بداية البث، مع هذا فإن رد فعلهم كان أبويا عاطفيا بحتا، فبعد رؤية المعاناة التي عاناها والألم الذي عاشه ابنهم لحظة بلحظة، دون أمل للتحسن والشفاء، جعل أمنيتهم في الحياة راحته وسلامه مهما كانت الطريق، لذا فور رؤيتهم له انهالت دموع كليهما، واحتضناه حضنا عميقا أفرغا فيه كل شحنات الخوف والقلق السلبية، وعلما أن الراحة التي بدت عليه مؤخرا لم تكن مصطنعة أبدا، وأنه بالفعل وجد سبيل راحته أخيرا.

عبر كل منهما عن مدى سعادته بانتهاء عصر تعاسة صغيرهم ووصوله أخيرا إلى بر الأمان الذي يحمل بين طيات أمواجه وعلى شطآنه ملجأه الأمن.

كما أن أميمته عبرت عن إعجابها الكبير بالاسم الذي اختاره لنفسه، وكيف أن وقعه يبعث إلى الراحة.

قرر يوسف أن ينهي عذابه وعذاب أليزه إلى الأبد، وأنها فرصته الإعجازية، ورحمة بقلبهما أنزلها الله، لذا شرع بتسجيل رسائل صوتية لأليزه ألحقها برسالة مفادها لنلتقي بأقرب وقت ممكن

في هذه الأثناء علمت أليزه بأمر إسلام تاي وجعلها هذا تغرق في البؤس أكثر بتأثير عذاب الضمير، فشخصا مسيحيا لم يعترف يوما بدينه، وكان أبعد ما يكون عن الموحدين، وجد راحته بالإسلام وبالقرب من الله، وهي التي عاشت في مرحلة ما هذا القرب واستشعرت به الراحة، ابتعدت عنه ظنا أنها تعاقب أباها، ولم تعي أن المعذب الوحيد هنا هي أليزه نفسها، لم تعذب أحدا غيرها فمذ ابتعادها عن الله لم تجد السلام مهما فعلت ومهما حاولت.

أخرجتها من دوامة يأسها وتيار دموعها الجارية رسالة أضاءت شاشة هاتفها وقلبها في أن معا.

_يوسف: بسم الله الرحمن الرحيم ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون، اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون.

لحن شوق لا يقتله الفراقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن