الغيرة .. تصبح أشد ألما حين تغار على ما لا تملكه
*********
لوهلة .. ظنّت أنها إستمعت لصوت وقوع قلبها بين قدميها .. أسئلة كثيرة أحكمت قبضتها على عقلها .. ما الذي كانت تفعله تلك المرأة في الداخل ؟ .. إلهي .. هل ... ؟ ..أغمضت عينيها بعنف .. تنفض تلك الأفكار التي بدأت تعبث بها .. لا يمكن أن تكون قد أتت لرؤيته .. تميم لا يفعل ذلك .. من المستحيل أن يكون قد قابلها في منزلهم ..
نظرت إلى ساعة السيارة التي كانت تشير إلى السادسة مساءا .. و تنهدت براحة مزيّفة لأنه في العادة لا يرجع إلى المنزل في هذا الوقت ..
أطفأت المحرّك تستعد للترجل .. لكنّها عادت تستند برأسها إلى مؤخرة مقعدها كما لو أنّ أقدامها لم تطاوعها على الحركة ..
بعدما أخذت أنفاسا طويلة و إستغفرت عدة مرات .. تمكّنت أخيرا من ترك سيارتها و دخول البناية .. تسير بخطوات ضيّقة نحو المصعد .. و بداخلها لم تتوقف عن تمنّي غيابه .. لن تستطيع تحمّل إيجاده في الشقة .. وجوده سيصادق على شكوكها .. و هي ليست ندا لموقف كهذا ..
فتحت باب شقتها بأيدي مرتجفة .. لتتشكل تلك الغصة في حلقها و هي ترى الأضواء المشتعلة .. ما يعني أن أحدهم هنا بالفعل ..
إبتلعت ريقها .. و تقدمت بهدوء نحو غرفة الجلوس .. لتتفاجأ به يخرج من غرفته و بيده حقيبة جلدية سوداء ..
نبض قلبها بعنف .. و لأول مرة لم يكن سبب ذلك الخفقان هو حبها له .. لأول مرة تمنّت لو أنها لم تره .. لو أنه لا يقف أمامها الآن ..
تملّكها شعور موجع من الخيبة .. كأنها كانت تحمل جناحيْن من الأمل و تستعد للتحليق بهما .. لكنّهما سقطا فجأة تحت وطأة الحقيقة ..
حدّقت به بعينيْن منكسرتيْن مبلّلتيْن .. لم تذرف الدموع لكنّ مقلتيها كانتا تخزّانها في شعور مؤلم تطالبانها بالبكاء ..
عن تميم .. فقد نبض قلبه لأول مرة بوتيرة سريعة لم يعتد عليها .. لم يرها منذ يومين و شعر كأنهما عامان .. تنهّدت روحه براحة و هو يراها .. على الأقل لن يغادر دون توديعها ..
إقترب منها بشبح إبتسامة .. لكنّه جفل عندما لمح وجهها الشاحب و أعينها البالية عن قرب .. وضع حقيبته على الطاولة بجانبه .. و سألها بلهفة لم يحاول منعها من الظهور :
" ما بكِ ؟ .. لم يبدو وجهك شاحبا هكذا ؟ .."
أخفضت رأسها تستنشق ماء أنفها تمنع إنهمار دموعها .. ضغطت على راحة يدها بأظافرها .. و قالت بنبرة خرجت مهتزة رغما عنها :
" هل ؟ .. هل كانت هنا ؟ .."
عقد تميم حاجبيه بعدم فهم .. يردف :
" من كان هنا ؟ .."
دون أن تغيّر من وضعيتها .. أكملت بصوت قريب من الهمس :
أنت تقرأ
شيء ما بيننا
Randomماذا قد ينجب الحب عند إقترانه بالكبرياء ؟ .. . . . عشر سنوات .. مدّة كافية كي يعتاد فيها المرء على حياة جديدة بمشاعر جديدة .. و قد إعتادت فعلا .. إعتادت على كلّ شيء لكنّها لم تفلح في تجاهل مشاعرها له .. لا تعرف شيئا عنه سوى أنه خاطبها منذ مراهقتها...