الفصل الثالث عشر (تريدهُ سيِدهاَ)

1K 65 10
                                    



حين انطلقا في نزهتهما، أمسك تيغر بيدها، ولم تمانع وقد نسيت وهي ترى هذا الجمال المحدق بهما أن الرجل الذي تلتف أصابعه حول أصابعها هو الكونت تيغاروس بیرناكس وبدا أن تيغر قد خلع مع السترة وقاره. 

فراحت عيناه من وراء نظارة ملونة تضحكان لها .. إنما بابتسامة محددة يطلقها عادة أي رجل منجذب الى فتاة جذابة. 

فارتفعت روحها بخفة كوقع قدميها وهي تسير إلى جانبه فأشارت الى طير نورس يطير في سماء زرقاء لا غيمة فيها. وتوقفت أمام طفل يبكي لابتعاده عن أبويه .. ثم تمتعت براحة حين هرع أب متلهف ليحتضن الطفل الباكي بين ذراعيه .

لك قلب حساس يا اليكس.. مصلحة الآخرين، من لا تعرفينهم حتى تعني لك الكثير .. وهذه أخلاق نادرة الوجود في فتاة مثلك تربت فيما يعتبره الناس حضن الفخامة والثراء... من غرس فيك مثل هذه الفضائل؟ ليس أبوك .. فهو كسائر الرجال من طبقته، يبدو غارقاً في العمل وفي شؤونه بحيث لا يجد وقتاً لشيء آخر. وساشا تبدو دائماً مهتمة بمصلحتها فقط .

كانا يقفان عند جدار منخفض يسندان مرافقهما فوقه ينظران الى عدد من الأشخاص المنتشرين فوق الرمال... ولم يكن على وجهه أثر للقرف المعتاد وهو يراقب أفراد العائلات يتدفقون للحصول على مشراتهم. إنه عالم جديد بالنسبة له وهذا ما أدركته اليكس لكن ذلك الإدراك سبب لها الإشفاق . وهو آخر شعور قد تربطه بالكونت المتباهي وسارعت تشرح:

لقد عانت أمي كثيراً حتى جعلتني أتعاطف مع الآخرين الأقل حظاً منا. وإذا بدا لك هذا تفاخراً، فأنا لم أقصده.. كان لوالدتي طبيعة محبة معطاءة وكانت ستتصرف بالطريقة ذاتها وإن كنا نعيش في كوخ فلم يكن للمال والاملاك أهمية عظيمة في نفسها. أذكر أنني سألتها مرة بكل لهفة الأطفال ماما .... ماذا سيحدث لو خسر بابا ماله؟ ونزع ردها كل خوف الطفولة من ذهني، حين قالت الثروة لها أجنحة يا عزيزتي.. أحياناً تطير لكن الأولاد هم ثروة الرجل، فما دام يحب أولاده لن يعرف الفقر أبداً .

شد تيغر على أصابعها

كم كان عمرك حين ماتت؟

اثنتي عشرة سنة. إنه أسوا عمر.. وماذا عنك؟ 

لم اسمعك تتحدث عن أمك. أتجد هذه الذكرى مؤلمة كذلك؟ أذهلتها هزة كتفيه غير المبالية، وأدهشها رده:

لا أذكرها أبداً .. فقد ماتت حين ولادتي.

أوه .. أنا آسفة! 

فابتسم وقال مازحاً:

قلبك رقيق.. لماذا الأسف؟ ما هو القول المأثور: «ما لم يكن لك لا يمكنك أن تفتقده؟

لكن هذا ليس صحيحاً! فلربما حاول والدك، بجهد مضاعف كما فعل والدي التعويض عليك

هز رأسه، وترك وحدة نفسه تبرز من خلال شرحه

 ما كنت أشاهد أبي كثيراً، كان يمضي معظم وقته خارج البلاد. ويتركني في عهدة المربيات والمعلمات وعمتي وحسب قولها.. كان أبي يكرهني، لم يستطع بالطبع. يسامحني لأنني سلبت حياة أمي حين ولدت ... لكن أعتقد أننا لو أعطينا الفرصة ليتعرف أحدنا على الآخر لاستطعت أن أعوضه عنها ولو بطريقة صغيرة جداً .. لكن هذا ما لم يحدث قط .

[مكتملة ☑] أسيرة الكونتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن