إن كانت القهوة هي صوت المذاق ..
فإن الفانيلا هي صوت الرائحة
************
كان يقود بطريقة جنونية متهوّرة .. يمسك المقود بقوّة .. و عيناه تلمعان بتركيز شديد .. يتجاهل تماما إشارات المرور .. و يتجاوز المركبات الأخرى كأنها ثابتة ..
كان محرّك سيارته الرياضية يندفع بأصوات عالية كأنه على وشك الإشتعال .. الإطارات تصرخ على الأسفلت و الدخان يتصاعد منها ..
كلّ شيء يحدث بسرعة مذهلة .. و رغم أنه كان يتحكّم في قيادته بدقة عالية .. مع ذلك بدا أنّ أي خطئ بسيط قد يؤدي إلى كارثة في أي لحظة ..
على الطرف الآخر .. كانت لتين جالسة أمام رئيس مركز الشرطة داخل مكتبه المتواضع .. تضع قدما فوق الأخرى و تعقد ذراعيها إلى صدرها .. تثبت بصرها على نقطة ما .. و تسترجع داخل عقلها تفاصيل ما حدث قبل سويعات ..
فلاش باك
كانت تركن سيارتها بجانب خزان الوقود داخل تلك المحطة .. عندما جذب إنتباهها مشهدا جعل الدماء تفور في عروقها ..
في ركن ما في الظلام .. كان يقف شابا طويلا هزيل الجسد .. يحمل بين أنامله سيجارة مشتعلة .. و يقوم بضغط جمرها الأحمر في كفّ طفليْن صغيرين .. بدت حالتهما مثيرة للشفقة من ثيابهما البالية و وجهيْهما الملطّخيْن بالدخان ..
إشتدّت قبضتها على المقود .. نظرت حولها فلم تجد أحدا .. حتى عمال التعبئة لم يكونوا موجودين .. و هذا رائج جدا في المحطات التي تحتوي على آلات تعبئة تعمل بالبطاقة الذهبية ..
ترجّلت من سيارتها تتجه نحو ذلك الشاب بتأني .. وهي تصيح بصوت مزعج :
" أنت .. أيها الأحمق .."
إلتفت إليها و إتسعت عيناه بصدمة عندما قذفته بحجر فاق في حجمه قبضة يدها ..
تحرّك الشاب يتفادى الحجر .. فإستغلّ الصغيران الفرصة ليهربا راكضيْن بينما يمسك كل منهما بيد الآخر غير المصابة ..
آلمها قلبها عليهما .. ودّت لو توقفهما لتعالج جروحهما .. لكنّ ذلك الهزيل الذي إتضح أنه يملك شعرا أسودا و بشرة شاحبة .. إندفع نحوها هاتفا بسخط :
" ما الذي تفعلينه ؟ .. هل أنت مجنونة أم ماذا ؟ .."
رفعت حاجبها تجيبه دون أن تتحرك من مكانها :
" المجنون هو أنت أيها السافل مستغل الأطفال .."
" ما شأنك أنت و اللعنة ؟ .. إنهم إخوتي و كنت أعاقبهم .. لم تتدخلين فيما لا يعنيك ؟ .."
إن كانت تكره شيئا في حديث أحدهم معها .. فهي تكره أن يلعن أمامها .. لذلك أغمضت عينيها .. تردف من بين أسنانها :
أنت تقرأ
شيء ما بيننا
Aléatoireماذا قد ينجب الحب عند إقترانه بالكبرياء ؟ .. . . . عشر سنوات .. مدّة كافية كي يعتاد فيها المرء على حياة جديدة بمشاعر جديدة .. و قد إعتادت فعلا .. إعتادت على كلّ شيء لكنّها لم تفلح في تجاهل مشاعرها له .. لا تعرف شيئا عنه سوى أنه خاطبها منذ مراهقتها...