11: لص

79 10 23
                                    

في يوم ما، سيحب ألا يفعل ذلك في كل الأوقات غير المناسبة.

النهار ما زال على أعتاب بداياته، الضوء الساطع كان ليكون شيئًا مزعجًا لولا الاعتياد الذي فُطرت عليه عيناه، ونفحات النسيم البارد التي تستمر بلفح بشرته، كانت تجعل الصباح أحد أفضل أوقات حياته التي لم تكن طويلةً حقًا.

كان يومًا هادئًا في ضواحي مَلام-ديفلوت، الهواء الصيفي الآتي من الغرب كان منعشًا بدرجة تكاد تجعل السكان ينسون أنهم في منتصف الصيف فعليًا، حيث درجات الحرارة الأكثر ارتفاعًا من أن تسمح لك بالتنفس، تُشعل الأرض في إمارات الجنوب.

لكن الديفلوتيين كانوا محظوظين، ربما الأكثر حظًا من بين جميع سكان الإمارات السبعة، ذلك أن إمارتهم كانت تقع في أقصى غرب السّلطنة، وتمتد على ساحل طوله يقدر بألف وشيء ما من الكيلومترات، كان موقعها استراتيجيًا كما أكد كل كتاب جغرافيا سبَق وأن وقع في يده من قبل.

أنفاسه كانت سريعةً لدرجة تجعل قلبه ينبض بقوة كادت تمزق صدره، وأطرافه كانت ترتجف بسبب الحماس والجهد المبذول لأجل العادة التي لَم يستطع التخلص مهما كان ما فعلوه.

من الأرضية المبلّطة للسطح ذو الحواف قصيرة الارتفاع، وثَب للعمود الخشبي المسطح الذي بهُت لونه تحت وطأة أشعة الشمسين التي لَم ترحمه على مدَار السنوات الكثيرة التي ربط خلالها سطحيّ المنزلين المنخفضين ببعضهما، كان متشققًا، مما عنى بالضرورة أنه متهالك لدرجة تكاد لا تسمح له باستحمال حتى نفحات الهواء.

لكنه كان في مزاج أفضل من أن يكترث لتفصيل مهم كفايةً ليشكل صمَّام الأمان لعظامه.

ركض بخفة على رؤوس أصابع قدميه فوق العمود المسطح، الكيس البلاستيكي الأبيض في يده يتأرجح في كل اتجاه مع حركته السريعة، والابتسامة الشقية التي تشق وجهه كان بإمكانها أن تخبرك لأي حد كان مستمعًا، واثقًا بنفسه أيضًا.

عندما بلغ حافة السطح الأكثر انخفاضًا من الذي جاء منه، سمع وقع خطوات كثيرة متداخلة خلفه، والإدراك جعله يبتسم حتى بانَت أنيابه ويقفز مباشرةً للأرضية المبلّطة، ودون أن يلتفت للخلف حيث الأطفال الذين كان أكبرهم في العاشرة يلحقونه راكضين فوق سطح بيتٍ ليس لأي منهم، مدّ يده للعمود وسحبه ناحيته حتى ارتطم بالأرض، يصدر ارتداد صدًى لَم يكن حقًا شيئًا محببًا لقلبه.

توقفَت الخطوات المتداخلة المنبعثة مما يبدو كل مكان خلفه، ولَما استدار بابتسامة عريضة تكاد تكون مختلةً بدرجة ما، وجد الأطفال السبعة الذين رشَتهم مالكة المخبز العجوز بقطعة دونات تُقسم بين اثنين مقابل إمساكه أو إعادة ما أخذه، لا فرق، يقفون عند حافة السطح البعيد عنه بمتر ونصف، أعينهم تلمع بشدة تحت الضوء، وملامحهم كانت أكثر بؤسًا من أن يستطيع وصفها.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 14 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الليل آتٍ!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن