عند البئر، استطاع ڤادال أن يدرك معنى أن يوشك الإنسان على الموت خوفًا، ربما بدون سبب منطقي حتى، والآن، كان يختبر العجز الخام الذي يمحو كل شعور آخر، كل فكرة، كل إحساس.
كان واقعًا أرضًا، رئتاه تكادان تنفجران تحت وطأة الضغط ونفاذ الأوكسجين، والألم كان يجعله مخَّدرًا تجاه كل ما عدَاه.
مع الوقت، دقيقة أو خمس، لا يعلم حقًا، انقلب على ظهره مدعومًا بقوة لم يدر من أين له بها، استطاع أن يفتح عينيه، واستعاد الإحساس بما يطفو فوق جلده أيضًا.
كان كل شيء ضبابيًا، متموجًا ويبدو وكأنه يتراقص في كل اتجاه، يتخذ كل هيئة ممكنة عدا هيئته الأصلية، ويصيبه بالدوار لحد كان يدفع الغثيان لينط خارج بلعومه، كان الألم أقوى بكثير من أن يتيح له الوصف أو الانزعاج أو أي شيء آخر.
كان ذلك نوع الألم الذي يجعلك تود البكاء لمجرد أنك تفكر، لكن دماغك لا يأخذ فكرة البكاء على محمل الجد لأنه مشغول بتفجير خلاياكَ من فرط الوصَب.
رغم ذلك، كان كل شيء ما يزال طبيعيًا، حتى شعر بالحرارة تتفرقع في ساقه كانفجار غاز ولّد ألسنة لهب لا تكفي مياه الدنيا لإخمادها، هل تعرف شعور انقشاع الجلد؟ الإحساس الذي يأتي رفقة سيل من الألم والسخونة فيفرك جلدكَ حتى يظهر اللحم لزجًا ودافئًا من تحته؟ ڤادال جربه الآن.
كان الألم قويًا لحد لم يعطه الوقت حتى للصراخ، ولا لاستيعاب ما يحصل بالضبط، لِم كان يشعر بجلده يتساقط ولحمه ينقشع تحت اليد اللزجة للمخلوق الذي يزحف فوقه؟
لو كان واقفًا مكان يوردان، لأدرك السبب.
كانت الدماء اللزجة التي زحفت فوقه ما سببت ذلك، كانت حمضًا مذيبًا كالأسيد، وبالتأكيد كان مقدار ضرر الحروق التي تنتج عنها شيئًا لا يستطيع أحد مواكبة خطورته، لذا كان عليه أن يتدخل، ليس الآن مع ذلك.
لو أنه تدخل الآن، سيتسبب بقتل نفسه وقتل ڤادال معه.
هسهس ڤادال بخفوت، كان ذلك كل ما منحه إياه وعيه كرد فعل، يشعر برقعة الألم تتسع، السخونة تمتد أكثر، والثقل على جسده يصبح غير مستحملًا.
ثم في لحظة ما، لم يعد يشعر بشيء عدا جسده الذي يتقلّى في لهيب سقَر، وعندما امتدت يد المخلوق لتحاوط رقبته، شعر بلحمه نفسه يتآكل، لكنه فتح عينيه رغم ذلك، يضيقهما على الهيئة التي كانت إنسيةً يومًا أمامه، ويتساءل عما هو أسوأ من الموت الآن.
عن قُرب، غدَت هيئة المخلوق أكثر وضوحًا، وجهه كان مسلوخًا لحد أبرز العظام من تحت نتفات اللحم القليلة العالقة عليها، كان الدم في كل مكان يمكنك أن تلحقه بعينيك، واللزوجة تجعل القطرات الحمراء تنزلق على جسد ڤادال فترفع سرعة وفعالية تآكل الجلد.
عظام قفصه الصدري كانت منبثقةً خارج الجلد واللحم، تتدلى على جسد ڤادال وربما تخترقه بدرجة ما أيضًا، كان الفتى عاجزًا عن الإدراك، لأي حد كانت إصاباته خطيرة؟ لم يكن يستطيع حتى التفكير في الجواب.
أنت تقرأ
الليل آتٍ!
Fantasíaكُتبت النهايات منذ قِدم بحبر من دم ونار، ومن كتبها يسير متبخترًا بين البشر كأنه فرد منهم وبينهم وُلد، وما خلفه وأمامه إلى الهلاك أُلقي. ثم، من رحِم الأساطير المطموسة انبثقت الحقائق المكشوفة، بهيئة الحياة قدِم الهلاك، المأخوذ مُسترَدّ، الكذب صُدق، وا...