28 | عناق الإخوة

14K 969 536
                                    

。⋆୨🌸୧⋆ 。

   ماتيو


"أهذا هو المنزل ؟ متأكّد ماتيو ؟"

حلَّقتُ بعنقي لجهة ماثياس المنتصب في وقفته أمامي و عيونه تتجوّل متفحّصةً كلّ إنشٍ من هذا المنزل الكبير المنصوبِ أمامنا ... غير أنّ نبرته المحفوفة بالتّردّد جعلتني أتنفّس بهدوءٍ و أحاوِلُ نسج كلمات خالية من الهفوات بلساني العقيم هذا ...

"أجل ، هذا هو العنوان الصّحيح ، كما أنّ سينيور أنطونيو قد أكّد لنا أنّ الصّغيرة هنا"

رمشتُ أرى ماثياس يبتلع بصعوبة وسط ثبات ملامحه و سكون هالته ، لم يرُدّ على كلامي و ظلّ يرتّب أنفاسه للحظاتٍ قليلة ، كانت هالته هادئة رغم علمي بما يحدث داخله من تضاربات عديدة حاليًّا ، لكنّه جيّد في إخفاء مشاعره و ردود فعله الحقيقيّة ، إلا أنّني أستطيع معرفة ما يجول بداخله من خيبة ، صدمة ، و عدم تصديق ...

بحقّ الخالق كيف سيتقبّل هكذا حقائق مريرة في وقت واحد ، دفعة واحدة و جميعها بنفس الألم و الوجع ...

ليس من السّهل أن تعرف حقيقة مقتل والدتك و يُستبان في الأخير أنّ والدك الّذي تمقته طيلة حياتك هو نفسه قاتل والدتك ...

و موضوع شقيقته هو شيء آخر ... ضربة للقلب من نوعٍ آخر و لا أعرف حقًّا ما يجب أن يحسّ به من غير الخيبة القاتلة ...

"ماتيو ... هل المنزل خاوي ؟!"

جفلتُ لصوت ماثياس الّذي بتر حبل شرودي ، إذ ثبّثتُ ملامحي و أدركتُ مدى تردّده ... يبدو مرتبكًا ، متردّدًا و يطرح أسئلة يستطيع تخطّي أمرها بسهولة ...

جلَيتُ حلقي أمرّر بصري لجهته و نبستُ بنبرة مؤكّدة بعدما اِعتدلتُ في وقفتي أكثر ...

"المنزل فيه مُربّية حتمًا"

هو أومأ لي برأسه كفهمٍ و لم يكلّف نفسه عناء النّظر إليّ ، لكنّه إبتلع مرارا و تكرارا بتوتّر و فركَ أصابع يديه قبل أن يهدج بخطوة لأمام المنزل و يتوقّف مجدّدًا ...

عقدتُ حاجبايَ بغير فهمٍ لردود فعله المبعثرة و لغة جسده الغير مستقرّة ... جلَيتُ حلقي أراه يلتفتُ لي و يرمي نظرات هادئة اِتّجاهي وسط ملامحه الّتي تبدو متعبة و مرهقة لا محال ...

كيف لماثياس أن يتحمّل كلّ هذا ؟!

كيف يستطيع والده فعل كلّ هذا بعائلته ؟!

"هل ... هل تستطيع أن ترافقني ... أعني أن تأتي معي لداخل المنزل ماتيو ؟! من فضلك !"

هو رمش لمرّات عديدة حين نبس بنبرته المتردّدة و كلماته خرجت مندثرة و غير مترابطة ... و قد تصبّغت سحنته بهالات التّصحّر و الجفاف ... نظراته منطفئة و هالته مرتبكة ...

ماثياس | Mathiasحيث تعيش القصص. اكتشف الآن