الفصل الثاني : غير متوقّع

3.4K 252 154
                                    


ليس هناك أبشع من أن تُسقى الخيبة من شخص تهتم

لأمره

***********

يقولون عندما يعلو الصوت يصاب العقل بالصّمم .. و في حالتها .. كان صوته و هو يردّد تلك الجملة هو العالي داخل ذهنها .. و كان قلبها هو من أصيب بالصّمم ..

إذا .. هل تعرف معنى أن تشعر بالضياع لمجرّد إختراق بعض الكلمات لأذنك ؟ .. هل تعرف معنى أن تتحسس تمزّق أنسجة قلبك لمجرّد إدراك عقلك لحقيقة تعتبرها قاتلة ؟ ..

هذا ما كانت تشعر به عندما نطق بتلك الجملة .. ينزف قلبها كأنه تلقّى طعنة أودت بشريانه الأبهر .. فيتسلّل ذلك الألم إلى أعماقها ليثقل كاهلها أكثر ..

كان الزمن قد توقف في تلك اللحظة .. فرغ عقلها و تشوّشت رؤيتها .. إختفت الأصوات من حولها و تشكّل شعور مقيت بالغثيان في معدتها .. كانت على وشك فقدان وعيها حرفيا ..

ليتها فقط فعلت .. ليتها فقط فقدت وعيها قبل أن تضطرّ لسماع صوته مجددا فتدرك أنّ ما تعيش ما هو إلا واقع مرّ و ليس كابوسا أو ما شابه :

" لَتين .. "

لم يكن وعيها كافيا لتدرك أنه نطق إسمها .. لكنّ ما تبقّى منه سمح لها برسم إبتسامة متكلّفة تخفي بها ذلك الأنين الذي يصارعها كي يخرج من حلقها .. و جاءت نبرتها خافتة عن العادة عندما قالت :

" سعيدة لأجلك .."

وخزتاها عيناها في شعور مؤلم يطالبها بذرف الدموع .. كأنهما تخبرانها أنهما ليستا ندّا لهذا الحمل الذي ترميه عليهما .. أنّها بحاجة للبكاء الآن و حالا و إلا فستفضحانها .. فهل هي تسخر منهما أم من قلبها أم من ماذا بالضبط ؟ .. بحق الإله ما معنى أن تكون سعيدة لأجله لأنه يريد الإرتباط بغيرها ؟ .. أي عدل و أي منطق هو هذا ؟ ..

في أثناء خوضها لكلّ تلك النزاعات مع مشاعرها التي كانت تضغط عليها كي تظهر للعلن .. كان هو يحرق وجهها بنظرات غريبة .. كأنّه يبحث عن شيء ما في ملامحها .. لكنّه زفر بيأس حين لم يفلح في قراءتها .. و قال بهدوء :

" ليس و كأنني سأقدر على فعلها .."

تنفّست بعمق .. تردف بعدم فهم بعدما عضت على شفتها :

" ماذا تقصد ؟ .."

نهض من مكانه و وقف ينظر إليها قليلا .. قبل أن يأخذ خطوات بطيئة نحو المخرج .. ليجيبها فور إدارته للمقبض :

" ستعرفين قريبا .."

ما الذي يعنيه و ما الذي ستعرفه .. لم يكن يهمّها كل ذلك .. لأنها نهضت من مقعدها بصعوبة .. تتحامل على أقدامها المرتجفة التي لم تكن قويّة كفاية لحملها .. وصلت إلى الباب و قامت بتدوير مفتاحه لتتأكّد من أن أحدا لن يباغتها و يدخل إليها ..

شيء ما بينناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن