الفصل الخامس {تكملة الفصل الرابع -المرأة النمر-}

1.2K 85 0
                                    


حملتها نشوة النصر، والإحساس بالسلطة، فانتظرت منفرجة الساقين بتحد أن يبدأ بمناظرة، فإذا كان مصمماً على التمتع بمحفظة والدها فعليه أن يتحمل لسانها السليط.

ترقبت وأنفاسها محبوسة ونظراتها مستقرة على عينيه الباردتين الذهبيتين رد فعله لكن الصمت طال والغرفة اشتدت برودتها حتى ارتجفت قليلاً متذكرة حب الاسبارطيين وولعهم بحيوانات الغابة .. كانت مدينة اسبارطة مزينة بالتماثيل الحجرية، لأسود مجنحة ونمور متحفظة وفهود شرسة، تجدها تحت النوافذ أو متمددة على أسفل السلالم، أو متسلقة المداخن أو قابعة على أوعية الزهور وأبواب الحدائق.. بعضها منحوت من الخشب، وبعضها الآخر من الحجر .. وتذكرت بشيء من الخوف كلمة قرأتها من المفهوم أن على الاسبارطي الاعجاب بالحيوانات القديمة، لأن رجال اسبارطة يصبحون كالحيوانات حين يستولي عليهم جنون الانتقام!

ارتدت الى الوراء لتدير ظهرها للرجل الصامت المميز غضباً، وشعرت بضرورة الفرار من الجو المتفجر الذي يطغي على جو الغرفة، فقد شعرت للمرة الأولى بأن روحها الجريئة الشابة ترتجف خوفاً .. خوفاً جعل خطواتها سريعة، وقلبها عاصفاً، يكاد يخرج من بين أضلعها، وما جعله حبيساً في حنجرتها إلا الذعر .

ـ لحظة واحدة من فضلك ! فنحن لم ننه نقاشنا .

كان الأمر حاداً جازماً، ذلك لا يحمل وعيداً. 

فتوقفت والتفتت إليه ببطء متسائلة، فسجلت عيناه شبه ابتسامة  لوت أطراف شفتيه أحست بخيبة أمل.. كيف ظنته متوحشاً؟ فهذا النمر ليس سوى قط أليف.

كان هذا الافتراض هو المسؤول عن الاحتقار الذي لاح واضحاً في كلماتها :

إذا كنت تريد أن تقول إنك غيرت رأيك بشأن الزواج سيدي، فسأكون سعيدة بالاصغاء إليك .

رد عليها بدماثة جعلتها تصر على أسنانها :

 بالعكس ... فأنا أعتبر أننا نليق ببعضنا بشكل مثالي، انت كما قلت لك أصبحت ملكي! وأنا أود أن أتأكد من انك تفهمين أن الوضع الذي تفوهت به شائن للغاية، أتدركين ... أن الصاحب الذي تتكلمين عنه كان عادة خنثى وهو سيء الحظ، لا يملك حصته من الهرمونات الصحيحة لذا وضع في المنزل النساء لا مع الرجال الذين لا يبدون تعاطفهم، ولا يحسون بأي صلة تربطهم به. كانت النساء يتحملن هؤلاء المخلوقات التعسة شرط يبقى راغباً في خدمتهن وأن يعطيهن أذنا صاغية لمشاكلهن، وأن يكون مستعداً على الدوام لإراحة صداعهن بوضع منديل مليء بالعطر على جبينهن لا أنكر أن الأزواج كانوا متساهلين وما ذلك إلا لأنهم ما كانوا يخشون أن يغوي هؤلاء نساءهم. كانت العلاقة بين امرأة ومرافقها نادرة جداً، فللصاحب حتى في أيامنا هذه دوره في غرفة الملابس لدى النساء الثريات في أنحاء العالم أجمع ففي فرنسا يدعونه جيغولو وفي إيطاليا سيسيبيوه ولست أدري إذا  كان لهم اسم في بلادك ... قولي لي صدقاً يا اليكس أتنطبق هذه المواصفات علي؟

فتحت شفتيها لتطلق إهانة مناسبة لكن كل ما كان في رأسها تبخر حين التقت عيناه الحادتان المتفرستان بها، بعينيها المذعورتين. 

لم يكن قد حرك ساكناً .. ولا نطق بكلمة، ومع ذلك كانت تحس برجولته تتدفق من جسده، ومن عينيه الذهبيتين الشبيهتين بعيني القط، ومن مشيته الحيوانية الرشيقة حين أطلق ما يشبه الضحكة اضطرت للكلام

لا .. يجب أن أعترف بأنك لست هكذا. لكن الأمر لا يهمني . فرجولتك أو عدمها، لا تهمني ... كل ما أريد معرفته ما إذا كنت مستعداً مقابل الدوطة الضخمة التي سيقدمها أبي أن تقبل بالشروط التي ذكرتها لك؟

طبعاً .. سيكون من سعادتي أن أسعدك .. على الاقل في الوقت الحاضر.

- اسمعني! ارتباطنا سيدوم فقط حتى يحس أبي بالأمان ويأذن لأختي بالزواج لقد حذرتها من الزواج بابن عمتك، مستخدمة كل وسائل الاقناع التي أعرفها لأحول بينها وبين التورط الذي اعتبره أكبر غلطة سترتكبها في حياتها، لكنها لم تصغ إلي، لذلك عليها أن تجد الحل بنفسها حين تكتشف أنني محقة وأنها مخطئة!

وكأنك تهتمين باثبات نظريتك

كانت الكياسة، من رجل تحتقر دوافعه، مزعجة، فأجابت:

أنا أتبع ما تمليه علي بديهتي. لم يحدث أن اتخذت رأياً بشخص ما إلا وكان مصيباً .

تلاشت ابتسامته الرقيقة عن وجهه :

أنت مخلوقة عنيدة .. لكنني لا أنوي اشباع شهيتك الى التهجم ، فأنت مازلت طفلة، وعلى الانسان أن يكون صبوراً مع الاطفال لأنهم نبتة مرة قد تنتج ثمراً حلواً.

ردت بفظاظة، وسوء خلق

اصبر ما شئت لكن الثمرة الوحيدة التي ستقطفها ستكون حامضة !

خرجت من الغرفة مسرعة تتبعها ضحكته فتساءلت لماذا يمتلك هذا الرجل الذي تمقته وتحتقره هذه القوة التي تجعلها تبحث عن الهدوء ،والبرود والتي تثير عواطفها وتلهبها حتى تكاد تحس كلما التقت به بلهفة متوحشة لإيلامه إنها تخشى الحقد الذي يثيره في نفسها .. وإذا بقيت هادئة باردة، فستتمكن من التعاطي معه  أما إذا أعاقتها عاطفتها فستصبح معرضة  لكل أذى.

[مكتملة ☑] أسيرة الكونتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن