..رمشت بعينيها عدة مرات ثم التفتت لابراهيم الذي تكتف بذراعيه ومال بوجهه المبتسم متشفيا بها وقال ..
.."..اتفضلي ..قولي لجدك عايزة ايه .."..
..تراجعت للوراء لتفسح المجال لجدها وهو يتحرك بكرسيه ليدلف للغرفة ومن ورائه عمتها ومراد الذي اغلق الباب.. وقف الجد بكرسيه بوسط الغرفة يهز رأسه وينتقل بعينيه بين ايمان وابراهيم وكانه يريد ان يفصح اي منهما عما يحدث..لم يجبه اي منهما بل التزما الصمت الذي كسره صوت الجد بقوله بعد ان تنهد بحزن ..
.."..ايمان وابراهيم اقعدوا هنا قدامي ..لان في كلام مهم لازم تسمعوه.."..
..عاودت ايمان النظر لابراهيم الذي اتجه للاريكة الجلدية وجلس فوقها بعد ان اشار لها آمرا اياها بان تأتي وتجلس بجانبه..اصطكت اسنان إيمان ببعضها من الغيظ ولكنها ارغمت نفسها على الانصياع والجلوس بجانبه ..وبعد ماجلسا الاثنان بجانب بعضهما وعينيهما لا تحيد عن وجه الرجل العجوز..الذي مال بجذعه للامام ثم قال بصوت جامد بعد ان شبك اصابع كفيه ببعضهما..
.."..انا بعترف قدامكوا اني غلطت .."..
..نظر ابراهيم مستغربا لإيمان التي التفتت ناحيته برأسها ..ثم عاودا النظر لجدهما الذي استطرد قوله..
.."..انا مقصدش بغلطتي نص الثروة اللي كتبتها بإسمك ياايمان..بالعكس ..دا حقك ..انا غلطت لما قررت جوازكم من غير مااخد رايكم او حتى اديكم فرصة تتعرفوا فيها على بعض ..حتى ولو كان الغرض من الجوازة دي هو حمايتك يابنتي .."..
..نظر الجد بقوة لحفيدته وقال بصوت هادئ..
.."..لكن خلاص ياحبيبة جدك ..ميهمكيش من القضية ..انسي كل حاجة لان سواء كسبت القضية او خسرتها انا ميهمنيش غير سعادتك ..ولو اني عايز اكسب القضية بس ضمانا لحقك..لكن امر الله هو اللي هيكون و احنا راضيين بقضائه..ودلوقتي الغلطة دي لازم تتصلح ..انا هطلب المأذون ييجي عشان يتمم اجراءات الطلاق .."..
..شحب وجه ايمان والتفتت ببطئ لتختلس نظرة لوجه ابراهيم والذي ظنت انه الان يشعر بالفرح ولكنها تفاجئت بوجه ذو ملامح ارتسمت بها القسوة والغضب ..تراجعت للوراء بظهرها عندما هب ابراهيم يقف وهو يقول بصوت حاد..
.."..اسف جدا ياجدي لحضرتك ..بس انا مش هطلق مراتي.."..
..لم تعرف ايمان لما وكأن اجراس تراقصت وتمايلت بين اضلاع قلبها الذي اخذ يضرب صدرها بقوة من شدة الفرح..ازدردت ريقها بصعوبة وهي تسمع تصفيق مراد الذي قفز بمكانه وهو يصيح بصوت عال..
.."..الله عليك يابن عمي .."..
..أما العمة زهرة فرفعت قدمها فوق الاخرى بعد ان هدات انفاسها المتسارعة بعد تلك التصريحات وظلت تشاهد بصمت مايحدث وابتسامة امتنان ترتسم فوق صفحة وجهها الجميل..اما الجد العجوز فحاول ان يرسم فوق وجهه الغضب والضيق ولكن كادت عيناه التي اتسعت واهتزت حدقتيها فرحا ان تفضحه فأسرع بقوله بصوت اجش ..
.."..انت بتقول ايه ياولد .. بتتجرأ وتعصاني ياابراهيم "..
..ظل ابراهيم واقفا بجمود لا ينظر لأحد سوى الفراغ امامه وقال ..
.."..حاشا لله ياجدي ..بس أنا مش عيل صغير عشان اتجوز واطلق برغبة حد ..حتى لو كان حضرتك ياجدي...انا اتجوزت ايمان عشان اكون سندها واحميها زي ما حضرتك قلت ..ومش عشان الهانم دلوقتي مضايقة مع ان هي اللي مطلعة عينينا يبقى نسيبها على راحتها ومنفكرش غير في اللي يريحها وبس ..الهانم بنت عمي طالما انها اصبحت فرد من افراد العيلة دي.. يبقى لازم تفهم انها مسئولة زي أي واحد فينا عن شكل العيلة ومكانتها ووضعها قدام الناس..ولا حضرتها عايزة تسيب المركب بتغرق وتمشي ..وحتى لو كان يا بنت عمي انا بردو مش هسمحلك.."..
..اشتعل بركانا من الغضب بداخلها فهبت واقفة وهدرت بقوة وهي تضم قبضتي يدها..
.."..انا استحملتك كتير يا جدع انت..لم الدور احسنلك ..وكمان انت متعرفنيش عشان تقول عني كدة.."..
..اتجهت لجدها وجثت فوق ركبتيها وامسكت ذراعي الكرسي بقبضتيها وقالت وهي تنظر لعيني جدها وتقول بحزم واصرار...
.."..وحياتك عندي ياجدي ..لو طلبت اضحي بعمري عشانك هضحي ..ولا انك تزعل او تشيل الهم ..."..
..حاوط الجد وجهها بكفيه وقال بعد ان التمعت عينيه بالدموع ..
.."..حبيبة جدك يسلملي عمرك.."..
..قام بتقبيل وجنتيها فاحتضنته ايمان بقوة ..همس الجد بجانب اذنها بصوت خافت..
.."..يعني راضية انك تفضلي على ذمة ابو ثقب دا.."..
..ضحكت بخفوت والتفتت بوجهها لتقول بصوت هادئ ..
.."..وهو ياجدي بقى ثقب واحد..دا بقى شبه مصفة المكرونة ..لكن كله يهون عشانك ياحبيبي.."..
..عاود الجد احتضانها وهو يضحك من قلبه ..
..ارتسم الضيق بوجه ابراهيم وهو يرى جده يحتضنها بقوة ويربت فوق ظهرها ..امتعض قليلا وهو يقول..
.."..حفلة التكريم دي مش هتخلص.."..
..نظر اليه الجد العجوز وعن قصد تلاعب بحاجبيه واخرج له لسانه..فزفر ابراهيم بضيق وهو يستغفر ربه بسره..
..نزعت ايمان نفسها من بين احضان جدها بعد ما شعرت بحبه وحنانه عليها الذي ملأ فراغ قلبها الذي ذاد بعد وفاة والديها..فقالت امام وجهه بعد ان استقامت بوقفتها ..
.."..بعد اذنك ياجدي ولاخر مرة ..اسمحلي اروح بيت ابويا وانام على سريره ..اصل البيت وحشني اوي ..يوم واحد بس.."..
..تخصر ابراهيم وهو ينظر بغضب لظهر زوجته ولكنه لم ينطق وكأنه متاكد من رفض جده ..ولكنه فغر فاهه فور سماعه للجد العجوز الذي ارتسمت فوق ملامح وجهه ابتسامة رضا وقال بصوت هادئ وهو يربت فوق ظهر كفها ..
.."..ولو انك بتوحشيني ..بس هسمحلك بيوم واحد بس ..وبكرة ان شاء الله نتعشي سوا .."..
..مالت ايمان بجذعها وقبلت ظهر كف جدها العجوز وقالت بسعادة ..
.."..ربنا يديك الصحة ياحبيبي.."..
..استقامت مرة اخرى وقالت وهي تنظر لمراد..
.."..ياتسلفني عربيتك ياتيجي توصلني ..تختار ايه.."..
..صاح ابراهيم بغضب وهو يقف ورائها ..
.."..أختار اني اكسر دماغك ..ايه رايك.."..
..كادت ان تلتفت ولكن صوت جدها الصارم صدح بقوله..
.."..ولد ..كلم مراتك كويس ..انا اديتها الاذن ..ولا انا مش مالي عينك ولا خلاص مبقاش ليا كلمة عليكوا.."..
..طاطا ابراهيم رأسه وقال بغيظ من بين اسنانه ..
.."..العفو ياجدي انا مقصدش.. بس......."..
..قطع الجد عنه استرساله وقال..
.."..ما بسش.."..نظر الجد لايمان التي كانت تبتسم بتشفي لابراهيم واستطرد قوله ..
.."..وانتي ياحبيبة جدك ..لما تحبي تخرجي يبقي من الاصول تقولي لجوزك الاول ..وكمان ماينفعش تباتي لوحدك ..ابراهيم هيروح معاكي .."..
..اتسعت عيني ايمان عن اخرها وهي تتلعثم بقولها ..
..".. يروح ..يروح معايا فين بس ياجدي ..وكمان دا هو يوم بالليلة ..وكمان انا هكون في بيتي وسط اهل حتتي يعني امان ياجدي.."..
..وبدلا من ان يقوم الجد بالرد اجابها زوجها بحزم ..
.."..الكلام دا قبل ماتتجوزي يابنت عمي ..دلوقتي ماينفعش تروحي مكان الا وجوزك معاكي .."..
..ضربت جانبي جسدها بذراعيها وهي تستغفر وتقول بغيظ ..
.."..يادي النيلة على كلمة جوزك وسنين جوزك اللي لزقت في قفايا دي.."..
..صاحت بها عمتها ..
.."..بنت وبعدين ..يالا خدي جوزك و مع السلامة ومتتاخريش بكرة وقت العشا.."..
..اتجه ابراهيم عند الباب ومد ذراعه وهو يقول بنزق ..
.."..اتفضلي .."..
..مشت ناحيته ببطئ بعد ان تنهدت بيأس واستسلام ..وقفت قبالته وقالت وهي تمط شفتيها ..
.."..شوووكرا.."..
..وبعد برهة من الوقت وهما بالسيارة كانت ايمان تستند بوجنتها على كفها وهي تنظر شاردة للطريق ..افاقت من شرودها عندما صدح صوت موسيقي غربية وصوت مطرب امريكي يغني اغنيته الشهيرة..
.."..girls like you.."..
..كان يشعر وان بعض من كلمات تلك الاغنية وكأنها موجهة اليها ..
..اعتدلت بجلستها ونظرت بتعجب لابراهيم الذي كان مندمجا مع الاغنية فكان يهز رأسه ويردد كلماتها بسهولة وينقر بأصابعه فوق مقود السيارة مستمتعا بلحنها ..
..اعوجت شفتيها يمينا ويسارا وهي تشاهده ..
..كان يعرف انها تنظر اليه وتتمعن في ملامحه وفيما يفعله فقال دون ان ينظر اليها ..
.."..ايه..الاغنية مش عجباكي .."..
..مالت بشفتيها جانبا ثم قالت بنزق..
.."..يعني انا فاهمة هو بيقول ايه عشان تعجبني ولا لا..وكمان ماله العربي ..ولا انتو عشان أغنيا وولاد ذوات يبقى متسمعوش الا أجنبي .."..
..اغلق ابراهيم مسجل السيارة واشار له بيده وهو يقول ..
.."..اتفضلي شغلي اللي يعجبك.."..
..تكتفت ونظرت لجانب الطريق وهي تقول ..
.."..توشكر ..العربية عربيتك ..اسمع اللي على مزاجك ..ماليش فيه...انا ماليش في حاجة تخصك من اساسه.."..
..انحرف بسيارته فجأة ليقف على جانب الطريق ..شهقت ايمان بصوت عال ونظرت لذاك الذي يجلس بجانبها وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة..
..توقف ابراهيم بسيارته واستدار بجسده ناحيتها وقال بصوت حاد بعد ان ارتسم بملامح وجهه الغضب الشديد..
.."..يعني ايه مالكيش في حاجة تخصني ..اومال مين اللي ليه...اذا كانت مراتي ملهاش.."..
..استدارت بجذعها هي الاخرى وصرخت بوجهه وهي تقول..
.."..متقولش مراتي ..انت عمرك ماعاملتني اني مراتك ..انا زي ماكون تلميذة عندك ..نازل فيها اوامر وشخط ونطر ..وفي الاخر بتقول بعزم ما فيك انك هطلقها.."..
..اجابها بصوت عال..
.."..ومين اللي وصلني لكدة ..مش انتي..في طلب واحد من اللي طلبته منك نفذتيه ..في كل مرة بتبوظي الدنيا وفي الاخر عايزة تمشي.."..
..اعتدلت بجلستها وهي تضرب بظهرها ظهر الكرسي وقالت وهي تنظر ليديها المتكورة داخل حجرها..
.."..عايزة امشي عشان ماليش مكان وسطيكم .."..
..امسك ابراهيم بذراعها وهزها بقوة لتنظر اليه وهو يقول بصوت حازم..
.."..انتي مكانك معانا غصبن عن اي حد ..حتى غصب عنك انتي شخصيا...."..
..ترك ذراعها واقترب منها وهو يقول بصوت هادئ..
.."..حاولتي ياايمان تقربي مننا ..حاولتي تتفاهمي معايا انا ابن عمك وجوزك.."..
ظلت تسمعه وهي لا تحيد بعينيها عن ملامح وجهه وبالاخص عينيه الملتمعة ببريق جذاب جعلها تذدرد ريقها بصعوبة ..
..شعرت بقلبها يتراقص عندما ابتسم وهو يمد لها كف يده للمصافحة ويقول بنبرة صوت يشوبها الكثير من الحب..
.."..ايه رايك نتعرف على بعض من اول وجديد ..انا ابراهيم سالم ..ابن عمك وجوزك ..وحابب اتعرف على كل شيء يخصك ..تسمحيلي.."..
..ارتسم الذهول بملامحها بعد ان اتسعت عينيها وهي تتبادل النظر بين عينيه وكفه الممدودة وقالت بتلعثم وهي تمد يدها بتردد ..
.."..اس.....اسمحلك ياخويا.."..
..مالت شفتيه بابتسامة جانبية ورفع كفها ليقبله ..وما ان لمست شفتيه ظهر يدها ..شهقت مذعورة وهي تسحب كفها للوراء وتقول ..
.."..استغفر الله العظيم.."..
..ضحك ابراهيم بصوت عال وقال وهو يعتدل بجلسته فوق كرسيه ويستعد لمعاودة القيادة ..
.."..اشكرك يا بنت عمي..وبالمناسبة السعيدة دي وبعد هذا اليوم الحافل ..ايه رايك اعزمك على العشا في مكان هادي .."..
..قالت بعد ان استعادت جزء كبير من ثباتها..
.."..مالوش لازمة المكان الهادي دا ..احنا وقيل ماندخل الحارة نعدي على محل الكشري نجيب علبتين تلاتة وطبقين رز باللبن وحاجة ساقعة ونروح البيت.."..
..رفع ابراهيم حاجبيه لاعلى وهو يردد..
.."..كشري.."..
..وبعد برهة من الوقت كان ابراهيم يحمل بكلتا يديه اكياس بلاستيكية تحوي بداخلها اطباق الكشري والارز باللبن ..ويمشي بجوارها داخل الحارة بعد ان اصرت هي بركن السيارة داخل جراج العم اسماعيل واوصته بها جيدا..
..واثناء سيرهما واتجاههما لبيت ايمان ..كانت هي تلوح بيدها لكل اهل الحارة الذين كانوا ينادونها ويشيروا اليها بالتحيات الحارة ..
..وعند باب بيتها اخذت تمسد فوق سطحه ثم وضعت المفتاح به لتفتحه وعند اول خطوة بداخله كانت تقول بصوت خافت ولكنه مسموع..
.."..بسم الله الرحمن الرحيم .."..ضغطت على زر الاضاءة ثم استدارت لمن يقف خلفها تدعوه بيدها للدخول وهي تقول ..
.."..اتفضل .."..
..دخل ابراهيم بخطوات بطيئة وهو يجول بعينيه كل ارجاء المكان والذي كان عبارة عن صالة تحوي اثاث يتسم بالبساطة الشديدة ..اريكة وكرسيين ومنضدة صغيرة تتوسطهم ومنضدة اخرى كبيرة تلتصق بالحائط وفوقها شاشة تلفاز متوسطة الحجم..
..التفت اليها عندما قالت بصوت هادئ..
.."..نورت بيت عمك اللي على اد حاله.."..
..ارتسمت فوق شفتيه ابتسامة رقيقة وهو يقول ..
.."..بيت عمي منور ببنته.."..
..وضع الاكياس الذي يحملها فوق المنضدة ..ثم اتجه اليها وهو يقول ..
.."..تسمحيلي ادخل الحمام.."..
..كانت تحدق به ببلاهة ظاهرة بملامح وجهها فقالت ..
.."..ها..."..
..اقترب بوجهه من وجهها وهو يميل عليها وهمس بقوله..
.."..الحمام.."..
..ابتعدت للوراء وقالت وهي تتلكئ بكلماتها وتشير بيدها ناحية الحمام ..
.."..اهو ..اتفضل ..على ايدك الشمال.."..
..هز راسه والابتسامة الماكرة مازالت تزين شفتيه وهي تنطق..
.."..شكرا.."..
..تخطاها بعد ان مس كتفها متعمدا فابتعدت جانبا ونظرت لظهره العريض وهو يدلف للحمام ..تسارعت انفاسها وقالت وهي تضرب صدرها بكفها ..
.."..احيييه ..الجدع دا هيبات معايا ازاي في بيت واحد.."..
رمت بنفسها فوق الاريكة وتنهدت باستسلام ..نظرت للاكياس فبدأت بفكها واعداد الاطباق استعدادا لتناول العشاء ..
..وبعد عدة دقائق خرج من الحمام وبيده منشفة صغيرة وقال وهو يتمعن بملامح المكان حوله مرة اخرى..
.."..بس غريبة ان البيت نضيف مع انك سايباه من مدة طويلة.."..
..اجابته ايمان وهي تضع طبق الكشري ناحية كرسيه الذي جلس عليه
.."..عزة صاحبتي من ساعة ماسافرت وهي بتيجي تنضف البيت..عشان لو انا جيت في اي وقت.."..
..مدت له يدها بالملعقة وهي تقول ..
.."..اتفضل .."..
..امسك بالملعقة وبدا بتناول طعامه بحرص شديد وبكمية قليلة جدا فوجد طعمه لا بأس به ..وحين ناظرها وجدها تضع سائل الزيت الممزوج بالفلفل الحار فوق طبقها والذي يسمونه المصريين..شطة زيت..ثم اشارت بباقي الكيس له وهي تقول..
.."..بتحب الشطة ..احطلك.."..
..اتسعت عينيه وهو يقول ..
.."..هو اللي انتي غرقتي بيه الطبق بتاعك دا شطة .."..
..قالت وهي تاكل باستمتاع واضح..
.."..هو الكشري ميتاكلش غير كدة ..شطة ودقة.."..
..ظل يحدق بها وهو يأكل حتى بادرها بسؤاله..
..".. انتي ليه صممتي تيجي هنا انهاردة.."..
..وضعت ملعقتها جانبا وقالت بصوت حزين ..
.."..يمكن عشان حسيت اني يتيمة انهاردة..وان كان نفسي يبقوا موجودين عشان اترمي في حضنهم ..قلت لما انام في اوضتهم وعلى سريرهم ..يمكن احس بيهم حواليا ..يطمنوني ويحسسوني بالامان.."..
..اخترق الحزن جدران قلبه عند سماعها فوضع طعامه جانبا وامسك بيدها وهو يقول ..
.."..انا اسف ياايمان ..اسف.."..
..كادت ان تسعل وقامت بتحرير يدها وعينيها من نظرات عينيه الثاقبة..فأمسكت بجهاز التحكم بالتليفزيون وقامت بتشغيله ..فظهر امامها فيلم رعب ..فشهقت وهي تقول وتشير له لكي ينظر للشاشة..
.."..فيلم رعب ..بس شكله خطير ..بص ..بص كدة ياباشا.."..
..التفت براسه ناحية الشاشة ببطئ نزولا عن رغبتها الملحة فوجد هذا الرجل الذي يضع قناع ابيض فوق وجهه ويلاحق فتاة تصرخ وتحاول الهرب او الاختباء منه..
..عاود النظر لايمان فوجدها تغطي عينيها بيدها وتقول ..
.."..ها ..لاقاها ولا لسة .."..
..قام من مكانه وجلس بجانبها واقترب بوجهه من وجهها وهمس ..
.."..لاقاها .."..
..عندما شعرت بجلوسه بجانبها وانفاسه تضرب وجهها ..رفعت يدها من فوق عينيها فاهتزت حدقتيها وهي تناظر كلتا عينيه التي تنظر اليها بقوة ..مال براسه لاسفل ليقترب اكثر من شفتيها..فانتفضت بمكانها وهبت لتقف ..ازاحت المنضدة الصغيرة قليلا لتقف بالنهاية بمنتصف الصالة وهي تقول بتلعثم ..
.."..انا ..انا هنام ..عشان........"....
تلعثمت اكثر وهي تقول له ..
.."..عشان ...عشان ايه قول معايا....ااه...عشان انهاردة تعبنا ..قصدي انا اللي تعبت .."..
اشارت لحجرتها وقالت ..
.."..انت هتنام في اوضتي ..وانا هنام في اوضتي......."..
..صرخت بقولها وهي تشير لحجرة والديها...
.."..لاااا...لا..انا هنام في اوضة ابويا وامي .."..
..ضحك ضحكة خافتة وقال وهو يستقيم بوقفته ويتجه اليها فتراجعت للوراء خطوتين وهي تزدرد ريقها بصعوبة..
.."..ممكن اسالك سؤال.."..
تنحنحت حتى ينجلي صوتها وقالت بتوتر..
.."..سؤال ايه.."..
.."..ممكن افهم انتي ليه لغاية دلوقتي بتقوليلي ياباشا ..مع انك بتنادي الكل بأساميهم..هو ابراهيم اسم صعب تقوليه.."..
..هربت من عينيه ولوحت بيدها وهي تقول ومازال التوتر يشوب نبرة صوتها..
.."..لا مش صعب ولا حاجة...بس انا اول ماشوفتك وانا بقولك ياباشا ..فلزقت في بوقي .."..
..مد يده ليمسك بخصلة من شعرها يلفها حول اصبعه وقال بتودد..
.."..طب حاولي معايا كدة ..قولي اسمي يمكن يلزق مكان الباشا.."..
..نظرت لخصلتها التي تلتف حول اصبعه بسهولة ..فحررتها بسرعة وقالت وهي تتجه لحجرتها بتلعثم واضح ..
.."..انا داخلة انام ..ابقى غطي التلفزيون..واقفل الاكل..تصبح على خير .."..
..دلفت لغرفتها مسرعة واغلقت الباب بقوة وهي تسمع صوت ضحكاته العالية تصدح بصالتها الصغيرة..وضعت يدها فوق صدرها الذي كان يعلو ويهبط بسرعة وهمست لنفسها..
.."..وبعدين بقى في الجدع دا..منين كان عايز يطلقني ..ومنين بيتنحنح دلوقتي ..الجدع دا خطير ولازم اخد بالي منه..هو صحيح عسل ..بس بردو الاحتياط واجب .."..
..نزعت ملابسها وارتدت جلباب والدتها الواسع ..ضربت جبهتها بقوة وهي تقول..
.."..دا مجابش معاه حاجة يلبسها .."..
..امسكت بجلباب يخص والدها وخرجت من غرفتها و قبل ان تتجه لغرفتها وجدته مازال بالصالة جالسا فوق الاريكة يشاهد الفيلم وبيده طبق الارز باللبن يأكله باستمتاع واضح ..
..التوت شفتيها وقالت وهي تمد يدها له بالجلباب المطوي ..
.."..اتفضل..دي جلابية البيت بتاعة عمك..متهيئلي تيجي على مقاسك".
..نظر يتفحصها من اسفلها لاعلاها وقال وهو يمسك بالجلباب ..
.."..شكرا يا بنت عمي.."..
..تنحنحت واسرعت لغرفتها واحكمت اغلاق بابها..رمت بنفسها فوق سرير والديها عسى ان تشبع من رحيق ذكراهما المعبق بالمكان..تدثرت بالغطاء جيدا وحاولت ان تغمض عينيها بقوة لعلها تذهب بسبات تام يمنعها عن التفكير بذاك الذي ينام بغرفتها وفوق سريرها..
..دلف ابراهيم لغرفتها وهو يمسك بالجلباب والابتسامة تزين شفتيه ..تفحص الغرفة كعادته فوجد سرير صغير يتوسط الغرفة واريكة قابعة تحت النافذة الخشبية..ومكتب صغير ولكنه تعجب ورفع حاحبيه عندما وجد بدلا من الكتب بطارية خاصة بالسيارات وادوات خاصة بعملها كميكانيكي..
..اتجه ناحية دولابها وفتحه ليجد ملابسها مرتبة بعناية ورائحة ذكية كرائحة الورد تفوح حوله فتنفسها ليملأ بها صدره عن اخره ..اصدر ضحكة خافتة عندما وجد لعبة صغيرة وكانت على هيئة عروس من القماش وضحك بصوت عال عندما وجدها ترتدي الزي الخاص بعامل الميكانيكي . .
..ظل يقلب بالعروسة ويتأملها جيدا فكانت تشبه ايمان الى حد كبير بضفائرها السوداء التي تتراقص فوق كتفيها وبقبعتها التي تلبسها بالوضع المعاكس ..وبعينيها الواسعة ذات القرص الاسود البراق..جلس فوق حافة الفراش ورفع عينيه للباب املا بان تاتي ولو باي حجة او بدون ..وجد قلبه قبل عقله يخيل له بانه سوف يحتجزها معه هنا ولن تخرج ولو طلبت له الشرطة كما هددته من قبل عندما حملها فوق كتفه واتهمته بالتحرش ...ضحك ساخرا على نفسه ومايهواها ..ظل منتظرا ولكن بدون فائدة فقرر ان يذهب اليها ليتحدث معها في اي موضوع ..فالنوم لا سبيل معه هذه الليلة..
..وصل الى بابها رفع يده وقبل ان يطرقه وصل لاذنه صوت غريب ولكنه مزعج..فهمس لنفسه ..
.."..معقول بتشخر ..لا دا كدة الموضوع محتاج تدخل جراحي .."..
..التصقت اذنه بالباب لكي يتأكد فطأطأ براسه وقال بانكسار..
.."..هو..هو الصوت بغباوته .."..
..فتح الباب بهدوء ودلف للغرفة بخطوات بطيئة وجدها بالفراش متدثرة جيدا بغطائه ..شعرها يفترش وسادتها وتحتضن الوسادة الثانية وتستند برأسها عليها ..اقترب منها ومال بجذعه قليلا للأمام واخذ يتأمل بملامحها وابتسامة تتزين شفتيه وهو يقول بصوت خافت..
.."..مجنونة وعاقلة بنفس الوقت..هتجنيني يابنت عمي.."..
..لا يعي لماذا تلك الشفتين المكتنزتين والمفتوحتان تغريه بشكل قوي ..قاوم ذلك الاحساس فتنحنح وقال بصوت مسموع..
.."..ايمان اصحي..ايمان اصحي اعدلي راسك .."..
..لم يجد رد اروع من صوت عال من وصلة شخيرها المزعج ليجد نفسه يتراجع للوراء خطوتين ..ضرب كفيه ببعضهما وهو يضحك ويستغفر في أن واحد..خرج من الغرفة وظل بالصالة جالسا فوق كرسيه ليكون قريبا منها حتى مالت راسه جانبا وراح بسبات تام..
..وبعد الكثير من الوقت فتحت ايمان عينيها لتزفر بضيق وهي تقول بصوت يشوبه الكثير من النعاس..
.."..الواحد يكون نايم في احلاها نومة وبيحلم كمان ويطب عليه انه لازم يروح الحمام .."..
..نفضت عن نفسها الغطاء وخرجت من الغرفة وهي تحك راسها باصابعها لتشهق بذعر عند رؤية هذا المتكوم فوق الكرسي..اقتربت منه بخطوات حذرة ومالت برأسها ناحيته وتفحصت ملامح وجهه فوجدته غارقا بنومه ..تراجعت براسها للخلف وهي تقول بصوت هامس..
.."..دا ايه اللي منيمه هنا.. وكمان نايم بهدومه ومغيرش...طب ...طب اصحيه ولا اعمل ايه..وبعدين بقى في الحوسة دي.."..
..اتجهت لغرفتها وسحبت الغطاء من فوق السرير ثم عاودت الرجوع لهذا النائم ..وبحذر شديد وضعت الغطاء فوقه وقامت بتثبيته جيدا من حوله..ثم هرولت مسرعة للحمام..وبعد خروجها لم تستطع ان تمنع نفسها من القاء نظرة اخيرة عليه وبعدها وبخطوات واسعة جرت لغرفة والديها ...
..دثرت نفسها بالغطاء وهي تتحدث مع نفسها بتعجب ..
.."..منين كان متلهف يطلقني ..ومنين نايم دلوقتي على كرسي جمب اوضتي بعد ماصمم ييجي معايا..ماهو انا عايزة افهم ..اللي بيعمله معايا دا واجب ولا........"..
..ضربت وجنتها بقوة وهي تقول..
.."..ولا ايه يابت ياايمان..انتي هبلة...الباشا هيقع فيكي انتي ...فوقي كدة وصحصحي ..هي القضية هتخلص وكل واحد هيروح لحاله..هو بس بينكشك مش اكتر.."..
..رفعت عينيها لسقف الغرفة وهي تقول بغيظ.
.."..منك لله ياعمي..انت السبب في الورطة العسل دي"..
..زفرت بضيق وقالت باستنكار تؤنب نفسها..
.."..عسل ايه بس..دا عسل اسود ومهبب.."..
اغمضت عينيها بقوة وكانها بذلك تستدعي النوم لياتي اليها ولكن بخطوات متبخترة فنامت بالفعل ولكن عند بزوع اول خيوط الصباح المضئ..
..دقت الساعة العاشرة والنصف صباحا ليميل ابراهيم برأسه يمينا ويسارا بعد احساسه ببعض الالم بجانبي رقبته فتح عينيه ليجد زوجته واقفة امامه متكتفة بذراعيها امام صدرها ..ترتدي جلبابا واسعا تبدو انها تخص والدتها ..وفوق رأسها قبعتها ترتديها بوضع معاكس كعروستها تماما ..
..تجبد ابراهيم بجسده وقال بصوت هادئ ..
.."..صباح الخير.."..
..مطت ايمان شفتيها وقالت ..
.."..صباح النور..ممكن اعرف انت ليه نمت هنا .."..
..قال بتأفف..بعد انرهب بوقفته..
.."..وهو انا عرفت انام من صوت شخيرك دا ..انتي لازم تعملي عملية على فكرة ..لو مكانش عشانك يبقى عشاني انا.."..
..انتقلت بعينيها بينه وبين باب غرفتها وقالت مستغربة بعد ان قطب جبينها وضاقت عينيها..
.."..وعشان صوت شخيري تقوم سايب الاوضة وتيجي تنام هنا.."..
..ثم ضمت اصابع كفها الخمسة ودارت بهم فوق رأسها وهي تقول بخوف..
.."..وكمان بعد الشر عليا من العمليات.."..
..ثم اشارت الي وجهه بأصبعها وهي تقول بغيظ..
.."..خلي بالك انك كل شوية تجيب سيرة شخيري شخيري..انت كدة بتجرح مشاعيري كانثى وانا سكتالك ..بس دي اخر مرة ومش هسكتلك تاني.."..
..حدق بها ثم مال براسه للوراء وصوت ضحكاته تملأ المكان من حولهما ..عاود النظر اليها وقال ساخرا من بين ضحكاته وهو يفرد كفه وراء اذنه..
.."..ايه ايه..سمعيني تاني كدة..عشان مسمعتش كويس ..انثى.."..
..نظر اليها من اسفلها لأعلاها ثم امسك بذراعها وسار بها ناحية المرآة الملتصقة بالحائط بجانب باب الشقة.. واستطرد قوله بنفس النبرة الساخرة ..
.."..هي فين الانثى دي.."..
..تخصرت وهي تضرب الارض بقدميها ..نفضت ذراعها من قبضته ثم رفعت يدها تنزع القبعة من فوق راسها وترميها ارضا ..ثم نزعت المشبك الذي يضم شعرها ككعكة صغيرة بمنتصف رأسها..فانسدل شعرها الاسود مفرودا فوق ظهرها ..ثم نزلت بكفيها وراء ظهرها لتضم تلابيب جلبابها الواسع الذي ضاق فارتسمت ملامح جسدها الانثوية بوضوح فقالت بصوت حاد وهي تنظر بتحدي لوجهه المنعكس بالمرآة ..
.."..انثى دي ولا مش انثى يامتعلمين يابتوع المدارس....""