17 | لمحة من الغيرة

19.3K 1K 460
                                    

  

。⋆୨🌸୧⋆ 。

    جوفاني

حملتُ كأس النّبيذ بيدي فيما أقود خطوّاتي للجلوس على أحد مقاعد حديقة المنزل الخلفيّة ... نظراتي تطالع هدوء ميّاه المسبح و مسامعي تستمتع بأصوات الطّبيعة الهادئة ... تنهّدتُ بخفّة ثمّ إتّخذتُ جلستي على المقعد ... قدم فوق قدم و كأس النّبيذ يتحرّك بخفّة في يدي ...

إرتشفت منه جرعات قليلة و نظراتي كانت شاردة تطالع الخواء أمامي ... حتّى تفكيري حينها كان يتبعثر بعشوائيّة وسط دوّامة لمختلف الأفكار الّتي تترامى داخله حول مختلف المواضيع ...

رفعت كأس النّبيذ مرّة أخرى و أخذتُ أرتشف منه بهدوء ، لكن حينها إستشعرت حركة أقدام تقترب بإتّجاهي و صاحبها معروف حتما ... هي خطوّات هادئة و رزينة ... متّزنة و سرعتها هي نفسها بين كلّ خطوة و أخرى ... أبي ...

رفعتُ نظراتي و كما توقّعت ، كان والدي يتقدّم بإتّجاهي ، حينها إستقبلته بإبتسامة هادئة و نظراتي كانت معجبة بكونه أبي ... لطالما كنت دائما معجب به و أعتبره قدوتي في كلّ شيء ...

بعدها وقف أمامي مباشرة فيما ينتزع تلك النّظّارات الشّمسيّة السّوداء الّتي كانت تغطّي عينيه ... لكنّها بالفعل منحته مظهرا مرموقاً و متناسقا مع البذلة الرّسميّة ذات اللّون الأسود الّتي يرتديها ...

أنزلتُ قدمي الّتي كانت تعلو الأخرى ، ثمّ إعتدلتُ في جلستي في حين نظراتي صوب والدي الّذي إستقام بجانبي و نظراته ثابتة على المسبح ...

لم يلبث طويلا و هو ساكن ... و سرعان ما رمى كلماته بهدوء فيما يديه مغروستان داخل جيوب بنطاله ، "يبدو أنّ السّكون المريب قد خيّم هنا مجدّدا" ، تنهّد بهدوء عند نهاية كلامه و لم يكلّف نفسه عناء النّظر إليّ ...

"لا يروقني كثيرا هذا الهدوء بعد رحيل ماثياس" ، تنهّدتُ بملل عند نهاية حديثي فيما أرتشف آخر ما تبقّى في الكأس الّذي بيدي ...

لمحت أبي يستدير ليجلس على الكرسي بجانبي فيما يشبك أصابعه ببعضها و يضع يديه أسفل ذقنه ... نظراته كانت ثابتة و خالية من أيّة ردّة فعل ... لكن قبل أن يتحدّث رسم إبتسامة خافتة بالكاد تُرى "تقصد الفراغ و ليس الهدوء"

معه حق ، ماثياس يترك خلفه هالة حالكة من الهدوء و الفراغ ، صحيح أنّه مزعج و أعترف بذلك ، لكن تواجده هنا يمنح الحياة للمنزل ، عكس الوحدة المريبة الّتي تقبض المكان عندما نكون فيه فقط أنا و والدي ، حتّى أنّنا بالكاد نبقى مع بعضنا بإستمرار ، بسبب رحلاته المتكرّرة لفينيسيا من أجل إتمام صفقاته هناك ...

رمشتُ لمرّتين أكسر الشّرود الّذي قبض نظراتي و تفكيري ... ثمّ نبستُ بهدوء و على نحو مؤكّد "أجل أبي" ، ابتلعتُ كلماتي للحظات قليلة ثمّ واصلتُ حديثي بنفس النّبرة "أنا سعيد بتحسّن علاقتك بأخي"

ماثياس | Mathiasحيث تعيش القصص. اكتشف الآن