الجريمة

321 12 1
                                    


وقف السيد اندي بجوار النافذة في غرفة الضيوف والتي تطل على الحديقة الامامية، كان ذلك لحظة نزول السيد "مات جبسون".

"لم تنضم إلينا على طعام الإفطار هذا الصباح" قال السيد اندي .
"لم اعتقد أن أحدكم قد يفتقدني" اجاب ماثيو بتهكم.
"لا تقل هذا" اقترب منه السيد اندي محاولا الوصول اليه
"لا يهم "اجاب مات وهو يشعل سيجارته ويبتعد عن السيد اندي والذي كان قد وضع يده على كتفه، اغلق الباب بقوة خروجا إلى الحديقة لينضم إلى السيد الفريد والذي كان يجلس هو أيضا في الحديقة وراح يقلد اندي ويقول "لا تقل هذا" .وقد بدى أن شجارا سينشب.

"سيد اندي... سيد اندي" نادت السيدة مارغري عدة مرات قبل أن يلتفت إليها السيد اندي والذي بدى منهمكا في النظر من خلال النافذة.

"هل هناك شي يا سيدي؟ هل انت بخير؟" عادت تسال السيدة مارغري .الا أنه أغلق ستائر الغرفة واخذ فنجان القهوة الذي أحضرته السيدة مارغري وقال:"إن الطيور على أشكالها تقع "وانصرف إلى مكتبه.
قالت السيدة مارغري لنفسها" لا شك أنها ستكون ليلة راس سنة مختلفة .... بلا شك"

حل المساء وبدا الضيوف بالنزول إلى قاعة الضيوف حيث يفترض أن تقوم الحفلة.
كان التوتر واضحا جدا على وجوه الحاضرين. حاول السيد اليكس جونسون بمزاحه أن يخفف من شدة التوتر وكان على وشك أن ينجح قبل أن يدخل السيد اندي جبسون ليخرج السيد "ماثيو جبسون " بحجة انه يريد التدخين .رحب السيد اندي بضيوفه مجددا ليعلن بدا الاحتفال.

امسك دايڤيد بيد لورا وحاوط خصرها بكلا ذراعيه بخفة، في حين قامت هي بوضع يداها على رقبته وراحا يرقصان وقد تلاقت عيناهما وقد شعرت لورا برعشة صغيرة تحتل جسدها حيث انه قد مضى الكثير من الوقت منذ ان رحل دايفيد الى لندن ليهتم بعمل والده هناك وقد انهمكت هي في تولي القضايا.
"اشتقت لك، لعيناك, لنظراتك...لكل ما فيك" قال دايفيد وهو ينظر في عيناها والتي احمرت خدودها خجلا وراحت تنظر الى حذائها الاحمر ذو الكعب العالي والذي كان يبدو متناسقا مع فستانها القصير الاسود, وقد كان حذائها مثيرا للاهتمام في وقتها على ما يبدو...
"لا, لا ارجوك! لا تشيحي نظرك بعيدا عني" قال وهو يرفع وجهها بيده لتلقي نظراتهما من جديد. اعاد يده الى مكانها على خصر لورا النحيل.
"يكفي ارجوك... فالجميع ينظر الينا" قالت وهي تنتقل بنظراتها بين الحاضرين. الا انه لم يابه بما قالت, اغمض عيناه ووضع جبينه على جبينها وراح يهزها بخفة.

امسكت جوليا بيد السيد مالكودي وذهبت به إلى منصة الرقص .حاول السيد مالكودي أن يتهرب من طلب جوليا إلا أنها لم تقبل الرفض كإجابة.

أما السيد جاكسون فقد بدى عليه الاستياء ،سرت الدماء إلى أعلى وجهه وخرج إلى الحديقة.

تبادل الجميع أطراف الحديث والذكريات وقد بدأت الأمور تأخذ المجرى الصحيح لحفلة رأس السنة. وقد كانت الابتسامة ترتسم على وجه السيد أندي الذي كان ينظر الى ابنته بفخر شديد إلى أن وضع يده في جيبه واخرج منها قصاصة من الورق ونظر اليها كمن رأى شبحا أمامه ووضعها في جيبه مره أخرى ، وضع كأسه على المنضدة وراح ينادي على ديانا دون انقطاع: ديانا... ديانا ... احضري لي فنجانا من القهوة .
قال ذلك وصعد الى المكتب . اما السيدة كاثرين جبسون فقد اعتذرت لضيوفها وأمرت بمتابعة الحفلة.
تابع الجميع ما كانوا يفعلونه ومضى الوقت سريعا وقارب الليل أن ينتصف فأرسلت السيدة كاثرين السيد مالكودي ليرى اندي حتى يتمكنوا من فتح الهدايا . مضت لحظات حتى عاد مالكودي وهمس بأذن السيدة كاثرين والتي تبعته إلى أعلى وتبعهما السيد اليكس جونسون والذي أحس بأن هناك خطبا ما.

"اندي أرجوك افتح الباب". قالت كاثرين .
"أخشى أن مكروها قد حدث" قال مالكودي والذي وضع كلتا يداه على راسه .
"لا تقل هذا يا مالكودي بحق السماء"
"هل هناك مفتاح احتياطي للباب؟" سأل السيد أليكس
"لا, فإن أندي يملك المفتاح الوحيد" أجابت السيدة كاثرين بقلق شديد.
"إذا فعلينا خلع الباب"

في تلك اللحظة بدا العد التنازلي للعام الجديد .
10,09,08,07,06,05,04,03,02,01
تعالت صرخات الفرح لاستقبال العام الجديد وصرخت السيدة كاثرين فور انفتاح الباب والتي تلقتها السيدة مارغري والتي أسرعت اليها بعد أن سمعت صراخها وأسرع السيد اليكس جونسون نحو السيد اندي والذي هز راسه نفيا :
"انه ميت"

"لا هذا غير صحيح.... اتصلي بالاسعاف يا مارغري" قالت السيدة كاثرين وقد أسرعت نحو زوجها تهزه.

صعد الجميع إلى غرفة السيد أندي وقد اجتمعوا حول الجثة.
"يا الهي! ما الذي حصل؟ هل هو..." قالت السيدة انى بعد ان اخرجت شهقة واسرعت نحو اندي في حين اكتفى السيد جاكسون بالايماء.
"لا، ابتعدي... اندي لم يمت, ابتعدي" قالت السيدة كاثرين والتي وضعت راس السيد اندي على قدميها وراحت تمرر اصابعها في شعره البني. "هيا يا عزيزي استيقظ" راحت تقول في ياس " ارجوك! لا تجعل الاخرين سعداء برحيلك، ارجوك عد". وراحت تمرر انمالها في شعره البني "هيا يا عزيزي"

وضعت راس السيد اندي ارضا واقبلت كالنمر المتوثب المتربص بفريسته فور رؤيتها للسيد ماثيو وامسكت بقميصه "قاتل، لقد فعلتها . لقد قتلت اندي" راحت تضرب صدره بكلتا يديها في حين لم يحرك ساكنا "ساقتلك! لقد قتلت اندي"
اسرعت لورا اليها "توقفي يا امي ارجوك" وهي تحاول ان تكتم غضبها, المها وحزنها.
التفتت السيدة كاثرين اليها وراحت تنظر اليها وعيناها مغرقة بالدموع، كانت تنظر بتوسل في عينا ابنتها والتي كانت تتصنع الجمود. كانت تتحس وجه ابنتها وهي تبكي بحرقة.
"لقد قتلوه! ل- لقد حص- لوا على ما يريدوه. قتلوا والدك، لقد رجوته الا يدعوهم، كنت اع- اعلم ف-- فهم مجموعة قتلة. لم يكفيهم ما فعلوه" قالت بكلمات متقطعة من بين شهقاتها وصرخت بصوت مبحوح "اخرجوا"
"ارجوكم اخرجوا ولا تلمسوا شيئا" قالت لورا
وهي تصطنع القوة
"عزيزتي... انا"
قاطعته ورفعت يدها بغية ايقافه وقالت "ليس الان يا دايفيد" نظرت الى الجميع واردفت "لا يلمس احدكم شيئا لحين وصول الشرطة"

"اعتقد انه أصيب بسكتة قلبية حادة" قال السيد اليكس جونسون.
اسرعت السيدة كاثرين نحو مالكودي والقت نفسها بين احضانه وراحت تبكي بحرارة " الم اقل لك, لن تتمكن من حمايته! الم اقل لك انهم وحوش"
رفع السيد مالكودي يديه ببطء شديد وحاوط السيدة كاثرين بذراعيه الا انه لم يبعد عيناه عن جثة السيد اندي. نظرت اليه لورا نظرة مفادها ان ينسحب مع والدتها.

"حبيبتي..."
"لطفا يا دايفيد فانا ارغب بان ابقى لوحدي" فاومأ دايفيد بتفهم. انصرف واغلق الباب.

ما ان اغلق ذلك الباب حتى راحت دموع لورا المتمردة بالانهمار على خديها، راحت تلعن نفسها الف مرة، كيف حصل ذلك، كيف لذلك ان يحصل، وكيف لم تشعر هي بذلك.

نظرت إلى المكان الذي استلقى به والدها تحت نافذة الغرفة وقد أرخى ربطة عنقه وفتح أزرار قميصه. "لقد كان يريد أن يعيش, لم يكن يرغب بمثل هذه النهاية لا بد انه صرخ طلبا للمساعدة إلا أن احد لم يتمكن من سماعه ، ربما بسبب صوت الموسيقى المرتفع ... لم يكن من المفترض به أن يموت هكذا .. اللعنة على الموسيقى، على الرقص، وعلى الحفلة التافهة... كان يريد أن يعيش... كان يريد أن يعيش".

حبال الماضيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن