المشهد 36

8.8K 275 4
                                    

..تعالت الصرخات والشهقات ممن حولها عندما شاهدوا ماحدث ولأول مرة بالنادي..
..تكتفت ايمان وهي تنظر لهما بجمود وهما يصرخان ويحاولان التشبث ببعضهما او بحافة المسبح ..
..التف حولها بضعة من السيدات وأخذن يتسآلن بذعر وصوت عال وبذهول واضح على ملامحهم ..
.."..oh my god..انتي ايه اللي عملتيه دا .."..
..تخصرت ايمان وهي تقول بقوة لإحدى السيدات..
.."..يالا اهم اخدوا نصيبهم ياحجة.. عشان يحرموا يجيبوا سيرة عمتي تاني بالغلط ..لأ ومن بجاحتهم ياأبلة حاطين عينيهم ع الجدع الكبير .."..
..نظرت لها السيدة بتعجب وهي تضع كفها فوق فاهها بعيني متسعة تنتقل بينها وبين هاتان الغارقتان...
..وبنهاية المسبح من الناحية المعاكسة شعرت زهرة ببعض القلق عندما وصل لاذنها همهمات واصوات عالية وهي تعوم فرفعت رأسها لترى مايحدث ..التفت برأيها يمينا ويسارا فاتسعت عينيها وهي ترى ايمان واقفة بعيدا عند حافة المسبح وحولها السيدات والفتيات منهم من يلوحون لها بايديهم  ومنهم من يضع كفه فوق فاهه مذهولا ومنهم من يضحك شامتا فيما حدث للسيدتين..دققت النظر اكثر لترى اثنتنان يحاولان الصعود من المسبح ولكنهما كانا بملابسهما ..شهقت عندما شعرت بان صاحبة تلك المصيبة هي ابنة اخيها لامحالة ..فأسرعت بالعودة عوما ناحية تلك التي تقف كالشجرة العتيقة بعناد وقوة امام تلك الاعاصير حولها ..
..خرجت زهرة من حوض السباحة بخطوات حاولت ان تكون سريعة دون ان تنزلق واتجهت ناحية ايمان التي تميل بجذعها ناحية السيدتان الغارقتان بملابسهما وتصيح..
.."..عشان تحرموا ..مش عيب لما ستات كبيرة كدة وتقعدوا تقطعوا في فروة غيركوا.."..
..ذاد عدد الحاضرات حول الحوض والسيدتان تصرخان بإيمان ونعتها بالجنون وتهديدها بالسجن ..
..امسكت زهرة بكتفي ايمان لتقف بقبالتها وصاحت بها ..
.."..ايه اللي حصل ..انتي عملتي ايه .."..
..كان الجميع حولها يصيحون في نفس اللحظة حتى حضرت الموظفة المسئولة ووقفت بقبالة زهرة لتبلغها بضرورة تواجدها هي ومن معها بغرفة المدير المسئول ..
..كان ابراهيم في ذاك الوقت باجتماع صغير مع مراد وأحد موظفي الشركة يناقشون امر الصفقة الجديدة ..صدح رنين هاتفه والذي كان سببه هو اتصال عمته زهرة به..وما ان أجاب حتى سمع صوت عمته وهي تقول بصوت جاد قوي ..
.."..تروح على البيت تجيب جدك وتيجي حالا على النادي ..انا ومراتك هتلاقينا في غرفة المدير المسئول ..بسرعة ياابراهيم .."..
..هب ابراهيم ليقف مسرعا وهو يقول بلهفة وقلق..
.."..ايه اللي حصل ياعمتي ..انتي وايمان كويسين .."..
..اغلقت زهرة الهاتف وهي تجيب بكلمتين فقط..
.."..لما تيجي هتعرف.."..
..ظهر القلق جليا على وجه مراد الذي وقف بدوره وهو يتساءل..
.."..ايه ..في ايه ياابراهيم.."..
..اسرع ابراهيم ناحية الباب وهو يقول بصوت يشوبه الكثير من القلق..
.."..مش عارف ..خليك هنا .."..
..خرج ابراهيم مسرعا ووضع الهاتف فوق اذنه وما ان اجاب الطرف الثاني قال ابراهيم ..
.."..ايوة ياإمام ..في خلال ربع ساعة توصل جدي ع النادي ..انا هقابلك هناك.. "..
..اغلق الهاتف ليتصل بجده ليكون على علم بالامر ..
..ساعة واحدة وكانت غرفة مدير النادي مكتظة بكل من ايمان التي تجلس ملتصقة بعمتها فوق الاريكة والتي تهرب بعينيها من عيني ابراهيم الذي يقف وسط جده العجوز ومجموعة من الرجال يتحدث معهم بمنتهى الجدية والصرامة ويتخلل حديثه نظرات نارية مختلسة لزوجته التي يعلم جيدا ان نهاية تلك العائلة سوف تكون على يديها ..
..اما السيدتان المعنيتان بالامر كانتا تجلسان وكل واحدة منهما مشعثة الشعر ووجهيهما ملطختان بالوان غريبة يلفان جسديهما بمنشفة كبيرة..ينظران باعين متسعة مذعورة لتلك التي تنطر اليهما بتوعد وتشير باصبعها حول رقبتها من اليمين لليسار وكانه تهديدا بالقتل وقطع رقبتهما ..لمحت زهرة نظرة الرعب بعيني السيدتين وهما ينظران لايمان ..فالتفتت لايمان التي تتوعدهما بإيمائتها واشارة من يديها ..فهتفت العمة بصوت خافت ولكن قوي..
.."..بنت ..وبعدين معاكي ..مش مكفيكي الفضيحةاللي حصلت .."..
..اعتدلت ايمان بجلستها واجابت بصوت خافت ايضا..
.."..كنت عايزاني اعمل ايه ياعمتي ..اسمع كلامهم عليكي واسكت ..عارفة الولية اللي شبه دريكسيون العربية دي ..كانت نازلة نق عليكي ..والولية التانية اللي شبه الفتيس دي جابت سيرة الحج كمال ..شكلها كدة حاطة عينها عليه وعايزة تلطشه منك.."..
..طغى شعور الانثى الغاضبة الغيور بزهرة فالتفتت براسها مسرعة ناحية تلك السيدة لتجدها تزدرد ريقها بصعوبة وتهرب بعينيها بعيدا عن مرمى نظرات زهرة القاتلة ..
..اقترب ابراهيم من عمته واشار لها بيده وهو يقول بصوت جامد كملامح وجهه..
.."..يالا ياعمتي هنمشي .."..
..وقفت زهرة وتسائلت ..
.."..يعني مافيش محضر ولا بوليس هييجي.."..
..هز ابراهيم رأسه بالرفض وهو ينظر شزرا لزوجته ويقول بغيظ من بين اسنانه..
.."..لا ياعمتي ..جدي خلص المشكلة ..هقولك على كل حاجة في البيت ..يالا بينا .."..
..اشار ابراهيم لزوجته وقال بصوت غاضب خافت وبحروف ثقيلة..
.."..اتفضلي.. ياهانم.."..
..وقفت ايمان وتأبطت بذراع عمتها وقالت بصوت مرتعب بعض الشيء ..
.."..ما انا هتفضل طبعا ..بس هتفضل مع عمتي.."..
..اقترب منها وهو يتوعدها بقوله..
.."..خايفة وبتتحامي في عمتك ..عجبك اللي حصل..حسابك معايا في البيت.."..
..وقفت قبالته بتحدي وقالت بصوت قوي مسموع..
.."..انا مش خايفة ولا مكسوفة من اللي عملته ولو حصل تاني قدامي هعمل اكتر من كدة .."..
..نظرت ايمان للسيدتان واستطردت قولها بصوت حاد وهي تشير لهما بأصبعها..
.."..مش زهرة هانم اللي تتكلموا عنها كدة ..واقسم بعزة وجلال الله لو حصل وشوفت وشكوا تاني ..تبقى واحدة منكم بس تتجرأ وتجيب سيرة عمتي تاني ساعتها لهرميكوا في الحمام بس ايه... سوليطي موليطي..سلبوتة يعني  .."..
..تعالت الشهقات والهمهمات المستنكرة..فصاح الجد بغضب ..
.."..بنت اتأدبي واقفلي بوقك ..خد مراتك ياابراهيم واخرج .."..
..امسك ابراهيم بذراع زوجته التي تعجبت من صراخ جدها الغاضب بها ولاول مرة..سحبها ابراهيم ورائه وهو يزفر بضيق ..
..وعند سيارته فتح الباب واشار له وقال بعصبية دون ان ينظر اليها ..
.."..اتفضلي اركبي.."..
..ذمت شفتيها وانصاعت لأمره..اغلق ابراهيم الباب بقوة جعلها تنتفض بمكانها ..تكتفت بذراعيها والتفتت لنافذتها تحدق بالطريق عبر غلالة رقيقة اغرورقت بها عينيها..
..كان ابراهيم اثناء قيادته يختلس نظرات جانبية لتلك الصامتة التي تحدق بالطريق..
قال بصوت حاول ان يكون هادئا..
.."..بعد دا كله وانتي اللي زعلانة .."..
..رفعت يدها مسرعة لتمسح دمعاتها وهي تقول بصوت خافت حزين دون ان تلتفت اليه ..
.."..اول مرة جدي يزعقلي كدة.. وكمان قدام الناس.."..   
..شعر بغصة تخنق حلقه عندما سمع نبرة صوتها الحزينة ولكنه اجابها ..
.."..اومال عايزاه يعمل ايه بعد اللي عملتيه وقولتيه ..يصقفلك ويقولك برافو ياحفيدتي .."..
..التفتت براسها بحدة وصاحت ..
.."..انا معملتش حاجة غلط ..اتنين ستات وجابوا سيرة عمتي بالغلط ..كنت عايزني اسمعهم واسكت .."...
..زفر ابراهيم وقال..
.."..انا مقولتش كدة..كان ممكن تتعاملي معاهم بطريقة تانية..تتكلمي معاهم ..مش تسحبيهم من قفاهم وترميهم في حمام السباحة ..تخيلي ان ازواج الستات اللي رميتيهم دول كان ممكن يعملوا ايه ويصعدوا الموقف ازاي ..لولا جدك سوى معاهم الموقف واتعاقد معاهم بعقود شغل كانوا يتمنوا يقابلوا جدك عشانها من مدة طويلة.."..
..اعتدلت بجلستها وقالت بصوت عال وهي تنظر امامها ..
.."..في ناس مينفعش معاهم كلام.. وكمان حتى لو الموضوع وصل للقسم ولا كان هيمني .."..
..ضرب ابراهيم مقود السيارة بيده وهو يقول بغضب..
.."..لكن يهمني انا ويهم جدك ..ولازم يهمك بعد كدة لانك حفيدة حافظ بيه سالم ومرات ابراهيم سالم ..ناس ليهم سمعة واسم لازم تحافظي عليها ..فاهمة .."..
..رمشت عدة مرات وهي تنظر له بحزن وعتب وقالت بصوت خافت..
.."..فاهمة.."..
..فرك ابراهيم جبينه بقوة فقد فاض به الكيل واصبح في حيرة من امره ..يتساءل بينه وبين نفسه كيف يتفاهم معها دون ان يجرحها او يؤلمها ..فألمها يوجع قلبه الذي فاض بحبها...حاول ان يمد اصابعه لكي يلمس كفها المفرود فوق فخذها ...كان يظن انها سترفض لمسته ولكنه تفاجئ بمجاوبتها معه ..فامسك كفها بقوة  لكي تهدأ وتطمئن بانه معها بكل الاحوال..
..اغمضت عينيها عند احساسها بلمساته الرقيقة بعد نوبة غضبه فلم تستطع الا ان تسترجع كلمات تلك السيدتان عن عمتها ..فقالت بصوت هادئ وهي تنظر لجانب وجهه ..
.."..ياابراهيم انت مسمعتش قالوا عنها ايه ..جابوا سيرة اللي عملته مع جوزها الله يرحمه ..وانها زي ماتكون مجنونة ولا ايه وانها بتتعالج عند دكتور نفساوي .."..
..نظرت اليه واستطردت قولها وتساءلت بلهفة..
.."..هي عمتي صحيح تعبانة ياابراهيم وبتتعالج ..وايه حكاية جوزها دي .."..
..اغمض ابراهيم عينيه وتنهد قائلا وهو مازال يمسك بيدها ..
..".. اطمني ياايمان ..عمتك كويسة ..والمواضيع اللي بتسالي عنها دي ..ابقي اتكلمي فيها معاها هي ..اوكي..وياريت تدعي ربنا اننا نوصل قبل جدك عشان ناوي كدة انه يعلقك.. "..
..اتسعت عينيها وهتفت به ..
.."..يالهوي ...وانت هتسيبه يعلقني .."..
..ابتسم ساخرا وقال..
.."..لا طبعا ..بس هساعده من قلبي واعلقك معاه.."..
..نفضت كف يده المتشابكة اصابعه بأصابعها وتكتفت وهي تنظر لجانب الطريق ..ليصل لأذانها صوت ضحكاته العالية..
..وعند باب الفيلا وقفت ايمان فوق درجات السلم متأففة وهي تنظر للسيارة الخاصة بجدها المركونة امامها وقالت ..
.."..منك لله يااسطى إمام ..سبقتنا ياخويا وجيت الاول .."..
..انتبهت لذاك الواقف محنيا بجذعه للأمام ويقول بطريقة مسرحية ..
.."..اتفضلي ياانسة ..جدك منتظرك على أحر من الجمر.."..
..رفعت ايمان راسها لأعلى وبدات تصعد درجات السلم المتبقية وقالت بعد ان التوت شفتيها جانبا غيظا من زوجها الساخر..
.."..الدنيا مش حر على فكرة ..وجدي بيحبني ومش هيعملي حاجة ..بلا جمر بلا قرن..وسع كدة عشان ادخل.."..
..تجاوزته فاستقام ابراهيم وهو يقول متهكما ..
.."..هنشوف يابنت عمي .."..
..دلفت ايمان للداخل لتجد من  يجلس منتطرا اياها فوق كرسيه المتحرك ونظره لا يحيده عن الباب التي دخلت منه..ابتلعت ريقها بصعوبة وتراجعت خطوتين للوراء ليرتطم ظهرها بصدر ابراهيم الذي قال بصوت خافت به يشوبه الكثير من المرح..
.."..ايه ياشجاعة ماتتفضلي .."..
..امسكت ايمان بكف يده وقالت هامسة بخوف ..
.."..ورحمة ابوك ياشيخ ماتسيبني..انت مش شايف شكله وهو مستنيني عامل ازاي.."..
..همس مستمتعا بجانب اذنها وهو يحاوط خصرها ..
.."..احسن ..تستاهلي.."..
..شعرت ايمان بالغيظ فلمعت براسها فكرة ان تتجه ناحية جدها وتلوح بيدها أمامه وتغني قائلة ..
..*.. اول ماسحبت حزامي ..بقوا يتنططوا قدامي ..* ..
.. ولكنها تراجعت عن تلك الفكرة وتستبدلها بأخرى شيطانية فاسرعت بتنفيذها فورا بتخبئة وجهها بكفيها وهي تعلو بصوت بكائها وتسرع بخطواتها نحو جدها وتصيح ..
.."..بقى كدة ياجدي ..تخليه يعمل فيا كدة .."..
..تسمر ابراهيم مكانه فاغر الفاه متسع العينان وهو يستمع لتلك التي رمت بنفسها فوق ارجل جدها الجالس بكرسيه المتحرك ..ليسمع صوتها وهي ترفع راسها وبصوت باكي مبحوح تهتف ودموعها تغرق وجهها..
.."..انا عارفة ياجدي اني غلطت..بس يعني مش لدرجة انك تخلي ابن عمي يعمل فيا كدة ..هو انا عملت ايه يعني ..انا كنت بدافع عن عمتي حبيبتي.."..
..رمت بوجهها فوق ارجل جدها الذي تغيرت ملامح وجهه من النقيض للنقيض ..فاخذ يمسد فوق راسها وهو ينظر شزرا لحفيده ابراهيم ويقول بصوت غاضب..
.."..انت عملتلها ايه يا ولد ..انا قلتلك توصلها لهنا ..مش تزعلها بالطريقة دي .."..
..تفاجا ابراهيم بحالة الخرس التي انتابته فلم يجد مايدافع به عن نفسه وهو ينتقل بعينيه بين تلك الباكية وجده الغاضب ..ليجد عمته زهرة تهدر غضبا وهي تجلس ارضا على ركبتيها بجانب ايمان تمسد فوق ظهرها لتهدئتها ..
.."..حبيبتي اهدي ..اهدي ..حقك انا هاخده من الولد دا. "..
..وما كاد ان ينطق ابراهيم حتي انتفضت ايمان واقفة وهي تهتف ببكاء مصطنع ..
.."..هو انا عشان ابويا ميت تخليه ياجدي يعمل فيا كدة ..انا ..انا طالعة اوضتي ..ومش عايزة حد فيكم ليه دعوة بيا ..سلامو عليكو.."..
..هرولت بخطوات واسعة ناحية السلم ترتقي درجتين بخطوة واحدة حتى اختفت عن انظار الجميع ليهمس ابراهيم بصوت مسموع ..
.."..يا بنت ال ........."...
..صاح الجد بصوت عال ..
.."..ولد ..اتأدب.."..
..لوح ابراهيم بيده وهتف بغيظ ..
.."..ياجدي والله العظيم ماعملتلها حاجة ..دي بتمثل عشان كانت خايفة من عقابك ع اللي عملته في النادي.."..
..ابتسم الجد وقال بصوت هادئ وهو يشبك اصابع كلتا كفيه ببعضهما..
.."..ايوة عارف ..وكويس انها عملت كدة..لان بصراحة مكانش قلبي مطاوعني ازعلها .."..
..اغتاظ ابراهيم وقال من بين اسنانه..
.."..بقى كدة ..ماااشي ياجدي ..حضرتك تدلعها وانا اللي اشربها في الاخر...انا دلوقتي هطلع اكسر دماغها .."..
..ضحك الجد وقال وهو يحرك كرسيه بيده ناحية غرفته ..
.."..اه طبعا..اطلع وريني هتقدر تعملها ايه.."..
..اسرع ابراهيم بخطواته ناحية السلم واسنانه تصطك غيظا من صوت ضحكات جده وعمته..
..وقف ابراهيم أمام باب غرفتها ورفع قبضته يدق بها فوق سطحه بقوة وهو يقول ..
.."..افتحي الباب .."..
..كانت ايمان تعلم مسبقا انه سوف ياتي فاحكمت اغلاق بابها ووقفت تستند بظهرها فوقه ..واسرعت بقولها ..
.."..لا مش فاتحة..واتفضل على اوضتك ياباشا وخلي الليلة تعدي على خير.."..
..ضرب الباب بقوة وهو يهتف بغضب..
.."..هتبقى ليلة سودا على دماغك..افتحي الباب بدل مااكسره وبعدين هكسرك انتي شخصيا .."..
..التصقت اكثر بالباب وهدرت به..
.."..يعني انت فاكر لما تقولي كدة هفتح ..طب مش فاتحة .."..
..التفت ابراهيم حول نفسه وهو يزأر بغضب ويلوح بيديه في الهواء مانعا نفسه من الصياح بصوت عال...وبعد دقيقة تسمر امام الباب يضم قبضتيه بقوة واخذ يتنفس بروية شيئا فشيئا حتى يستعيد ثباته الذي تبعثر من الغضب والغيظ ثم قال بهدوء..
.."..افتحي الباب ياايمان ومتخافيش مش هعملك حاجة .."..
..استدارت لتقف بقبالة الباب وقالت بصوت قوي..
.."..طب احلف .."..
..من بين اسنانه قال ..
.."..والله ماهعملك حاجة ..ااافتحي.."..
..اجابته مسرعة ..
.."..هفتح بس فسح شوية من قدام الباب ..".
..قطب ابراهيم جبينه وردد..
.."..فسح ..ايه افسح دي.."..
..ذمت شفتيها وتنهدت بضيق وقالت ..
.."..يعني ارجع ورا شوية ..وانا هفتح..وبعدين ادخل ..فهمت .."..
..ارتعشت وجنتيه بغيظ وهو يقول بصوت خافت..
.."..فهمت ..حاااضر .."..
..اخرجت ايمان المفتاح من الباب لتنظر من خلال ذاك الثقب الصغير لتجد ابراهيم يتراجع للوراء خطوتين ببطئ شديد..
..وضعت المفتاح مرة اخرى وادارته لينفتح الباب ثم جرت مسرعة تجلس فوق اريكتها الصغيرة القابعة عند نهاية غرفتها ..
..وما ان سمع ابراهيم صوت المفتاح بالباب حتى اسرع بوضع يده فوق مقبضه ليفتح الباب على مصراعيه باحثا بعينيه عن زوجته الماكرة..ليجدها تجلس القرفصاء فوق اريكتها ..اتجه اليها مسرعا بوجه ترتسم بملامحه علامات الغضب الشديد ..فرفعت اصبعها وهي تقول بخوف..
.."..انت حلفت بالله ماهتعملي حاجة .."..
..زأر بصوت عال وهو يرفع ذراعيه عاليا ويلف حول نفسه.. اغمضت عينيها وانكمشت بجسدها وهي تضع كفيها فوق اذنها خوفا من ذاك الصوت العال..وماهي الا لحظة لتشعر بمن يجلس بجانبها..فتحت عين واحدة لتنظر اليه وهو يحدق بها ويقول ..
.."..عشان تهربي من عقاب جدك ..تورطيني انا قدامه .."..
..ببطئ اعتدلت بجلستها واجابته ..
.."..انت راجل تستحمل ..انا لا ..عشان انا لما حد حبيبي زي جدي كدة مثلا بيكون زعلان مني مابستحملش وتلاقيني سحيت على طول.."..
..لم يكن ابراهيم تخلص من حالة الغيظ التي انتابته فضاقت عينيه وقال ..
.."..حد حبيبك .."..
..نظرت اليه وبملامح طفولية هزت راسها بالايجاب ..فحارب الابتسامة التي الحت ان تظهر فوق شفتيه وهو يقول بعد ان اشار لنفسه..
..".. حبيبك زيي مثلا .."..
..تخضبت وجنتيها باللون الاحمر وفركت طرفي بنطالها باصابعها وهي تهرب بعينيه بعيدا عن وجهه ..ولكنها انتفضت من مكانها عندما هب ابراهيم واقفا ضاربا جانبي ارجله بكفيه ..فهمست بداخلها ..
.."..سلاما قولا من رب رحيم .....هو ملبوس ولا ايه.."..
..التزمت الصمت واخذت تختلس نظرات جانبية وهي تدعو بداخلها ان يهدأ بينما هو كان يبدو انه يتحدث مع نفسه اثناء سيره بالغرفة ذهابا وايابا..
..توقف فجاة امامها واشار اليها بأصبعه وهو يقول بصوت يحاول بشق الانفس ان يكون هادئا..
.."..ايمان ..بعد الكارثة اللي حصلت في النادي ..لازم تسمعي التعليمات اللي هقولها دلوقتي وتنفذ............"..
..توقف عن استرساله بالحديث عندما رفعت اصبعها تطلب الاذن بالحديث ..شعر بغصة تخنق حلقه عندما رأى الحزن والانكسار بعينيها ....زفر بضيق من نفسه وهو يقول ..
.."..نعم ..عايزة تقولي ايه.."..
..انزلت يدها وبملامح وجه يبدو عليها الحيرة والتساؤل قالت بصوت هادئ حزين ..
.."..هو انت هتحاسبني دلوقتي.. ولا هتبدا تعلمني.."..
..تخصر وهو يحاول ان يكبح شبح ابتسامة تريد ان تفارش وجهه وقال..
.."..لا ياستي مش هاحاسبك على حاجة ..انا بس هقولك شوية تعليمات ..ممكن.."..
..هزت راسها وهي تنظر اليه ورفعت اصبعها مرة اخرى للتنبيه قائلة..
.."..لو هنقضيها تعليم ..يبقى ماشي..بس خلي بالك انا حافظة الف بيه...عشان يعني ماتبتديش من الاول ..انا بس بنبهك.."..
..ابتسم وهي يتكتف بذراعيه وقال بصوت قوي ..
.."..ماشي ياستي ..ياريت بقى ماتقاطعنيش تاني .."..
..هزت كتفها وهي تقول ..
.."..الحق عليا اني بنبهك ..بدل الهارية والناكتة.."..
..تقطب جبينه وهو يتسائل ..
.."..ايه... يعني ايه الهركة والباركة دي.."..
..جلست القرفصاء فوق الاريكة بعد شعورها ببعض الراحة وهي تقول بذهول ..
.."..ايه دااا ..انت متعرفهمش .."..
..هز راسه وهو يقول بغيظ ..
.."..لا والله محصليش الشرف .."..
..رفعت كف يدها وحركت اصابعها وهي تقول ..
.."..طب تعال تعال وانا هحكيلك على حكايتهم.."..
..كانت امامه كقطعة حلوى شهية وهي تتحدث وتتحرك بتلك العفوية فانصاع لأمرها واتجه اليها ليجلس القرفصاء قبالتها وهو يقول ..
.."..اديني قعدت اتفضلي احكي .."..
..ابتسمت بطفولية وهي تعتدل بجلستها ممسكة بساقيها وقالت..
.."..بص ياسيدي ولا ستك الا انا...اول هام ...صلي على النبي .."..
..اجابها مستسلما..
.."..عليه افضل الصلاة والسلام .."..
..ابتسمت وهي تقول باريحية ..
.."..كان يا ما كان..ياسعد يااكرام ....."..
..توقفت عن الحديث عندما اشار لها بكف يده وهو يقول ..
.."..انتي هتحكيلي حدوتة ياايمان..وبعدين اسمها ياسادة ياكرام ..مش سعد واكرام بتوعك دول ..وخلينا بقى نتكلم جد شوية.."..
..ذمت شفتيها بطريقة طفولية وقالت ..
.."..نتكلم.."..
..امسك بكفيها بين راحتي يديه وقال ..
.."..ايمان ..لازم تحكمي عقلك قبل اي تصرف ..خصوصا قدام الناس ..يعني قبل ما تتصرفي بإيدك لازم تفكري التصرف دا ممكن تكون ايه نتيجته..اعتقد انه كلام مفهوم "..
..هزت رأسها بالايجاب وهي تقول ..
.."..وانا كمان بتعقد زيك بالظبط ..اخر مرة .."..
..اصدر ضحكة خافتة وهو يقترب منها اكثر ويقول ..
.."....بكرة تيجي معايا الشركة عشان تستلمي شغلك الجديد ..وهيكون حاجة بتحبيها وتفهمي فيها.."..
..اتسعت عينيها بذهول وتعجب واسرعت بقولها بحماس ..
.."..هتخليني اصلح عربيات الناس اللي في الشركة.."..
..امتعض وجهه وشد من قبضته على يديها وقال بغضب وغيظ..
.."..ايمااان ..بقى انا هخلي مراتي تصلح عربيات ...هخليكي مسئولة عن قسم المشروعات الصناعية بالشركة تحت ادارة الباشمهندس رأفت ..فهمتي.."..
..التوت شفتيها وهي تقول ..
.."..بص انا مش هفهم حاجة غير لما اقعد مع رأفت هندسة ونشوف الدنيا فيها ايه..أمين ياباشا.."..
..هز ابراهيم راسه التي مال بها ناحية وجهها وقال وهو يهمس امام شفتيها..
.."..امين ياقلب الباشا.."..
..اسرعت بنفض يديه وهبت واقفة وقالت بتلعثم ..
.."..انا عايزة منك خدمة انسانية كدة .."..
..وقف بقبالتها وردد ..
.."..خدمة انسانية..لمين .."..
..امسكت بطرفي سترته وهي تقول ..
.."..انا عايزة نتكفل بمصاريف جوازة اسطى اؤمؤم بعيشة بنت الست فاطمة من طقطق لسلامو عليكو..ايه رأيك.."..
..اخفض وجهه ينظر لاصابعها التي تتلاعب بسترته وقال بغيظ متهكما..
..".. يادي اسطى اؤموم وزفت.. اسمه إمام.. بس هو مش من باب اولى انك تهتمي بجوازنا احنا الاول ..ع العموم حاضر ولو تحبي نعمل فرحهم في جنينة الفيلا كمان مافيش مانع ..لا جدي ولا عمتي هيعترضوا .."..
..صفقت بإبتهاج وهي تنظر لعينيه التي تلتهمها بوضوح ..فاطلقت لمشاعرها العنان وسمحت لنفسها ان تضع كلتا كفيها فوق صدره وهي تقترب منه اكثر وقالت بنبرة صوت ناعمة لم تكن تعرف انها تملكها..
..وبتلعثم يشوبه الكثير من الخجل..
.."..ابراهيم ..انا..انا بصراحة كدة اطمنت ومبقاتش اخاف ..و...و...وبقيت عايزة اتجوزك.."..
..التمعت عيني ابراهيم واشتعلت الحماسة بقلبه الذي ارتاح اخيرا فصاح بعلو صوته وهو يحملها بين ذراعيه متجها نحو الفراش ..
.."..هو دا الكلام المظبوط ..انتي تؤمري حبيبتي وانا عليا التنفيذ.."..
..صرخت بصوت عال واخذت تضرب الهواء بقدميها وهي تصيح ..
.."..ابراهيم ..لا ...مقصدتش ياجدع انت اللي في بالك دا ..نزلني ..بقولك نزلني.."..
..بجانب الفراش انزلها متعجبا ولكن الابتسامة كانت ماتزال مرتسمة فوق شفتيه وهو يقول بصوت اجش ..
.."..انتي مجنونة يابت انتي ..مش لسة من ثانية طلبتي مني انك تتجوزيني .."..
..ضربته فوق صدره بقوة واهية وهي تقول بغيظ..
.."..هو دا اللي فهمته من كلامي ..قلة الادب وبس ..ايه ماصدقت .."..
..حاوط خصرها بذراعيه القوية ليضمها الى صدره وهو يقول بصوت خافت قوي وهو يهز جسدها بالكامل ..
.."..ماهو طلبك مايتفهمش غير كدة ..ما تيجي نقل ادبنا على بعض يامنيتي.."..
..تلون كامل وجهها بالاحمرار واجابته بتلعثم وعينيها تهرب من عينيه لترتكز على تفاحة ادم البارزة بعنقه..
.."..ابراهيم وبعدين يعني في كلامك دا ..الصبر ياعم الحج..انا قصدي اننا نعمل فرح كبير والبس فستان ابيض منفوووش ..واعزم كل الناس اللي بنحبها..ورقص وغنى واكل فخيم ..وبعدين نيجي هنا ..وترفع الطرحة وتبوسني هن......"..
..كانت الفرحة بكلماتها البسيطة تزيد قلبه اشتعالا وعند كلمة ..تبوسني ..لم يستطع ان يصبر لنهاية حديثها وقام بتقبيلها بل قام ببث كافة مشاعره بتلك القبلة القوية التي دفعتها لمحاوطة رقبته بذراعيها ومبادلته بعفوية ..وعندما انتهيا فقط لأخذ انفاسهما التي انقطعت همست ايمان بصوت متحشرج وهي تشير بأصبعها لجبهتها ..
.."..انا كنت..اقصد ..تبوسني هنا ..مش هنا .."..
..مال مبتسما يقبل جبهتها ولكنه قطب جبينه وقال متهكما..
.."..استني كدة .."..
..وقبل ان تعي ما يعنيه التقط شفتيها بقبلة ثانية ..فتشبثت بذراعيه خوفا من تخاذل قدميها ووقوعها ارضا ..ترك شفتيها وهمس وهو يلامسهما ..
.."..هنا اجمل واطعم بكتير..."..
..همست بإسمه وهي تستند بجبهتها فوق خاصته وقالت ..
.."..ابراهيم..بالله عليك كفاية ..انا مش اد كل اللي بيحصلي دا والله .."..
..ضحك وهو يعتصرها بحضنه ثم قال ..
.."..اللي مانعني عنك.. كلامك ورجائك دا ...ها ياستي كملي ..وعايزة ايه تاني بعد الفرح والبوسة اللي هنا مش هنا.."..
..ابتسمت بدورها وهي تمسد بوجنتها فوق صدره بأريحية وقالت ..
.."..وبعدين نتوضا ..ونصلي ..وبعد مانخلص صلاة ..تحط ايدك على راسي وتدعي عليا .."..
..سكن ابراهيم للحظة ثم انفجر ضاحكا ..رفعت ايمان راسها لتنظر لوجهه الذي باتت تعشق كل انش به وقلبها يتراقص على انغام ضحكاته ..وجدته يميل ويقبل مفرق شعرها وهو يقول ..
.."..ادعي عليكي ..اقول ايه .."..
..رفعت كتفها بلامبالاة وهي تقول ..
.."..مش عارفة ...انا كل اللي اعرفه ان العريس بيدعي على العروسة ..بس معرفش بيقول ايه ..انت اكيد عارف مش كدة .."..
..حاوط وجهها بكفيه وقال بصوت هادئ..
.."..حبيبتي ..هو بيدعي فعلا ..بس مش بيدعي عليها هي هو بيدعي على اللي كان السبب ..وع العموم ساعتها هتعرفي.."..
..غمز بإحدى عينيه واستطرد قوله بنبرة ماكرة ..
.."..ماتيجي نتجوز دلوقتي ..وبردو هجبلك الفستان واعملك احلى فرح.. ونقعد بعدها ندعي على بعض للصبح وكل اللي انتي عايزاه ..ها ..ايه رايك.."..
..زاغت بعينيها وهي تبلع ريقها بصعوبة ..نزعت نفسها من بين احضانه بشق الانفس وابتعدت للوراء خطوة واحدة وقالت وهي في حالة مقاومة واهية ..
.."..لأ يعني لأ ...الدييل دييل...الفرح الاول ..وبعد كدة الجواز ..واتفضل بقى من هنا زي ماقلتلك قبل كدة.. بيتك بيتك .."..
..تقدم ناحيتها خطوة لتبتعد هي بدورها خطوة للوراء ..فقال بصوت هادئ عابث..
.."..ياحبيبتي هتندمي ..مضيعيش الفرصة الذهبية دي من ايديكي .."..
..تكتفت وقالت شامخة برأسها لأعلى ..
.."..كتب الكتاب حاجة والفرح حاجة ياسيد يامحترم ..احنا ناس نعرف الاصول لموأخذة ..وكفاية اصلا قلة الادب اللي حصلت من شوية ..ويكون في علمك دي اخر قلة ادب ..انا بقولك اهو.."..
..اقترب وعلى وجهه ابتسامة عابثة وقال متهكما..
.."..متاكدة يامنيتي.."..
..تنحنحت وقالت بتلكؤ وهب تبتعد عنه ..
.."..والله اعمل زي ستات الحارة وارقع بالصوت لما تقوم خناقة ..اطلع برة يا عم انت .."..
..ضحك وهو يرفع يديه لها لكي تهدأ..
.."..حاضر حاضر ..خارج اهو سايبلك البيت كله وراجع الشركة كمان..بس بعد الفرح المنشود محدش هيعرف يخلصك مني..أمين يامنيتي .."..
.. ابتسمت بخجل وهي تردد..
.."..امين ياباشا.."  ..
..اغلق ابراهيم الباب لتجلس ايمان فوق فراشها وهي تنظر بوله لمحبسها الماسي الذي يزين اصبعها ..
..وبعد برهة من الوقت عادت تلك الكلمات اللاذعة عن عمتها تثير الغضب بداخلها فاسرعت ناحية غرفة عمتها لتجدها مستلقية فوق اريكتها تقرا كتابا باريحية ..فأسرعت ناحيتها تجلس فوق طرف الاريكة وتقول بعصبية بعد خطفها الكتاب من بين يدي عمتها ..
.."..عايزة اتكلم معاكي في موضوع مهم .."..
..زفرت زهرة بغيظ وهي تنظر للكتاب الملقى ارضا.
.."..بنت ..وبعدين في جنانك دا ..هاتي الكتاب..حد يرمي الكتب ع الارض..انتي مش عارفة دا كتاب ايه.."..
..مالت ايمان بجذعها لتمسك بالكتاب وهي تقول بتأفف..
.."..اتفضلي ادي الكتاب اللي مافيش زيه ..نتكلم بقى في المهم..ممكن اعرف ليه حضرتك هادية كدة ومستكينة ومجيتيش تساليني ع اللي الستات قالوه عليكي.."..
..وضعت زهرة الكتاب بجانبها ثم تكتفت وتنهدت قائلة بأريحية..
.."..انا عارفة كويس اللي قالوه عني .."..
..اتسعت عيني ايمان وهي تقول..
.."..عارفة وساكتة ياعمتي ..المفروض كنت انا وانتي جيبناهم من شعرهم وعجناهم في وسط النادي بتاعكوا دا.."..
..اعتدلت زهرة بجلستها لتضرب ايمان فوق كتفها وهي تزجرها قائلة..
.."..شعر ايه وعجن ايه يابنت انتي..عيب اللي بتقوليه دا..الناس المحترمة تتعامل بطريقة ارقى من كدة ..فاهمة .."..
..لوحت ايمان بيدها وهي تقول بعصبية..
.."..مش لو كانوا هما ناس محترمة ..ياعمتي ابوس ايدك ..الطيابة بتاعتك دي معصباني ..اقسم بالله انا كنت ناوية لما يطلعوا من المية اني ابرك عليهم زي الجمل وانزل فيهم تلطيش لغاية اما يبانلهم صاحب .."..
..مدت زهرة يدها لكتابها وهي تقول بقوة..
.."..روحي يا مجنونة انتي على اوضتك ..شوفي حاجة مفيدة اعمليها وسيبيني اكمل قراية.."..
..وضعت ايمان يدها فوق صفحات الكتاب وهي تقول بصوت هادئ قوي..
.."..اللي قالوه دا ياعمتي حقيقي ..انتي ............"..
..اكتسى الشحوب فجأة وجه زهرة فرفعت عينيها عن الكتاب لتنظر لإبنة اخيها وهي تقول بصوت يشوبه الكثير من الحزن..
.."..ايوة ياايمان حقيقي ..ومع اني معرفش هما بالظبط قالوا ايه ..بس لو كانوا قالوا اني مريضة نفسيا واني كنت نزيلة بمستشفى امراض نفسية عشان كنت السبب في موت جوزي يبقى حقيقي ..ها ..مبسوطة دلوقتي انك عرفتي.."..
..ظلت ايمان تحدق بها ثم امسكت بكف يدها وطبعت قبلة قوية فوق ظهره وهي تقول ..
.."..حبيبتي ياعمتي ..انتي احسن ست في الدنيا وعقلك يوزن اجدعها بلد ..هما اللي عالم ترابيس مجنزرة ..".
..اصدرت زهرة ضحكة خافتة وربتت فوق وجنة ايمان وقالت ..
.."..وانتي احسن بنت في الدنيا بس محتاجة تعقل شوية وتبطل جنان ..لازم تفكر قبل ماتتصرف اي تصرف اهوج ..فهماني حبيبتي.."..
..هزت ايمان راسها بقوة وهي تقول ..
.."..مع اني مفهمتش يعني ايه تصرف مبهبج دا ..بس وعد شرف مني افكر قبل ما اضرب ..ولا اقولك يازهورتي ..هما ونصيبهم معايا بقى .."..
..صدحت ضحكات زهرة عندما وجدت ايمان تندس داخل حضنها وتنام بجانبها وهي تقول ..
.."..فسحي كدة ياعمتي خديني جمبك .."..
..التصق جسم زهرة بظهر الاريكة وقالت بغيظ وهي تحاول ان تبعد عنها تلك العلقة التي التصقت بها..
.."..قومي يابنت نامي في اوضتك ..الكنبة هتقع بينا احنا الاتنين .."..
..حاوطت ايمان جسد عمتها بذراعيها وهي تقول ..
.."..ياعمتي ..كنبة هنية تكفي مية ..متقلقيش مش هنقع ..يالا بقى احكيلي.."..
..استسلمت زهرة لهذا الوضع مبتسمة وحاوطتها بذراعيها وهي تقول..
.."..احكيلك عن ايه .."..
..وضعت ايمان رأسها فوق صدر عمتها واجابتها بهدوء ..
.."..انا عايزة اعرف كل حاجة ياعمتي عن اللي قالوه الستات دول ..فضفضي بكل حاجة ..هو مش انا زي بنتك ..هو مش انا بحكيلك عني وعن الباشا اللي مطلعة عينيه دا ..يالا احكي ..اصل انا مش هسيبك غير لما تحكي ..انشالله نبات كدة للصبح من غير اكل ولا شرب.."..
..تنهدت زهرة ثم اغمضت عينيها لتمنع دمعاتها من الهرب فوق وجنتيها ولكن باءت محاولاتها بالفشل وبالاخص عندما شعرت بثقل يجثو فوق صدرها يكتم انفاسها التي تقطعت وهي تقول بصوت حزين ..
.."..عايزاني اقولك واحكيلك عن ايه ..عن جوزي.. جوزي اللي قتلته بإيدي.. وامتى ياايمان.. يوم عيد ميلاده ..واللي المفروض اني في اليوم دا اجبله هدية ..قام هو اللي فاجئني بهديته .."..
..استرجعت زهرة احداث ذلك اليوم بكافة تفاصيله حتى بعد مرور اكثر من خمسة عشر سنة ..تذكرت اشكال اوراق الزينة الملونة التي قامت بتعليقها بحائط غرفة نومها استعدادا لحفل عيد ميلاد زوجها الذي يعشقها ..تفاجئت به يحاوط خصرها ويطبع قبلة قوية فوق عنقها وهو يقول ..
.."..كل سنة وانا طيب معاكي حبيبتي.."..
..استدارت لتحاوط عنقه بذراعيها وهي تقول بصوت ناعم ودلال مقصود..
.."..كل مرة تبوظ عليا مفاجئتي ليك ..مش كنت تتاخر شوية لحد حتى ماالبس واجهز.."..
..وبابتسامة عابثة هز جسدها بيده وهو يقول ..
.."..وتلبسي ليه طالما كدة كدة هيتقلع .."..
..شهقت بصوت عال وهي تضع كفها فوق شفتيه وهي تقول بخجل ..
.."..وجيه ..وبعدين معاك .."..
..انزلت ذراعيها وامسكت بكف يده لتسحبه ناحية طاولة زينتها ..لتمد يدها تفتح الجارور وهي تقول..
.."..تعال شوف هديتك وقولي رايك .."..
..ابتسم وهو يتامل ازرار قميص البدلة والتي كانت من الفضة الخالصة ينغرز بمنتصفها حجرين صغيرين من العقيق ..قام بتقبيل وجنتها وهو يقول ..
.."..شكرا ليكي حبيبتي .."..
..ثم وضع يده بجيب بنطاله ليخرج منه ميدالية يتدلى منها مفتاح يشبه مفتاح قيادة السيارة وكذلك جهاز الكتروني صغير به والذي كان عبارة عن جهاز فتح وغلق السيارة عن بعد ..اخذ وجيه يلوح بتلك الميدالية امام وجهها وهو يقول ..
.."..مبروك حبيبتي عربيتك الجديدة..وخصوصا بعد نجاحك واخيرا باختبارات القيادة.."..
..فغر فاه زهرة وبعدها اخذت تصرخ وهي تقفز كالبلهاء من سعادتها بسيارتها الاولى ..
..دس وجيه الميدالية داخل كف زهرة بعد ان هدات قليلا من فورة حماسها بالسيارة وقال ..
.."..يالا تعالي شوفيها .."..
..كانت سيارتها الجديدة مركونة امام بوابة فيلتها التي ما ان خرجت منها اخذت تصرخ تارة وتقبل وجنتي زوجها تارة ..فاخيرا تحقق حلمها بامتلاك سيارة خاصة بها بعد ان كان والدها يمنعها تماما من تعلم القيادة خوفا ورعبا عليها..
..ركبت سيارتها بعد اصرار زوجها بركوبها بمفردها لكي يشاهدها وهي تقودها أمامه..وبالفعل بدات بقيادة السيارة والسير بها بسرعة شديدة ذهابا وايابا بطول الشارع وعند لحظة خاطفة وقبل ان تقف بسيارتها أمام زوجها الذي اشار لها بيده ظهر لها فجأة من العدم كلب يعبر الشارع وارتعب من اقتراب مقدمة السيارة ناحيته ولكن ارتعابها هي كان اكثر عند رؤيته فأرتبكت واخذت تحرك المقود بعشوائية لكي تتفادى مصادمته..ولكن اظلمت الدنيا فجأة فور اصطدامها بجسم جامد ورؤيتها لزوجها غارقا بدمائه فوق زجاج سيارتها الجديدة التي تشهمت مقدمتها عن اصطدامها بحائط فيلتها ..
..ظلت زهرة تحدق بوجه زوجها المكدوم لتجد نفسها تغيب عن الوعي عند ارتطام وجهها بمقود السيارة وتسبب بذلك ان يصدح بالاجواء صوت زامور عال قوي..
..صمتت زهرة عن سرد تلك الذكرى الاليمة والتي قضت على البقية من حياتها لترفع ايمان رأسها عن صدر عمتها الذي كان يصعد ويهبط بقوة ..مسحت ايمان دموعها وهي تقول لعمتها التي غطت وجهها بكفيها لتبكي بصوت يقطع نياط القلب ..
.."..الله يرحمه ويحسن اليه ..افتكريلو الرحمة ياعمتي واقريلوا الفاتحة .."..
..ظلت زهرة تبكي بحرقة دون مقاطعة من ايمان التي تركتها تفرغ كل ما بصدرها من هموم واحزان..اعتدل كل منها بجلوسه فوق الاريكة ولكن ايمان حاوطت عمتها بذراعيها وهي تقول..
.."..عشان كدة بتقولي انك انتي السبب ..لا ياحبيبتي ..دا مقدر ومكتوب..عمره ووقف لحد كدة ..ليه تحملي نفسك اكتر من طاقتها .."..
..وبصوت خافت رددت زهرة ..
.."..بس ياايمان ارجوكي ..انا عشان عمتك بتقولي كدة ..لكن لو كنت واحدة غريبة عنك كنتي قلت زيهم .."..
..امسكت ايمان بكفي عمتها وقالت ..
.."..لو كنت واحدة غريبة وسمعت حكايتك كنت هقولك انك غلطانة لما تفضلي كدة تحاسبي نفسك وتعصريها وتحرميها بسبب حاجة حصلت غصبن عنك ..بس يمكن الحاجة الكويسة انك روحتي تتعالجي عند الدكتور النفساوي دا.. هو انا صحيح معرفش هو فايدته ..بس اكيد حاجة هتفيدك .."..
..نظرت زهرة للفراغ أمامها وهي تقول بصوت جامد ..
.."..انا بطلت اروح للدكتور من سنين .."..
..صاحت ايمان بقوة وهي تقف أمامها تنظر اليها بغضب ..
.."..ليه كدة ياعمتي بس ..اتاريكي ظالمة نفسك وظالمة معاكي الراجل المسكين عم كمال ..ياعيني عليه .."..
..تجهمت ملامح زهرة وقالت بصوت حاد ..
.."..ايمان اتفضلي على اوضتك وماتفتحيش الموضوع دا معايا تاني مرة.."..
..تراجعت ايمان للوراء عدة خطوات لتجلس فوق الفراش كالقرفصاء وهي تقول بعناد وبصوت قوي ..
.."..لا ياعمتي مش خارجة ..انا هفضل هنا معاكي لغاية مانشوفلنا حل .."..
..هبت زهرة لتهدر أمام وجهها بصوت غاضب..
.."..حل لإيه يابنت انتي ..امشي على اوضتك ..يالا .."..
..لم تتحرك ايمان من موضعها بل عقدت ذراعيها وقالت ببرود..
.."..لا مش خارجة ..معلش يعني ياعمتي ماهو أم حسن مش احسن منك .."..
..تقطب جبين زهرة وضاقت عينيها التي تشع شزرا وصاحت ..
.."..انتي بتقولي ايه ..ميين حسن دا ومين مامته ..وايه دخلهم بينا من الاساس  .."..
..التوت شفتي ايمان وهي تقلد صوت عمتها الناعم بقولها ..
.."..حسن ومامته .."..
..تابعت ايمان قولها بعدما استرجعت نبرة صوتها القوي وقالت ..
.."..ياعمتي اسمها أم حسن .. وتبقى البقالة اللي فاتحة محل في الحارة عندنا ..وحكايتها ياست الكل فيها شبه كبير من حكايتك .."..
..تنهدت زهرة بيأس وجلست بجانب ابنة اخيها فوق طرف الفراش وهي تقول باستسلام ..
.."..يعني ايه مش فاهمة ..شبهها ازاي .."..
..رددت ايمان مسرعة وهي تتأبط ذراع عمتها..
.."..زي السكر في الشاي.."..
..اتسعت عيني زهرة وهدرت بغضب ..
.."..بنت وبعدين معاكي .."..
..اجابتها ايمان مسرعة وهي تضحك بخفوت..
.."..معلش معلش ..اصل الأفية حكمت..المهم ياست الكل ..ام حسن من عشر سنين تعبت وودوها المستشفى ..المهم ماطولش عليكي قالوا انها لازم تعمل عملية ذرع كلاوي .."..
..تأففت زهرة وقالت ..
.."..اسمها عملية ذرع كلى او كلية ..مش كلاوي .."..
..التوت شفتي ايمان جانبا وهي تقول ..
.."..ياعمتي ماتدققيش ع الفسافيس خليكي في المعاميق.. قوم ايه يا عسل انتي اللي حصل.. جوزها عم ابو حسن قال انا هتبرعلها بواحدة من الكلاوي دول ..بس ياحسرة القلب ..الراجل مات في العملية بعد ماخدوا منه الكلية وادوها لمراته اللي لساتها عايشة لدلوقتي .."..
..شهقت زهرة بعد ان اثارت القصة انتباهها فاسرعت بقولها..
.."..وبعدين حصل ايه.."..
..اجابتها ايمان بنبرة صوت حزينة..
.."..طبعا الست بعد مافاقت وعرفت بموت جوزها .. فضلت تولول وتصرخ وتلطم انها السبب في موت جوزها..اهلها وجيرانها ماسابوهاش فضلوا معاها يهونوا عليها .. والشيخ سعيد شيخ الجامع بتاعنا كان كل يومين تلاتة يروحلها يقرا قران في البيت ويتكلم معاها ..وسبحان الله ياستي ..معداش خمس شهور الا والست فاقت لنفسها ولابنها وفتحت الدكان تاني ووقفت فيه زي اجدعها راجل فيكي ياحارة ..تعالي بقى شوفيها دلوقتي ..وشها منور وابنها حسن بسم الله ماشاء الله بقى في كلية الهندسة يعني هيطلع مهندس زي ابويا كدة الله يرحمه.."..
..امسكت ايمان بذقن عمتها لكي تنظر اليها بقوة وهي تقول ..
.."..بصي هي مع ظروفها الصعبة قدرت تقف على رجليها تاني وتربي ابنها ..تقومي انتي ياللي ظروفك احسن منها مية مرة تبقي كدة وتسيبي اللي يسوى ومايسواش يتكلم عليكي ..وتبعدي عنك راجل زي العسل
زي عم كمال كدة ..وبصراحة بقى انا لا ممكن ابدا اقبل إن أم حسن تبقى احسن من عمتي"..
..ارتسم شبح ابتسامة باهتة فوق شفتي زهرة وقالت بصوت واهن وبعينين دامعتين ..
.."..يعني عايزاني اعمل ايه يابنت اخويا .."..
..ابتسمت ايمان وقالت وهي تشد على يديها..
.."..اول حاجة ترجعي تكلمي الدكتور بتاع النفسيات دا .. تاني حاجة تدي ريق حلو للراجل اللي نشفتي ريقه دا وتخليه يبقى معاكي زي ما كلنا هنبقى معاكي ..أمين ياعمتي.."..
..قطبت زهرة جبينها وهي تقول بتساؤل ..
.."..أمين مين .."..
..مطت ايمان شفتيها وقالت بنزق ..
.."..واحد صاحبنا متعرفهوش ..ها ..قلتي ايه..اتفقنا ..دييل على رأي الباشا.."..
..هزت زهرة راسها بالايجاب وقالت وهي تضحك بخفوت وتغمس ايمان بحضنها بقوة..
.."..دييل ..حبيبتي .."..
..وبعد برهة من الوقت وايمان بغرفتها تلقت اتصالا من عزة صديقتها الباكية وهي تقول بحزن..
.."..سي صلاح هيسافر ياايمان .."..
..جلست ايمان باريحية وهي تقول ..
.."..ماهو كان هييجي عليه وقت ويسافر يالوزة ..يسافر لبيته والست والدته..بس متهيألي كدة انه هيرجع تاني وبسرعة كمان..".
..تلهفت عزة وهي تتساءل..
.."..بجد ..عرفتي ازاي ..انطقي.."..
..ضحكت ايمان وهي تقول ..
.."..اتهدي يابت..هو مرة قالي انه عايز يفتح مشروع هنا زي نادي صغير كدة للشباب اللي بيحبوا ينفخوا عضلاتهم دول ..وكمان ياستي متهيألي كدة انه عينه منك ..بس انتي اتهدي واصبري متتسرعيش وهي هتم ان شاء الله.."..
..ذمت عزة شفتيها وقالت ..
.."..انا يمكن اصدقك انه هييجي عشان مشروعه ..بس انه عينه مني ..اهي دي اللي مصدقهاش ابدا ..خصوصا بعد ماقفل شباك المطبخ في وشي .."..
..اتسعت عيني ايمان وقالت مسرعة ..
.."..ازاي يعني ..احكي يامنيلة .. هببتي ايه.."..
..ارتسمت الخيبة فوق ملامح عزة وهي تقول ..
.."..انهاردة الصبح قبل مااروح الشغل ..فتحت شباك المطبخ عشان عارفة انه بيصحى بدري واول حاجة بيعملها كوباية القهوة ..فقلت اعمل اي حاجة احركه بيها ..فا........."...
..هتفت ايمان بغيظ ..
.."..فا....ايه يابت..متقولي.."..
..رمشت عزة عدة مرات وقالت بصوت خافت وهي تنظر حولها لعل لا احد من موظفي المكتب ينصت اليها فيسخر منها عند سماعه بما فعلت ..
.."..شغلت اغنية ..ساكن قصادي وبحبه..وانا ببص عليه وهو بيعمل القهوة..راح ملتفت كدة وبصلي بصة غريبة وراح قافل الشباك في وشي خبط لزق .."..
..صدحت ضحكات ايمان عاليا ..فاصطكت اسنان عزة غيظا وقالت..
.."..بتضحكي عليا ماشي ياصاحبتي ..المهم دلوقتي ..ابقي كلميه ياايمان والنبي وافهمي منه هيسافر ومش راجع تاني ولا هيرجع تاني وامتى.."..
..هزت ايمان راسها وهي تقول ..
.."..ماشي ماشي هكلمه واشوف نظامه ايه ..سلام وابقي سلمي على خالتي تهاني والواد بلاطة.."..
..اغلقت ايمان هاتفها لتجد رنينه يصدح مرة اخرى وبشاشته يظهر اسم زوجها ..
..احتلت الابتسامة ملامح وجهها بالكامل لتجد نفسها تجيبه بصوت هادئ يشوبه الكثير من الخجل..
.."..سلامو عليكو ..مين معايا.."..
..سمعت ضحكاته التي تخللت خلايا جسدها كاملا الذي ارتجف عندما قال ..
.."..حبيبك .."..
..فهمست بإسمه والاحمرار يكسو وجهها .."..ابراهيم .."..
..تنهد بقوة وهو يقول ..
.."..ارجعي قولي الباشا تاني يامنيتي ..لحسن ابراهيم دي هتخليني اسيب الشغل والاجتماعات واجي جري ابوس الشفايف اللي قالت اسمي بالجمال دا .."..
..اغمضت عينيها بقوة وغطت فاهها من هول ما تشعر به من مشاعر تدغدغها لاول مرة ..فحاولت ان تجمع بعضا من قوتها الهاربة وقالت بصوت هادئ ..
.."..قول اتصلت ليه بقى عشان عايزة انزل اقعد مع جدي شوية .."..
..رجع بظهره للوراء واخذ يحرك كرسيه يمينا ويسارا وقال..
.."..ماشي ياستي ..انا بتصل عشان اقولك اني هتاخر انهاردة في الشغل ..ورايا اجتماعات كتير ..اوكيه حبيبتي .."..
..وبدون ان تعي وبمجرد سماعها لكلمة حبيبتي تشعر بالخجل وازدياد سرعة دقات قلبها فاسرعت بقولها ..
.."..طب مااجيلك الشركة ..واقعد في المكتب بتاعي لغاية ما تخلص ونروح سوا ..ايه رايك .."..
..اعتدل ابراهيم بجلسته وقال متحمسا لتلك الفكرة ..
.."..موافق جدا ..خدي العربية من إمام وتعالي.."..
..تساءلت متعجبة ..
.."..وليه.. ماأخليه يوصلني .."..
..تحولت ملامح ابراهيم للجمود وقال بجدية..
.."..لا ..عشان عارف انك هتقعدي قدام وتنزلي رغي معاه في حاجات فارغة .."..
..عضت شفتها السفلى عندما شعرت بغيرته عليها ..وبداخلها حالة من الصدمة وعدم التصديق ..هل ابراهيم يغار عليها بالفعل وممن ...من اسطى إمام سائقهم الخاص ..فرددت بهدوء..
.."..حاضر ..حاجة تانية .."..
..اتسعت عيني ابراهيم ونظر لشاشة هاتفه بتعجب ثم قال وهو يضع هاتفه فوق اذنه مرة اخرى ..
.."..ايمان ..انتي كويسة ياحبيبتي.."..
..اصدرت ضحكة خافتة وهي تردد..
.."..ليه يعني ..عشان بقولك حاضر وبسمع الكلام ..عادي ..احنا عندنا الستات تسمع كلام جوازتهم.."..
..تلاعب ابراهيم بقلمه فوق سطح مكتبه وقال ..
.."..طب يالا تعالي عشان عايزك تسمعي كلامي اللي هقولهولك لما تيجي.."..
..اغلقت ايمان هاتفها واحتضنته بقوة وابتسامة بلهاء ترتسم فوق ملامح وجهها ..وثبت من فوق فراشها  واسرعت ناحية دولابها لتختار أي فستان تظهر فيه جميلة بعيون زوجها..
..نزلت ايمان درجات السلم وهي تدندن كلمات اغنية ..
..*..إبن عمي شاغلي انا عينيا ..وانا في المكان في خلق حواليا ..ومش عايزة حد ياخد باااله من اللي انا فيييه ..*..
..كانت عمتها تقف بجوار كرسي جدها فما ان لمحت ايمان تتهادى بفستانها الوردي حتى اتسعت ابتسامتها وهي تقول ..
.."..على فين بالفستان الحلو دا .."..
..ابتهجت اسارير ايمان وهي تلتف حول نفسها وتقول ..
.."..حلو عشان انتي اللي جايباه ياعمتي ..وانا ياستي رايحة لابراهيم في الشركة وهارجع معاه بالليل ان شاء الله.."..
..اقتربت ايمان من اذن عمتها وعاودت قولها هامسة ..
.."..اتصلتي بالدكتور النفساوي زي ما اتفقنا.."..
..ذمت زهرة شفتيها وهي تقول ..
.."..ايوة اتصلت .."..
..اسرعت ايمان تهمس مرة اخرى بإلحاح..
.."..واتصلتي بعم كيمو عشان يروح معاكي .."..
..ضربتها زهرة فوق كتفها وهي تزجرها بقولها ..
.."..بنت ..اتأدبي ..اسمه اونكل كمال.."..
..تلاعبت ايمان بحاجبيها لتشعل غيظ عمتها مرة اخرى وهي تقول ..
.."..ما اقولك ياطنطا انتي كمان ياعمتي بالمرة ..قال اونكن قال .."..
..مالت بجذعها تقبل وجنة جدها وهي تقول ببشاشة..
.."..حبيبي ياجدجود ...على فكرة بقى ..من بكرة ان شاء الله نجرب نمشي كدة من غير الكرسي ابو عجل دا ..امين ياجدي .."..
..تقطب جبين جدها وهو يقول متعجبا ..
.."..أمين مين يابنت.."..
..هزت ايمان راسها بالنفي وقالت وهي تتنهد باستسلام ..
.."..والله عم أمين تعب من العيله دى ..."......

عروستي ميكانيكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن