الحبّ جميل .. لكن الكرامة أجمل
**************
تستلقي بثوبها الأبيض فوق ذلك العشب الأخضر .. أشعة الشمس الدافئة تضرب صفحة وجهها لتجبرها على إغلاق بندقيّتيها .. أنفاسها منتظمة كأنّها خالدة في نوم عميق ..
يد ما تمتدّ لتمرّ ببطئ شديد على تقاسيم وجهها .. قبل أن تشعر بظلّه الذي يحجب الشمس عنها .. يجعلها تعود لفتح عينيها .. تحدّق به بعاطفة من نوع آخر .. عاطفة كفيلة بإذابة جليد الجبال في أقسى أشهر الشتاء ..
شعره الذي يكاد يأخذ لونا أزرقا من شدة سواده .. بشرته الحنطيّة بملامحه التي تبدو جادة حتى و هو في قمّة هدوئه .. و أخيرا و ليس آخرا .. عيناه .. تلك الزرقة التي لا تجد لها وصفا .. هل تشبّهها بصفاء المحيط أم بنقاء السماء ... حقا .. هي لا تعلم .. لا تعرف شيئا سوى أنّها واقعة لتلك الزرقة حتّى النخاع ..
مال ثغره في إبتسامة جميلة جعلتها تبادله إيّاها كالمخدّرة .. تتساءل عن أنّى يمكن لرجل أن يملك ذلك السحر في إبتسامته .. كيف يمكن لرجل أن يمتلك كل تلك الجاذبية التي تبدو و كأنّها خُلقت لتختصر في هذا الذي تراه أمامها ..
فتحت عينيها مجدّدا .. فتحتهما لتعود إلى واقعها هذه المرّة .. لدقائق معدودة لم تتحرّك و علق بصرها في سقف غرفتها .. مسحت بعدها على وجهها بكلتا يديها عندما أدركت أنّه ذات الحلم الذي يراودها كلّ فترة و الأخرى ..
تنهّدت و هي ترفع جسدها لتخرج من فراشها مردّدة في سرّها :
" إلى متى يا لَتِين ؟ .. إلى متى ؟ .."
********
نزلت إلى الأسفل بخطوات رشيقة .. بنشاطها المعتاد و إبتسامتها المشرقة .. ترفع بإحدى يديها طرف فستانها الكراميلي الطويل كي لا تتعثّر و هي تطرق درجات السلم بذلك الكعب الأبيض من نفس لون حجابها المخمليّ الذي زادها رقّة فوق رقّتها ..
إتّجهت إلى طاولة الإفطار مباشرة .. في تلك القاعة المخصصة للطعام في قصر آل عثمان الأسطوري ..
إنتبه الجالسون إليها .. و كان أول من إستقبلها هو زَيد .. ذلك الصغير ذو الخمس سنوات .. الذي قفز من كرسيه و ركض إتجاهها هاتفا بسعادة كأنه يرى والدته و ليس إبنة عمّ والده :
" تين .."
فتحت ذراعيها من أجله .. و حملته تمطر وجهه الطفولي البريء بقبلات صغيرة متفرّقة .. قائلة بعبوس مزيّف و هي تخاطب إبن عمّها بينما تسير ناحية الطاولة مجددا :
" متى سيتوقّف إبنك عن إبتلاع حرف اللام من إسمي يا خالد ؟ .."
ضحك المعنيّ بالأمر مردفا و عينه على جدّه الذي تبدلّت ملامحه من الجامدة إلى المرتخية فور قدوم حفيدته :
أنت تقرأ
شيء ما بيننا
Randomماذا قد ينجب الحب عند إقترانه بالكبرياء ؟ .. . . . عشر سنوات .. مدّة كافية كي يعتاد فيها المرء على حياة جديدة بمشاعر جديدة .. و قد إعتادت فعلا .. إعتادت على كلّ شيء لكنّها لم تفلح في تجاهل مشاعرها له .. لا تعرف شيئا عنه سوى أنه خاطبها منذ مراهقتها...