اليوم الرابع

2.2K 69 38
                                    

أستيقظ من نومه بكسل تام على صوت المنبه الذي ملأ الغرفة، نظر الى زوايا الغرفة بعينين ناعستان، ثم نهض بعد ذلك ليتجه الى دورة المياه ليقوم بروتينه اليومي، وبعد انتهائه توجه الى الخارج ليقف في منتصف غرفته شاعرًا بأن شيءٌ ما مفقود.

جاسم: لم أحلم بحلم غريب، لم أشعر بتواجد شخص معي في دورة المياه، لم أشعر بتواجده في زوايا غرفتي، لم استشعر بوجوده بجانبي على السرير! مالأمر؟ مالذي يحدث؟

هز رأسه بقوة ليطرد تلك الأفكار من رأسه، وتوجه الى خزانة الملابس ليقوم بإرتداء ملابسه على وجه السرعة، لم يكن متأخرًا عن العمل أو ما شابه، بل كل ما رغب به هو فقط الهرب من غرفته تلك التي تبعث بداخله شعور الاشتياق الى شيءٍ ما لا يعلم ما هو، ولكن ذلك الشعور قد التهم قلبه وعقله بالكامل.

توجه بعد ذلك الى الباب الخارجي للمنزل مهرولًا، الا ان تذكره روتينه المعتاد في ازعاج اخيه كل صباح قد ظهر في عقله، ظن ان ذلك سيشغله حقًا في نسيان ذلك الشعور، فعاد مجددًا الى الطابق العلوي بينما يحاول عدم النظر بإتجاه غرفته، هم بالدخول الى غرفة شقيقه، لتستقبله وكالعادة رائحة سجائر ممزوجة بعطر رجالي قوي، وكانت الغرفة باردة وتكسوها الظلمة.

الا ان النور القادم من دورة المياه كان ينير القليل من اجزاء الغرفة، عندما توجه الى الدورة المياه كان يسمع صوت رشاش الماء وبخار الماء كان يخرج بشكل خافت، ظن للوهلة الاولى بأن أخيه أحمد قد استيقظ مبكرًا ولأول مرة في حياته، فشقيقه الأصغرجاسم يعلم بأنه قام بإنشاء شركته الخاصة حتى يصبح هو رئيسها ويذهب الى العمل وقت ما شاء.

خطى بضع خطوات الى الخلف راغبًا بالخروج، ولكن صوتًا ما بداخله يخبره بأن هنالك خطبٌ ما ويجب ان يدخل ليتأكد من ان شقيقه بخير، ولم ينتظر للحظه بل انصاع لذلك الصوت وتوجه مجددًا الى الباب ليفتحه بهدوء ويلقي نظرة، ونعم ما كان يتوقعه قد حدث، شقيقه أحمد مستلقي داخل حوض الاستحمام ويده ماتزال تنزف وكان الماء الذي يملأ حوض الاستحمام قد امتزج بلون الدم، وكانت معظم تلك قطرات المياه الحمراء (الممزوجة بالدماء)  تتساقط من ذلك الحوض كالشلال تحت ضوء القمر الأحمر.

لم يشعر جاسم بنفسه الا انه بدء يصرخ من أعماق قلبه وحنجرته قد تمزقت بالفعل، وكان يحمل شقيقه بين ذراعيه بينما يغطيه بغطاء أبيض والذي هو كذلك قد أمتزج بتلك الدماء، أستيقظا والديه على أصوات صرخاته المتتالية، وكانت الصدمة كذلك قد أخذت دور بالنسبة اليهما فقد استيقظا من النوم للتو ولم يستطيعا إدراك الأمر بعد، وكان الاثنان يحملقان بجاسم الذي يحمل جثة اخيه بين يديه.

جاسم:( لا وقت لدي لأنتظركم سأقوم بأخذه الى المستشفى وانتما الحقا بي حسنًا! ولكن كونا حذرين!)

عندما توجه الى السيارة وضع جسد أخيه بعناية تامة ومن ثم هم مغادرًا الى المستشفى.

لم يُرد الاتصال على الاسعاف لانه أعلم بما سيحدث، فقط ستتأخر سيارة الأسعاف وشقيقه يعاني من الألم وربما ستفارق روحه هذه الدنيا وهو لا يريد ذلك، بل يريد ان ينقذه بكل ما يملك من سبل لإنقاذه، وان كان ذلك يعني اخراج روحه ووضعها داخل جسد أخيه التي ربما قد فارقته روحه منذ بضع ساعات.

قد أسرني كيانكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن