37 | إنّها أنتِ

10.8K 733 1.6K
                                    

 

。⋆୨🌸୧⋆ 。



     جوفاني

طرقتُ بقدمي على الأرض لمرّات عديدة بينما الضّجيج يكتظّ بداخل رأسي و يضغطني ...

آخر كلمات ماثياس كانت تضغطني ... كثيرًا ...

حقيقتي ... كانت تخنقني ، أودّ الهرب من نفسي و لكنّني أسقط في نفسي مجدّدًا ، في نفس الدّوّامة أركض ، و لنفس نقطة البداية أعود ...

تنهّدتُ أرفع رأسي حينما اِنساب رذاذ المطر كخيطٍ حادّ من السّمّاء فوقي ... أكره السّمّاء و تفاصيلها ، أكره الغيوم ، و أمقت الضّباب و كلّ شيء يذكّرني بنفسي و بتفاصيلي المقرفة ... مقرف ...

البشر مقرفون ...

إستدرتُ بهالتي لألج للدّاخل متخطّيًا الحديقة الخلفيّة لمنزل ماثياس ، و كلماته لم تفارق ذهني ...

نكرة ...

أنا نكرة ...

زفرتُ بضيقٍ و حرصتُ على تهدئة خطواتي حينما اِنهالت لمرآي فيولا و هي تركض خلف السّينيورة مارغريت ، تضحك و الغبطة تنجلي من خلال حركاتها و حيويّتها ...

تمّ إنقاذها بنجاح من جحيم والدنا ...

و حين صعدتُ للطّابق العلويّ متخطّيًا الدّرجات ... اِنعقدَ حاجباي بغير فهمٍ حين تسلّل لمسمعي صوت والدي من الغرفة المقابلة لي ... الباب موصَد جزئيًّا ...

تقدّمتُ قليلًا لأختلس السّمع رفقة النّظر من الزّاوية المفتوحة و لم تفُتني كلماته الحانقة الّتي يصفع بها مسمع أخي الواقف أمامه ... ساكن ... متجمّد ...

"... هل تحتاج للمرآة كي تُبصر كم أنّك حقيقيّ للغاية ... وغد للغاية ... بالفطرة أنتَ هكذا !"

ما الّذي يهذي به هذا الرّجل ؟!

و لماذا ماثياس ساكن مكانه و هادئ غير عادته ، أملتُ رأسي أكثر لألمح طريقة وقفته ، و نظراته الخاوية المصوّبة ناحية الحائط من خلف أبي ، وقفة ماثياس كانت ثابتة و لكنّها تجعلي أشعر أنّها وقفة شخص تعرّض للجلد و يضغط على نفسه للصّمود ... لا أفهم شيء !

رمشتُ أعقد حاجباي باِنزعاجٍ حين لمحتُ أبي يمسك بقوّة بفكّ ماثياس و يتمتم بصوتٍ حارق أمام وجهه و لكنّه لم يحرّك ساكن من جماد أخي الّتي يعقِد يديه لخلف ظهره بثبات ...

"هل لازلتَ تدسّ تلكَ الأفكار الرّجعيّة في عقل شقيقك ؟! أنتَ تعرف أنّك ستُؤثّر عليه مثلما فعلتُ أنا ، و أيّ شخص يستطيع فعل ذلك ، هو مثل العجينة الخام ... كلّ الأيادي تستطيع تدنيس شكله السّابق و إعادة تشكيله ، هل لهذا أردتَ أن تدّس سمّ أفكاركَ في عقله ليصبح متمرّد على والده ؟!"

ماثياس | Mathiasحيث تعيش القصص. اكتشف الآن