✨_ طريقي يا سادة _✨

79 19 10
                                    

*هل كان الطريق هكذا دائما؟ كيف لَم الحظهُ مُسبقاً؟ ربما لأن الأسماكَ تأخذني لأعماقِ محيطها،
في سيري رأيتُ رجلاً يمارسُ رياضة الجري، وكم أسعدتني رؤيتهُ يحافظُ على أفعاله، لا أعرفهُ لكنني رأيتهُ مراراً يفعلُ هذا، ليتَ الجميع مثله، لكن لِمَ يخجلون مِن فعلِ هذا؟ مضينا مِن جانبِ بعضنا تماماً كما همُ الغرباء، لَم أعطهِ اهتماماً على أفعاله عكسَ سعادتي لعادته، مضيتُ في طريقي حتى أنعطِفَ إلى مسارٍ أخر، طريقٌ ضيقٌ نسبياً، تملؤهُ البناياتُ على الجانبين، بيوتُ قديمة تسترها الأشجار، نظري للأمامِ موجه، رأسي مرفوُ كأنني صاحبةُ مكانة رفيعة، أولُ ما التقطتهُ عينايّ فورَ التفافي هو جبالٌ بيضاء، ليسَ بياضَ الثلج؛ فلا تثلجُ في مدينتي، وليست جبالاً وعِرة؛ فلا جبالَ ترى في داخلَ مدينتي، هي حتماً غيومٌ كالجبال! أنها وحوشٌ تتهجمُ على بعضها.*
*يومٌ أخرُ خرجتُ بهِ في ذاكَ الطريق، أسير وأنا مدهشةٌ للمرة المجهولة عن جمالِ هذهِ الطريق، في عودتي مِن مقصدي الأول كانت الأمطارُ قد سقطتْ، وهذا ما زادها روعة، رفعتُ رأسي لأرى الأمهاتِ تحملُ زينتها مِن ورقٍ خضراءَ وصفراءَ اللون، أراهم يتراقصونَ بسعادة غامرة على أغنية الرياحِ التي تلفحُ وجهي ببرودتها، إنهم لطفاءُ جدا! لو أنهم حلوى تتحركُ كما هي الرسومُ المتحركة، لما تركتهمُ أحياءَ بهذهِ الظرافة، لكنتُ التهمتهم بمتعتٍ قبلَ أن أندمَ لما حرمتُ ذاتي عنه، أنزلتُ نظري قبلَ أن أصتدمَ بشيءٍ أمامي وأنا لا أدركُ عنهُ شيئا، فرأيتُ ما قد أغرقني به، بِركُ مياهِ الأمطار الغزيرة، حتى هي تلهو على أغنيةِ الرياح الرائعة؟! وهل الأغنية وباؤٌ حتى تصيبَ ما لا يسمع؟ بالفعلِ هي هكذا، قبلُ كانت الغيومُ هي الجبال، أما الأن.. اسمحوا لي أن أخبركم أن الأشجار هي الجبال، فالغيومُ تملئ السماء، لذا لا يمكنني أن أقول أنها كالجبالِ المتجاورة، هي الأن متحدة كغيمةٍ واحدة، غيمةٍ معتمة اللون ومشرقة في الوجد، في سيري تذكرتُ صوتَ أحدَّ المغنينَ الذي لن أذكرَ اسمهُ أو بلده، لَم أتذكر كلماتِ أغنيته، لكنني تذكرتُ صوتهُ الهادئ في تلكَ الأغية التي أبكتني عندما قرأتُ كلماتها بلغتي وليس بلغتهِ التي لا أفقهها، لمَ أتذكر معنى الكلمات في لغتي لكني لَم أنسى دلالتها... واستني كلماته مِن الحزنِ الذي لَم يكن بي، صوتهُ ممزوجٌ بصوتِ المطر الذي كان يهطلُ وسطَ موسيقاه.*
*اليومَ كنتُ متشوقة للذهابِ لأرى ذاكَ الطريق... لكن مع الآسف.. استفقتُ من الشرودي حين تذكرتُ أني كتبتُ عن جمال هذا الطريق، تذكرتُ ذاتي بأني لَم أشعر بالمتعة بالأثناءَ غرقي في هذهِ الواحة، نظرتُ لموقعي لأجدَ أنني وصلت تقريباً، فتمتعتُ بأخرِ شبراتٍ في الطريق.*

حَفيف گلماتٍ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن