34 | ديكلان كامورا

14.5K 996 772
                                    


جوفاني

"أخي ، كلّ شيء سيتحسّن"

الهواء يثقل من حولي و لم أجد بعد طريقة فعّالة للتّخفيف من اتّقاد الألم بداخلي سوى التّشبّث بأصابعي حول غطاء السّرير الّذي أجلس عليه ، ماثياس يقف أمام مباشرة و أحسّ بإنفصال وعيي عن الواقع تماما كلّما تردّد بداخلي صدى كلمات أبي ، و كلمات ماثياس ، و الحقيقة الأليمة و السّيّئة الّتي صُفِعتُ بها قبل قليل ...

الحياة أصبحت بائسة فجأة بطريقة لم أعهدها من قبل ، تفكيري مبعثر و لا أعرف من أين أبدأ التّرتيب ، كيف أستعيد هدوء أيّامي ... كيف أستعيد نفسي من كلّ ما يحدث من حولي ؟!

أختنق وسط أنفاسي و لا قدرة لي لتحريك ساكنٌ منّي ... قلّبي متحجّر تماما و الدّموع تأبى التّشكّل بداخل مقلتاي ، و ذلك لأنّني إفتقدتُ قدرتي على البكاء و التّعبير قبل أن أكتسبها حتّى ...

و أصبحتُ أتساءل مع نفسي إن كنتُ كائن بشري و لديه القدرة على التّعبير ... تعرّضتُ للكثير لكن خيبة كهذه لم أعهدها من قبل ...

"جوفاني !"

صوت ماثياس إنتشلني من اللّاواقع مجدّدًا ، و يده الّتي وُضِعَت على كتفي للتّوّ جعلتني أرفّ بجفني لوهلة ، و أرفع رأسي قليلا ، لِأتأكّد إن كنتُ على قيد الحياة ، إن كانت لديّ القدرة على التّحرّك ، حاولتُ الحديث لكن لساني مُلجَم تمامًا ، لا طاقة لي ...

"منذ أكثر من عشر دقائق و أنتَ صامت ، هل أنت بخير أخي ؟! أنا أعتذر حقًّا عن الطّريقة الهمجيّة و الغير مدروسة الّتي دسستُ بها الحقائق في عقلك ، لكن ..."

"عانقني !"

كلمتي البائسة و الخائرة قاطعت حديثه حين إنتصبت في وقفتي ، يرمش بغير فهم و شفاهه تفترق لوهلة ...

"أرجوكَ !"

أكرّر مصرًّا على طلبي ، أتوسّل بداخلي أن لا يرفض ، لم يسبق لي طلب عناق من شخص ما ، و لم يسبق لي طلب شيء ما من ماثياس بالتّحديد ...

لكنّه أومأ لي بسرعة و تقدّم ليجذبني إليه ، وضعتُ جبيني على كتفه و ذراعيه تلتفّان حولي و تشتدّان بقوّة أكثر ، و كأنّه يعتصر روحي من تلك الشّوائب الّتي تشوّهها ، يده تمسح على ظهري برفق و فجأة أحسستُ بثقلٍ عميق يقبض على قلبي دفعة واحدة ثمّ يُزاح بالتّدرّج كلّما زاد إشتداد عناقه لي ، و في المقابل إستسلمتُ لكلّ ذلك ، و حاولتُ البكاء لكن لم أستطع ، لم أستطع إفراغ ما يخنقني ، أنا فاشل حتّى في مواساة نفسي ...

"أعدكَ أنّ كلّ شيء سيكون بخير ، طالما سنكون معًا ، أنتَ لن تواجه كلّ ذلك بمفردك أخي ، أعدكَ أنّنا سنكون عائلة واحدة مجدّدًا ، نحن يجب أن نتخطّى كلّ شيء ، و هذا لا يعني أن تقمع ألمك ... عِشهُ بحذافيره كي تعود لنفسك أقوى بكثير"

ماثياس | Mathiasحيث تعيش القصص. اكتشف الآن