الفصل الثالث عشر : بلاء و رحمة

3.8K 412 348
                                    


الموت ليست أعظم خسارة في الحياة

الخسارة الأعظم هي ما يموت بداخلنا و نحن أحياء

*************

فتح عينيه تدريجيا ثمّ سرعان ما عاد ليغمضهما بسبب ذلك الضوء الأبيض المنبعث من السقف .. بعد خمسة عشر ثانية بالضبط .. عاد ليفتحهما و رؤيته مازالت ضبابية .. يشعر بثقل في جسده كأنه محاط بغيمة مشبّعة بالمطر .. حاول تحريك يده لكنّها كانت مربوطة بأنبوب مغذّ متصل بجهاز قريب ..

نظر إلى يمينه ببطئ .. و لم يجد سوى جدران بيضاء عارية و سرير آخر فارغ بجانبه .. قبل أن ينتبه لحركة طفيفة على جهته الأخرى جعلته يلتفت برأسه ناحيتها ..

كان تميم واقفا على بعد خطوة واحدة من السرير .. ببذلته العسكرية التي نادرا ما يظهر بها في الأماكن العمومية .. و هذا يعني أنّه قد تمّ إستدعاؤه على عجالة ..

بدأت الذكريات تتوافد إلى عقل خالد .. فإنتفض جالسا على سريره .. يحاول نزع تلك الإبرة المغروزة في ساعده .. و بينما دموعه تهدّد بالهرب من جفنيه .. تحدّث بحشرجة بصوته الضائع :

" يجب أن أراها .. يجب أن ألحق بها .. إلى أين أخذوها ؟ .. "

لم يبعد تميم نظراته الحزينة عن إبن عمّه .. و لم يتدخّل في منعه من النهوض .. لكنّه و ما أن لمح تقدّمه من باب الغرفة حتّى خاطبه بنبرة خافتة متردّدة كمن يصعب عليه التفوّه بتلك الكلمات :

" عظّم الله أجرك يا أخي  .."

ربما رجفة في عظامه .. أو ربما وهن قلبه .. لا يعلم .. لكنه وضع يده على قلبه الذي أخذ يخزّه في شعور مؤلم .. و أطلق آه باكية بينما ترتعش أقدامه ليخرّ راكعا على ركبتيه ..

" لا يمكنها أن تتركني .. لا يمكنها أن تتركني .. ليس الآن .."

ظلّ يردّد تلك الكلمات مرارا و تكرارا .. و هو يضرب قبضته بالباب المغلق أمامه .. و جسده بأكمله يرتجف حرقة على حبيبته ..

إنحنى تميم إلى مستواه .. يقول بينما يأخذه في حضن أخوي مواسي .. بينما دموعه هو نفسه تهدد بالسقوط :

" جبر الله كسرك يا أخي .. "

*************

في تلك الأثناء .. كانت لتين تقف في شرفة غرفتها في القصر .. و تنقل بصرها بين ساعة يدها تارة و ساعة هاتفها تارة أخرى .. تتساءل ما الذي يؤخّر صديقتها حتى الآن ..

إتصلت بها عدّة مرات دون أن تلقى أي إجابة .. ما جعلها تتصل بمعلّمة زيد تسألها إن كانت والدته قد حضرت لأخذه .. مفكرة في أنها لربما تقضي الوقت رفقة إبنها على إنفراد .. لكنّها صعقت حين أخبرتها الأخرى بأنّ زيد مازال في إنتظار أحدهم ليعيده إلى المنزل ..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 4 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

شيء ما بينناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن