P15: خيط أمل

324 20 13
                                    

في احدى ناطحات سحاب بوخاريست:

كان فابري جالسا في منزله هناك وملامحه لا تنذر بالخير ابدا، يدخن سيجارته الكوبية بشراهة وبيده مشروب "الجين" الذي يحبه، كان عقله لا يفكر بشيئ سوى كلماتها تلك التي جعلته يعود الى ارض الواقع، تذكر تجاهله لها طوال اليوم وإخبار الحارس له بإنهيارها في الطريق، اذا كانت لا تحبه ولا تهتم لأمره فلما البكاء اذا عند رؤيته مع كاثرين، هو فعل كل ذلك أمامها عمدا لإثارة حنقها، وبعد خروجها مباشرة قام بطرد تلك العقرب الصفراء، و مما زاد غضبه أكثر الإتصال الذي ورده من تريس يخبره بما قالته نوميديا ويلومه على ما فعله بها و اتهامه انه السبب في انهيارها اليوم و شحوب وجهها، سحقا هو لم يرد العودة للبيت كي لا يظطر لقول الحقيقة تلك ولكنها كالغبية ذهبت و أخبرتهم بكل شيئ، ما حدث أكد له انها لا تكن اي مشاعر له و انقطع آخر خيط امل بالنسبة له، تعاملها معه براحة في الفترة الأخيرة لم يكن سوى وسيلة لجعله ينفي فكرة هروبها او رفضها فقط، هي تكرهه مثلما قالت في السيارة و تريد الهرب منه، لهذا هو لن يمنعها، كبرياءه دهس تحت قدميها لأكثر من مرة وليس فابريانو رومانوف من يدع فتاة تفعل هذا به، مثلما تجنبها اليوم سيفعل المثل طوال المدة المتبقية، هذا ما قرره فابري الآن و قطع عهدا على نفسه بأنه لن يتراجع عن قراره، لذلك قرر الإستقرار في منزله هذا حتى ذهابها، يظن انه بالإبتعاد عنها يستطيع تجنب التفكير فيها و لكن للقلب رأي آخر، جذب آخر نفس من سيجارته و بقي يطالعها بين يديه، تذكر كلامه اليوم و اعترافه لها الغير مباشر الذي قابلته بالصد، لعن نفسه للمرة التي لا يعلم عددها و قرر النوم و إراحة عقله من التفكير في تلك الفتاة التي جعلته أسيرا لها و لا يستطيع التفكير في شيئ آخر غيرها، حتى العمل اهمله.

🌸صباح يوم جديد:

في قصر رومانوف:

استيقظت نوميديا باكرا بسبب آلام في رأسها، طبعا هذا من المتوقع ان يحدث بعد بكائها المتواصل ليلة أمس، لعنت نفسها على ضعفها امام شخص مثله، لم تستطع إخراجه من بالها ولو لثانية و زادها سخطا انه اول من خطر ببالها عند استيقاظها، بالها مشغول فقط في تخيل ما فعله مع كاثرين البغيضة، مجرد الافكار التي راودتها فقط جعلت عينيها تمتلئ بالدموع، ترى هل قبلها مثلما يفعل معها؟ هل تغزل بمذاق شفتيها؟ هل أجلسها فوق قدميه صباحا عند تناول الإفطار و شاركها ملعقته؟ هل ارتدت ملابسه و نامت معه في فراش واحد؟ عقلها سينفجر أكثر من تلك الأفكار و لكن ما باليد حيلة، اتجهت نحو الحمام الملحق بغرفتها تحاول ازالة التعب عن طريق حمام دافئ، ارتدت نفس زي اليوم الماضي و لم تكلف نفسها حتى ربط شعرها و نزلت الى غرفة المطبخ، وجدت تريس يعد الكعك والقهوة، ابتسم لها بلطف و قال:
" مرحبا بممثلتنا البارعة، مابك حزينة هل قاموا بإهداء الاوسكار لغيرك، اوووه هذا لا يصح سلأقوم شخصيا بكتابة اعتراض على هذا "
رمقته نوميديا بنظرة يتتطاير منها الشر، ذكرته لوهلة بنظرة فابري ليتراجع للخلف رافعا يديه و يقول ضاحكا:
" انا آسف، امزح معك يا فتاة هذه طريقتي في التخفيف عن الناس، وجهك شاحب للغاية اجلسي سوف أعد سلطة لك، كيف تريدين قهوتك "
جلست على الطاولة الموجودة هناك و وضعت وجهها بين كفيها قائلة بصوت متعب:
" لا بأس بذلك، انا لست حزينة فقط متعبة مما يحصل هذه الأيام، اما بالنسبة للقهوة اشربها بالحليب "
ضحك تريس و اجاب:
" حقا ؟ قهوة بالحليب؟ لم اكن انتظر هذه الاجابة ايتها الصغيرة، انا لا اعرف أحدا يشرب قهوة بالحليب لذا قومي بإعدادها لنفسك من الممكن ان لا تعجبك خاصتي، و انا مازلت عند كلمتي سوف اعد السلطة، الجميع نائم الآن، هذه فرصتنا الوحيدة لندردش معا، فلو استيقظ ذلك المقيت ليفاي لن نهنأ بلقمة ولا بكلمة "
ختم كلامه بلهجة حماسية لتضحك نوميديا و تهز رأسها بالإيجاب وتبدأ في تحظير القهوة.
جلسوا على الطاولة بعد مدة ليست بطويلة مقابلين بعضهم البعض، بدأت هي تتهرب من نظراته لأنها توحي بأنه سيقوم بإستجوابها الآن ليقول بهدوء:
" انا لا الومك مهما فعلت ايتها الصغيرة لهذا لا تقومي بإنزال رأسك بهذه الطريقة و كأنك مذنبة، جميعنا نعرف فابري جيدا، انه صعب المراس بطريقة لا توصف، لذا وجودك الآن امامي وحده إنجاز بالنسبة لك، كذلك انا لن أقوم بطرح أية اسئلة الا اذا كنت انت تريدين التكلم، أنا موجود متى تشاءين، بإمكانك أعتباري أخا لك او صديقا، حقيقة انا أستاذ علم نفس جنائي ولكن في حالتك استطيع المساعدة، انا هنا في كل وقت لا تترددي في اللجوء الي "
اكمل كلماته مربتا على شعرها بلطف لتبتسم هي براحة لأنها لم تكن في مزاح يسمح لها بالتكلم كثيرا.
بعد انتهاءهم من الاكل حملت نوميديا الأطباق لتقوم بجليها ليجيبها تريس:
" دعيك الآن من الجلي، هذا سيعكر مزاجك اكثر، خادمنا المطيع ليفاي موجود هو سيقوم بالجلي انه يبقى صباحا مساء دون شغلة او عملة لا تكلفي نفسك عناء ذلك "
على كلمات تريس تلك دخل ليفاي المطبخ  ليرفع يديه الى أعلى و يقول بتذمر:
" اللعنة علي ان قدمت لهذا المنزل مجددا، لو رآني عمال شركتي اجلي الأطباق كل يوم كأنني تلك العجوز بكرتون توم و جيري لتركوا العمل، ما ذنب يدي الجميلتين ماذا فعلتا لتلامسا سوائل الجلي صباحا مساءا ؟ "
ضحكت نوميديا بملئ فمها و تذكرت طفولتها عندما كانت تتشاجر مع اخواتها في رمضان على مواعيد جلي الأطباق، وطالما كانت تتهرب من تلك المهمة بحجة انها الأصغر سنا و يبقى الأمر بين يدي أختها الوسطى او التي تسمى ممسحة البيت كل هموم المنزل على عاتقها. (تحية لاختي المسكينة🤣)

Love chemistry حيث تعيش القصص. اكتشف الآن