....استقامت بوقفتها ولوحت بيدها لعمتها وجدها وهي تتجه ناحية الباب قائلة ..
.."..سلام يارجالة ..هجبلكوا حاجة حلوة وانا جاية .."..
..هرولت ايمان ناحية الجراج لتجد السائق إمام جاثيا على عقبيه يقوم بتغيير اطار السيارة فصاحت به..
.."..اسطى اؤمؤم ..اي مساعدة يااسطى .."..
..انتفض إمام بمكانه وحاول ان يقف ولكن ايمان اسرعت ناحيته وهي تقول..
.."..خليك يااسطى خليك..عارف انت لولا الفستان ..كنت مديت ايدي وغيرنا العجلة سوا.."..
..استقام إمام بوقفته وقال بصوت هادئ ..
.."..لا ياايمان هانم ..انا خلصت والعربية جاهزة..اتفضلي اوصل حضرتك للمكان اللي عايزاه..."..
..ارتفع حاجب ايمان بتعجب وهي تقول باامتعاض ..
.."..في ايه يااسطى إمام مالك قافش كدة .."..
..هز إمام راسه وهو يقول ..
.."..اسف ياايمان هانم ..بس حضرتك عارفة اوامر ابراهيم بيه وانه مانع ان حضرتك تدخلي الجراج ..انا بس بنفذ تعليماته .."..
..تخصرت وقالت بغيظ..
.."..عارف.. انا بس لو مكنتش مستعجلة كنت ظبطك صح ..قال تاعليمات وكلام حمصي قال ..هات المفاتيح هات خليني امشي ..واصبر عليا لما ارجع .."..
..مد إمام يده ناحيتها بالمفاتيح وهو يقول بكل ادب..
.."..اتفضلي حضرتك .."..
..اخذت المفاتيح منه بحركة عصبية وهي تزفر بضيق وتقول ..
.."..اووف دا انت تغيظ ياجدع انت ..طب والله لأقول لعيشة اخليها تنكد عليك صح.."..
..حاول إمام ان يكتم ضحكته ولكنه اكتفى بهز راسه بالايجاب ..
..انطلقت ايمان مسرعة بسيارتها..وما ان وصلت عند البوابة خرجت من سيارتها واتجهت ناحية كشك الامن لتقف أمامه تحدق بأرجائه من الداخل وهي تقول لإحدى موظفي الامن الذي يقف منتصبا ..
.."..ايه ..مش شامة ريحة يعني ..انتو صايمين انهاردة ولا حاجة .."..
..انتقلت اعين موظفي الامن فيما بينهم بتعجب مما يسمعون ..ثم تسمرت نظراتهم لتلك التي لوحت لهم بيدها وهي تقول ..
.."..شكلها ناشفة ..ماشي ..فتحوا عينكوا وخلوا بالكو.."..
..وقفت أمام المصعد وزفرت بضيق وهي تنظر لبابه المعدني ..
.."..والله انا عندي اطلع السلم ولا إني اركب السانسير دا ..بس هطلع عشر ادوار ..دا انا كان نفسي انقطع..وعلى ايه ..نركب والامر لله.."..
..وعند فتح الباب تفاجئت بمراد يخرج من المصعد وهو يقول مبتسما لوجهها ..
.."..اهلاااا بمثيرة مشاكل العائلة trouble maker.."..
..ضاقت عيني ايمان فأمسكت بياقة قميصه تهزه بقو وهي تقول ..
.."..حاسب..عشان لو هتتمهزأ بيا يانحنوح انت ..هطلع بيك تاني وارميك من فوق زي جوز الملاحيس اللي رميتهم في حمام السباحة.."..
..تنحى جانبا بعد تخليص ياقة قميصه من براثن اصابعها وهي يقول ..
.."..لولا انك السبب في احلى غرزتين في حياتي انا كنت ...ولا بلاش ..خلينا friends احسن.."..
..نظرت له ايمان بوجه متجهم وقالت وهي تدخل المصعد ملوحة له بيدها ..
.."..روح روح الله يسهلك ..وابقى خلي البيبيز دول ينفعوك .."..
..صدحت ضحكات مراد وهو يلوح لوجهها قبل ان يغلق باب المصعد..
..خرج مراد من الشركة منطلقا بسيارته لنفس المكان الذي زاره صباحا ..على امل ان يرى طبيبة قلبه مرة اخرى ويحاول ان يتحدث معها ..
..وقف مراد بسيارته على جانب الطريق القريب من المستشفى وما ان راى الطبيبة اسيا تخرج من البوابة الصغيرة خرج مسرعا من سيارته ليسير بجانبها وهو يقول ..
.."..دكتورة اسيا ..لحظة من فضلك .."..
..توقفت اسيا والتفتت لذاك الشاب الوقف باسم الوجه..رسمت الغضب بملامحها على عكس السعادة التي ضربت بأضلاع صدرها وهتفت غاضبة ..
.."..هو في ايه بالظبط يا استاذ انت..هتفضل تنطلي كل شوية..اسمع انا ممكن ابلغ عنك وابهدلك انا بقولك اهو .."..
..رفع مراد بديه باستسلام وهو يقول ..
.."..انا اسف مقصدتش ازعاجك ابدا ..انا بس عايز تديني فرصة اتعرف عليكي.."..
..اتسع فاهها من جرأته فقالت غاضبة..
.."..يااستاذ احترم نفسك.. فرصة عشان تتعرف ...انت فاكر نفسك في اوربا ولا امريكا انت هنا في اكبر حي شعبي بمصر ..يعني تاخد بعضك وتمشي بدل مالغرزتين يبقوا عشر غرز..."..
..لاحظت اسيا نظرات المارة من حولها فالتفتت لتسير بطريقها وهي تدعو بداخلها ان يكون هذا الشاب بالفعل يريدها ..فسمعته وهو يمشي ورائها ليتبعها ويقول..
.."..انا مش هييأس يادكتورة حتى لو الغرزتين بقوا عشرين مش عشرة .."..
..كبحت اسيا ظهور ابتسامة فوق شفتيها فاسرعت بخطواتها حتى توقفت امام محل قديم لحلاقة الرجال تميل بجذعها لتقبل راس رجل عجوز يجلس بجانب باب المحل ..وهي تقول ..
.."..بابا عامل ايه ياحبيبي ..يالا قوم اقفل المحل عشان نطلع نتغدى ..لحسن ماما مابطلتش اتصالات كل شوية ..بتقولي يالا هاتي ابوكي وتعالوا ..المحشي هيبرد .."..
..ابتسم الرجل العجوز وقام من فوق كرسيه ليمسك به فساعدته اسيا وهي تقول ..
.."..عنك انت يا حبيبي.."..
..ابعد الرجل يديها وقال بعصبية خفيفة ..
.."..جرى ايه يادكتورة انتي فاكراني عجزت مش هقدر اشيل حتة كرسي ..دا انا ممكن اشيلك انتي شخصيا .."..
..ربتت اسيا فوق كتف ابيها ثم قبلته وهي تقول ..
.."..ربنا يديك الصحة يابابا ..يالا بينا.."..
..كان مراد يقف بعيدا يراقب مايحدث وبداخله يهمس..
.."..ابوها حلاق ..شكل المهمة هاتكون صعبة وخصوصا معاكي يااصلي هانم..بس ولو ..الدكتورة تستاهل نخوض اصعب الحروب .."..
..التفت عائدا لسيارته وهو يرتب بعقله خطوات التقرب بين طبيبة قلبه وعائلته المتعصبة لاصحاب الثروات ..ولم يكن يدري ان الطبيبة تختلس نظرات جانبية لترى ان كان واقفا ام هرب اول ما رأي ماهي مهنة والدها الذي تفتخر به أمام الجميع...
..وفي حين كل ذلك كانت اصلي هانم تغلق هاتفها بعد ان تلقت مكالمة من احد موظفي الشركة ليعلمها بوصول ايمان للشركة ..اسرعت ناحية التشين التي تجلس باريحية بحديقة الفيلا وهي تقول باللغة التركية..
.."..التشين ..هيا بنا حبيبتي ..لقد علمت ان ابراهيم قد وصل للشركة..هيا ..وكما اتفقنا عزيزتي ..تعرفين جيدا ماذا ستفعلين .."..
..هبت التشين واقفة وتهللت اسارير وجهها عند سماعها واخيرا بانها سوف تلتقي ياابراهيم فصاحت بحماس..
.."..لا تقلقي اصلي هانم ..اعلم ماذا سأفعل بالضبط ..هيا بنا ..لقد اشتقت كثيرا لرؤيته .."..
..كان ابراهيم يجلس حول طاولة الاجتماعات يتحدث بجدية حول مشروعات الشركة في المرحلة القادمة
وعينيه تنتقل بين بقية اعضاء مجلس الادارة الجالسين على جانبي الطاولة ..
..سمع طرقات فوق سطح باب مكتبه ليدخل السكرتير وتلعثم وهي ويقول ..
.."..انا اسف ابراهيم بيه بس ......"..
..وجد السكرتير من يدفع به جانبا وهي تقول ..
.."..ياخويا فسح كدة ..هو انا داخلة قسم الشرابية ..انا داخلة لجوزي.."..
..نظرت ايمان للجالسين امامها وقالت بابتسامة وهي تلوح بيدها ..
.."..السلام عليكم جميعا .."..
..هب ابراهيم اليها مسرعا بخطواته الواسعة وهو يقول ..
.."..اتفضلي حبيبتي .."..
..اتبعه الجالسين ليقفوا فأشارت لهم ايمان قائلة ..
.."..والنبي ماحد فيكم قايم خليكوا زي ما انتو....انا جاية اسلم في السريع وماشية .."..
..حاوط ابراهيم كتفها بذراعه وقال موجه حديثه للسكرتير الذي تسمر مكانه ..
.."..اتفضل انت يااكرم ..وفي اي وقت تيجي الهانم تدخل على طول حتى لو كنت في اجتماع .."..
..هز الرجل راسه بالايجاب وهو يردد مسرعا ..
.."..امرك ياابراهيم بيه .."..
..خرج السكرتير من المكتب فنظر ابراهيم لبقية الاعضاء ليقول بكل اريحية وهدوء..
.."..اقدملكم ايمان هانم مراتي ..اهم عضو في مجلس الادارة نظرا لملكيتها نص اسهم الشركة ..وان شاء الله قريب اوي هتشاركنا اجتماعاتنا الجاية..هستأذن منكم تلات دقايق ونستانف الاجتماع.."..
..رفعت وجهها لتهمس بجانب اذنه ..
.."..اقولهم منورين المكان يابشاوات ولا بلاش ونمشي من سكات.."..
..نظر ابراهيم للمحدقين باعينهم عليهما راسما فوق ملامح وجهه ابتسامة باهتة فربت فوق كتفها بهوادة وقال من بين اسنانه بصوت خافت ..
.."..لا حبيبتي مافيش داعي ..انا هبلغهم بنفسي بعدين .."..
..انزل يده عن كتفها وعانق بكفه كفها الصغير وخرج بها من مكتبه باتجاه مكتبها ..ولكنه لم يصبر فدلف بها اول غرفة مر بها والتي كانت بجانب مكتبه ..وما ان اغلق بابه ليدفع بظهرها فوق سطحه ليغمسها بحضنه مبتلعا شهقتها بين شفتيه ..كان الصمت يعم المكان ماعدا صوت انينها الخافت ..ترك ابراهيم شفتيها مرغما ورفع وجهه لينظر لعينيها المطبقة جفونها بقوة وهمس بشفتيه امام شفتيها ..
.."..وحشتيني يا بنت عمي .."..
..فتحت عينيها ببطئ شديد لتهمس هي الاخرى ببطئ شديد..
.."..انشالله.. ما تشوف.. وحش ابدا .."..
..اصدر ابراهيم ضحكة خافتة وقال وهو يهز راسه يمينا ويسارا ..وعلامات الاستسلام مرتسمة بملامح وجهه..
.."..مافيش فايدة ...المهم...ها ياستي ..تقعدي معايا في مكتبي..ولا تقعدي بمكتبك .."..
..رمشت بعينيها عدة مرات وقالت بتلكؤ..
.."..هاقعد.. هناك..."..
..التوت شفتي ابراهيم بإبتسامة جانبية وقال..
.."..اوكي ..اقعدي هناك في مكتبك ولما اخلص الاجتماع اجيلك هناك.. الندل مراد سابني وهرب من الاجتماع وهو بيقولي امر طارىء .."..
..هزت ايمان راسها وقالت بصوت خافت ..
.."..معلش يمكن طارق صاحبه تعبان ولا حاجة فراح يلحقه .."..
..خطف قبلة سريعة من شفتيها المنفرجة وضحك قائلا..
.."..تعرفي اني خلاص مابقتش اقدر استغنى عنك ..إعملي حسابك هما اسبوعين بالظبط ونعمل الفرح اللي نفسك فيه ..دييل "..
..تخضبت وجنتيها ولكنها اسرعت بقولها ..
.."..دييل..بس القضية .."..
..قرص ذقنها بإصبعيه وهو يردد بحسم ..
.."..قولتلك القضية برة موضوع جوازنا ..كسبناها خسرناها هنعمل الفرح ..فاهمة .."..
..هزت رأسها بقوة وقالت..
.."..فاهمة ..بس معلشي هو ايه اللي قولته للرجالة اللي كنت قاعد معاهم جوة دول..هي مين دي اللي هتحضر القعدة بتاعتكم ..انا .. "..
..اجابها ابراهيم وهو يهز رأسه بالايجاب واصابعه تداعب خصلات شعرها ..
..".. ايوة حبيبتي..لو كسبنا القضية ..قدام شوية هتحضري الاجتماعات معايا لانك ياحبيبتي تملكي نص اسهم الشركة .."..
..هزت ايمان راسها بالنفي وقبل ان تنطق ..وضع ابراهيم اصبعيه فوق شفتيها وهو يقول بهدوء وجدية ..
.."..مافيش حاجة اسمها لا..انا مبقولكيش تحضري من دلوقتي ..انا بقول لما تتعلمي وتعرفي شغل الشركة ماشي ازاي ساعتها هتكوني جمبي ..لان دا حقك ولازم انتي بنفسك اللي تحافظي عليه ..أمين.."..
..ابتسمت ايمان وهزت راسها وهي تقول ..
.."..امين .."..
..تركها على مضض وهو يؤكد عليها انه سوف ياتي اليها فور انتهاء الاجتماع ..
..دلفت ايمان لمكتبها لتجد ليلى تهب واقفة عند رؤيتها فصاحت ايمان بابتسامة عريضة تفترش ملامح وجهها ..
.."..لولة ..ازيك ..."..
..ارتسمت بملامح ليلى ابتسامة رقيقة وهي تقول..
.."..الحمد لله ..ازي حضرتك ايمان هانم.."..
..امتعض وجه ايمان عند سماع كلمة هانم فقالت ..
..".. انا ياستي الحمد لله .. انا هقعد في المكتب شوية ..ياريت توصيلي على كوباية شاي معتبرة .."..
..وبابتسامة رقيقة اجابتها ليلى..
.."..امرك ايمان هانم .."..
..التوت شفتي ايمان بإمتعاض فور سماعها لكلمة هانم ولكنها دلفت لمكتبها وهي تتأفف قائلة ..
.."..انتي واؤمؤم هتفورو دمي بكلمة هانم دي .."..
..جلست فوق كرسيها امام مكتبها تتحدث مع نفسها وهي تجري اتصالا هاتفيا بصديقتها عزة ...
.."..بت يالوزة انا هنا في الشركة ..تعاليلي المكتب الفخامة بتاعي.."..
..مطت عزة شفتيها وهي تقول بحزن..
.."..مش هينفع ياختي ..المدير بتاعنا دماغة صر....ولا بلاش ..مش بيرضى ..وكمان انا قاعدة قدام الكمبيوتر عشان مطلوب مني تقرير اكتبه .."..
..ضحكت ايمان وهي تقول ..
.."..احسن ..ولا اقولك هاتيلي المدير بتاعك اكلمه.."..
..هزت عزة راسها وهي تقول بصوت قوي ..
.."..لا ياايمان ..انا مش عايزة حد يتكلم عليا ويقول اني بشتغل بمزاجي ومحدش يقدر يكلمني عشان انتي صاحبتي .."..
..ابتسمت ايمان وقالت ..
.."..جدعة يابت ..بس بردو لو حد كلمك او زعلك تقوليلي على طول ..فااهمة .."..
..لمحت عزة نظرة المدير الغاضبة ناحيتها نظرا لحديثها بالهاتف فأسرعت بقولها ..
.."..ماشي ..سلام سلام لحسن البوعبوع بيبصلي .."..
..اغلقت ايمان الهاتف وبدأت تتلاعب بهاتفها وبعد مرور بعض الوقت تأففت وهي ترمي بهاتفها فوق المكتب وقالت ..
.."..كل دا اجتماع ..دا ولا اجتماع رئيس الحي بزبالين المنطقة ..بيقولوا ايه كل دا .."..
..وقبل ان تهب من فوق كرسيها ..وجدت من يطرق الباب ..لتدخل ليلى السكرتيرة وهي تقول ..
.."..ايمان هانم ..اصلي هانم طالبة مقابلة حضرتك .."..
..امتعض وجه ايمان واكفهرت ملامحها وهي تقول بصوت غاضب..
.."..تصدقي بالله ياليلى يابنت أم ليلى انتي عكننتي مزاجي بكلمة هانم في الاول وبعد كدة ندمتيني اني جيت بسبب ست فصلي دي واللي معرفش هي جاية ليه ..خير يارب ..دخليها يابنتي ..هو يوم باين من اوله .."..
..دلفت اصلي للمكتب بخطوات تدب الارض من تحتها ..رافعة انفها لأعلى تنظر نظرات متعالية لإيمان تلك التي تحدق بها من اسفلها لأعلاها وهي تهمس داخلها ..
.."..الله يخربيت النفخ اللي خلى وشك شبه الكورة الشراب...."..
..جلست اصلي فوق الكرسي المقابل لمكتب ايمان وهي تقول ..
.."..iyi akşamlar ..مساء الخير.."..
..اعوجت شفتي ايمان يمينا ويسارا وقالت بضيق وهي تضرب ظهر كفها فوق سطح مكتبها ..
.."..اللهم طولك ياروح ..اهلا ياست شكشوكة ..منورة .."..
..رفعت اصلي احدى ساقيها لتضعها فوق الاخرى وهي تنظر بتعالي لايمان قائلة ..
..".. انا هتغاضى عن لسانك الطويل ..لان من الطبيعي واحدة زيك يكون هو دا اسلوبها ..بس مضطرة اعمل ايه .."..
..رجعت ايمان بظهرها للوراء وقالت وهي تحرك كرسيها بخفة ..
.."..وانا كمان هاصهين عن كلامك اللي زي الدبش ..ودا عشان انتي ست كبيرة ومرات عمي في الاول والاخر ..اتفضلي سامعاكي ياست المنضطرة .."..
..اصطكت اسنان اصلي من شدة الغيظ..فقالت بغيظ..
.."..اعرفي كويس انتي بتتكلمي مع مين ..انا اصلي هانم .."..
..التوت شفتي ايمان وقالت بنزق ..
.."..حصلنا الارهاب والتفزع وركبتي خبطت في بعضها .. ها ..إرغي ياست عصري.."..
..كتمت اصلي غيظها ورسمت ابتسامة خبيثة فوق شفتيها وهي تقول ..
.."..انا جيت بس لعمل انساني ..مع اني عارفة ان اللي تقبل على نفسها ثروة مش من حقها تقبل انها تدمر حياة انسانة بريئة كل ذنبها انها وثقت في انسان طماع زي ابراهيم.."..
..قطبت ايمان جبينها وهبت لتقف وقالت بصوت غاضب وهي تستدير حول مكتبها ..
.."..عندك ياحجة..عند سيرة جوزي وتقفي انتباه ..هو مين دا اللي طماع ..وثروة ايه ياست المتغندرة اللي مش من حقي ...بقولك ايه. ماتجيبي من الاخر وترصي كلام افهمه.."..
..شعرت اصلي ببعض الخوف من هجوم تلك الشرسة ولكنها حافظت على ثباتها واستطردت قولها عندما جلست ايمان قبالتها ..
.."..مش عارفة ثروة ايه ..نص ثروة جدك اللي استوليتي عليها .."..
..زفرت ايمان بضيق وقالت غاضبة..
.."..الكلام دا تروحي تقوليه لجدي اللي جوزك رفع عليه قضية و عايز يطلعه مجنون قدام الناس ..انا لا عايزة ثروة ولا زفت..انا ربنا غانيني عن ثروتكم دي كلها.."..
..اصدرت اصلي ضحكة خافتة وهي تقول ..
.."..ياريت الكلام دا تبقي تقوليه في المحكمة واللي انتي السبب في اننا ندخلها .."..
..ضغطت ايمان طرفي اصبعيها الابهام والسبابة ورفعتهما عاليا أمام وجه اصلي وهي تقول بغضب مكتوم..
.."..هي تكة صغيرة كمان وهتلاقيني انفجرت في وشك زي باجور الجاز ..قولي اللي عايزة تقوليه على طول.."..
..ابتلعت اصلي ريقها بصعوبة واسرعت بقولها ..
.."..انا جاية اتكلم عن التشين البنت اللي حاولت الانتحار وكانت هتموت بعد ماخطفتي منها ابراهيم ..ابراهيم اللي وعدها بالجواز ..لكن طبعا بعد ظهورك وامتلاكك للثروة الكبيرة دي مستحيل يضيع الفرصة دي من ايده ..ومش مهم بقى مصير البنت المسكينة هي واللي في بطنها .."..
..لم تعرف ايمان لماذا شعرت بسخونة مفاجئة تضرب رأسها وقلبها وكأن احدا ما امسك به ورمى به داخل هوة سحيقة ..غصة مريرة تتشبث بحلقها ولكنها بشق الانفس حاولت ان تعثر على صوتها المخنوق لتقول بخفوت..
.."..انتي ياست انتي بتقولي ايه ..هو ايه دا اللي ببطنها.......انتي كدابة .."..
..حاولت اصلي ان تخفي فرحتها برؤية شحوب وجه ايمان وتخاذلها فاسرعت بقولها لتضرب الحديد الساخن بقوة..
.."..انا مش هرد عليكي ..ليه هو انتي متعرفيش ان ابراهيم والتشين كانوا شبه مخطوبين لبعض .. لو مش مصدقاني تعالي معايا اوضة ابراهيم ..التشين دلوقتي بتحاول تتفاهم معاه..انا ممكن اجي معاكي وافهمك بيقولوا ايه ..ولو مش واثقة فيا تقدري تختاري اي موظف من موظفين الشركة ..معظمهم يعرف تركي.."..
..امسكت ايمان بذراعي كرسيها محاولة منها للوقوف ..وهي تهمس لنفسها ..
.."..اجمدي ياايمان ..اوعي تخليها تشوفك مكسورة .."..
..اشارت ايمان لأصلي بيدها ناحية الباب وهي تقول بصوت جامد .."..قدامي لما نشوف اخرتها.."..
..خرجا الاثنان من المكتب فوقفت ليلى تحدق بوجه ايمان الشاحب ..تخطتها ايمان ولكنها تراجعت تقف بقبالتها وتقول بصوت ميت كنظرة عينيها..
.."..ليلى انتي تعرفي تتكلمي زي التراكوة..يعني بتفهمي كلامهم .."..
..هزت ليلى راسها بالايجاب وقالت ..
.."..ايوة ياايمان هانم ..انا بعرف تركي.."..
..هزت ايمان راسها وامسكت ذراع ليلى وهي تقول ..
.."..طب تعالي معايا .."..
امسكت اصلي بهاتفها لكي ترسل رسالة لالتشين التي ما ان وصلتها اشعارا برسالة جديدة قامت لتكمل ما بداته..فقبل عشر دقائق كان ابراهيم يزفر بضيق فور انتهاء الاجتماع فاسرع متجها للباب كي يلحق بزوجته التي اشتاق اليها والى جنونها العفوي معه ولكنه تفاجئ بمن تفتح الباب والتي كانت التشين ..
..ظهرت علامات الصدمة على وجه ابراهيم الذي نطق بإسمها متعجبا ..
.."..التشين.."..
..جرت ناحيته لتحتضنه وهي تقول بلغتها التركية..
.."..ابراهيم حبيبي ..افتقدك كثيرا.."..
..نظر ابراهيم لأكرم السكرتير الذي يقف بجانب الباب مطأطأ راسه بابتسامة تهكمية ..فقال ابراهيم..
.."..اخرج انت يااكرم ومدخلش حد علينا.."..
..هز اكرم راسه وقال وهو يغلق الباب ..
.."..امرك ياابراهيم بيه.."..
..نزع ابراهيم تلك المتشبثة به وهو يقول بنفس لغتها التركية أمام وجهها..
.."..التشين ما الذي جاء بك الى هنا .."..
..حاولت التشين ان تقترب منه اكثر ولكن قوة ذراعي ابراهيم الصلبة منعتها من ذلك فقالت بنبرة صوت حزينة ..
.."..حبيبي ..لقد افتقدك كثيرا وانتظرتك اكثر ولم تأتي كما وعدتني .."..
..اكفهرت ملامح وجه ابراهيم الذي اشار لها بان تجلس ورجع هو ليجلس فوق كرسيه امام مكتبه وقال..
.."..التشين ..تعرفين جيدا اني لم اعدك بشيء..ومن الاساس انتي تعرفين ماهو تعريف علاقتنا .."..
..اعتدلت التشين بجلستها وقالت بقوة..
.."..ماذا ..ماذا تقول ابراهيم..انت تعلم اني احبك .."..
..فرك ابراهيم جبينه وقال بصوت قوي ..
.."..التشين اسمعيني جيدا ..عندما اعترفتي لي بحبك بتركيا ..انا بماذا اجبتك ..قلت لك انا لا اشعر تجاهك بشيء ولنترك الوقت بيننا هو الكفيل بتوضيح مشاعرنا تجاه بعضنا البعض ..ولنبدأها بصداقة...وانت وافقت ..اليس كذلك ..والان انا اصبحت رجل متزوج واحب زوجتي ..وانتي بالنسبة لي صديقة كما اتفقنا..انا لم اخدعك التشين .."..
..اهتز هاتف التشين فتقمصت دور الباكية وبدات تجهش بالبكاء حتي زفر ابراهيم بضيق ورجع بظهره للوراء وهو يقول بصوت غاضب ..
.."..التشين من فضلك .."..
وعند هذه اللحظة دلفت ايمان وهي تمسك بذراع ليلى وامامهم اصلي التي اشارت لاكرم جاسوسها بالشركة ليخرج من الغرفة ويتيح لهم فرصة الوقوف عند الباب وسماع مايجري بداخل غرفة ابراهيم..
هبت التشين مسرعة تجاهه مالت بجذعها امامه وهي تقول بصوت باكي مصطنع..
.."..لا ابراهيم ارجوك..لا تتركني ..سافعل كل ماتريده مني ..حبنا اغلى من المال الذي تسعى لامتلاكه حبيبي.."..
..وقف ابراهيم بقبالتها ينظر لها متعجبا فامسك بكتفيها وقت وهو يهز جسدها بقوة ..
.."..التشين ماذا تقولين ..انا........."..
..وضعت التشين يدها فوق فاهه ويدها الاخرى فوق بطنها لتسرع بقولها ..
.."..اتترك حبيبتك من اجل المال ابراهيم ..لقد كدت ان اموت وحاولت بالفعل ان انتحر ..ولكن من اجل حبنا والايام الجميلة التي قضيناها سويا تراجعت حبيبي ..وان كنت تراجعت ايضا لسبب اقوى وهو من اجل ابننا .."..
..نظر ابراهيم لبطنها بتعجب ولكنه اجفل عندما قامت التشين بتقبيله بقوة ..
..وعند هذه اللقطة الموجعة تراجعت ايمان واتجهت لتخرج من غرفة السكرتير وورائها ليلى التي ظلت تهمس بجانب اذنها ..
.."..ايمان هانم ..ارجوكي استني واسمعي ابراهيم بيه..اكيد في حاجة غلط .."..
..كانت ايمان شبه غائبة عن ادراك مايحدث حولها فلامست محبسها ..اخفضت عينيها ناحيته فنزعته من اصبعها ووضعته فوق سطح مكتب السكرتير ثم اتجهت لتخرج من الباب وهي تقول..
.."..ابقي ناوليه لصاحبه ياليلى .."..
..هتفت ليلى بصوت عال حزين ..
.."..ايمان هانم ارجوكي استني .."..
..امسكت اصلي بذراع ليلى وهي تقول بصوت حاد ..
.."..اسكتي انتي خالص ..انت مالك ..اتفضلي على مكتبك واعملي زي ماقالتلك .."..
..امتعض وجه ليلى وهي تمسك بمحبس ايمان وقبل ان تنطق وجدت التشين تخرج من المكتب تبكي بحرقة وقالت لاصلي بلغتها ..
.."..لقد طردني اصلي هانم ..هل تتخيلين ذلك ..لقد فضل علي انا تلك الفتاة الوضيعة.."..
..اسرعت ليلى بالخروج من الغرفة باحثة بعينيها عن ايمان بكل الارجاء ولكنها للاسف لم تجدها ..وصل لاذنها صوت ابراهيم العال ..فاسرعت للغرفة لتجد ابراهيم يهتف امام زوجة عمه ..
.."..بقى حضرتك اللي جيبتيها لغاية هنا ..كان لازم افهم من اول ماشوفت التشين انها مستحيل تيجي وتتجرأ كدة الا اذا كنت حضرتك ورا الموضوع برمته.."..
..وبوجه وصوت جامد اجابته اصلي ..
.."..ليه ياابراهيم بتقول كدة ..انا عملت ايه ..التشين اتصلت بيا عشان كانت هتموت وتشوفك وتتكلم معاك ..واظن ان الموضوع اللي بلغتك بيه مهم جدا ولا انا غلطانة .."..
..اتسعت عيني ابراهيم وهو يقول غاضبا ..
.."..وانتي صدقتيها يا مرات عمي ..وكانك متعرفنيش كويس ولا تعرفي اخلاقي وان مستحيل اعمل حاجة زي كدة .."..
..كانت التشين تنتقل بعينيها بينهما دون ان تفهم او تعي اي كلمة من حوارهم الغاضب ..
..رفعت ليلى يدها الممسكة بالمحبس فلمحها ابراهيم الذي تسمرت عينيه على ما بيدها اتجه اليها وامسك بالمحبس ليسمع ليلى وهي تقول بحزن ..
.."..ايمان هانم كانت واقفة على باب مكتب حضرتك وسمعت وشافت كل حاجة ..وقبل ماتمشي قلعت الدبلة وقالتلي اوصلهالك.."..
..ارتسمت معالم الغضب فوق ملامحه وهمس بقوله ..
.."..قبل ماتمشي.."..
..صاح بوجه ليلى وهو يستطرد قوله بصوت عال غاضب..
.."..مشيت راحت فين .."..
..انتفض كل من بالغرفة فاسرعت ليلى بقولها ..
.."..مش عارفة هي تقريبا خرجت من الشركة كلها.."..
..غمس المحبس بباطن كفه ثم التفت الي زوجة عمه وبعينين تحمل كرها وغضبا شديدا نظر اليها واقترب منها بخطوات بطيئة ..ارتعشت اصلي وكان نظراته القاتلة رصاصات تخترق صدرها ..ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تسمع ما يقول ..
.."..اقسم بالله لولا انك مرات عمي وأم مراد اخويا ..لكنت اتصرفت معاكي تصرف يخليكي تندمي اشد الندم على عملتيه معايا .."..
..اشار لالتشين التي اختبئت خلف ظهر اصلي واستطرد قوله ..
.."..تاخدي العروسة الماريونت بتاعتك وتخرجي من هنا حالا ..وانا هعرف ازاي امنعك من دخولها مرة تانية .."..
..اهتز صوت اصلي التي حاولت عبثا الحفاظ على هدوئها فقالت..
.."..بتطردني من شركة جوزي ياابراهيم ..و عشان مين ..عشان واحدة بيئة متستاهلش ..".
..صرخ ابراهيم بصوت عال حاد ..
.."..اصلي هانم كلمة واحدة عن مراتي واكسر المكان على دماغ الكل...الشركة شركة جدي ..اتفضلي قبل ماافقد اعصابي ..اتفضلللللي.."..
..اسرعت اصلي بالخروج ملتصق بظهرها التشين المرتعبة ..دلف ابراهيم لمكتبه لياخذ هاتفه محاولا الاتصال بها ..وهو يتجه للمصعد ..لم يسمع الا رنين دون اجابة ..ضرب ازرار المصعد بقوة وغضب وهو يهمس لنفسه..
.."..ردي ياايمان ..اتخانقي معايا ..بس ردي عليا .."..
..حاول الاتصال مرة اخرى وغمرته الفرحة عندما انفتح الاتصال ليسرع بقوله متلهفا..
.."..ايمان حبيبتي ..انتي فين .."..
..ارتسم على ملامح وجهه الانكسار و التخاذل عندما وجد ليلى السكرتيرة هي من تجيبه قائلة..
.."..انا ليلي ياابراهيم بيه..ايمان هانم سابت تليفونها ع المكتب .."..
..اغلق ابراهيم هاتفه ليضرب الحائط المعدني للمصعد بقوة وهو يسب ويلعن من كان السبب بذلك..
..خرج ابراهيم من المصعد وهو يبحث بعينيه عن تلك الهاربة ولكن دون جدوى فاتجه لسيارته واسرع بركوبها واخذ يدور بسيارته بالشوارع المحيطة بالشركة باحثا بعينيه عن زوجته ولكن كانت مثل ما يقولون ....فص ملح وذاب ..اسرع بسيارته للحارة واسرع بخطواته الواسعة ناحية بيت الخالة تهاني بعد ما ركن سيارته بالشارع الجانبي ..اطرق الباب بقوة لتفتح تهاني التي ارتسم على ملامح وجهها الدهشة والتعجب وهي تقول..
.."..ابراهيم بيه..خير يايني ..ايمان بعد الشر جرالها حاجة.."..
..وبملامح الخيبة هز ابراهيم رأسه وهو يقول ..
.."..انا كنت جاي اسالك عنها ..لانها سابت الشركة فجاة ومقالتش هي رايحة فين .."..
..قبضت تهاني على صدرها وهي تقول بخوف..
.."..ليه يابني ..هو حد زعلها ..اصلها هي كدة لما تزعل من حد تمشي وتحب تقعد لوحدها لغاية ماتروق وترجع تاني..بس اطمن هي اكيد شوية كدة وعلى اخر النهار هتلاقيها قدامك وبتضحك كمان ..ايمان مابتعرفش تشيل في قلبها ابدا.."..
..هز راسه وقال بصوت قوي ..
.."..ارجو من حضرتك تبلغيني لو جت هنا .."..
..اجابته .."..طبعا طبعا.."..
...عاود ابراهيم الرجوع للشركة وجلس بمكتبها ليمسك بهاتفها يتفحصه فنظر لإسم عزة فأسرع بالاتصال بها ..لتجيبه بقولها ..
.."..نصاية وطلعالك يابت ..وصي على سندويتشات لحسن انا ميتة من الجوع.."..
..اجابها ابراهيم ..
.."..انا ابراهيم ياانسة عزة من فضلك تيجي مكتب ايمان حالا .."..
..هبت عزة لتقف وتقول بتلكؤ..
.."..لموأخذة يابيه ..حاضر ..انا جاية اهو.."..
..وقفت امام مديرها واشارت لهاتفها قائلة...
.."..صاحب الشركة بذات نفسيته هو اللي طالبني اروح مكتب الست بتاعته ..ولو مكنتش مصدقني اتصل بيه .."..
..زفر مديرها بضيق واشار لها بيده ان تذهب ..فجرت مسرعة ناحية مكتب صديقتها لترى مايحدث فإستدعاء ابراهيم لها قد بث القلق داخلها ..
..تعبت ايمان من كثرة البكاء والسير بكعبها العال..لمحت بعينيها المليئة بالدموع مقعد خشبي يتوسط الرصيف الشبه خالي من المارة ..رمت بنفسها فوقه ورجعت بظهرها للوراء بتخاذل وانكسار ..نظرت للفراغ امامها ليتمثل مشهد تقبيل التشين لزوجها بعد ما ابلغته بما ببطنها أمام عينيها مرة اخرى فغطت وجهها بكفيها لتمنع صوت بكائها العال من ان يسمعه أحد حولها..شعرت بمن يجلس بجانبها ثم وكأن نصل رفيع ينغز جانبها ..رفعت رأسها والتفتت لتجد شابا صغير يتفصد جبينه بالعرق وحدقتي عينيه تتحرك يمينا ويسارا بتوتر واضح ..بلع ريقه بصعوبة وهو يقول لها بتلعثم وبصوت حاول ان يكون حادا..
.."..طل....طلعي اللي ...اللي معاكي والا هتموتي.."
..اخفضت عينيها لجانبها لتجد يدا مهزوزة تمسك بمدية قديمة صدئة حافة نصلها تهدد باختراق جنبها..
..رفعت عينيها للشاب الذي كاد ان يغشى عليه ثم قالت بصوت هادئ عندما عاودت النظر للأمام مرة اخرى تمسح وجهها ..
.."..شوف ياأخ ..انا كنت بفكر ارمي نفسي في النيل ..بس استغفرت وقلت حرام ..قوم تيجي انت تقوم بالعملية بدالي ..انجز يااخ وشوف شغلك.."..
..تزايدت حدة لهاث الشاب الذي ضاقت عينيه وقطب جبينه فقال بتعجب ..
.."..انتي مجنونة ولا ايه ..بقولك طلعي اللي معاكي..والا هغزك ومحدش هيلحقك.."..
..تكتفت واعتدلت بجلستها وقالت بأريحية دون النظر اليه..
.."..ومين قالك اني عايزة حد يلحقني ..قلتلك انجز ..يالا يابني.."..
..ظل يحدق بجانب وجهها والتفت برأسه يمينا ويسارا وقال بتلكؤ..
.."..اوعي تفتكري اني بهوش ..انا هموتك لو مطلعتيش باللي معاكي .."..
..التفتت اليه ببطئ شديد وقالت ...
.."..وانا كمان مابهوش ...انت لو قلبتني ..راسي تحت ورجليا فوق مش هينزل مني ولا حتى ربع جنيه مخروم..وعشان حظك الهباب الساعة والموبايل والشنطة بتاعتي سيبتهم على المكتب قبل مامشي ..فا يتغزني ياتقوم تشوفلك حد تاني..."..
..ارتسمت على وجه الشاب علامات الخيبة ..اخفض عينيه لاسفل ينظر للمدية التي قام بثنيها ووضعها في جيبه ..
..تنهدت ايمان وهي تقول له..
.."..انت اول مرة تسرق صح..."..
..نظر اليها بتعجب ثم هز رأسه بالايجاب ..هزت ايمان راسها هي الاخرى وعاودت النظر أمامها وقالت ..
.."..ولاجل حظك المنيل ..اكون انا اول طالعة ليك .."..
..هز الشاب رأسه مرة اخرى واعتدل بجلسته ليتكتف مثلها وينظر لما تنظر اليه..
..تسائلت بصوت هادئ ..
.."..ولو اني ماليش في القصة بس معلش يعني ..واحد شحط زيك كدة بتسرق ليه ..ما تشتغل اي شغلانة .."..
..اصدر الشاب ضحكة خافتة يشوبها الكثير من السخرية ولم يجيبها ..
..فأجابته هي مسرعة ..
.."..بتضحك...انا بتكلم جد ..ماتدور على أي شغلانة تشتغلها ..انشالله حتى تمسح سلالم ..او تقف في اي اشارة تبيع مناديل ..هيبقى حلو لما في مرة تقتل حد وتاخد فيها اعدام.."..
..ضرب الشاب فخذيه بكفيه وهب واقفا وهو يقول بيأس ويلوح بيده..
.."..سلامو عليكو ياست هانم .."..
..فكت ذراعيها واشارت اليه وهي تنظر اليه بغضب وصاحت به..
.."..اقعد ياض انا لسة مخلصتش كلامي.."..
..نظر اليها بتعجب بعد ان اتسعت عينيه وقال بصوت خافت وهو يتلفت حوله..
.."..انتي عايزة ايه ياست انتي .."..
..اشارت له ليجلس بعينين تبث شرارا وقالت بصوت خافت حاد ..
.."..اقعد والا هالم عليك الناس ..وهما ماهيصدقوا ينزلوا فيك ضرب ويطلعوا عليك همهم ..اقعد..وقولي حكايتك ايه بالظبط.."..
..كان بإمكانه ان يجري ويهرب منها بسهولة ولكنه لم يعرف لما انصاع لأمرها وجلس بجانبها يروي لها حكايته منذ ان خرج من دار الايتام حتى صار متشردا بالشوارع..وبنهاية الليل يسكن بعشة صغيرة فوق سطح بيت متهالك بمنطقة العشوائيات البعيدة..
..تنهدت بأسى بعد ان سمعت بحكايته وقالت..
.."..معاك خمسة جنيه.."..
..رفع حاجبيه وقال ..
.."..نعم .."..
..ذمت شفتيها وكررت سؤالها وهي تمد اليه كف يدها ..
.."..معاك خمسة جنيه ..عايزة اتصل بالبت عزة من الكشك اللي هناك دا.."..
..نظر الشاب للكشك واخرج من جيبه اثنان من الجنيهات وهو يقول ..
.."..ممعاييش غيرهم.."..
..اخذتهم منه واستقامت لتقف وقالت آمرة اياه..
.."..تعال معايا .."..
..مشى بجانبها ناحية الكشك حتى وقفت أمام صاحبه وابتسامة عريضة تزين شفتيها التي نطقت بهما..
.."..مساء الورد يا عم الحج.."..
..ابتسم الرجل العجوز للفتاة وقال بود..
.."..وعليكم السلام يابنتي.."..
..اتسعت ابتسامتها وقالت وهي تمد له يدها القابع بداخلها الجنيهان ...
.."..معلش يا عم الحج يعني لو طلبت منك اعمل مكالمة بالموبايل بتاعك.."..
..نظر الرجل العجوز لإيمان من اسفلها لأعلاها وتوسم بها خيرا ودفع بيدها وهو يقول ..
.."..خلي فلوسك معاكي يابنتي ..وخدي الموبايل اهو .."..
..اخذت الهاتف الصغير منه والذي كان مربوطا بسلسال طويل ..وقالت..
.."..الله يجازيك خير ياحج..توشكر.. الف شكر.."..
..ضربت فوق ازرار الهاتف بأصبعها رقم صديقتها عزة التي اجابت ..
.."..سلامو عليكو ..مين معايا.."..
..اجابتها ايمان مسرعة ..
.."..انا ايمان يابت ياعزة.."..
..صاحت بها عزة بصوت عال متلهف..
.."..ايمان انتي فين ..الشركة مقلوبة عليكي..وابراهيم بيه مسابش حتة والا دور فيها عليكي.."..
.. هب ابراهيم من مكانه واسرع ناحية عزة ليخطف من يدها الهاتف ليضعه فوق اذنه وقبل ان ينطق ..سمع زفرتها القوية وصياحها الغاضب..
.."..سيبك من الهري دا كله ياعزة واسمعيني كويس..انا هبعتلك ع الشركة شاب اسمه.."....
..توقفت عن الحديث والتفتت للشاب لتسأله ..
.."..انت.. اسمك ايه.."..
..اجابها بتوجس..
.."..اسمي ..اسمي منتصر عبدالله..."..
..رددت ايمان لصديقتها قائلة..
.."..اسمه منتصر عبدالله ..تقولي للأستاذ جمال اللي مسئول عن الموظفين بالشركة ..ايمان بتقولك تشوفله وظيفة بمرتب كويس ..ويستلم من بكرة ...امين ياعزة .."..
..سمعت ايمان صوت انفاس قوية وصوت اقوى وهو يقول..
.."..انتي فين ..ياترجعي ودلوقتي حالا ..ياتخليكي مكانك وتقوليلي انتي فين وانا هجيلك .."..
..شعرت برجفة قوية تهز جسدها ولكنها تماسكت وقالت ..
.."..بقولك ايه ياباشا فكك مني وخليك في حبيبتك وابنك اللي جاي في السكة ..اللي قلته لعزة يتنفذ والشاب اللي هبعتهولكم تشغلوه ..سلام يا ابن عمي.."..
..اغلقت الهاتف قبل ان تسمع صراخ زوجها قائلا..
.."..ايمان استني وافهمي الاول اوعي تقفلي السكة......."..
مدت ايمان يدها بالهاتف للرجل صاحب الكشك والذي كان منصتا لمكالمتها فامسك به وابتسامة امتنان تزين وجهه ..ثم عاودت مد يدها الاخرى له بالجنيهان ..فدفع بيدها مرة اخرى
.. وقال بابتسامة ارتسمت فوق شفتيه..
.."..انتي عايزة تاخدي الثواب كله لوحدك ولا ايه ..انا طمعان في ربعه...ربنا يجازيكي خير يابنتي .."..
..نظرت ايمان للرجل بإمتنان وهزت له راسها ثم التفتت للشاب الذي كان ينظر اليها بذهول وتعجب في أن واحد..اشارت بيدها ناحية الشارع وقالت ..
.."..بص يامنتصر تمشي اخر الشارع دا ..وتدخل يمين هتلاقي في اخر الشارع..معلش هتمشي حتة كبيرة لغاية ما تلاقي بوابة شركة كبيرة تقول للامن اللي واقف هناك ..
انك جاي للانسة عزة المليجي وتقولهم اسمك ..هيدخلوك ..فاهم ولا اعيد من الاول.."..
..هز منتصر راسه بالنفي وقال بصوت ضعيف..
.."..انا مش فاهم حاجة خالص.."..
..التوت شفتي ايمان وقالت بغيظ ..
.."..ياض افهم ..تمشي زي ما قولتلك وتنفذه هتلاقي نفسك اشتغلت ان شاء الله ..يالا انجز ..امشي .."..
..دفعته بكتفه عند كلمتها الاخيرة لينصاع لها هذا الشاب البائس قائلا لنفسه..
.."..اروح ..يعني هخسر ايه ياحسرة ..".
..تابعته ايمان بعينيها ثم التفتت بالجهة المعاكسة واتجهت ناحية محطة الاتوبيس ونظرت للجنيهان وقالت بصوت حزين ..
.."..كويس.. اركب بيهم.."..........
![](https://img.wattpad.com/cover/231827924-288-k855139.jpg)