。⋆୨🌸୧⋆ 。
جوفاني
حملتُ كأس النّبيذ بيدي فيما أقود خطوّاتي للجلوس على أحد مقاعد حديقة المنزل الخلفيّة ... نظراتي تطالع هدوء ميّاه المسبح و مسامعي تستمتع بأصوات الطّبيعة الهادئة ... تنهّدتُ بخفّة ثمّ إتّخذتُ جلستي على المقعد ... قدم فوق قدم و كأس النّبيذ يتحرّك بخفّة في يدي ...
إرتشفت منه جرعات قليلة و نظراتي كانت شاردة تطالع الخواء أمامي ... حتّى تفكيري حينها كان يتبعثر بعشوائيّة وسط دوّامة لمختلف الأفكار الّتي تترامى داخله حول مختلف المواضيع ...
رفعت كأس النّبيذ مرّة أخرى و أخذتُ أرتشف منه بهدوء ، لكن حينها إستشعرت حركة أقدام تقترب بإتّجاهي و صاحبها معروف حتما ... هي خطوّات هادئة و رزينة ... متّزنة و سرعتها هي نفسها بين كلّ خطوة و أخرى ... أبي ...
رفعتُ نظراتي و كما توقّعت ، كان والدي يتقدّم بإتّجاهي ، حينها إستقبلته بإبتسامة هادئة و نظراتي كانت معجبة بكونه أبي ... لطالما كنت دائما معجب به و أعتبره قدوتي في كلّ شيء ...
بعدها وقف أمامي مباشرة فيما ينتزع تلك النّظّارات الشّمسيّة السّوداء الّتي كانت تغطّي عينيه ... لكنّها بالفعل منحته مظهرا مرموقاً و متناسقا مع البذلة الرّسميّة ذات اللّون الأسود الّتي يرتديها ...
أنزلتُ قدمي الّتي كانت تعلو الأخرى ، ثمّ إعتدلتُ في جلستي في حين نظراتي صوب والدي الّذي إستقام بجانبي و نظراته ثابتة على المسبح ...
لم يلبث طويلا و هو ساكن ... و سرعان ما رمى كلماته بهدوء فيما يديه مغروستان داخل جيوب بنطاله ، "يبدو أنّ السّكون المريب قد خيّم هنا مجدّدا" ، تنهّد بهدوء عند نهاية كلامه و لم يكلّف نفسه عناء النّظر إليّ ...
"لا يروقني كثيرا هذا الهدوء بعد رحيل ماثياس" ، تنهّدتُ بملل عند نهاية حديثي فيما أرتشف آخر ما تبقّى في الكأس الّذي بيدي ...
لمحت أبي يستدير ليجلس على الكرسي بجانبي فيما يشبك أصابعه ببعضها و يضع يديه أسفل ذقنه ... نظراته كانت ثابتة و خالية من أيّة ردّة فعل ... لكن قبل أن يتحدّث رسم إبتسامة خافتة بالكاد تُرى "تقصد الفراغ و ليس الهدوء"
معه حق ، ماثياس يترك خلفه هالة حالكة من الهدوء و الفراغ ، صحيح أنّه مزعج و أعترف بذلك ، لكن تواجده هنا يمنح الحياة للمنزل ، عكس الوحدة المريبة الّتي تقبض المكان عندما نكون فيه فقط أنا و والدي ، حتّى أنّنا بالكاد نبقى مع بعضنا بإستمرار ، بسبب رحلاته المتكرّرة لفينيسيا من أجل إتمام صفقاته هناك ...
رمشتُ لمرّتين أكسر الشّرود الّذي قبض نظراتي و تفكيري ... ثمّ نبستُ بهدوء و على نحو مؤكّد "أجل أبي" ، ابتلعتُ كلماتي للحظات قليلة ثمّ واصلتُ حديثي بنفس النّبرة "أنا سعيد بتحسّن علاقتك بأخي"
أنت تقرأ
ماثياس | Mathias
Romance" لم أعُد أعلم من أنا حقّا ! إن كانت هذه حقيقتي أم أنّها مجرّد نسخة خلّفتها لي الحياة بعدما استنزفت كلّ ما لديّ ..." "أحيانا قد لا نجد أنفسنا بمجرّد فعل ما نصبو من أجله ... قد يكون لنا سبيل لمعرفة من نكون حقّا بالمجازفة في مُنحدر مغاير لما اعتادته أ...