تدابيْـر القَدر

693 55 2
                                    

في حـي السيدة

الفصل السابع

قالوا: «أنَّ النَّعيمَ لا يُدرَكُ بالنَّعيم»،
وقالَ ابنُ القيِّم -رحمة الله عليه-: «الكمَالاتُ كلُّها لا تُنال إلا بحظٍ مِنَ المشقةِ، ولا يُعبَرُ إليهَا إلَّا على جسرٍ منَ التَّعب»؛
لذا يا صديقي، هي حياةٌ واحدةٌ، ولحظاتُهَا معدودةٌ، وإنَّما يمتَدُّ عُمرُ الإنسانِ بإحسانِه، وعُمرُ الواحدِ منَّا عَمَلُه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حينما تحركَ صالح وهو يجذب سفيان لخـارج السوق، كان حينها سفيان سرحًا في حاله، وتسلل اليأس لقلبه كعادته حينما يُخطئ، تلك الأحاسيس البشرية التي يبثها الشيطان بداخل الشخص المُلتزم ليدك صمود نفسه أمام وسوسته،

_ اللّهم إني أستغفرك من كل ذنبٍ أذنبته..

قال سفيان بهمسٍ خافت، أطلق صـالح حمحمةً خافتة،

_ إيـه يا وحـش، فيك إيـه؟

قال صالح بهدوء ليجيبه سفيان بنفس النبرة

_ مفيش...تيجي ننزل القـاهرة؟

توسعت أعين صالح وأجابه بسخرية،

_ والعزا المعمول في البيت على حسك مش ناوي تروح تفضه!

تنهد سفيان وقد تذكّر ما يحدث في منزله، تلك الفتاة هي حقًا كارثة على عقله، لم يُقابلها سوى مرتين وقد شغلت عقله بها وأنسته كل شئ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كانت عائشة جالسة على الأريكة في الصالة بجوار والدتها وهي تبكي بصمت، سفيان خرج بخير ولكن قلبها لا يزال منقبض، تريد أن تراه أمامها بخير واقفًا وعلى وجهه ترتسم تلك الإبتسامة الهادئة خاصته،

وقفت هايدي مفزوعة حينما فُتح الباب فجأة ونادتها شيما تخبرها أنَّ أخاها قد وصل،

_ هايدي...سفيان برّة بينادي عليكِ تعالي بسرعه،

ركضت هايدي للخارج مسرعةً وهي تريد ان تلمح جسده،

كان واقفًا يحتضن جسد والدته وهو يربت على ظهرها بحنان شديد، بينما خالته قد أطلقت عدّة زغاريد فرحة بخروجه سالمًا من ذلك المكان الموحش،

أدهم يسند جدته التي تنظر لسفيـان بألم، لا تصدق بأنه خرجَ دون أي مشاكل...لقد أعتقدت بأنهم على وشك تكرار تلك التجربة البشعة مرّة أخرى،

_ إيه يا أمي في إيـه...مش واثقة في برائة ابنك مثلًا

قال سفيان بمرح لتنفي سعاد برأسها بخفة شديدة، ركضت هايدي ناحية أخبها تسحبه من أحضان والدتها فتوجهت ناحية أمجد الذي يقف وهو يرفع رأسه ناحية السماء مرددًا جميع أدعية الشكر التي يعرفها،

في حـي السيدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن