2-أقولُ إِنهُ القدر:

55 8 14
                                    

الفصل الثاني:

"عذرًا لا تُعاود الطرق مَرةً أخرى، أذهبوا لِلجَحيم ، دعوني وشَأني."
تِلكَ التي أخرجَت رأسها مِن تَحتِ لِحافِ سَريرِها المُبعثر تَصرُخ، وقد انتظرت زوالَ هذا الصوت، ولكن لا فائدة؛ فخادمات هذا القصر لا تتهاونَّ بِعدمِ تنفيذِ أوامِر والِدها المُتعجرف
أهو والدي أصلاً؟
، هه.
"أعتذر آنستي، ولكن السيد يِريدك حتى تنزلي، وتتناولي الإفطارَ معهم."
"تبًا له، ولكِ، ولهم لا أريد!
والآن هلَّا أنصرفتي"
"ولكن؟"
ليرتفع صوتها نسبيًا أعلى من ذي قبل تشدد على حروفها:
"قلت هلَّا أنصرفتي!!
إذهبي ما دُمت أقول هلَّا، لأنني حقًا سئمت منكِ."
"حسنًا آنستي كما تريدين."
لتعيد رأسها تحت لحافها تبحث عن الظلام، لا شيء غير الظلام، وكم أصبح النورُ ثقلاً عليها
يتربع فوق كتفاها مع بقيتهم، ويحطها للأسفل أكثر، هيَّ ذاك الذي ينتظر الموت، ولا يملك شيء ليخسره ليمت الجميع، وليتركوها لا يهمها..
" خيرًا فعلوا " هذا ما تردده..
بقائهم أسوء من رحيلهم.
: "تبًا، لا أستطيع العودة للنوم هذا بسبب تلك الحمقاء متى نزلت للإفطار مع هؤلاء الحمقى."
بُتر تفكيرها بسماعِ الباب يتم كسره لتنتفض بجزع:
"ما اللعنة.."
شدَّ والدها شعرها بعنف لتمتعض ملامح وجهها، لكن سرعان ما أعادت ملامحها السابقة، وتقنعت بقناع البرود الذي تفننت بصنعه، وصقله حتى أصبح هيَّ... ولا شيء يفصل بينهما.
يعتصر مرفقها بين يده الكبيرة ليردف بلؤم:
"ما لعنتُك، هَا!
لِما لَم تأتي؟
أأنتِ حيوانٌ لا تفقهينَ إلا بالتعنيف، أجيبي!"
يستمر الآخر بهزها بقسوة لتنبس بهدوء:
" أخيرًا أعترف مُنجِبي بِأصلِه. "
عينيهِ انفرجت على مصرعيها، وهو يشاهد ما يُسميها

'بِكُتلَة العار المُتحرِكَة'

تُجيبُه بِهذِهِ الطريقَة، لَم ينتظر حتى رماها أرضًا بِقوة كبيرة، فشعرت بأنَّ عِظامها تودِع بعضِها البعَض علَّهُ آخِرُ لِقاءٍ بينها دنى ناحيتها وبدأ بسِلسُلَةِ تعنيفِهِ المُعتادَة ضربها، شتمُها، والإحطاطِ مِنها، بعدها يذهبُ، وهو يعدِل هِندامه، وكأنَهُ لم يقترِف شيئًا!
جرَت جسدها المُتهالك نحو الحمام حتى تستحِم، وتُزيلَ الدِماء التي نتجَت عن بعضِ الجُروح:
"تبًا ليديكَ القذرتين أكرهُك، أكرهُك فلتزولي من جسدي."

لتنهار من ألم جسدها، وتتناول المنشفة، وتخرج من الحمام بِصعوبَة حتى تستعِد للذهاب لِثانويتِها.



تسير بممرات الثانوية الفارغة بخطى متعرجة بسبب ما فعله ذاك الهمجي المتخلف تطرق باب الصف ليقابلها صوت المعلم:
"بإدخل"
لتدلف للداخل تعتذر عن تأخيرها، تستمع للشرح وقد مرت ساعة ونصف بالفعل.
يُقرع جرس إنتهاء ثالث حصة، وها هيَّ وكأنها تقرع طبول الحرب!
ليتهافت الطلاب خارجين من صفوفهم بسرعةٍ كبيرة حتى أذكياء الدفعة!!
كنتُ أظن أن الأذكياء ليسوا هكذا، ولكنهم ينتظرون الإستراحة على أحر من الجمر، إِنهم أسوء من الأغبياء أنفسهم..
حملتُ المسجل خاصتي وأتجهتُ نحو سطح المدرسة لأنني، وبحق سأجن من هذا الضجيج الذي يحدثونه!
كأنهم كانوا محبوسينَ لقرون..
لقد أهلكتُكُم بمشاكلي مِنذُ الإفتتاحية، ولكنه لم يكُن سوى كلمة الترحيب ألقيتها عليكم، والآن دعوني أخبركم أجلس بمكاني السري، والمفضل أنه سطح المدرسة، نعم سطح المدرسة..
أستمع للأصوات التي سبق، وسجلتها؛ كصوت صرصور الليل، أو أغنية أعجبَتني سمعتها من راديو محل بيع الأشياء القديمة، أو صوت تساقط قطرات المطر...)
في الحقيقة... هناك كثيرون يقومون بهذا، ولست الوحيدة، نعم ستتذكرون أحدهم يقوم بهذا، أو ستلتقون، ولكن لا عِلم لكم قد يكون ذاك الذي اصطدمتُم بهِ صباحًا، أو من كان يرتدي المعطف الأسود لايهم إن كنتم تعرفونه، أم لا؛ فتفكيركم بهذه الطريقة كفيل ليغير معتقداتكم، أو حتى قد يكون من الFBI وأنت لا تعلم!

أ إِقـحـوانَـة ؟ // متوقِفَة حاليًا. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن