و هي تشدّ على
جكيتَها أكثر
و رغم كل التصادمَات الليي مرت ببالها هاللحظه و كل الذكريات حول هالحديقه الا انها ثبتت نفسّها و دامها بدت لازم تكمِل
ارتعش جسدها وقت عرفت انه حس ب وجود أحد و التفَ عليها ... استقرّت انظاره الحاده عليها و ب كل مره تلمح هالنظره تعرف انه غاضِب او ب معنى ادق متعكرّ مزاجه من شيء ...
طولت نظراته اللي ماتفهم مغزاها عليها و كانت عارفه ان طول نظراتُه هذي ماهي الا دليل على ذهوله من وجودَها ...كيف تغلّبت على كل مخاوفها و على عقدتّها و على كل المعاناه و العذاب اللي مرت فيه و جات ل هالبقعه بالذات اللي قريبه و حيل من قسم الحيوانات ...
وما طولّت نظراته المريبه هذي عليها ليرجعّ يثبتها على النسِر من جديد ف هذي هي اول مره يشوفها من ثلاث ايام ... ل تنظر فيه وقت رجع يمسح على ريش النسرّ من جديد ل تاخذ نفس عميق و هي تمتم ب رنين هادىء و جداً
: " يصير أجلس ؟."
كانت ملامحِها لينَه تماماً و كل شيء ظاهر منها هادىء تماماً ... لف
ببصرُه الهادىء و المريب ناحيتَها و هي تدفع نص عمرها بس لجلِ تعرف وش هاللي معكرّ مزاجه هاللحظه ؟. ل يصيبها ردِه وهو للحينه يتحسس ريش نسرُه الجارح هذا و ماهو دارِي بحال كيان الجديد هذا ابداً " أرض الله واسعَه .."
مانزلت انظارها ل وهله عنه و كأنها
ل اول مره تشوفه و هذا اللقاء ماهو الا اللقاء الأول ل تشُد على جكيتها المشابه للون قميصه أكثر و هي تمتم ب نبره ل اول مره يسمعها و بنظرات ل اول مره يشوفها : " اذا وجودِي ماهو مرغوب فيه ترا والله عادي أمشي ..."
يرتعش كل جسمّها من خناجره هذي اللي ل اول مره تفهم معناها ...
كانت عارفه انه مذهول منها و مستغرب من زيارتها و مبادرتها الغريبه هذي .، اصلاً وجودها ب الحديقه هذي انجاز خرافي ب حد ذاتها
كانت عارفه انه ماهو متطمن ابداً من حضورها هذا ف اللي يشوف اخر موقف له معها مايصدّق ابداً انها هي نفسها الهادئة الناعمة هذِي ل يتمتم ب نبرته الساخره اللي تبغضها و كأنه يحاول يرجعها كيان القديمه : " على أساس ان قلت لك حضور مو مرغوب فيه راح تسمعين الكلام و تروحين وما يمرّك عناد ؟ ..."
ل تنظر فيه ب نظرات ثقه محبوبه .، نظرات بعيده عن نظرات الكُره القاتله اللي كانت ترميها له ل تمتم ب قولها : " ايييه صدقني راح امشِي ...."لتلتزم السكات لثانيه و من بعدها تمتم ب قولها باستفسار محبوب : " ارجَع ؟."
انتشَر السكات ب المكَان و ماكان فيه أي رد من مدرب الحيوانات هذا وللحينه على حاله يداعِب نسره الجارِح و أنظاره كانت تدور ب كل الجهات الا جهة معينَه
و الاكيد انها جهتها
تبسمّت أكثر من مالقت منه أي رد هذا دليل انه راضي ب وجودَها و انه فعلاً مرغوب فيها رغم انه هالمنسيّ مافسر هالكلاَم لكن هي تبي تفهم سكوته هذا ب هالطريقَه ...
ما اختارت انها تجلس على الجلسة الخاصَه الموجودة ب الحديقه ل أنها بعيدَه عن قسم الحيوانات و بعيده عن موقع ه الرجل النارّي اللي قدامَها ... ل تشد على جكيتها أكثر من بعد ما جلست على الارض رغم انها ما تفضل هالجلسة ابداً لكن المتوقَع ب ان اشياء كثير فيها راح تتغير دامَها سكنت هالقصِر ...
رجعَت نظرَت فيه و شبه ابتسامَة كانت مرتسمه على ثغرَها .، ابتسامة لينّة و حيويه و هادئة تماماً...
ماتدري كم المده اللي قضاها حتى يرجِع نسره ل داخل قفصه لكن اللي تعرفه انها ماكانت مده طويلَه
ل تاخذ نفس عميق و هي تلمحه ينزّل قفازاتُه السودّاء و ملامحه كانت عباره عن خلييط من الحده و الليونَه الغير مفهومه لها ابد .. ل تبدا تمتم ب قولها المبعثر و الغير مفهوم و ماهي عارفه وشلون تبدا الكلام و شلون تمهّد له
: " تعرف ؟ كان عمي غانِم أقرب الأقربين لقلبي .. وأكثر أعمامي قُرب ومعزة "
ب مجرد ما انهت جملتها هذي عضت على شفتّها ب شدَه ف كيف تنسى ان علاقَة نسايّ ب ابوه كانت فاشله جداً ف اكيد الان ماراح يتفاعل معها ابداً
ل ترفع بصرها له ب توتُر و هي
تلمحه هو بعد يرميها ب نظراته و كأنه يحاول يفهم كل هاللي قاعد يصيِر الا انه رد عليها ب قوله الهادىء بس يبي يعرف هي ل وين تبي توصَل : " الله يرحمه ..."
كان رده دبلوماسي و رسمي تماماً الا انه ماتنكر انه ريحَها ل انها كانت متوقعه انه ممكن يتعكرّ جوه زود من جملتها هذِي ل تاخذ نفس عميق مره ثانيه و هي مو عارفه وشلون تبدا ؟. كان صعب و جدا الدخول مع هالمنسيّ ب أي حديث
: " ملامح الإستغراب اللي فيك ماغابت عن عيني .. وأكيد التساؤل لاعب فيك ، هذي وش جابها ؟ وليه تحكي هالحكي بهالوقت ؟"
كانت النظرات هي اللي تتكلَم بدل لسان هالمنسيّ اللي ل اول مره تستشعر التزامه للسكّات ل هالكثر اكيد ان فيه شيء معكرّ مزاجه .، او اكيد انه سكوته هذا ماهو الا نتيجة حضورَها
ل تكمِل بعدها بقولها و كأنها تحاول تتخلص من عدد فائض من الكلمات ب لسانها :
" نسايّ .. كلي عذر !
أنا أعتذر عن كل اللي مضى واللي حكيته بحق أمك .. أعتذر عن كل كلمة عن كل حرف تمرد به لساني .. أعرف إني كثرت الحكي بالحيل ..
كانت استحاله تعتذر الا ان كانت فعلاً حاسه انها غلطانه و ان كلامها كان من العيار الثقيِل لُه ل ذا السبب اعتذرَت لانه هذا اقل شيِء و اقل ردة فعل للي شافته و قراته هالليله اللي انحفر ب قلبها قبل ذاكرتَها ل ترفع سوادَها ب شده له وقت رد عليها ب قوله و ب نظراته الليي ينعجز عن تفسيرها : " ويش اللي جاب هالسيره اللحين ؟، ويش اللي تغيّر ؟. "
حاولت تصطنِع الطبيعيَه و حاولَت ترّد ب رد يقنعه هو قبل لا يقنعّها ل انه لو بس درى ان حضورها و نظراتها و كلامها هذا ماهو الا نتيجة قراتها لرسايله الخاصه راح يحرق كل مافيها : " من زمان كان ودي اعتذر .، و من نفس اللحظه بعد .، بس الامور اللي صارت بينّا هي اللي اخرتنِي ...و هاللحين جمعّت نفسي و جيتِك و عساه ينقبِل ه الاعتذار ..؟"كانت ب شتى الطُرق تحاول تبعّد الرساله الخاصه فيها اللي كتبها هو عن بالها ماتبي تفكر فيها ابداً ل انه يتغير كل مافيها وقت تتذكرّ ..كانت حاسه ب نظراته و عارفَه ان خناجرُه اللحين ماهي مستقرّه الا عليها
ومتاكده هالنظرات ماهي الا نظرات ذهُول قاتلّ و مرعب .، حتى ذهوله كان مختلف و غير عن البقيّه ..."
ل ترفع بصرَها له ب تردد واضح ل تلمحه كيف كان ينظر فييها و فعلاً ب المعنى الحرفي للكلمه مافهمت نظراته الشيء الوحيد اللي فهمته انه ظلّ ينظر فيها ل ثوانيي كثيرره وكأنه يبحث عن شيء معين و بباله حدث معين و يحاول يتاكد من صحته و من بعدها اعتدَل ب طوله الشاهِق بدون اي مقدمات
و اتجه ب خطوات مستعجله و سريعه ناحية القصر ...ب ملامح مسودّه تماماً و انفاس سريعه و كأن كل ذرات الهواء تخلّت عنه
اتبعتُه ب خطواتها و قلبها كانت
تتراقص نيرانه و الفاجعه سكنتها ب الكامِل .. كانت تتصاعد انفاسها و كأن روحها ب تخرج منها و شيء طرا ببالها لكن ماتبي تصدقه ابداً الشيء الوحيد اللي سوته انها اتجهَت خلفه رغم انها عارفه وجهته و متأكده من ردة فعله اللي اكيد راح تكون مؤذية وقت يدرِي ...
و صلت للدور العلويّ و انفاسها تتضارب و احمرّت ملامحها و ارتفعت حرارتها ب شكِل مهوّل وسط برد هالجو القاسي ...
و فعلاً شافته دخل ل غرفتها الجديدَه و اتجه ل ناحية الدولاب و وقف ب ذات موقعها اللي كانت جالسه فيه و غارقه ب كتاباته و كلامه
غمضت عيونها ب شده و هي تحضر نفسها ل ردة فعله و هي للتو تستوعب اثار فضولها و تمللها اللي خلاها تكشف اشياء هو ب نفسه مخفيها عن الدنيا و ما فيها
كانت تنتظر .، صوت عالي .، صراخ .، غضب جنوني .، كلام حاد .، وشدَة معصم ثقيله ..و غيرها و غيرها من ردوده الغريبه ..
الا انها فتحت عيونَها و هي تاخذ نفس
ل تلمح عكس كل هذا
كان الدولاب و الرفّ اللي كان فيه ذاك الصندوق خالي تماماً ... الصندوق البني ذاك ماله اي وجود
اتسعت انظارها ب ذهُول و عدم استيعاب خرافي طغى عليها
ل ترجع تنظر فيه من جديد ل تلمح ارتخاء عضلاتُه و هدوء موجة أعصابه و ابتعاد ملامح القلق عنه
كيف انه جمع كفوفه و مسَح على ملامحه الفارسيه ب ارهاق حاول يخفيه عن نظرها هي ب الذات ...
وكأنه كان فيه موضوع مصيري و توه ارتاح منه ل تنظر فيه و هي ماتدري وشلون ربي نجّاها من كل هذا ...؟
الا انها نظرَت فيه و حاولت تصطنع الطبيعيه حتى مايشُك فيها : " علامِك ؟ تعبّان .. محتاج شيء ؟ ليه كل هالخوف ؟."
اتجهَت خناجره الناعسه عليها ل ياخذ نفس عميق وهو يهز راسه ب النفِي : " مافيه شيء ...نامي "
و بمجرد ما رمى كلامه هذا خرَج من غرفتّها و نزل للدور السفلي ب الوقت اللي هي مايمديها تستوعب شيء ابداً ل تخرج من الغرفه و هي تمتم ب قولها : " نسايّ وين رايح ب أخر هالليل ؟."
لكن ماكان فيه أي رد منه لانه اساساً خرج من القصر ب كبره لانها شافته وقت اخذ جكيته الثقيل و مفاتيحه و خرَج ..."
ماكانت فاهمه اي شيء يصير معها ... بالبدايه منها هي .، هي عارفه ان فيه شعور شفقَه بسيط وهذي ردة فعل طبيعيه ل اي احد شاف اللي شافته .، لكن هي متاكده ان فيه شيء ثاني يشارِك شعور الشفقه .، ماتدري هل هو اعجاب ب شخصيتُه ؟. او اعجاب بقدرته الكبيره على اخفاء مافيه ؟. و كيف انه ما احد يدري ب خفاياه ابد حتى ضعفه هذا مايدري عنه احد غيرها
ماتدري ماتدري ..
و من جهة ثانيه موضوع الصندوق ؟، هي متاكده انه كان موجود و هي مالها الا عشر دقايق نازله حتى ان عيونها بعدها محمرّه نتيجة دمعها الحزين اللي انهمر ..، و ين راح و وشلون اختفى ؟."
مافيه غير العامله ...
ل تلتفت للجهه اليسرى ل تلقى فعلاً الخادمه الاسيويه اللي كانت توها خارجة من غرفتَها ل تتجه ناحيتها ب خطوات اقرب للركض : " انتِ كنتي ب غرفتي قبل دقايق صحيح ؟."
ماكانت تحتاج ل اجابه ل أن التوتر اللي طغى على هالعامله كان أكبر رد و اكبر اجابه
ل تلمح الخادمة اللي هزت راسها ب الايجاب و هي تمتم ب قولها : " ماما كان فيه جوه اغراض قديمه انا لازم يشيِل .." ل تسكت ل ثانيه و من بعدها تمتمت ب تردد " لان بابا نسايّ قال ..."
الخادمَة الليي كانت من لحظه سكن كيان ب هالغرفه كانت تبي تشيل ه الصندوق و كانت بس تنتظر متى كيان تخرج من الغرفه لجل تاخذ هالصندوق لانها ماتبي كيان تشوفها ل ان بعدها راح تسئل و تتفقَد و ذاك المنسيّ هو اللي آمرها لان كيان ماكانت تبغاه يعتّب باب الغرفه ابداً وكان اصلاً يعتقد ان الصندوق من لحظة سكن كيان ب الغرفه اخذته الخادمَة لكن الشيء الصحيح و المؤكد ان الخادمه وقت نزول كيان قبل دقايق راحت و اخذته ..."
ف هاللحين نسايّ باعتقاده انها مادرَت عن صندوقه الخاص ابداً و ان تغيرّها هذا ومبادراتها ماهو الا نابع من ذاتَها هي و بدون اي دافع ...
-
-
اليوم الثانيي ..« قصر الجد مهنّا » .. كانت تمسح على حرير بنتَها الكبيره الراقصه هذي الليي كانت مستقرَه ب وسط حُضنها و ملتزمة السكات تماماً لكن كان " الفرح " يتكلّم ب ملامحها .. ف كيف ماتفرح وهي بكره سفرتها الاولى ل بلاد الهند ؟. راح ترجع سرَاب الراقصه القديمَه اللي هي ب نفسها اشتاقت لها ..."
و عكس ملامح سرّاب الفرحه كانت ملامح امها رحمه الليي كانت تقبلّ شعرها لمئات المرّات و بنتها الراقصه هذي كانت ساكنَة و هاديه ومالها اي صوت ..."ل تمتم و هي تمسح على جسد بنتها الليّن الطرِي و هي تمتم ب نبرَة ملهوفه : " : " الله يعدِي ه الثلاث ايام على خير و يعجلّ ب رجعتك يا بنبتِي ..."
كانت عارفه انه مافيه اي رد من بنتَها هذي اللي ب نظرها انها ماتفهّم
منطوقها .، ب الوقت الليي انتثرت ه الجملة وسط مسامع الجدّ مهنا اللي كان توه داخِل غرفة بنته رحمَه اللي كان مفتوح باب غرفتها أصلاً ليتمتم ب قوله : " " وش رجعته يا كافي ؟. علامك انتِ و بنتك يا رحمه ؟."العمة رحمه اللي تبسمَت ل دخول أبوها و لحضوره القوي اللي انتشر ب المكان ل تبتسم ب شيء اشبه ب الحزن و هي تنظر ب سرَاب الليي بقربها : " الظاهر ان السرّاب حنَت ل ديارها البعيده .، و تبي تروي نظرها كم يوم و ترجع ب عون الله ..."
الجد مهنّا الليي انرمى ب سهم ذهُول خرافييي و اتسعت عيونهه الصغيره ب شكل كبير دليل صدمته من كل
هالمستجدّات : " لا اله الا الله ... و متى صار كل ذا و ليه انا ماعندي خبر يا رحمه ... الا منهو اللي بيوديّها ؟.. و ويش صار ب الحجز و التذاكِر و كيف امورها ؟."ل ترِد العمه رحمه اللي بعدها يدها على حرير سراب اللي كانت صامته و مبتسمَة بشكل كبيير و كانت هي الصاحية مع أمها ب عكس وهَم اللي صارت تنام بدري : " اعذرني يبه كل شيء صار بسرعه ما امدانِي اعطي خبر ل احد اصلاً ...و ضامِي هو اللي بيوديّها و هو اللي تكفلّ ب كل حجوزات السفر جعلني ما اخلا منه ..."
الجد مهنّا اللي نظر فيها ب وهلَه وما ردّ على كلامها سوا انه قام واقف وهو يتجه ل ناحيَة سراب اللي كانت ب قرب امها لتبتسم وقت لتبتسم وقت حسّت ب قبلة جدها على حريرها الاسوَد ب الوقت اللي تبسمَت له العمه رحمه بعد
ل يخرُج بعدها بهدوء من الغرفه متجِه ل مجلس الرجال و شيء غير راضي عنه ابد كان يدور بباله و من لحظة ما خرج صادَف حفيده المترجم اللي كان توه بيدخُل و بيده مجموعة اوراق ب ثوبه الابيض نظر ل برودة الجوّ اللي خفت اليوم مع شماغ حمراء ملتفه ب طريقه خاصه فيه
ل يستوقفه الجدّ من ناداه ب قوله : " تعال تعال يا ضامِي .. تعال وش هاللي سمعته ؟ "
ضامي اللي كان توه جاي من دوامه و هذا دخوله للبيت ليقترب من جده وهو يتمتم ب شبه ابتسامة
: " سم و آمر يا ابو غانِم ...وش اللي وصلك مني ؟"ليتمتم الجد مهنّا الليي كان ينظُر ب حفيده هذا ب نظرات اقرب للعتَب و عدم الرضا
: " عمتك رحمة تقول لك نيّة تودي بنتها للهند ..صحيح ؟."
ضامِي اللي فهم الان سبب تغيّر ملامح جده و عدم رضاه الواضح ب صوته ل ياخذ نفس و هو يرد
: " اي بالله هذي النيّة ".
ل يرد الجد اللي ارتفع حاجبه وهو يترقب ملامح و تحرّكات ضامي و ردوده : " " ماشاء الله عليّك محزم ومافي منك .. ولكن علمني بصفتك من بترز وجهك معها؟"
ضامِي اللي ابتسم هنا ب شكل أكبر وهو يهز راسه ب آسى : " " الله يهديك ياجد ترفعني للسماء بعدين تطقطق علي .. بصفتي مترجم أكيد "
ل يرد الجد ب نبره حازمه و ب ذات الوقت فيها ليونه : "
" لا يابوك ما يصير ما يصير .. أنا بروح معها وأنا بتكفل فيها وبعدين الله كثرهم هالمترجمين بكل مكان تلقالك واحد .."ضامي الليي تكتّف وهو يتسع مبسمه اكثر ل يرد ب قوله ب نبرة عتب تمثيلية : " " أفا ياجد .. هاللحين أنا وهالي تقول عنهم سوى ؟ ضامِي آل مهنا تساوييه فيهم؟ ماهقيت"
الجد مهنّا اللي رد ب قوله : " لا تنفخ ريّشك يا ضامي .. تدريي إني ما أقصد هالدرب "
ضامِي اللي ماكان يحب ابد ان جدّه يعاتبه او ينبهه رغم ان طريقة الجدّ معه حنونه و حيل لكن هو مايبي انه يكون ب نظره الحفيد الناقص و اللي عنده خطاياه الكثرّ الا انه هالمرَه عرف وشلون يكسّب الحوار له ل يبتسم اكثر وهو يرد ب قوله : " " طيب طيب سم وأبشر .. ولكن ياجدي روحة بدوني مارح تروحون
الله أعلم أحد يسرقكم أحد يهبّل فيكم .. وبعدين أنت كيف بتروح
معها وأنت ماتفهم عليها ؟ يعني بتجيب مترجم يترجم لك كلامها معك؟ بترضى بالغريب وترفضني؟ عيببب يا جدي ..."
ل يصيبه رد الجد الليي كان ينظر فيه ب نظرات ل اسلوبه الكبير ب الاقنَاع ذات الاسلوب اللي قنع فيه العمه رحمه اللي كان صعب اقناعها و حيل : "
" يهاللسان يا ضامي .. شييطان ...اللي برأسك بتسويه وتجيبه "
تراكمت ابتسامات مترجم اللغات هذا حتى تحولت لضحكة هاديه تناسب ه الموقِف ل يرد بعدها ب قوله : " " أبببد الله يسلمك ياجد .. بعتبر هالحكي مدحة منك ودافع .. "
ل يبتسم الجد اللي رمى نفس عميق : " كل شيء جاهز ؟."
ضامي اللي كانت بيده مجموعة اوراق نقل بصره عليها ب الوقت اللي خفت ضحكته ومابقى غير ابتسامَة لطيفه : " اعتبر كل شيء تم ..لا تشيِل همّ "نفس المكان لكن داخل القصِر ...
"
الدور السفليّ ...الليل
كانت واقفه قدام شدا اللي كانت جالسة ع الكنَب القريب من الدرَج ... ماتوقف جسدها عن الروحه و الجيّة علامه ل توترّها او ب معنى ادق حيرتها ب هالقرَار ..
ل تنظُر ب شدا الليي كانت تلعب ب خصله من خصلات شعرها القصير : " ماعاد لي حمِل ل حريم اعمامك ذول و ولا لي خلق ل شوفة وحده منهم انا ابي ارجع ل بيتِي و ل حياتي قبل
ياشدا
ل تمتم شدا اللي كانت تلعب ب خصلات شعرها الناعمه جداً و كان حالها رايق و بارد ب عكس شتات الليي كانت متكتفه و قلقه و متوتره و ملاّنه : " يابنت الحلال هم هذا اللي يبونه .، لا تعطينهم غايتهم .، هم يبون يكرهونك ب عمرك لجل يطلعونك من البيت لجل انك واقفَه عثره ب طريقهم
و بمجرّد ما تمتمت ب كلامها هذا حتى انتثر وسط مسامعهم صوت تلفون البيت ل تسحب شدا السماعه و هي ترد ب قولها : " شدا المهنّا معك ..مين معي ؟
ماكان فيه أي رد من هالمتصل ابد
وماهي الا ثواني اصلاً حتى انقطع الخط شدا اللي نظرت ب السماعه ب عدم فهم ل ترجعها مكانها و هي تنظر ب شتات اللي فعلاً ماصارت ترتاح ب هالبيت و ودها ترجع ل بيتها و ل حريتها .، مو هرب او خوف منهم لكن ل سلامة بالها و للحفاظ على صفوها و خاطرها
: " يابنت الحلال انا ماراح أهاجر و اقطعكم .، راح ازوركم كل يومييين انا اصلاً ما اقدر على فراق جدي و جدتِي ب الذات جددييي
شدا اللي نظرَت فيها و هي تهز راسها ب النفي و كانت خصلات شعرها القصير تتحرك مع تحركاتها المرحَه وترسل لها نظرات عتاب كونها مافكرت فيها هي
: " حبيبتي شتات امسكي ارضِك ومالك مكان غير هالمكان .، و بعدين مالي شغِل راح تقعدين غصب عشاني انا و الا تبغيني انهبل ماعندي احد اسولف معه ؟. يكفي ان خفوق
تزوجت و كيان بموت من شوقي لها و ولا شفتها اخذها منّا نسايِ و حرمنا منها و عاد انبترت الجملة ب لسانها من رجع التلفون يدّق من جديد ل تاخذُه وهو حتى الرنّه الاولَى للحينها ما اكتملت : " شدا المهنّا تتكلم مين معي ؟."
و للمره الثانيه ماكان فيه أي رد كان موجود الطرف الثاني على الخطّ لكن كان ساكت وماهي الا ثواني حتى ينقطع الاتصال مره وحده شدا الليي شدت على السماعه ب قوه و تحاول ب كل مافيها تحافظ على اعصابها اللي على الحافه من هالمتصلّ اللعّاب
ل تلتف على شتات الليي اخذت نفس
عميِق و هي تتأمل حال شدا الفاضيه اللي حتَى تلفون البيت ماسلّم منها : " و الله انك فاضييه يا شدا .، خلاص اتركي التلفون و ركزي معِييي وفكري معي ب حل يرضي كل الاطراف .
شدا اللي توها كانت ب ترد ل يرجع يدق التلفون من جديد لتتلقفه يدها ب سرعَه و هي تثبته على مسامعها : " شدا المهنّا معك مين معِي ؟. "
و هنا ب الضبط للمره الثالثه ماكان فيه أي رَد من الطرف الثاني لكن بعده الخط مفتُوح .، و هنا فعلاً ثار جنون شدا الليي بدت تمتم ب رنينها الانثوي اللاذع
: " " أنت يا بزر الإبتدائي .. والله والله لو تعود وترجع تتصل لأوريك الويل .. ناس بلا ادب و ولا اخلاق ماعندك شغل يضفك عن أرقام خلق الله ؟؟ لكن انا اوريك ..رقمك و عندِي و مردي راح اطلع اسمك و مكانك هيّن والله لاوريك اللعب على اصوله .."و بعده الخط مفتُوح و السماعه للحينها مثبته على مسامعها ل تاخذ الدفتر الصغير اللي كان على نفس الطاوله اللي فيها التلفون تبي تسجل رقمه بالورقه لكن رجعت السماعه ب كل استعجال العالمين من لمحَت أبوها و أعمامها داخلِين للقصرّ
و هنا كانت صدمَة و صاعقة الاعمام الاربعه
وقت استقرت انظارهم على " شتات " اللي كانت النسخة الاخيره الباقيه من اختهم المتوفاه مزون
قفلت الجوال و اعتدلت ب طولها ب كل ادب و خوف العالمين ...تخاف من ابوها و حِيل حيل ..ب الوقت اللي كانوا الاعمام الاربعه مستقره انظارهم على شتات اللي ماكان واضح اي شيء من نظراتها لهم سواء غضب او ضيِق او رحابه او فرح ب وجودهم ...ماكان واضح اي شيء منها .، و ماكان صعب عليهم يعرفون هويّتها .. لانها اشهرّ من نار على علَم ف
زوجاتهم مالهم سيره غي َرها ... و زوجاتهم بعد قالوا لهم انها اساساً غير راغبه ب شوفتهم
ل ينقل العم علي نظره على شدا وهو يتمتم ب قوله الحاد : " وينه فيك اخوك ؟. "
شدا الليي تردد لبالها آدم اخوها اللي لهم اكثر من ثلاث ايام ماشافوه ل تحاول موازنة انفاسها : " مدري يبه والله ...ماشفته
ل يرد العم علِي ب الوقت الليي جلسوا اخوانه ب الصاله و شتات اللي جلست ب كل هدوء ب نفس الكنبه اللي كانت جالسه عليها شدا : " دقي عليه قولي له ابوي يبيك انا مايرد عليّ ."
شدا اللي كانت متوتره و حِيل ف نظرَات الاعمام ما انقطعت عن شتات ب الذات ابوها علي اللي رجع ينظر فيها من جديِد ماكان يرفرف ببال شتات غير الكلام و الخلاف القديم اللي كان بين ا نظرَات ابوها و اعمامها ما انقطعت عن شتات ب الذات ابوها علي اللي رجع ينظر فيها من جديِد
و ماكان يرفرف ببال شتات غير الكلام و الخلاف القديم اللي كان بين ابوها و خوالَها هاللي واقفين قدامَها واللي بسببه قطعت شتات كل طرق شوفتها لهم لانها هي عارفه ب قرار نفسها انها هي جايّة ل هالمكان بس لجل خاطر جدها مهنّا
اما العم علي اللي جلس ب جانِب اخوانه و كانت نظراته هو اقوى نظرَات من بينهم كلهم ل شتات ليبتسم ب سخريه ومسباحه ب ايده حين قال
: " بنت مزون ما هربت بحضورنا .. وش الطاري ؟
ل يصيبه ردّ اخوه بدر اللي ب جانبه و هو ينقل نظره بين اخوانه و بين هذي الانثى الصلبه اللي جالسَه
: " العلم عند الله .. لها من جاءت شهورر ولا تعنت وقالت بسلم على خوالي .. ومن يجي طارينا تهرب من اللي مكثر الكلام برأسها .. ومن اللي قالبها علينا من صغرها الله أعلم "
كانوا و مازالوا يغلطون على أبوها ب حياته و بمماته .، كانت اشكالهم ماتبعث الخير ابد .، و ملامحهم غير مريحه والجلسَه معهم ماتطمّن ابد
ل يكون ردّها على عدم سلامها عليهم ب الايام و الليالي اللي مضت ب قولها و هي تثبت انظارها الحاده ب عيونهم و ذات النظرات الحارقه اللي رامينها عليها رمتها هي بعد عليهم بشكل اكبر و اخطر : " : " ما احب احملّ نفسي و اغصبها على شيء هي ماتبيه
العم مروان اللي نظر فيها ب نظراته الحادَه وهو يتمتم ب مجرد ما استوعب ردّها : " " والله أنتي اللي حمل يا بنت مزون
الشاهد الله لولا مكانة أمك الي بقلوبنا كان صار اللي ما تتخيللينه
العم خالد اللي رد مؤيّد ل كلام اخوه : " والله أبوها ما سوى بها خير يومنه ترس رأسها كلام ماله سنع شتات رغم انها كانت تحترِق داخلها و ماندمت ابداً على السنين الماضية حول انها ليه ماجات لهم بعد وفاة ابوها ؟. كيف تقدر تعيش عند ناس مثل كذا اللي يتهاوشون مع زوج اختهم ل مواضيع تافهه و يحكون فيه ب حياته و بمماته الا انها ردت ب هدوء جليدِي يثير جنونهم قبل لايثير جنونها هي
: " أبوي أفضاله تحوفني حوف .. وما تعنى وضيّع وقت لأجل يحكي بغيره ...مترفع و حيل عن هالامور "
ل يرّد العم خالد ب بدايات غضب
سكنته الا انه يحاول يتحكم ب نفسه : " أجل هاللي تسوينه وش سببه علميني ؟ ليه منتي بقادرة تحترمين إخوان أمك ؟ وتتعنين لأجلهم حتى سلام يا كافي ماسلمتِي
ل ترد عليهم شتات و هي فعلاً ماهي طايقه شوفتهم حتى تقدر تقترب منهم .، لا ملامحهم و لا اسلوبهم و لا اي شيء فيهم يدفعها انها تقترِب منهم و تسلّم و تاخذ و تعطي .، رغم انها اكثر انسانه تتقن المجاملات ل طبيعة شغلها لكن مع خوالها بالذات ماهي قادره
كانت قوية في ايحاءات النظر .، لدرجة انها توصل افكارها بعينها بدون ماتتكلَم ، و حتى ان تكلمت كانت تعرف ايش هو الرد المناسب فعلاً للشخص اللي قدامها : " " مثل ماقلت أنا أحب نفسي ولا ودي أشقيها "
ل تلتزم السكات ل ثانيه و من بعدها تكمِل بقولها : "
" و مقصدي ماهو بإهانة لمقامكم الكريم .. ولكن ماهو بودي لأجل كذا كافية خيري شري ومبتعدة عنكم ... و ابي يكون ب علمكم انا ماني ب موجوده هنا الا لجل ذهب و مهنّا ..."
و من لحظة مارمت كلامها هذا عليهم اخذَت جوالّها من على الكنبه اللي خلفها و اتجهت للدور العلويّ و هي تستشعر ضيق انفاس اسطوري مرّها .، كانت تقدر تسامحهم و تعذرهم لكن لازم تكون المبادره منهم هم لازم
بالقليله يعتذرون عن فعايلهم و اقاويلهم ب ابوها اللي هو زوج اختهم و من بعدها لهم كل اللي يتمنونه منها ... اما شدا الليي كانت ب حالة توتر فضيعه و الرجفه اللي فيها حاولت تخفيّها .، صح كان عندها علم ب شعور شتات ناحية خوالها لكنها ماهقت ل هالحد و لهالدرجة و كيف انها كانت ترد عليهم بدون تفكير ب العواقب اللي اكيد راح تكون خطيره ... خاصه ان فيه جمل كثيره رموها الاعمام بعد ذهابها مثل :
" والله يابنات هالعائلة مافيهم حياء .." .... " ابوي هو اللي مقوي شوكتّها والله لو درا بفعلتها ذي انه غير يوريها شغلها .."
" وينك يامزون تشوفين بنتك هاللي ماتستحِيي ."
و غيرها و غيرها من الجمَل الليي كانوا يتبادلونها بينهم بعد روحة شتات ..
ل تتجه ب نظرها ل ابوها خاصه بعد ما تلمست شاشة جوالها و الاكيد ان شغلها ب جوالها حالياً يخص اخوها آدم لتمتم ب قولها الهادىء و المسموع " يبه آدم يقول ان ماجاء الليله راح
يجي بكره
ل ينظر العم علي فيها و كانت باقيه اثار غضب على ملامحه ؛ " ماقال لك وينه فيه ؟."
ل تهز شدا راسها ب النفي و هي بس تتمنى تتخلص من هالجو القلق و المكركب : " لا يبه بس قال انه جايّ ... تبي شيء ثاني بعد .."
ل يرد العم علي اللي اعتدل ب طوله و قام واقف و واضح نيته يخرج من القصر : " لا خلاص ...روحي نامِي .."
شدا اللي نظرت فيه و رمشت ب الايجاب ل تنقل نظرها بعدين على اعمامها اللي كانوا منغمسين ب الحديث .، و تتجه ب استعجال ناحية الدور العلوي .، تبي غرفتها بس ماتحب هالاجواء الكئيبه و الحاده ابداً ماتحبها ..
- - -
ب جهة ثانيه ب نفس هالوقت ..« فلّة عباس »
-
-
ياربي وش كثر تكره الدور السفليي .، ياربي وش كثر تكره شعورها وقت يتردد لبالها امور لازم تنفذها بالدور السفلي و ما تتنفذ هالامور الا اذا كانت متواجده لان الدور السفلي ب النسبه لها هو عباره عن مكانه الخاص و منطقته الخاصه رغم ان هالفلّه كلها تعتبر له لكن الدور السفلي تعتبره منطقته الخاصه ب شكل اكبر و اخطرّ لكثرة وجوده فيه
خاصه بعد تبعثرّها و ضياعها من نظراتُه ب اخر موقف بينهم اللي كان اليوم الظهرّ ...ف ما تبي تصادفه من جديد وتكرر حالتها
لكنها مضطرّه .، مضطرّه انها تنزِل حتى تعطي نظره اخيره على الدور .، احد بعثره او عبث فيِه كانت ماموره و وسواسها الخاص ب النظافه هو اللي يقودّها و يسيّرها ومسيطر عليها ...
الا انها توقفَت ب أعلى الدرج و بعدها ماخطت أي درجة ب خطوتها ... حست ب فقدان توازن رهِيب و ارتعاش خرافي صابّها .، نتيجة هذا المنظر اللي قدامَها ...
كان زوجها الصخرّي هذا مستقر ب ذات مقعده و ب ذات موقعه و ب ذات جلسته الخاصه و بعثرته و اوراقه و بيده الجوال و منغمس ب المكالمه .، لكن المختلف هالمره ان يدُه كانت وسط خصلات شعر «عبدالله» اللييي مستقرّ وسط حُضنه .، و بيده ايباده اللي دايم يلعب فيه و هالمره مسترسل ب اللعب ب شكل كبييير ...
كان ممكن يكون هالمنظر عادي جداً عند اي عائلة طبيعيَه .، عند اي عائلة غير عائلتهم هذي المتفككه و حياتهم الضايعه المبعثره .... ضاقت انفاسها ب شكل مُهلك وقت
انتبهت ل نظرَات رجل الاعمال هذا اللي قدامها دليل انه انتبه ل وجودَها و كيف ماينتبه وهو يعرِف و يحس
بوجودها لو عن بعد أميال .، كان ل حضورها عبق خاص حتى لو انه ما انتبه حتى لو انه ما التفت حتى لو انه مارفع عيونه و بدون مايقول له أحد .، راح يعرف انها ب المكان هذا ...
الا انها حاولت تهدىء انفاسها الليي تصاعدت بشكل كبير و هي عاجزه تعرف هو كيف ينتبه مع المتصل و كل نظراته و تركيزه عليها ؟.
ل تغمض عيونها للحظه و هي تحاول تصطنع قوه هشّة و هي تمتم ب صوتها الانثوي ب نبره مسموعه : " عبدالله ...."
ب مجرَد ما انتهت من ندائها ل ابنها حتى التفت عليها عبدالله اللي كان راسه مستقرّ على صدر عباس الصلّب ل ينظر فيها ويبتسم من جديد و كأنه ينتظر البوح عن سبب ندائها ..
ل ترد ه الخفوق ب قولها ب ملامح شبه صارمّة : " تعالّ ... تعالّ عندي ابيك ...."
عبدالله اللي اعتدل ب جلسته ل ينظر ب عباس اللي كان الجوّال على مسامعه و نظره مستقرّ على ذيك
الانثى و على عبدالله اللي اخذ ايباده و راح لناحيتّها وملامحه لينّه و هاديه تماماً و كان واضح عليه الراحَة و الفرح ... ماتدري وش هاللي صابَها .، و كأنها ماتبغى عيالها ه اللي رجعت ل ابغض رجل ب حياتهم بسببهم يتخلون عنها .. وكأنها هي راضيه ب هالوضع وماتبي حالهم يتغيّر ... ماتبي التعمق ماتبي البعثره و الفوضى هاللي فيها تتعدَل وكأنها قاطعة الرجاء من هاللي جالس ب الاسفل تماماً ... هي بعيده كل البعد عن الانانيه لكن باولادها بس هي اكبر انانيه .، تبي عيالها حولها بس ماتبي يحبونها و يحبون ابوهم ب نفس المقدار .، لازم يستثنونها ب اشياء كثير دامها ضحّت ب اشياء كثير عشانهم ...
دخلته الغرفه و دخلت خلفه و اقفلَت الباب بشده لتلتف عليه ب ملامح مو معروف مغزاها لكن الواضح انها ملامح اقرب للضيّق او عدم الرضا لتثبت يدها على خصرَها و هي تمتم : " وش اللي قاعد يصير ؟.وش اللي منزلك تحت ؟. انا مو قلت لك تذاكر هنا ب الغرفه ؟. "
عبدالله اللي كان هادىء تماماً و عكسها ب شكل كبير : " ليه يمه وش فيه ؟. انا احب اقعد بالصاله هنا عبدالرحمن يزعجني ..."
خفوق اللي نظرت ب ابنها عبدالرحمن صاحب الخمس سنوات اللي كان يلعب ب مكعباته ل تلتف على عبدالله ابن السبع سنوات : " مو على اساس ماتحب تذاكر ب الصاله و قت يكون ابوك موجود ؟. وش اللي استجدّ هاللحين وش صار ؟."
عبدالله اللي ابتسم بلهفه قاتله لياخذ نفس عميق و بدا ب سرّد كل شيء صار اليوم بطريقه مبهره و خرافيّه رغم انه ماكذب ب ولا حرف وكأنه ب كلامه هذا يبي يصدّق هو قبل لاتصدق هالانثى اللي قدامه ... الليي ارتعش جسدّها و ارتفعت حرارتها و ابتلعت ريقّها و كأنها هوت من برج عالِي من هالكلام الليي قاله عبدالله كانت راح تكذب عبدالله لان ذا شيء ب النسبه لها لايعقل و لا يصدّق لكنها الان عرفت انه صادق من تذكرت وجود عباس اليوم ب النهار ل تاخذ نفس عميق تحاول ترتب فيه دمارّ روحها وهي عاجزة تماماً عن الاستيعاب : " ماعلينا اللحين ...خلك ب الغرفه هنا و لا تطلَع ..و بعدين تعال .
ل تقترب منه اكثر و هي تلمَح على قميصه الازرَق بقعه من شكولاته سايحة ب وسط القميّص
ومنتشره ب كذا جزء فيه ل تتسع عينها ب جزَع و هي تمتم ب استعجال و هالمنظر من ابشع المناظر اللي ممكن تشوفها ب حياتها
: " وش هذا ؟. انا كم مره اقول لك لاتعدّم ملابسِك؟.
بسرعه روح غير بسرعه اشوف ..."
ماكان بس البيت واجزائه و غرفه و جدرانه ضحايا هذي الخفوق الليي تطير خلايا عقلها ان كان فيه جزء بالبيت مو نظيف
حتى اولادها كانوا اكبر ضحييّه ل مرضها هذا
وتصير شخصيه ثانيه و امراه ثانيه ان احد من اولادَها تبعثر منظرهم او انعدمت ملابسهم حتى كانت الوان ملابسهم مثل الوانها كلها الوان فاتحة ... كانت تحممهم اربع مرات ب اليوم .، و تغسل اياديهم وتعقمها ب شكل مستمرّ ... كان وسواسها مهلك لها هي قبل لايكون مهلك لهم ...
نظرَت ب عبدالرحمن الصغير اللي نظرَت ب عبدالرحمن الصغير اللي اتجه ل مشاهدة التلفزيون وكأنها ماتبيه هو بعد يكون مثل عبدالله
هي ماتبي تحرمهم من ابوهم بس ب نفس الوقت ماتبيهم يتركونها هي او يهملونها ...
لتاخذ نفس عمِيق و هي تنزل للاسفل من جديد ب نفس حالتها الدائمة و اصطناعها للطبيعيَه ل ترجع تتوقف عند بداية الدرج من جديد و هي تلمح بعثرة مخدات الكنب .، كتب عبدالله المبعثرَه و المنتثره ب الصاله مع شنطته و مراسيمه .، الكيس المليان اللي بجانب شنطته نتيجة روحته مع ابوه للبقاله اليوم اللي كله حلويات و عصيرَات ... كيف ان كل هذي الاشياء محاطه تماماً ب هذا الجلموّد الجالِس ب ذات موقعه ... و لكن هالمره ماكان يكلم ب الجوال ك عادته .، كانت انظاره مثبته ب لاب توبه و هدوء طاغي ب المكان ...
ماهي قادره تنزل لانها راح تضطر تقترب منه و هي ماتبي هالشيء يصير ابد ماتبي ... هي حتى مكان واحد ماتبي تشاركه
و المتضح انها راح تنتظِره حتى يخلّي المكان و هي بعدها تشوف شغلها ...
لكنها ماهي قادره ابداً ماهي قادرَه ..كانت تتحسس يدّها بشده و كأنها تحاول تفرّغ هوسها النظافي بيدّها متعرّق جسدها تماماً و هي تحس انها تتقلّب على الجمر و بس تنتظره يروح وماتدري اصلاً متى بيروح لانها ماعادت تثق ب مواعيده ابداً
الا انها التفت عليه من تمتم ب قوله و انظاره و تركيزه كله مثبت على شاشة اللاب توب : " لاتعذبيّن نفسك
وتهلكينها ... نفذي ها اللي جيتي ل اجله .."
كان يلعَب على اكثر شيء ماتقدر تتخطاه او تجاوزه .، كان يلعب على وترّ وسواسها المُهلك ...كيف انه بعثَر كل شيء حوله حتى بس يستشعر قربها و لو للحظه ويتنعم ب شوفتها عن قُرب بدل هالبعّد اللي امرض عيونه و ب نفس الوقت عالجّها ...
الا انه مالقى منها اي رد لانه اساساً متعود انها ماترد عليه ابداً و خاصه بعد رجوعها هالمره له ...
لتتجه ناحية غرفتها اللي تجمعها مع اولادها ل تقفل الباب و هي تنظر ب عبدالله اللي على ايباده و عبدالرحمن الليي منغمس ب العابه و مافيه صوت ب مسامعها الا صوت العابهم و
ازعاجهم المناسب ل عمرَهم ..
كانت تروح و تجي ب الغرفه و ب كل الاتجاهات و تكرر حركتها هذي و الانتظار مهلكها ، شغلة ان فيه شيء بالبيت مو نظيف هذي فكره مرفوضه و غير مقبوله ابداً ..
انتظرت
و انتظرت
و انتظرَت
حتى مرّت حوالي ساعه ...
ل ترجَع تخرج من جديِد و هي كل دعاويها و امانيها انه يارب مو موجود
جاه اتصال ضروري و اظطر انه يروح ؟.
نسى شيء ب سيارته و بيروح ياخذه ؟.
خلص شغله و طلع ينام رغم انها ماسمعت باب تقفيلة غرفته ..؟. اي شيء من هالاحتمالات اهم شيء مايكون موجود لجل مايكون مصير الصاله اليوم مثل مصير جناحُه اللي ماقدرت تنظفه بسبب وجوده ..
ل تبتسم وقت مالقيته و ماله اي اثَر ومكانه خالي تماماً ل تاخذ نفس عميق و هي تتجه للاسفل ب خطوات سريعه و كأن فيه موضوع حياة او موت راح يصير ب هاللحظات ... الا انها توقفت كل خطواتها وقت لمحته بجانب الشباك و منغمِس ب اتصال و الواضح جداً انه مهم .، و ايش الجديد ؟. مو دائماً مايتوقف جواله ابداً عن الرنين
رغم ان خطواتها خفّت و انفاسها اضطربت و حرارتها ارتفعت الا انها وجوده ب جانب الشباك و بموقع غير موقعه السابق نعمه كبيره ب النسبه لها .، و ب كل مافيها حاولت تنظف اللي تقدر عليه بسرعه كبيرَه
و ب نفس الوقت تحاول انها ماتبين ارتباكها من وجوده رغم انه واضح للاعمى قبل البصير
و ب كل مافيها تحاول ماتنظر فيه لانها ماتبي تعرف هو وين قاعد ينظر ابداً لانها لو بس لفت و شافت خناجره مستقره عليها راح تتوقف عن الترتيب و يكون حالها مثل حالها اليوم الظهر ...
" و فعلاً انتهت مهمتّها و تسللت الراحة ل جوفها .، تقدر تنام الان بعد ما انتصرَت ل وسواسها و ماصار مصير هالصاله مثل مصير الجناح ... و بمجرد ما انتهت من شغلها ب سرعه و احترافيه و كبيره اتجهت للدور العلوي تحت سيّل نظراته اللي ماتوقفَت
ماكان متوقع حضورها من جديد ابداً .، لانها اخذت مده طويله و حيل و هي فوق للحد اللي توقع انها نامت .، لكنه انذهل وقت حس ب رجوعها من جديد ب الوقت اللي هو ماكان مكانه .، و كان يقدر يرجع ل موقعه السابق لكن سرعتها و ارتباكها و احمرارها هم اللي منعوه و خلوه يتراجع .، يكفيها اللي صار لها اليوم ولا وده يحملّها فوق طاقتَها لانه واضح انها ماكانت تبي الاحتكاك فيه ابداً و فعلاً نجحت و لكن ماقدرَت تقطع وصل عيونه عنها ابداً .."
- -'
اليوم الثاني .. الجامعة
كانت هالماده هي الماده الوحيده اللي تاخذَها هي و شادن مع « غزال » ...
و غالباً ب هالمحاضره يقدرون يتبادلون الاحاديث معها لان ذيك الغزال كان سهلّ و جداً الدخول معها ب نقاش او حوارّ رغم انهم مايعرفون عنها اي شيء غير اسمها و اسم ابوها فقط ...
و كانوا ينتظروت دخولها و هالمرَه شدا اللي كانت رايقه جداً رغم ان
مافيه اي شيء حولها يدفعها للمرح و اعتدال المزاج اللي فيها لكنها فعلاً كانت ب اعلى مراحل الروقان ممكن لان هاليوم اخف يوم بالاسبوع وماعندها غير محاضره وحده بس ؟.
ممكن لان دكتورة هالمحاضره هي الدكتوره الوحيده اللي تنطق اسمها صح وما ب مره غلطت فيه ؟." و ممكن لان هاليومين ماعندها اي محاضرات مع ذاك الدكتور ؟. و غيرها و غيرها من الاسباب ..
اما شادن الليي كانت مبتسمه ك عادتها كانت هي النسخة الثانية من شخصية شدا الا انها كانت عاقله اكثر من شدا نوعاً ما ... كانت شادن وما زالت تحب الاناقه و الجمال ب شتى انواعه و متابعه اولى ل اخر صيحات الموضه و الازياء ...و استحاله تمر ممثله او عارضه و تكون ماهي عارفتها هي ...
ل ذا السبب كانت تحب خفوق الانيقه و حيل و ب ذات الوقت كان يعجبها جمال غزال اعجاب عادي مثل من لما تشوف ممثله جميله او عارضه ذات جسد ممشوق ... غير كذا كانت غزال فعلاً ملفتَه .. ل تثبت مرايتها داخل شنطتها و هي تضرّب يد شدا ب خفه و تمتم ب امر مرح : " اتركي قلميي ما معي غيره ."
شدا الليي تحسست اعلى كفّها بيدها الثانيه و هي تنظر ب شادن ب ضيق : " ياثقل يدك قطيعه ...ابكتب فيه و ارده ماني سارقته .."
شادن الليي ازاحت خصله من شعرهت للخلف و هي ترد ب قولها : " مو شغلي اتركيه روحي قولي ل اي وحده من البنات تعطيك قلم عاد انتي صديقاتك ش كثر .."
شدا اللي كانت توها ب ترّد الا ان دخول ذيك المدعوه غزال استوقفهم .. كان منظرها هالمره غريّب ب شكل
مُهلك ...
كانت منزله انظارها للاسفل و شادّه على كتبها اللي ب حضنَها .، و كانت موجوده عدّة كدمات على ملامحها خاصه من جهة عيونها .، كدمات قويّه خلت وجهها محمرّ تماماً .. كانت فارده شعرها كله حتى يغطي هالكدمات اللي استحاله تنخفِييي ...
حتى مشيتها كانت بطيئة و كأنها تعاني من ألام ب كل جسدها ... و هي متاكده لو ان غزال تلبس ملابس شفافه او ذات اكمام قصيره كانت راح تلقى كدمات بعد ب ذراعها و كتفها ل انها كل لحظه والثانييه تتحسس ذراعها و كأنها تحاول تهوّن ألمه ... شدا اللي نظرا ب شادن اللي كانت مستغربه هي بعد من هالمدعوّه غزال اللي كانت فعلاً غريبَه و حركاتها ماتنفهم ل تمتم شادن ب قولها المستفسِر بنبرة قلق و خوف واضحة على ملامحها اكثر و اكثر : " " غزال سلامتك ؟. فيك شيء ؟. وش فيها ملامحك ؟."
غزال اللي كان واضح انها توها تنتبه لوجودهم لان عيونها كانت ب الاسفل وكانها ماتبي تقابل اي مخلوق .، لـ...